
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فـي باطِنِ الغَيبِ ما رلا تُدرِكُ الفِكَرُ
فَـذو البَصـيرَةِ فـي الأَحـداثِ يَعتَبِرُ
مـالي أَرى مَلِـكَ الإِفرِنـجَ فـي قَفَـصٍ
أَيَــنَ القَواضـِبُ وَالعَسـّالَةُ السـُمُرُ
وَالاِسـبِتارُ إِلـى الدَوِيَّـةِ التَـأَموا
كَــأَنَّهُم سـَدُّ يَـأجوجٍ إِذا اِسـتَجَروا
وَالنَفــسُ مولَعَــةٌ عَجبـاً بِسـيرَتِها
وَفـي المَقـاديرِ ما تُسلى بِهِ السِيَرُ
يـا وَقعَـةَ التَـلِّ ما أَبقَيتِ مِن عَجَبٍ
جَحافِـلٌ لَـم يَفُـت مِـن جَمعِهـا بَشـَرُ
وَيا ضُحى السَبتِ ما لِلقَومِ قَد سَبَتوا
تَهَـوَّدوا أَم بِكَـأسِ الطَعنِ قَد سَكِروا
وَيـا ضـَريحَ شـُعَيبٍ مـا لَهُـم جَثَموا
كَمِـديَنَ أَم لَقـوا رَجفـاً بِما كَفَروا
حَطّـوا بِحِطيـنَ مِلِكـاً كافِيـاً عَجَبـاً
فـي سـاعَةٍ زالَ ذاك المَلِـكُ وَالقَدَرُ
أَهـوى إِلَيهِـم صـَلاحُ الـدينِ مُفتَرِساً
وَهـوَ الغَضـَنفَرُ عَـدّى ظَفـرَهُ الظَفَـرُ
أَملـى عَلَيهِـم فَصـاروا وَسـطَ كَفَّتِـهِ
كَسـِربِ طِيـرٍ حَواهـا القـانِصُ الذَكَرُ
وَأَنجَــزَ اللَــهُ لِلســُلطانِ مَوعِـدَهُ
وَنَــذرَهُ فــي كَفـورٍ دينَـهُ البَطَـرُ
وَعــايَنَ المَلِـكُ الإِبرِنـسُ فـي دَمِـهِ
فَمــاتَ حَيّــاً وَحَيّــاً وَهـوَ يَعتَـذِرُ
رَأى مَليكــاً مُلــوكُ الأَرضِ تَتبَعُــهُ
وَالنَجــمُ يَخـدِمُهُ وَالشـَمسُ وَالقَمَـرُ
إِذا بَــدا تَبهَــرُ الأَعيـانُ هَيبَتَـهُ
وَيَختَفـي وَهـوَ فـي الأَذهـانِ مُشـتَهَرُ
تَقَـدَّمَ الجيـلَ فـي أُخرى الزَمانِ بِهِ
عَلـى صـُدورِ عُلا مَـن قَبلَنـا صـَدَروا
أَمـا رَأَيتُـم فُتـوحَ القادِسـِيَّةِ فـي
أَكنــافِ لوبِيَّــةٍ تُجلــى وَذا عُمَـرُ
وَالحَــقُّ يَعــرُسُ وَالطُغيـانُ مُنتَحِـبُ
وَالكَفــرُ يَطمِــسُ وَالإيمـانُ مُزدَهِـرُ
هَـذا المَليـكُ الَّذي بُشرى النَبِيِّ بِهِ
فــي فِتنَـةِ البَغـيِ لِلإِسـلامِ يَنتَصـِرُ
أَنسـى مَلاحِـمَ ذي القَرنَيـنِ وَاِعتَرَفَت
لَـهُ الـرُواةُ بِمـا لَـم يُنمِـهِ أَثَـرُ
أُعيــنُ إِســكَندَرَ بِالخَضــرِ وَهَـولِهِ
عَـونٌ مِـنَ اللَـهِ يَسـتَغني بِهِ الخَضَرُ
وَصــُنعُ ذي العَـرشِ إِبـداعٌ بِلا سـَبَبٍ
فَلا تَقُـل كَيـفَ هَـذا الحـادِثُ الخَطِرُ
بَينـا سـَباياهُ تُجلـى في دِمَشقَ إِذا
مَلَـكَ الفِرِنـجَ مَـعَ الأَتـراكَ مُحتَجِـرُ
إِزاءَهُ زُعمـــاءُ الســاحِلَينِ مَعــاً
مَصـفَدَينِ بِحَبـلِ القَهـرِ قَـد أُسـِروا
يَتلــوهُم صــَلبوتٌ ســيقَ مُنتَكِســاً
وَحَـــولَهُ كُــلُّ قَســيسٍ لَــهُ زُبُــرُ
وَنَحــنُ فــي ذا وَذا طَيـرٌ صـَحيفَتُهُ
بِفَتـحِ عَكـا الَّـتي سـَدَّت بِها الثَغرُ
تَغــزو أَســاطيلُنا مِنهــا صـَقيلَةً
فَتَــذعَرَ الـرومُ وَالصـِقلابَ وَالخَـزَرُ
مَـن ذا يَقـولُ لَعَـلَّ القُـدسُ مُنفَتِـحٌ
إِلَيـكَ بَـلِ سـَفرُ يَعقـوبَ لَـهُ السَفَرُ
أَبـو المُظَفَّـرِ يَنويهـا فَخُـذ سـُفُناً
مِـن بـابِ عَكّـا إِلـى طَرطـوسَ تَنتَشِرُ
يَســبي فِرِنجَـةَ مِـن أَقطارِهـا وَلَـهُ
مِــعَ المَجــوسِ حُـروبٌ قَـدَحُها سـُعُرُ
وَبَعــضُ أَبنــائِهِ بِالقُــدسِ مُنتَـدِبٌ
وَبَعضــُها رومَـةُ الكُـبرى لَـهُ وَطَـرُ
بِرايَــةٍ تَخـرَقُ الأَرضَ الكَـبيرَةَ فـي
جَمــعٍ تَقــولُ لَــهُ الأَجسـامُ لا وَزَرُ
قــالوا أَطَلــتَ مَـديحاً قُلـتُ كَمـا
بَـــدا فَالصــُبُّ لِلمَحبــوبِ مُــدَّكِرُ
عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الأندلسي أبو الفضل.شاعر أديب متصوف، كان يقال له حكيم الزمان، من أهل جليانة وهي حصن من أعمال (وادي آش) بالأندلس.انتقل إلى دمشق وأقام فيها. وكانت معيشته من الطب ، يجلس على دكان بعض العطارين ، وهناك لقيه ياقوت الحموي وزار بغداد (سنة 601 هـ) وتوفي بدمشق.كان السلطان صلاح الدين يحترمه ويجله، ولعبد المنعم فيه مدائح كثيرة ، أشهرها قصائده ( المدبجان - خ ) العجيبة في أسلوبها وجداولها وترتيبها أتمها سنة 568 هـ وتسمى روضة المآثر والمفاخر في خصائص الملك الناصر ) وله عشرة دواوين بين نظم ونثر، وقد أتى ابن أبي أصيبعة على بيان موضوعات الدواوين العشرة، وشعره حسن السبك فيه جودة.