
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســـَواءٌ تَـــدانٍ منهـــمُ وتَنـــاء
إذا عَـــزَّ نَيْلاً وصـــْلُهم وعَـــزائي
أفـي القُـرْبِ هِجران وفي النأي صَبوةٌ
كِلا يَــوْمَيِ المشــتاقِ يَــوْمُ عَنــاء
وإنّـــي لأستَشــفي بســُقْمِ جُفونهــا
وهــل عنــد ســُقْمٍ مَطْلَــبٌ لِشــفاء
ولمّـــا تلاقَيْنــا وللعَيْــنِ عــادةٌ
تـــثيرُ وشــاةً عنــد كــلِّ لِقــاء
ولـولا سـَناها لـم يَروْنـي من الضَّنَى
ولا أَصــبَحوا مــن أَجلِهــا خُصـَمائي
ولكــنْ تَجلّــت مثــل شــمسٍ مُنيـرةٍ
فَلحْـــت خلال الضــّوء مثْــلَ هبَــاء
بـدتْ أَدمُعـي فـي خَـدِّها مـن صـِقالِه
فغــاروا وظنّــوا أنْ بكـتْ لبكـائي
ولمّــا رأَيــتُ الحَـيَّ سـَفْراً مُودِّعـاً
ولــم أر غَيْـر اللّحـظِ مـن سـُفَرائي
نَظــرْتُ إلــى الأظعـانِ نظـرةَ مُمْسـكٍ
علــى قَلْبِــه مــن شــِدَّةِ البُرحـاء
عشـــيّةَ لا غـــادٍ يَعـــوجُ لــرائحٍ
ولا ذاهـــبٌ يَقضـــي لُبانــةَ جــاء
فليــت مطايـا الحـيِّ يـومَ تحمّلـوا
وهُــــنَّ ســـِراعٌ بُـــدّلتْ بِبطـــاء
مطيّـــةُ معشـــوقٍ منيّـــةُ عاشـــقٍ
فمَــنْ مُبــدلٌ نُــونَ اســمِهنَّ بِطـاء
ومقسـومةُ العينَيـنِ مـن دَهَـشِ النّوى
وقــد راعَهــا بـالعيسِ رَجْـعُ حُـداء
تُجيــب بإحــدى مُقلتَيهــا تَحيّــتي
وأخــرى تُراعــي أعيُــنَ الرُّقبــاء
تَلقّيــتُ عَمْــداً بــالفؤادِ سـهامَها
غـــداة أجــدَّتْ باللّحــاظِ رِمــائي
وأتبعتُهـم عَينـي وقـد جعَـل النّـوى
يُزَيِّـــل بيــن الجِيــرةِ الخُلطــاء
إلـى أنْ خَطـوا عَـرْضَ السـّرابِ كأنّهم
ســـوادُ طِـــرازٍ فـــي بَيــاضِ مُلاء
وممّـــا شــَجاني والزّمــانُ مُقــوّضٌ
حَمــائمُ غَنّــتْ فــي فــروعِ أشــاء
ومــا خلْـتُ ألحـانَ الأعـاجمِ قبلَهـا
تَشـــوقُ وتَشــجو عِليــةَ الفُصــحاء
ومـا ذكرّتنْـي مـا نسـيت مـن الهوى
بحـــالٍ ولكـــنْ طَرْبـــةٌ لغِنـــاء
فلا بَرحَــتْ كــفَ الثُريّــا لرَبعهــا
إذا انتُجعــتْ بــالقطر ذاتَ ســخاء
لعمْــري لقـد أَبلَيْـتُ بُـرْدَ شـَبيبتي
وأَنضـــَيْتُ ظَهـــرَيْ شـــِدّةٍ وَرَخــاء
وطـالتْ بـيَ الرَّوعـاتُ حـتى أَلِفْتُهـا
فقــد عـادَ ذاك السـّمُّ وهْـو غـذائي
ولـو أنَّ هـذا الـدّهرَ فـي أَمْرِ نَفْسه
يُشــاورُ مـا استَشـفَى بـرأيِ سـوائي
مَلأتُ وعــاءَ الصــّدْرِ عِلمــاً بســِرِّه
ولــم أر غيـرَ الصـّمت خَتْـمَ وعـائي
وطــالعتُ فــي مـرآةِ رأيـي بنـاظرٍ
يَــرى مـن أمـامي مـا يَجيـءُ ورائي
فلا تُهـــدِيا نُصــْحاً إلــيَّ فــإنّني
كَفتْنـــــيَ طاعـــــةَ النُّصــــحاء
ألــم تَعْلَمــا أنــي صــحَوتُ وأَنّـه
تَكشـــّفَ عـــن عَينـــيَّ أَيُّ غِطـــاء
وأدراجِ بيـــدٍ قـــد ملأتُ بَياضــَها
حُـــروفَ نَجـــاءِ لا حُـــروفَ هِجــاء
سـِهامُ سـُرىً يَمرُقْـنَ مـن جِلْدَة الدُّجى
وإن لــم تُســَدَّدْ عــن قِســّيِ سـراء
أَقــول وقــد أنسـانيَ الأرضَ منـزلاً
