
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عنــدما ظلَّلنــي الـوادي مسـاءَ
كـان طيـفٌ فـي الدجى يجلس قربي
فــي يــديه زهــرةٌ تقطـرُ مـاءَ
عَرفــتْ عينـي بهـا أدمـعَ قلـبي
قلــتُ مـن أنـتَ فلبَّـاني مجيبـا
نحــن يــا صــاحِ غريبـانِ هنـا
قد نزلنا السهلَ والليلَ الرهيبا
حيــث ترعــاني وأرعــاكَ أنــا
قلـت يـا طيـفُ أثـرتَ النفس شَكا
كيـف أقبلـتَ وقُـلْ لـي من دعاكَا
قـال أشـفقتُ مـن الليـلِ عليكـا
فتتبَّعْــتُ إلــى الـوادي خُطاكـا
ودنــا منــي وغنَّـاني النشـيدا
فعرفـتُ اللحـنَ والصـوتَ الوديعا
هـو حُبِّـي هـامَ فـي الليل شريدا
مثلمــا هِمْــتُ لنلقــاكَ جميعـا
وتعانقنـــا وأجهشـــنا بكــاءَ
وانطلقنــا فــي حــديثٍ وشـجونْ
ودنــا الموعـدُ فاهتجنـا غنـاءَ
وتنظّرنـــاكَ والليـــلُ عيـــونْ
أقبــلَ الليــلُ فأقبِــلْ موهنـا
والتمــسْ مجلســنا تحــتَ الظلالِ
وافِنــي نصــدحْ بألحـانِ المنـى
ونعـب الكـأسَ مـن خمـر الخيـالِ
أقبــلِ الليلــةَ وانظـر واسـمعِ
كـلُّ مـا فـي الكونِ يشدو بمزارِكْ
جئتُ بـــالأحلامِ والــذكرى معــي
وجلسـنا فـي الدجى رهنَ انتظاركْ
ســترى يــا حســنُ مـا أعـددتُه
لــكَ مــن ذخــرٍ وحســن ومتـاعِ
هــو قلــبي فـي الهـوى ذوَّبتـه
لــكَ فــي رفَّــافِ لحــنٍ وشـعاعِ
وهـــو شـــعرٌ صــَورتْ ألــوانُه
بهجــةَ الفجــرِ وأحـزان الشـفقْ
ونشــــيدٌ مثَّلــــتْ ألحــــانُهُ
همســاتِ النجـم فـي أُذْن الغسـقْ
ذاك قلــبي عاريــاً بيـن يـديكْ
أخـــذتْهُ منــك روْعــاتُ الإلــه
فتـــأملْه دمــاً فــي راحتيــكْ
وذَمــاءً منــكَ يسـتوحي الحيـاهْ
بـــاكيَ الأحلامِ محــزونَ المنــى
ضـــاحكَ الآلام بســـّامَ الجــراحْ
لـــم يكــن إلَّا تقيــاً مؤمنــا
بالــذي أغــرى بحبيـكَ الطمـاحْ
يتمنَّــى فيــكَ لــو يَفْنـى كمـا
يتفـانى الغيمُ في البحرِ العُبابْ
أو يُلاشــي فيــك حَيّــا مثلمــا
يتلاشـى فـي الضـحى لُمـح الشهابْ
زهــرةٌ أطلعهــا فــردوسُ حُبِّــكْ
استشــفَّتْ فجرَهــا مــن ناظريـكْ
خفقــت أوراقُهـا فـي ظـلِّ قربِـكْ
وســَرَتْ أنفاســها مــن شــفتيكْ
هــيَ مــن حســنكَ تحيـا وتمـونْ
فاحمِهـا يـا حسـنُ إعصارَ المنونْ
أوْلهـا الـدفءَ من الصدرِ الحنونْ
أو فهبْهـا النورَ من هذي العيونْ
دمعُهـا الأنـداءُ والعطـرُ الشـَّجا
وصــدى أنَّاتِهــا همــسُ النسـيمْ
فاحبُهـا منـكَ الربيـعَ المرتجـى
تصــدحِ الأيـامُ بـاللحنِ الرخيـمْ
علي محمود طه المهندس.شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة.له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه)، (وليالي الملاح التائه) و(أرواح شاردة) و(أرواح وأشباه) و(زهر وخمر) و(شرق وغرب) و(الشوق المائد) و(أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.