
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَقَـد أَوسـَعَ اللَـهُ الفُتـوحَ بِعامِنـا
وَخَيَّــسَ مِنهــا المُصــعَبَ المُتَأَبَّـدا
أُمـورٌ نَبِـت عَنهـا العُقـولُ وَأَذعَنَـت
بَــأَنَّ اِختَصــاصَ الحَـظِّ لِلَـهِ موجِـدا
تَحَــرَّكَ شَخصــاً حَــرَّكَ الأَرضَ جــائِلاً
وَهَــزَّ مِـنَ الشـُهُبِ الـذَوائِبَ مُصـعِدا
وَلَقَبَّــهُ بِالناصــِرِ المَلِــكِ يوســُفَ
وَنَقَّبَـــهُ نـــورُ المَهابَــةِ ســَيِّدا
وَأَلهَمَـــهُ حُســنى الشــَمائِلِ مُجمَلاً
وَفَهَّمَــهُ أَســنى الفَضــائِلِ مُحمَــدا
يَزيــدُ عَلـى عُظـمِ المَـرامِ تَواضـُعاً
وَيَـدنو عَلـى بُعـدِ المَقـامِ تَـوَدَّدوا
أَتَتــهُ وُفــودُ الخـافِقينَ فَعـايَنوا
حُلـى مالِـكَ قَـد أَطلَـعَ البَدرَ فَرقَدا
يُنَـــوِّعُ أَثنــاءَ النَهــارِ سِياســَةً
وَيَقطَـــعُ آنــاءَ الــدُجى مُتَهَجِّــدا
وَيَرمُــقُ أَحــوالَ المَــدائِنِ حافِظـا
وَيُنفِــقُ أَمــوالَ الخَــزائِنَ مُنفِـدا
أَحــادَ بِمُلــكِ الأَرضِ خُبَــراً وَقُــوَّةً
وَحـاطَ ضـَروبَ الخَلـقِ خَيـراً وَمَرفَـدا
فَــوَفّى بِفَضــلٍ مِـن قَضـاياهُ مُتَرعـا
وَأَصــفى لِكُــلٍ مِـن عَطايـاهُ مَـورِدا
وَأَروتُ نُفـــوسَ الســائِلينَ بَنــانُهُ
فَلَـم أَدرِ بَحـراً مُـدَّ لِلنـاسِ أَم يَدا
ســـَقا بِحُســـامٍ وَاِســتَرَقَّ بِــأَنعُمٍ
وَمـا المَجـدُ إِلّا في الشَجاعَةِ وَالنَدى
فَنَمـــدَحُهُ حُبّـــاً وَيُعطــي تَبَرُّعــاً
فَيُعجِزُنــا شــُكراً وَيَشــأى مُحَمَّــدا
رَأَيــتُ عُلاهُ مالَهــا حَلــيُ مِثلِهــا
بَــدائَعُ نَظــمٍ وَاِمتِــداحاً مُخَلَّــدا
فَقَلَـــدَّتُهُ ســِلكاً عَزيــزاً وُجــودُهُ
كَمـا لَـم نَجِد مَليكاً يُضاهي المُقَلَّدا
لِــذا فَليَكُـن صـَوغُ القَريـضِ مُسـَمَّطا
تَفاصــيلَ إِعجــازٍ وَوَشــِيّاً مُنجِــدا
وَلَفظـاً كَمـا تُجلـى الـداررِيُّ تَحتَـهُ
مَعــانٍ كَمــا تَرمـي الأَشـِعَّةُ أَنجُـدا
قَـــرائِنَ أَحـــوالٍ وَمَعلَــمَ ســيرَةً
وَحِكمَـــةً أَمثــالٍ وَعِلمــاً مُنَضــَّدا
إِذا الشـِعرُ لَـم يَحـكِ العُلـومَ فَقَـد
حَكـى جَعـاجِعَ أَصـواتٍ وَلَغـواً مُفَنَّـدا
وَلَـولا اِصـطِناعُ الحُلـمُ لِـم يَكُ باقِلٌ
لِيُحضــِرَ فـي مَيـدانَ سـُبحانَ مُنشـِدا
لِأَوجُــــهِ أَربـــابِ الســـَماحِ طَلاوَةً
تُعَلِّـــمُ طُلّابَ النَجـــاحِ التَـــرَدُّدا
وَقيمَــةُ قَــدرِ الشـَيءِ قيمَـةُ ذِكـرِهِ
كَمــا راقَ وَصـفاً لـي وَصـيتاً مُنَـدَّد
وَهَــذا مَليــكٌ أَمــرُهُ غَيــثُ عَصـرِهِ