صــباحي علــى أكوارِهــا ومســائي
أمـا حـانَ لـي من أَرحُلِ العيسِ رحلةٌ
فقـد طـال فيهـا يـا أُميـمُ ثـوائي
أُطــوِّفُ فــي شــَرقِ البلادِ وغربهــا
نَجِــيَّ المُنَــى فـي رَحْـلِ ذاتِ نَجـاء
ولا أُنـــسَ إلاّ بالـــذي إنْ نظَمتُــه
تَهـــاداهُ دانٍ فـــي البلادِ ونــاء
جلا الفْكــرُ منّــي كـل بِكْـرٍ أَقـوله
وليــس لنُقْــبِ الشـِّعرِ مثْـلُ هِنـائي
وإنّــي لأُعْطـي الشـِّعْرَ أَوْفـىَ حقـوقِه
وإن لــم يَقِـفْ بـي مَوقِـفَ الشـُّعراء
ومنّــي اقتبـاسُ المُحَـدثينَ معانيـاً
ولــم أقتبِــسْ معنـىً مـن القُـدَماء
عضـْلتُ ابنـةَ الفِكْرِ المصونةَ خَوْفَ أن
تُــزَفَّ إلــى مَـن ليـس كُفْـؤَ ثَنـائي
وآليـــتُ لا زارتْ كريمـــةُ مِــدْحتي
مــن النّــاس إلاّ أكــرَمَ الــوزراء
فلمّــا مــدَحْتُ الماجِـدَ ابـنَ مُحّمـدٍ
وفَيــتُ لِــذي العليــاء أيَّ وفــاء
ومــا بَرحَــتْ حتّــى أَبَــرَتْ يَمينُـه
يَمينــي وأعطَــى فــوق كُــلِّ عطـاء
غــدا شــرَفُ الإســلامِ ســائسَ دولـةٍ
لهـــا أبـــداً منـــه رَبيــبُ وَلاء
صــَفِيُّ الإمــامِ المُرتَجــى وظَهيــرُه
أعَـــزَّ ظهُـــورٍ فــي أَجَــلّ صــَفاء
أغـرُّ تُطيـفُ العَيـنُ مـن نُـورِ وجهِـه
بشـــَمْسِ ســـماحسٍ لا بشــَمسِ ســَماء
وتزْخَـــرُ للعـــافِينَ أنمُــلُ كَفِّــه
بـــأبحُرِ مـــالٍ لا بـــأبحرِ مــاء
ســَلِ العيـسَ عنـه هـل وَردْنَ فِنـاءه
فأَصــدَرْنَ عنــه الوَفْــدَ غيـرَ رِواء
وهـل يَنظِـمُ الأقـرانَ فـي سـِلْك رمحهِ
بطَعْــــنٍ كتَفْصـــيلِ الجُمـــان ولاء
فللــهِ مــا ضــَمّتْ حَمــائلُ ســَيفِه
لــداعي النَّــدى مــن هِـزّةٍ ومَضـاء
مهيــبٌ وَهُــوبٌ مــا يــزالُ بكَفِّــه
لكـــلِّ زمـــانَيْ خشـــَية وَرَجـــاء
تَنكَّـــسُ أبصــارُ الكمــاةِ مَهابــةً
لـــديه وتَعْيــا ألســُنُ البُلَغــاء
لـــه بســـطتاكف ببـــأس ونــائل
وســجلا معــال مــن لُهــا وَدِمــاء
وَعــدلٌ أضــاء الخــافقَيْن شــموُله
إضـــاءةَ شـــَمسٍ عنــدَ رأْدِ ضــَحاء
وفَضــْلٌ كســاهُ اللـهُ سـِربالَ فَخْـرِه
لِيَفْضــُلَ عــن عِلْــمٍ علــى الفُضـَلاء
مَليـكٌ تَسـامَى فـي ذُرا المجِد راقياً
مَراقِـــيَ أعيَــتْ نــاظِرَ النُظَــراء
وزارتُـــه أزْرَتْ بقـــومٍ تَقـــدَّموا
ولــم يــكُ أكفــاهُم لــه بكِفــاء
وكــم مــن خليـلٍ قـد يَغُـرُّ خليلَـه
لـــهُ رُؤْيـــةٌ مَحْفوفـــةٌ برِيـــاء
يُريـــكَ شـــِعاراً ظــاهراً وبِســِرِّهِ
شـــعارٌ ســـِواهُ راحَ تحــتَ خفَــاء
ولكـن نصـيرُ المِلّـة اليـومَ كاسـْمهِ
غــدا وهْــو مـن أنصـارِها الأُمَنـاء
حَمــى مِلّــةَ الإســلام ظِــلُّ مُجيرهـا
فَحَلّــتْ لــدَيهِ فــي ســَناً وَســَناء
أيـا ماجـداً لـم يَسـمَع الدّهرَ سامعٌ
بمثْــلٍ لــه مَجْــداً ولــم يَـرَ راء
أبـوك الّـذي أبـدى وقـد جَمَعَ التُّقَى
إلـى المُلْـك نَقْـصَ المَعْشـَرِ العُظماء
