
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نَـــزلَ الأحبّـــةُ خِطّــةَ الأعــداءِ
فغـــدا لقـــاءٌ منهــمُ بلِقــاءِ
كــم طعنــةٍ نَجْلاءَ تَعـرِضُ بـالحِمىَ
مـــن دون نَظْـــرةِ مُقلـــةٍ نَجْلاء
يـا مَعْهـدَ الرَشـأ الأغَـنّ كعَهْـدِنا
بــالجْزعِ تحــت البانـةِ الغَنّـاء
بـك أصـبَحتْ سـَمْراءُ وهي منَ القنا
فــي ظــلِّ كــلِ طويلــةٍ ســَمْراء
هــل تُبلِغـانِ لـيَ الغـداةَ تحيّـةً
تُهــدَى علــى حَــذَرٍ مـنَ الأحيـاء
إنْ تبلُغــا شــَرَفَ العُـذَيبِ عشـيةً
فَتيامنــاَ عنــه إلــى الوعسـاء
وقِفــا لصــائدةِ الرّجـال بـدَلّها
فَصــفا جِنايــةَ عينهـا الحـوراء
وتَحــدَّثا ســِرّاً فحــولَ قبابهــا
ســُمرُ الرّمــاحِ يَمِلــنَ للإصــغاء
مـن كـلِّ باكيـةٍ دمـاً مـن دُونهـا
يــومَ الطّعــان بمُقلــةٍ زرقــاء
وســميعةٍ صـوتَ الصـّريخِ وإن غـدَتْ
مَــــدعوَّةً بالصـــعدة الصـــمّاء
يـا دُميـةً مـن دونِ رَفـعِ سـُجوفها
خـوْضُ الفـتى بالخيـلِ بحْـرَ دِمـاء
خَـوفي لإقصـاءِ الرّقيـبِ لـوَ أنّنـي
أَجــدُ الحــبيبَ يَهُــمُّ بالإدنــاء
لــو سـاعدَ الأحبـابُ قلـتُ تجلُّـداً
أَهـــوِنْ علــيّ برِقبــةِ الأعــداء
ولئن صــدَدْتِ فلســتُ أوّلَ خــاطيءٍ
يَتوقَّـــعُ الإحســانَ مــن حســناء
هــل تــأذنين لمُغــرمٍ فـي زَورةٍ
فلعلّهــا تَشــفي مــن البُرحــاء
فلقـد ملكْـتِ عـنِ السـُّلوِّ مقـادتي
وحشـوت مـن نـارِ الجـوى أحشـائي
وصـبَرْتُ عَشـراً عنـكِ مُـذْ شَطَّ النّوى
والعِشــْرُ أقصــى غايــةِ الإظمـاء
ولقـد كَتَمـتُ عـنِ العَـذول صَبابتي
لكــنّ دَمْعــيَ لَــجَّ فــي الإفشـاءِ
فلْيهنــأِ الغَيــرانَ أنّ صــدودَها
مِمّـــا يُــروّحُ مَعشــراً وبكــائي
قُـــولا لخائفــةٍ علينــا رِقْبــةً
ووِشـــايةً مـــن معشــرٍ بُعَــداء
دَمْعــي وبُخْلُــكِ يَســلُكانِ طريقـةً
تُغْنِــي عــنِ الواشـينَ والرُّقَبـاء
وبمَسـْقِطِ العلَمَيْـنِ مـن طُررِ الَّلوى
دِمَـــنٌ شــكَوْنَ تَطــاوُلَ الإقــواء
كَــررّتُ ألحــاظي إلــى عَرَصـاتها
وذكَـــرتُ عهْــدَ أولئك القُرنــاء
وســقَيْتُ صــاديَ تُرْبِهــا بمَـدامعٍ
تَنهــلُّ مثْــلَ الدِيمــةِ الوطْفـاء
والدّمعــةُ البيضـاءُ قَلّـتْ عنـدَها
فمَطرتُهـــا بالدّمْعــةِ الحَمــراء
فكَــمِ التجَــرُّعُ للتّحســُّرِ أن خلا
مــن ســاكنيهِ مُنحنَــى الجَرْعـاء
صــبْراً وإنْ رحَـل الخليـطُ فإنّمـا
ذُخِـــرَ العَــزاءُ لســاعة الأرزاء
واسـألْ عِتـاق العيـسِ إن ثَوّرْتَهـا
ســَيراً يمــزّقُ بُــردةَ البيــداءِ
فعَسـى المطايـا أن يُجـدِّدَ وخْـدُها