فَســـيرَتُهُ تَبقـــى حَيّــاً مُتَــوَرِّدا
فَيُسـقى بِهـا الظَمـآنُ لِلعِلـمِ مُسنِتاً
وَيَرقـى لَها الدِيّانُ في الحُكمِ مُسنِدا
يَنـالُ الفَـتى بِالصـَبرِ مَقسـومَ حَظِّـهِ
وَكَـم جاهِـدٍ فـي الحِصِ ما نالَ مَقصَدا
عَجِبــتُ مِــنَ الأَيّـامِ تَطمـي كَمائِنـاً
إِذا اِنتَثَـرَت أَعيَـتَ نَجيبـاً وَمُنجِـدا
وَكُنـتُ أَرى ذا الفَتـحِ مِـن قَسَمِ يوسُفَ
فَلِلَّـهِ ذاكَ القَسـَمُ مـا كـانَ أَسـعَدا
وَلِلَّـــهِ يَـــومٌ هَـــلَّ فيـــهِ وِلادَةٌ
لَقَـد طـابَ مَولـوداً وَبـورِكَ مَولـودا
كَفـى مَطهَـراً مَـن طَهَّرَ القُدسَ وَاِحتَوى
بَنــي أَصــفَرٍ سـَبياً وَقَـتيلاً تَعَمُّـدا
هُـوَ المَسـجِدُ الأَقصى وَهُم شَوكَةُ الوَغى
فَمـا كـانَ لَـولا اللَـهَ يَخلَـصُ مَعبَدا
هَنيئاً لِبَيـــتِ القُــدسِ الآنَ طُهــرُهُ
وَلِلناصــِرِ المَنصــورِ غَبطَتُــهُ غَـدا
فَيــا خَيــرَ مَمَـدوحٍ وَأَطهَـرَ مُجتَـبي
وَأَســـعَدَ مَمَنــوحٍ وَأَبهَــرَ مُجتَــدى
مَـديحِكَ أَحلـى في فَمي مِن جَنا المُنى
وَمِن طَعمِ بَردِ الماءِ عَذباً عَلى الصَدى
وَأَشــهى ســَماعاً مِـن حَـديثِ حَبـائِبٍ
يَـــذكُرُها عَهــدُ الصــَبا مُتَجَــدِّدا
أُســامِرُ فيـكَ الشـِعرَ مُسـتَمتِعاً بِـهِ
فَأَبسـَطُهُ بَسـطَ الخَميلَـةِ فـي النَـدى
أَوَدُّ لَــو أَنَّ البَيــتَ أَلــفُ قَصـيدَةٍ
وَكُــلَّ قَصــيدٍ أَلــفُ حِــزبٍ تَــرَدَّدا
وَكَيــفَ اِقتِصــادٌ فـي مَـدائِحَ يوسـُفَ
وَقَـد بَـذَّ غايـاتُ السَوابِقِ في المَدى
ســَرى وَهــوَ نــورٌ قــاهِرٌ بِلَطافَـةٍ
وَحَــلَّ بِنــا صــَوتُ العُلـى فَتَجَسـَّدا
وَلَـو لَـم يَلُـح لِلناسِ ما عَلِموا فَتى
سـَما كُـلَّ عـالٍ وَهـوَ يَرتـادُ مُصـعِدا
فَكُــلُّ اِبتِـداءً فـي مَعـاليهِ مُنتهـى
وَكُــلُّ اِنتِهـاءً فـي مَعـاليهِ مُبتَـدا
عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الأندلسي أبو الفضل.شاعر أديب متصوف، كان يقال له حكيم الزمان، من أهل جليانة وهي حصن من أعمال (وادي آش) بالأندلس.انتقل إلى دمشق وأقام فيها. وكانت معيشته من الطب ، يجلس على دكان بعض العطارين ، وهناك لقيه ياقوت الحموي وزار بغداد (سنة 601 هـ) وتوفي بدمشق.كان السلطان صلاح الدين يحترمه ويجله، ولعبد المنعم فيه مدائح كثيرة ، أشهرها قصائده ( المدبجان - خ ) العجيبة في أسلوبها وجداولها وترتيبها أتمها سنة 568 هـ وتسمى روضة المآثر والمفاخر في خصائص الملك الناصر ) وله عشرة دواوين بين نظم ونثر، وقد أتى ابن أبي أصيبعة على بيان موضوعات الدواوين العشرة، وشعره حسن السبك فيه جودة.