يَـدٌ حَمَـتِ الـدنيا وأُخـرى رَمَـتْ بها
فأصـــبَح مــن أملاكِهــا الســُّعداء
ومــال إلــى قَبْـرِ النَـبيِّ مُهـاجراً
لحُســْنِ ثــوابٍ بعــدَ حُســْنِ ثنَــاء
فجــاوَرَ مَيْتـاً أكـرَمَ الرُّسـْلِ كُلّهـم
وجـــاوَرَ حَيّـــاً أعظَــمَ الخُلفــاء
وأنت ابنهُ تَكْفيِ ابنهُ اليوم ما كفىَ
أبـــوك أبـــاهُ ذا غِنــىً وغنَــاء
فــدُوما دوامَ الشـّمس والبـدرِ تَمْلآ
نهــارَ الـورى والنّيـلَ فَضـْلَ ضـياء
أيـا مَـن دَعـاني رائدُ السـّعْدِ نَحْوَهُ
فــأَلقيتُ رَحْلِــي فــي أعَــزّ فِنـاء
ومَــن صـدِئَتْ عيَنْـي بناشـئة الـورَى
فلمّــــا رأَتْــــهُ حُــــودِثَتْ بجِلاء
فـدتْكَ ملـوكُ الأرضِ مـن طـارقِ الرَّدى
وذلـــك إن قِســـْنا أَقَـــلُّ فِــداء
فمـا أنـتَ إلاّ خَيـرُ مَـن وَسـَمَ الثّرى
بجَــــرّ قنــــاةٍ أو بجّــــرّ رِداء
وأحلــمُ ذي بُــرْدٍ لـدى عَقْـدِ حُبْـوةٍ
وأكـــرَمُ ذي رِفْـــدٍ غَــداةَ حِبــاء
وأحسـنُ خلـقِِ اللـه وجْهـاً إذا بـدا
علــى مَتْــنِ طِــرْفٍ تحـت ظِـلَ لـواء
ولا فَخْــرَ عنــدي فـي وجُـوهٍ وضـيئةٍ
إذا كـــانتِ الأخلاقُ غيـــرَ وِضـــاء
تَواضــَعُ عــن عُظْــمٍ ونلقـاكَ لُقْيـةً
فلا نَمْلِــــكُ الأعطـــافَ مـــن خُيلاء
وأروَعُ يَهْـوى الحمـدَ فـي الجودِ كلهِّ
فلا يُلجِىــءُ العـافي إلـى الشـُّفعاء
هِلالٌ نَمــاءً وهْـو فـي النـورِ كامـلٌ
وَبــدْرٌ كَمــالاً وهــو حِلْــفُ نَمــاء
ليـــاليه بيــضٌ كــاللآلي بِعــدْلِه
فــدامتْ كـذا فـي سـِلْكِ طُـولِ بَقـاء
لـكَ اللـهُ مِـن خِـرْقٍ إذا سـالَ غَيْثُه
فمــا عَــذَلُ العُــذّالِ غيــرُ غُثـاء
كــأنّ مــديحي فيــك عِقْــدُ مليحـةٍ
يَزيــدُ بهــا حُسـناً لـدى البُصـَراء
إذا كــان مَـدْحُ المـرء فـوق مَحلِّـهِ
فمـــا هــوَ إلاّ فــوقَ كُــلِّ هِجــاء
ومَـن يلبـسِ السـّيفَ الطّويـلَ نِجـادُه
علــى قِصــَرٍ يُســلَبْ لبــاسَ بَهــاء
وقـد كنـتُ أَرْخَصـْتُ القريـضَ فقد أبَتْ
عَطايـــــــاك إلاّ بَيْعَــــــهُ بغَلاء
أزَرْتُ نظــامَ الــدين نَظْــمَ مَـدائحٍ
لنَيْـــلِ عطـــاءٍ بعـــدَ لَيْــل عَلاء
حِسـانٌ مـنَ البِيـض الّلـواتي لصَقلِها
وللطّبْــعِ أَذْكَـى اللـهُ نـارَ ذكـائي
علـى أنّنـي يـا مَعـدِنَ الفَضْل لا أرى
لــديكَ ادِّعــاءً غيــرَ نَظْـمِ دُعـائي
وقــد عَلــمَ الأقــوامُ أنّـك طالمـا
تَجــاوَزْتَ أقصــَى غايــةِ العُلَمــاء
فلا عَقُــمَ الــدَّهرُ الكــثيرُ رِجـالُه
ومثْلُـــك مــن أبنــائهِ النُّجبَــاء
ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني القاضي.شاعر ولد في أرجان وطلب العلم بأصبهان، ويكرمان، وقد تولى منصب نائب قاضي قضاة خوزستان، ثم ولي القضاء بأرجان مولده.وكان يدرس في المدرسة النظامية في بغداد.وقد عاصر الأرجاني خمسة من الخلفاء، وتوفي في عهد الخليفة المقتضي لأمر الله. عن أربع وثمانين سنة.وجل شعره حول المديح والوصف والشكوى والحكم والأمثال الفخر.له ديوان مطبوع.