
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قســَماً منّــي بأيــام الصـَّفاء
وبجَمْــع الـدّهرِ شـَمْلَ القُرنـاءِ
وبتــــأميلِيَ منهـــم عـــودةً
لا أطعْـتُ الشـّوقَ في طُولِ البكاء
إنمّـــا أَذْخـــرُ عيْنــي لغَــدٍ
إنْ قَضـى اللـهُ بوَشـْك الالتقـاء
ليــسَ يشـفى غيـرُ عينـي عِلَلـي
إنْ تدانى الحَيُّ من بعدِ التّنائي
خَلِّهـــا تَثْــنِ إليهــم نّظْــرةً
ثــمّ هَبْهــا عنــدهم للبُشـَراء
لــو يُفــادّون بعُمْــري منهــمُ
يـومَ وصـلٍ لم يكنْ غالِي الفداء
أصــفياءٌ كَــدَّروا عيَشــْي نـوى
كيـف يصـْفو العيشُ دونَ الأصفياء
كــم تجلَّــدْتُ ومــا بــي جَلَـدٌ
وتصـــنّعْتُ وقــد عَــزَّ عــزائي
جاحِــداً وَجْــدي بهـم مـن حَـذَرٍ
حيــن تَرمينـي عيـونُ الرُّقَبـاء
وإذا مـــا ســـَبقتْني عَـــبرةٌ
عنــدهم غطَّيــتُ وجْهـي بـرِدائي
وإذا اليــأسُ أَعَـلَّ القلـبَ لـي
قلــتُ للقلــبِ تَعَلّـلْ بالرّجـاء
فـأدالَ اللـهُ مـن جَـورِ النَّـوى
بــدُنُوِّ الــدّارِ بعـد العـدواء
وانتَهـى الحـالُ إلى أن واصَلوا
فتَواهَبْنــا بِــداياتِ الجفَــاء
ســـال مـــن عَطْفِهــمُ أوديــةٌ
حَملَــتْ كُــلَّ جَفــاءٍ كالجُفــاء
لسـتُ أنسـى يـومَ بـانوا جيرتي
ووُقــوفي واجِمــاً فـي خُلَطـائي
وســؤالي كُــلَّ رَكــبٍ عَــنَّ لـي
عنهـــمُ عنــد رَواحٍ واْغتــداء
وانتِظـــاري لخيـــالٍ منهـــمُ
زَورةً بيـــن صــباحي ومســائي
ومَبيـــتي ســـاهراً مُرتفِقـــاً
بــالفلا والنِّضـْو مَعقـولٌ إزائي
ونجــومُ اللَّيــلِ يَجْلـو بينهـا
غُـرةَ البـدرِ لنـا فَضـْلُ الضياء
كبنـــي هاشـــمٍ الغُــرِّ وقــد
أحــدقُوا حـول نقيـبِ النُّقَبـاء
وبـــدا بـــدْرَ ســماحٍ كامــلٍ
بـالعُلا إن لـم يكـنْ بَـدْرَ سَماء
مَــن رأى يــوم تَجَّلـى والـورى
ناِصــــبُو أَعنــــاقهم للاجتلاء
وعليــــه حُلّــــةٌ مَنســــوجةٌ
مــن أَناســِيِّ عيــونِ الأوليـاء
فــوقَ طِــرْفٍ يَسـْرِقُ الطَّـرفُ لـه
عــزّةً كُــلَّ عظيــمِ الكِبْريــاء
مُرْتَــدٍ عَضــْباً يُحــاكِي رأْيَــه
إن نضـاهُ عنـد خَطْـبٍ في المَضاء
ومـــن اللـــهِ عليــه هَيبــةٌ
فـي عيـونِ النّـاسِ شـِيبَتْ ببهاء
والفـــتى مــن دَهَــشٍ مُقْتَســَمٌ
حيــث للخلْــق ضـجيجٌ بالـدُّعاء
فيـــدٌ تُـــومي وقلـــبٌ فــرِحُ
وفـــمٌ داعٍ وَطـــرْفٌ منــه راء
يُبصــِرون الغيـثَ واللّيـثَ معـاً
