
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَـو أَنَّ غَيرَ الدَهرِ كانَ العادي
لَتَبـادَرَت قَـومي إِلـى إِنجـادي
وَلَـدافَعَت عَنـكَ المنـونَ فَوارِسٌ
بيـضُ الوُجـوهِ كَريمَـةُ الأَجـدادِ
قَـومٌ بَنـي شـاذي وَأَيّـوبٌ لَهُـم
فَخـراً تَليـداً فَـوقَ مَجـدٍ عادي
مِـن كُـلِّ وَضـاحٍ إِذا شَهِدَ الوَغى
رَوّى الأَســِنَّةَ مِــن دَمِ الأَكبـادِ
كَسَبوا المَكارِمَ مِن مُتونِ صَوارِمٍ
وَجَنـوا المَعالي مِن صُدورِ صِعادِ
المُبصـِرونَ إِذا السَنابِكُ أَطلَعَت
شـَمسَ الظَهيـرَةِ فـي ثِيابِ حِدادِ
لَم تَنبُ في يَومِ الهياجِ سُيوفُهُم
عَـن مَضـرِبٍ وَنَبَـت عَـنِ الأَغمـادِ
قَسـَماً لَو انَّ المَوتَ يَقبَلُ فِديَةً
عَـزَّت لَكُنـتُ بِمُهجَـتي لَـكَ فادي
قَـد كُنتُ أَرجو أَن أَراكَ مُقاسِمي
فـي خَفـضِ عَيـشٍ أَو لِقاءِ أَعادي
وَأَراكَ فـي يَـومي وَغـىً وَمَسـَرَّةٍ
قَلـبَ الخَميسِ وَصَدرَ أَهلِ النادي
وَأَراكَ مِـن صـَدَإِ الحَديدِ كَأَنَّما
نَضــَخَت عَلَيـكَ رَوادِعٌ بِالجـادي
فَجَـرى القَضـاءُ بِضـِدِّ ما أَمَّلتُهُ
فيــهِ وَأَرهَــفَ حَــدَّهُ لِعِنـادي
خــانَتنِيَ الأَيّـامُ فيـكَ فَقَرَّبَـت
يَـومَ الـرَدى مِـن لَيلَةِ الميلادِ
وَرَمَتنِـيَ الأَقـدارُ مِنـكَ بِلَوعَـةٍ
بـاتَت تَأَجَّـجُ فـي صـَميمِ فُؤادي
لَهَفـي عَلَيـكَ لَو انَّ لَهفاً نافِعٌ
أَو نـاقِعٌ حَـرَّ الفُـؤادِ الصادي
يـا لَيـتَ أَنَّكَ لي بَقيتَ وَبَينَنا
مـا كُنـتُ أَشـكو مِن جَوىً وَبُعادِ
قَـد أَسـعَدَتني بَعـدَ فَقدِكَ أَدمُعٌ
ذُرُفٌ وَخـامَ الصـَبرُ عَـن إِسعادي
وَعَـدِمتُ بَعـدَكَ لَذَّةَ الدُنيا فَقَد
أُنســيتُها حَتّـى نَسـيتُ رُقـادي
أَبقَيـتَ فـي كَبِـدي عَلَيكَ حَزازَةً
تَبـدو لِأَهـلِ الحَشـرِ يَومَ معادي
فَســَقى ضـَريحَكَ كُـلُّ دانٍ مُسـبلٍ
مُتَواصــِلِ الإِبــراقِ وَالإِرعــادِ
حَتّـى تُـرى عَرصـاتُ قَـبرِكَ رَوضَةً
مَوشـــِيَّةً كَوَشـــائِعِ الأَبــرادِ
فَلَقَـد مَضـَيتَ وَمـا كَسَبتَ خَطيئَةً
وَتَرَكـــتَ دارَ بَليَّــةٍ وَفَســادِ
وَسـَكَنتَ داراً مُلكُهـا لَـكَ خالِدٌ
وَتَرَكــتَ داراً مُلكُهــا لِنَفـادِ
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه