
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
دَمعَـةٌ مِـن دُمـوعِ عَهـدِ الشَبابِ
كُنــتُ خَبَّأتُهـا لِيَـومِ المُصـابِ
لَبَّــتِ اليَـومَ يـا مُحَمَّـدُ لَمّـا
راعَنــي نَعــيُ أَكتَـبِ الكُتّـابِ
هَــدَّأَت لَوعَــتي وَســَرَّت قَليلاً
عَـن فُـؤادي وَلَطَّفَـت بَعضَ ما بي
مَـوكِبُ الـدَفنِ خَلـفَ نَعشِكَ يَمشي
فـي اِحتِسـابٍ وَحَسـرَةٍ وَاِنتِحـابِ
لَـم يُجـاوِز مَنـازِلَ البَدرِ عَدّاً
مِـن بَقايـا الصـَديقِ وَالأَحبـابِ
لَـم يَسـِر فيـهِ مَن يُحاوِلُ أَجراً
عِنــدَ حَــيٍّ مُؤَمَّــلٍ أَو يُحـابي
مَــوكِبٌ مــاجَ جانِبــاهُ بِحَفـلٍ
مِــن وُفــودِ الأَخلاقِ وَالأَحســابِ
شـاعَ فيـهِ الوَفاءُ وَالحُزنُ حَتّى
ضـاقَ عَـن حَشـدِهِ فَسـيحُ الرِحابِ
فَكَــأَنَّ الســَماءَ وَالأَرضَ تَمشـي
فيــهِ مِــن هَيبَـةٍ وَعِـزِّ جَنـابِ
تَتَمَنّــى قَياصـِرُ الأَرضِ لَـو فـا
زَت لَـدى مَوتِهـا بِهَـذا الرِكابِ
رُبَّ نَعــشٍ قَــد شــَيَّعَتهُ أُلـوفٌ
مِـن سـَوادٍ تَعلـوهُ سودُ الثِيابِ
لَيـسَ فيهِـم مِـن جازِعٍ أَو حَزينٍ
صـادِقِ السـَعيِ أَو أَليـفٍ مُصـابِ
كُنــتَ لا تَرتَضـي النُجـومَ مَحَلّاً
فَلِمـاذا رَضـيتَ سـُكنى التُـرابِ
كُنـتَ راحَ النُفوسِ في مَجلِسِ الأُن
سِ وَراحَ العُقـولِ عِنـدَ الخِطـابِ
كُنــتَ لا تُرهِـقُ الصـَديقَ بِلَـومٍ
لا وَلا تَســتَبيحُ غَيــبَ الصـِحابِ
وَلَئِن بِــتَّ عاتِبــاً أَو غَضـوباً
لِقَريـبُ الرِضـا كَريـمُ العِتـابِ
جُــزتَ ســَبعينَ حِجَّـةً لا تُبـالي
بِشـــِهادٍ تَعــاقَبَت أَم بِصــابِ
وَســَواءٌ لَــدَيكَ وَالــرَأيُ حُـرٌّ
رَوحُ نَيســـانَ أَو لَوافِـــحُ آبِ
يـا شُجاعاً وَما الشَجاعَةُ إِلّا ال
صـَبرُ لا الخَوضُ في صُدورِ الصِعابِ
كُنـتَ نِعـمَ الصَبورُ إِن حَزَبَ الأَم
رُ وَســـُدَّت مَســـارِحُ الأَســبابِ
كَــم تَجَمَّلــتَ وَالأَمـانِيُّ صـَرعى
وَتَماســَكتَ وَالحُظــوظُ كَــوابي
عِشـتَ ما عِشتَ كَالجِبالِ الرَواسي
فَــوقَ نـارٍ تُـذيبُ صـُمَّ الصـِلابِ
مُؤثِرَ البُؤسِ وَالشَقاءِ عَلى الشَك
وى وَإِن عَضــَّكَ الزَمــانُ بِنـابِ
كُنتَ تَخلو بِالنَفسِ وَالنَفسُ تُشوى
مِــن كُـؤوسِ الهُمـومِ وَالأَوصـابِ
فَتُسـَرّي بِالـذِكرِ عَنهـا وَتَنفـي
مـا عَراهـا مِـن غُضـَّةٍ وَاِكتِئابِ
وَتَــرى وَحشـَةَ اِنفِـرادِكَ أُنسـاً
بِحَـــديثِ النُفــوسِ وَالأَلبــابِ