والحَيـا والشّمسَ من غيرِ امتراء
ويُحَيّــــون هُمامـــاً ماجـــداً
بِشــْرُه للوَفْـدِ عُنـوانُ السـَّخاء
ســابَقَ الآبـاءَ فـي شـوْطِ العُلا
فهْــو إن خاشـَنْتَه صـَعْبُ الإبـاء
قَســـَّمَتْ أفئدةَ النّـــاسِ لـــه
راحتــاهُ بيــن خـوفٍ وارْتجـاء
هاشــــِمي عاقــــد حبــــوتَه
فــي ذُرا بيـتٍ رَبـوبِيِّ البِنـاء
يهبــطُ الــوحْيُ علــى ســُكّانِه
فهـــمُ للــهِ أهــلُ الاصــطفاء
بالهُـــداةِ الأُمنــاء انتظمَــتْ
حافَتــاهُ والملــوكِ العُظمــاء
أيَّ ســبْقٍ ســبقُوا نحــو العُلا
واقتفــى آثــارَهم أيَّ اقتفـاء
ملِــكٌ أصــبح مَحــذورَ الســُّطا
مُرتجَـى النّـائلِ مـأهولَ الفِناء
قــد نَمتْــه دَوحـة مـن فَرْعهـا
شـــُعبةٌ مُثمِـــرةٌ بالخُلفَـــاء
مــن أبيــهِ الحَبْـرِ فيـه شـَبَهٌ
فـــي بيــانٍ وســَماح ودَهــاء
يَضــَعُ الأشــياء فــي مَوضــِعها
مِثْلمــا باشــَرْتَ نُقبـاً بِهنـاء
شـــارعُ ديِــنَ نــدىً إعجــازُهُ
أنمُــلٌ تَنبَــعُ فينـا بالعَطـاء
ذوُ بُــدُو بعــضُ أســابِ الّــذي
ظَــلّ يــأتيهِ وبعــض ذو خَفـاء
ليــس بالمســؤولِ عـن أفعـاله
بـل علـى الأقـوامِ حُسْنُ الاقتداء
ليــس يَعْـرى مـن جلابيـبِ العُلا
عنـد مَيْـلٍ منـه أو عنْدَ استواء
وكــذاك النّجــمُ فــي أفلاكــه
كيفمــــا دار قَريــــنٌ للعلاء
كعبــةٌ للمجــدِ يُــومي نحوَهـا
كُـلُّ مَـن فـي الأرضِ من دانٍ وناء
إنْ تَــزُرْهُ تَــر كفّــاً كالحَيـا
حيــن يُمتـاحُ ووجْهـاً ذا حَيـاء
هـو كـالطَّودِ وقـاراً فـي الحُبا
وهْـو كـالجَودِ بِـداراً بالحِبـاء
تَقْصـــُرُ الأنجُـــمُ عـــن آرائه
إن حكَتْهـا فـي سناً أو في سَناء
وبــذاك النّطَــرِ الســّامي لـه
فـاق فـي الآفـاقِ كُـلَّ النّظـراء
وأميـــرُ المـــؤمنين اختَصــَّه
مـن بنـى الـدّهرِ بقُرْبٍ واجتِباء
يحَمــد النّاصــحُ مَـن كـان ولا
مثْــلَ حَمْـدِ النصـَحاء النُّسـَباء
لـم يَنَـلْ مـا قـد تَمنّـى كاشـحٌ
داخــلٌ مــا بيـن عُـودٍ ولِحـاء
وإذا الأحبـابُ بالوَصـْلِ اكتَفَـوا
نُبِـذ الواشـون نَبْـذاً بـالعَراء
إن تَســلْني عــن زمـاني وأنـا
ذو اخْتبـــارٍ لبنيـــهِ وابتلاء
فَعلــيٌّ لــك يــا عَمْـرو العُلا
منتهَــى بحــرِ بنيـك النُّجبـاء
هاكَهــا مــن رائق الشـِّعرِ وإن
لـم يكَـدْ يَسـلُكُ نهْـجَ الشـعَراء
يَشــعَرُ الــدّهْرَ ويَقْضـي مُبـدعاً
مـا لشـعرٍ منـه قـدْحٌ فـي قَضاء
مَــدْحُه الــدّهْرَ لقــومٍ مَـدْحُهم