لــك ســَلوةً بزيــارةِ الــزَّوراءِ
فوســَمتُ أغفــالَ المهامـةِ واطئاً
وجَناتِهـــا بمناســـمِ الوجنْــاء
حتّــى أُنيــخَ بشـّطِّ دجلـةَ أَينُقـى
والجَــوُ فــي سـمْكٍ مـن الظّلمـاء
والجســْرُ تَحســَبُه طِـرازاً أسـْوداً
قــــد لاح فـــوق مُلاءةٍ بيضـــاء
والّليـلُ قـد نَسـخ الكـواكبَ نُسخةً
للأرضِ غيـــر ســـقيمةِ الأضـــواء
والأصــل للخضــراء فهْــوَ بِكَفّهـا
وبــهِ تُقابِــلُ نُســخةَ الغَــبراء
فكأنّمـا الفَلَـك المُـدار بمَشـْقِها
أبــدى كتــابتَه لعَيْــنِ الـرائي
أًمسـى وقـد نسـخَ السـّماءَ جميعَها
مــن حِــذْقِه فــي صــَفحةٍ للمـاء
كي يَخْدُمَ المولَى المُعين لو ارتضَى
بالنســْخِ فــي ديـوانِ الاسـتيفاء
ولــو ارتَضـاه خادمـاً لـرأى لـه
مــاذا يُضــاعَفُ مـن سـناً وسـنَاء
مَـن ظَـلَّ بيـن يـدْيهِ أدنـى كـاتبٍ
تَلْقــاه واطىــء هامـةِ الجـوزاء
مَـن بلَّـغ الأقلامَ فـوق مـدى القنا
للمُلْـــكِ يـــومَ تَطـــاعُنِ الآراءِ
مَـن حَـلَّ مـن درَجِ الكِفايـة غايـةً
أَعيــا تَمَنّيهــا علــى الأكْفــاء
بخلائقٍ خُلِقَــــــــتْ لإدْراك العُلا
وطَـــرائقٍ حَظيَـــتْ بكُــلّ ثنــاء
ويـــدٍ تَشــِحُّ بــذرّةٍ إن حاســبَتْ
وببـــذرةٍ منهـــا أقَــلُّ ســَخاء
إنْ لـم ُيُسـامِحْ ثَـمّ فـاطْلُبْ رِفْـدَه
لِيُريــك كيــف ســَماحةُ السـَّمحاء
مَلِـــكٌ يَشـــُبُّ لبأَســِه ولجــودِهِ
نــاريْنِ فــي الإصــباح والإمسـاء
قَســمتْ يَــداه عُــداتَه وعُفــاتَه
قســــمْينِ للإغْنـــاء والإفنـــاء
ذو هِمّـــةٍ تَلْقـــى معَــالمَ دارِهِ
مَعمــورةً أبــداً مــن العُلمــاء
تتنـاثَرُ الـدُّررُ الثّمينـةُ وسـْطَها
قُــــدّامَهُ بتَنـــاظُرِ النُّظـــراء
وكــأنّ بــدراً فــي أسـرّة وجْهِـه
للنّــــاظرِين يُمـــدُّهم بضـــياء
تَـــتزعزع الأعطــافُ منــه هِــزّةً
عنـــد اســـتماع تلاوِة القُــرّاء
فمســائل الفقهــاء مُنشـَدةٌ علـى
آثــــارهنَّ مـــدائح الشـــُّعراء
هـذي المكـارمُ والمعالي الغُرُّ لا
شــدو القيــان وضــجّة النـدماء
للــه مختــص الملـوك فلـم تـزل
تَختَـــــصُّ هِمَّتُــــه بكُــــلِّ علاء
مـن دوحـةٍ للمجـدِ عاليـةِ الـذُّرا
يــوم الفخــارِ مديــدةَ الأفيـاء
كــلٌّ رأى كَســْبَ الثّــراء غنيمـةً
فــأَبتْ يــداه غيــر كَسـْبِ ثنَـاء
ولأحمــدَ بـنِ الفضـلِ شـيمةُ سـُؤْددٍ
وقفَــتْ عليــه مَحامِــد الفُضــلاء
قـد أصـبح ابـنَ الفضـل فهْو يبرُّه
بــرَّ البنيــن لمــا جِـدِ الآبـاء
ويَظَــلُّ يكــرِم مَـن إليـه يَنتحـي
مِــن زائريــه كرامَــةَ النُّسـباء
فالفضـلُ قَـرَّتْ عَينُـه بـك يا ابنَه
إذ كنــتَ مــن أبنـائه النجبـاء
يـا مُحسـناً بيَدِ النّدى بين الورى
تَقليــد جيــدِ الهمّــةِ العَليـاء
للــهِ درُّك مــن فتَـىً علْيـاه فـي
وجــهِ الزّمــان كغُــرّةِ الـدَّهْماء
يــا مَـن إلـى بيـتٍ تَحُـلُّ فنـاءه
يُمســى ويُصــبح حَــجُّ كُــلِّ رجـاء
أضـحَى الرّجـاءُ إلـى ذُراك وجُـوهه
مَصـــروفَةً مــن ســائر الأرجــاء
ومـن العجـائبِ أنَّ كَفَّـك لـم تـزلْ
كـالبحرِ يـومَ الجُـودِ فَـرْطَ عطـاء
والبحــر أســماء لــه معروفــة
والكَـف لـم تَـكُ قـطُّ فـي الأسـماء
أمّـا جَـداكَ فمِـن فِنـائك قـد سَرى
حتّـــى أتــاني نــازلاً بِفنــائي
وأنــا بأرضــِي للمُقــامِ مُخَيــمٌ
وركـــائبي مَعقولـــةٌ بـــإزائي
فَبِكَــمْ علـى صـِلَةٍ أجيـءُ وراءهـا
تُربِـــي إذا صــلةٌ تَجِىــء ورائي
والـذِّكْرُ منـك علـى المغيبِ مُفرِّحى
والمــالُ أصــغَرُ نـائلِ الكُبَـراء
فلأَشــكُرنّكَ مــا صــنَعْتَ مُواصــِلاً
شــُكْرَ الرّيــاضِ صــنائعَ الأنـواء
ولأّحبُوّنّــكَ مــن حِبــائكَ جازيــاً
بســـَماعِ كُـــلّ قصـــيدةٍ غَنــاء
غَنّــى بهــا راوٍ وأغنــى مُنِعــمٌ
فاســتُطرِبَتْ لِغنــىً لهــا غَــرّاء
أنـا ألأمُ اللُّؤمـاء إن لـم أجتهِدْ
فــي حُسـْنِ مدحـةِ أكـرمِ الكرمـاء
يــا بــادِئاً بالمكرمـاتِ وفعْلُـه
فـي العَـوْدِ أكـرَمُ منه في الإبداء
ما فوقَ يَومكَ في الجَلالِ لدى الوَرى
إلاّ الغَـــدُ المــأمُولُ للعليــاء
فاســلَمْ لأبنــاء الرّجــاء سـلامةً
مَوْصـــولةً بتَظـــاهُرِ النّعْمـــاء
أرضــَيْتَ بالنُّصــْحِ الإمـامَ وإنّمـا
يُرضــِي الأئمّــةَ طاعــةُ النُّصـَحاء
وبَلاكَ ســلطانُ الأنــامِ فمــا رأى
لــك مُشــْبِها يـا أَعظَـمَ الأُمَنـاء
ولئن غــدوْتَ وأنــت مالـك دولـةٍ
فلقــد سـَبقْتَ لهـا إلـى الإحيـاءِ
المُلْــك مَغْنــىً أنـت آهِـلُ رَبْعـهِ
لامَــلَّ يومــاً منــك طُــولُ ثَـواء
والــدّهرُ كالعِقْـدِ المُفصـَّلِ نَظمُـه
نَســَقاً مــن البيضـاءِ والسـّوداءِ
فبَقيِـــتَ واســطةً لــه لتَزينَــه
ولكَــيْ تُحــاكِيَه امتــدادَ بَقـاء
ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني القاضي.شاعر ولد في أرجان وطلب العلم بأصبهان، ويكرمان، وقد تولى منصب نائب قاضي قضاة خوزستان، ثم ولي القضاء بأرجان مولده.وكان يدرس في المدرسة النظامية في بغداد.وقد عاصر الأرجاني خمسة من الخلفاء، وتوفي في عهد الخليفة المقتضي لأمر الله. عن أربع وثمانين سنة.وجل شعره حول المديح والوصف والشكوى والحكم والأمثال الفخر.له ديوان مطبوع.