
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أمحمـود أم آمالنـا ضمّها القبرُ؟
فقـد شـقيت من فاجعات الرّدى مصرُ
تُخــرّم ريــب الحادثـات حُماتهـا
وللناس من أيامها العرْف والنكر ُ
أفـي الحـق أمـا غيـر مصـر فآمنٌ
وأمـا ربُاهـا فـالخطوب بهـا كثر
تنازعهــا الأرزاء حــتى كأنمــا
لصـرف الليـالي عند أبنائها وتر
طـوى حينهـا منّـا الامـام وقاسما
ولـم تعـد محمـودا أظافره الحمر
كـواكب قـد كـانت بهم مصر تهتدي
فلمـا تولـوا غابت الأنجم الزّهر
ســهام أعـدتها الكنانـة للعـدى
فحطمهـا من دهرنا الظلم والغدر
فلا عجـب أن يبكـيَ النيـل جازعـا
ولكــن عجيـب أن يكـون لـه صـبر
رعى الله مصرا ما سعت في سبيلها
الى المجد إلا عاق مسعاتها الدهر
بنفسـي فقيـد غـاله غـائل الردى
ولـو أننـا فـي دهرنـا رُحَّـل سُفْر
دعتـه المنايـا فاسـتجاب كعهـده
إذا مــا دعــاه للنـوائب مضـطر
أجـل طالما أصغى الى دعوة العلا
وكـان بـه عـن غيـر دعوتهـا وقر
قضــى لـم يتـم الأربعيـن وانمـا
قضى الأروع المقدام والماجد الحر
أجـاب المنايـا بعد أن شاد بنية
مـن المجد لا يرقى لذروتها الطير
تــولى وخلـى لوعـةً فـي قلوبنـا
ينهنههــا مـن سـحّ أدمعنـا بحـر
علـى أن دمـع الحـزن يذكي لهيبه
فيلظـى كما يهتاج بالحطب الجمر
لئن فـار ق الـدنيا الدّنيّة شخصه
فلـم يخـل مـن حزن على فقده صدر
أمحمـود لا تبعـد فكـم لـك من يد
يحـل عليهـا من ذويها لك الشكر
بكتـك عيـال اللـه مـا بيـن حرة
تــرقّ وشــيخ معـول عضـه الفقـر
اجــدك لـم تسـمع وجيـب قلـوبهم
فقـد نالهم من بعدك البؤس والشر
أجـب مجلـس الشورى فقد كنت ركنه
إذا لج من حزب اليمين به الذعر
أجبـه ولا تصـمت فقـد كنـت فيصلا
بـه حين يخفى الحق أو يشكل الامر
نعــدد مــن آثـارك الغـر جملـة
وإن عظمـت عن أن يحيط بها الحصر
عــزاء لمصــر أن مصــر بئيســة
يحاربهـا مـن دهرهـا جحفـل مجـر
لئن صــبرت عــن رزئهـا وتجملـت
ففي الصبر عن امثاله يعظم الأجر
تمـادى بمصـر بعـدك الحزن والأسى
الى كم تعاني من صروف الردّى مصر
لعمـري لقـد ذابـت قلـوب وفطـرت
مـرائر واستعصـى على أهله الصبر
وود صـــحاب مخلصـــون فجعتهــم
بفقـدك لـو واراهمـو قبلك القبر
ألا فـي جـوار اللـه مثـواك انما
لأمثالـك الزلفى لدى الله والخير
لئن كنـت قـد أديـت للنيـل حقـه
فليـس يـؤدي حقـك النظم والنثر
أحــافظ لا تبخــل بشــعرك انمـا
لأمثـال هـذا الخطـب يدَّخر الشعر
عهـدناك يـوم الخطـب غيـر مقصـر
عـن الحـق إلا أن يكون لك العذر
طه بن حسين بن علي بن سلامة، الدكتور في الأدب: من كبار المحاضرين. جدد مناهج، وأحدث ضجة في عالم الأدب العربي. ولد في قرية "الكيلو" بمغاغة من محافظة المنيا (بالصعيد المصري) وأصيب بالجدري في الثالثة من عمره، فكف بصره. وبدأ حياته في الأزهر (1902 - 1098م) ثم بالجامعة المصرية القديمة. وهو أول من نال شهادة "الدكتوراه" منها 1914 بكتاب (ذكرى أبي العلاء - ط) وسافر في بعثة إلى باريس فتخرج بالسوربون 1918 وعاد إلى مصر، فاتصل بالصحافة. وعين محاضراً في كلية الآدب بجامعة القاهرة. ثم كان عميدا لتلك الكلية فوزيرا للمعارف. وفي هذه البرهة تمكن من جعل التعليم الثانوي والفني مجانا. وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي المراسلين بدمشق ثم رئيسا لمجمع اللغة بمصر. وأقبل الناس على كتبه. ومن المطبوع منها (في الأدب الجاهلي) و (في الشعر الجاهلي) و (حديث الأربعاء) ثلاثة مجلدات، و (قادة الفكر) و (على هامش السيرة) ثلاثة أجزاء، و (مع أبي العلاء في سجنه) و (مع المتنبي) جزآن و (أحاديث) و (الأيام) وكان قد شغف بالأدب اليوناني في صباه وترجم بعض آثاره ككتاب (نظام الاثينيين لأرسطو - ط) و (آلهة اليونان - ط) و (صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان - ط) وله (فلسفة ابن خلدون - ط) ووهو رسالة الدكتوراه بالفرنسية، إلى السوربون، ترجمها إلى العربية محمد عبد الله عنان، و (دروس التاريخ القديم - ط) و (مستقبل الثقافة في مصر - ط) جزآن و (عثمان - ط) و (علي وبنوه - ط) و (رحلة الربيع والصيف) وقد ترجم كثير من كتبه إلى عدة لغات وعينته جامعة الدول العربية رئيسا للجنتها الثقافية فأدارها مدة. وحاول البدء في عمل (دائرة معارف) عربية ولم ينجح. آخر أعماله الحكومية سنة 52 وتوفي بالقاهرة. (عن الأعلام للزركلي)