مَحْـضُ صـدقٍ لـم يِشـِنْهُ بـافْتراء
بكُـــمُ يـــا آل عبّــاسٍ يُــرى
من صُروفِ الدّهر ما عشتُ احتمائي
لــم أزَلْ أشــْفعُ فيكـم طارِفـاً
مــن مَــديحي بتليـدٍ مـن وَلائي
إنْ نشــَرْتُم فعَــنِ الشـُّكرِ لكُـم
أو طَـويتُم فعلَـى الوُدّ انطوائي
وإذا المَــدْحُ ســَرى فـي جَحْفـلٍ
فأنــا الحامــلُ فيــهِ للّـواء
بقَريــــضٍ كلّمــــا حَــــبرتُه
هــزّ أعطـافَ المُلـوكِ الكُرَمـاء
قلــتُ والرّكْــبُ بـأجوازِ الفَلا
عيســــُهمُ مُنتعلاتٌ بالنَّجــــاء
بَكّـروا والصـُّبْحُ فـي طَـيِّ الدُّجَى
وجْــهُ حســناءَ حَيـيٌ فـي خبـاء
وحُــداةُ العيـسِ يَنفـون الكَـرى
ويُطيــرون المَطايــا بالحُـداء
كُــلُّ وجنــاءَ إذا مــا طَرِبـوا
عَطّــتِ البيــدَ بهـم عَـطَّ المُلاء
وإذا مـــا ادّرعَـــتْ هـــاجِرةً
جُعِـلَ الظِّـلُّ لهـا مثْـلَ الحـذاء
الرِّضـَا يـا حـاديَ العيسِ الرِّضا
فَلَقَصـْديهِ مـن النّـاس ارتضـائي
هـو أكفَـى الخَلْـقِ للوفْـدِ نـدىً
وبـه أيضـاً عـنِ الخَلْقِ اكتفائي
بـل لـذي الفَخْريْـنِ نفـسٌ كبُـرتْ
منــه عِــزّاً فـي جُـدودٍ كُبَـراء
حَضـــْرةٌ منــك تَحَلَّــى جِيــدُها
بنظــامٍ هــو مــأْمون الوَهـاء
وارتقَــتْ فــي دَرَجِ العِـزّ إلـى
حيــثُ لا يُوجــدُ فَضــْلٌ لارتقـاء
إن يكـن فَخْـرُكَ في الوهْم انتَهى
فلْيَطُـلْ عُمْـرُك مـن غيـر انتهاء
عِـــشْ لطُلاب المعـــالي قُــدوةً
بــك يُبــدون اقتـداءً لاهتـداء
هــــذه دولــــةُ مَجْـــدٍ وعُلاً
جَمعــتْ بــالجودِ شـَمْلَ الفُضـَلاء
أصـــْبَحَتْ مَنصـــورةً راياتُهــا
إذْ رَعتْهـا منـك عَيْـنُ الاعتنـاء
وبــك اسـتغنَتْ فلـم تُبـقِ لهـا
حاجـةً يومـاً إلـى غيـرِ اكتفاء
فلهــا فــابْقَ يَمينــاً أبَــداً
مُغْنيـاً فـي نَصـْرِها كُـلَّ الغناء
يـا يمينـاً لـو دعـتْ كُل الورى
بشــِمالٍ لغَــدوا دونَ الوفــاء
لا يَــزلْ جــوُدك يَجلــوك لنــا
فـي سـوارٍ صـيغَ من حُسْنِ الثّناء
ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني القاضي.شاعر ولد في أرجان وطلب العلم بأصبهان، ويكرمان، وقد تولى منصب نائب قاضي قضاة خوزستان، ثم ولي القضاء بأرجان مولده.وكان يدرس في المدرسة النظامية في بغداد.وقد عاصر الأرجاني خمسة من الخلفاء، وتوفي في عهد الخليفة المقتضي لأمر الله. عن أربع وثمانين سنة.وجل شعره حول المديح والوصف والشكوى والحكم والأمثال الفخر.له ديوان مطبوع.