بِنـتَ عَنهـا وَمـا جَنَيتَ وَقَد كا
بَــدتَ بَأسـاءَها عَلـى الأَحقـابِ
وَنَبَــذتَ الثَــراءَ تَبـذُلُ فيـهِ
مِـن إِبـاءٍ فـي بَـذلِهِ شـَرُّ عابِ
لَـو شـَهِدتُم مُحَمَّـداً وَهـوَ يُملي
آيَ عيســى وَمُعجِــزاتِ الكِتـابِ
وَقَفَــت حَـولَهُ صـُفوفُ المَعـاني
وَصـُفوفُ الأَلفـاظِ مِـن كُـلِّ بـابِ
لَعَلِمتُـم بِـأَنَّ عَهـدَ اِبـنِ بَحـرٍ
عـاوَدَ الشـَرقَ بَعدَ طولِ اِحتِجابِ
أَدَبٌ مُســـتَوٍ وَقَلـــبٌ جَميـــعٌ
وَذَكــاءٌ يُريــكَ ضـَوءَ الشـِهابِ
عِنــدَ رَأيٍ مُوَفَّــقٍ عِنــدَ حَـزمٍ
عِنـدَ عِلـمٍ يَفيـضُ فَيـضَ السَحابِ
جَــلَّ أُسـلوبُهُ النَقِـيُّ المُصـَفّى
عَــن غُمــوضٍ وَنَفـرَةٍ وَاِضـطِرابِ
وَسـَما نَقـدُهُ النَزيـهُ عَنِ الهُج
رِ فَمــا شــيبَ مَـرَّةً بِالسـِبابِ
ذُقـتَ فـي غُربَـةِ الحَيـاةِ عَناءً
فَـذُقِ اليَـومَ راحَـةً فـي الإِيابِ
بَلِّــغِ البــابِلِيَّ عَنّــي سـَلاماً
كَعَــبيرِ الرِيــاضِ أَو كَـالمَلابِ
كـانَ تِربـي وَكانَ مِن نِعَمِ المُب
دِعِ ســـُبحانَهُ عَلــى الأَتــرابِ
فـارِسٌ في النَدى إِذا قَصَّرَ الفُر
سـانُ عَنـهُ وَفـارِسٌ فـي الجَوابِ
يُرسـِلُ النُكتَـةَ الطَريفَـةَ تَمشي
فـي رَقيـقِ الشُعورِ مَشيَ الشَرابِ
قَــد أَثـارَ المُحَمَّـدانِ دَفينـاً
فـي فُـؤادي وَقَـد أَطارا صَوابي
خَلَّفـاني بَيـنَ الرِفـاقِ وَحيـداً
مُسـتَكيناً وَأَمعَنـا فـي الغِيابِ
محمد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس، الشهير بحافظ إبراهيم.شاعر مصر القومي، ومدون أحداثها نيفاً وربع من القرن.ولد في ذهبية بالنيل كانت راسية أمام ديروط. وتوفي أبوه بعد عامين من ولادته. ثم ماتت أمه بعد قليل، وقد جاءت به إلى القاهرة فنشأ يتيماً.ونظم الشعر في أثناء الدراسة ولما شبّ أتلف شعر الحداثة جميعاً.التحق بالمدرسة الحربية، وتخرج سنة 1891م برتبة ملازم ثان بالطوبجية وسافر مع حملة السودان وألف مع بعض الضباط المصريين جمعية سرية وطنية اكتشفها الإنجليز فحاكموا أعضاءها ومنهم (حافظ) فأحيل إلى (الاستيداع) فلجأ إلى الشيخ محمد عبده وكان يرعاه فأعيد إلى الخدمة في البوليس ثم أحيل إلى المعاش فاشتغل (محرراً) في جريدة الأهرام ولقب بشاعر النيل.وطار صيته واشتهر شعره ونثره فكان شاعر الوطنية والإجتماع والمناسبات الخطيرة.وفي شعره إبداع في الصوغ امتاز به عن أقرانه توفي بالقاهرة.