
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ضــحكَتْ فبـانَ لنـا عُقـودُ جُمـانِ
فجلَـتْ لنـا فلـقَ الصّباحِ الثّاني
وتزحْزَحَـتْ ظُلَـمُ الـبراقِعِ عن سَنى
وجَناتِهـــا فتثلّـــثَ القَمَــرانِ
وتحــدّثَتْ فســمِعْتُ لفظــاً نُطْقُـه
ســـحرٌ ومعنـــاهُ ســُلافةُ حــانِ
ورنَــتْ فجرّحَــتِ القُلـوبَ بمُقلـةً
طــرْفُ الســِّنانِ وطرفُهــا سـِيّانِ
وترنّمَــتْ فشــدَتْ حمـائِمُ حَليِهـا
وكـــذاكَ دأبُ حَمــائِمِ الأغصــانِ
لـم تلْـقَ غُصـْناً قبلَهـا مـن فِضّةٍ
يهــتزُّ فــي ورَقٍ مــن العِقْيـانِ
عربيّــةٌ ســعدُ العشـيرةِ أصـلُها
والفَـرْعُ منهـا مـن بَني السّودانِ
خــودٌ تُصــوَّبُ عنـدَ رؤيـةِ خـدِّها
آراءُ مَـنْ عكَفـوا علـى النّيـرانِ
يبــدو محيّاهــا فلــولا نُطْقُهـا
لحَســِبْتُها وثَنــاً مــن الأوثـانِ
لـم تصـلِبِ القُـرْطَ الـبريَّ لغايةٍ
إلّا لتنصـــُرَ دولـــةَ الصــُّلبانِ
وكـذاك لـم تضـْعُفْ جُفـونُ عُيونِها
إلّا لتَقـــوى فِتنـــةُ الشــيطانِ
خلخالُهـا يُخفـي الأنيـنَ وقرطُهـا
قلِـقٌ كقَلْـبِ الصـّبِّ فـي الخَفقـانِ
تهـوى الأهلّـةُ أن تُصـاغَ أسـاوِراً
لتحِــلَّ منهـا فـي محـلِّ الجـاني
بخِمارِهــا غســَقٌ وتحـت لِثامِهـا
شــفَقٌ وفــي أكمامِهـا الفَجـرانِ
سـُبحانَ مَـنْ بالخـدِّ صـوّر خالَهـا
فــأزانَ عيــنَ الشـّمسِ بالإنسـانِ
أمـرَ الهَـوى قلـبي يَهيـمُ بحبُّها
فأطـــاعَهُ ونَهَيْتُـــه فعَصـــاني
هـيَ فـي غَديرِ الشّهْدِ تخزِنُ لؤلؤاً
وأُجــاجُ دَمْعــي مخـرَجُ المرجـانِ
كثُـرَتْ علـيَّ العـاذِلونَ بهـا فلَو
عــدّدْتُهم ســاوَوْا ذُنـوبَ زَمـاني
يـا قلـبُ دعْ قـولَ الوُشاةِ فإنّهُم
لــو أنصـَفوكَ لكُنـتَ أعـذرَ جـانِ
أصـحابُ موسـى بعـدَه فـي عِجْلِهـم
فُتِنــوا وأنــتَ بأملَـحِ الغِـزلانِ
عـذُبَ العَـذابُ بهـا لـديّ فصـحّتي
سـُقْمي وعِـزّي فـي الهَـوى بهَواني
للّـــهِ نُعمــانُ الأراكِ فطالَمــا
نعِمَــتْ بــه روحـي علـى نُعْمـانِ
وسـَقى الحَيـا بمنـىً كِرامَ عشيرةٍ
كفَلــوا صــيانتَها بكُــلِّ أمـانِ
أهــلُ الحميّـةِ لا تـزالُ بُـدورُهم
تحمـي الشـّموسَ بـأنْجُمِ الخِرصـانِ
أُســْدٌ تخـوضُ السـّابِغات رمـاحُهُم
خــوضَ الأفــاعي راكِـدَ الغُـدْرانِ
تَــروى بهـم رُبْـدٌ كـأنّ سـِهامَهم
وهَبَــتْ لهــنّ قــوادِمَ العِقْبـانِ
كـم مـن مطوّقـةٍ بهـم تَشـدو على
رَطْــبِ الغُصـونِ ويـابِسِ العِيـدانِ
لانَــتْ معــاطِفُهم وطـابَ أريجُهـم
فكــأنّهم قُضــُبٌ مــن الرّيْحــانِ
مــن كــلِّ واضـحةٍ كـأنّ جَبينَهـا
قبَــسٌ تقنّــع فــي خِمـارِ دُخـانِ
ويْلاهُ كـم أشـقى بهِـم وإلـى متى
فيهِــم يخلَّــدُ بـالجَحيمِ جَنـاني
ولقــد تصــفَّحْتُ الزّمـانَ وأهلَـهُ
ونقَــدْتُ أهــلَ الحُسـْنِ والإحسـانِ
فقَصــَرْتُ تَشـبيبي علـى ظَبَيـاتِهم
وحصــَرْتُ مَـدْحي فـي علـيِّ الشـّانِ
فهُــمُ دَعــوني للنّســيبِ فصـُغْتُه
وأبـو الحُسَيْنِ إلى المَديحِ دَعاني
ملِــكٌ علــيّ إذا همَمْــتُ بمَـدْحِه
تُملــي شــمائِلُه بَــديعَ مَعـاني
جـارَيْتُ أهـلَ النّظْـمِ تحـتَ ثَنائِه
فتَلَــوْا وحلْبَتُهُــم خُيـولُ رِهـانِ
مضــمونُ مـا نـثرَتْ علـيّ بنـانُه
ولِســــانُه أبرَزْتُـــه ببَيـــانِ
نــــاجَيْتُه فتشـــرّفَتْ بكلامِـــه
أُذُنُ الكَليــمِ وحُـلَّ عَقْـدُ لِسـاني
سـَمْحٌ إذا مـا شـِئْتَ وصـفَ نَـوالِه
حــدِّثْ ولا حــرَجٌ عــن الطّوفــانِ
بـالبحرِ كَـنِّ وبالغَمـامِ عن اِسمِه
والبــــدرِ والضـــِّرغامِ لا بفلانِ
صــرعَتْ ثعـالبُه الأسـودَ فأصـبحَتْ
محشـــوّةً بحواصـــلِ الغِربـــانِ
بطــلٌ يُريــكَ إذا تحلّــل دِرعُـه
أســدَ العريــن بحلّـةِ الثّعبـانِ
رشـفُ النّجيـعِ مـن الأسـنّة عنـدَه
رشــَفاتُ حُمــرِ بــوارِقِ الأسـنانِ
يرتاحُ من وقْعِ السّيوفِ على الطُلا
حتّـــى كــأنّ صــليلَهُنّ أغــاني
ويـرى كُعـوبَ السـُّمرِ سـُمرَ كَواعبٍ
وذُكـور بيـضِ الهِنـد بيـضَ غَواني
لـم يسـتطِعْ وتَـراً يلَـذُّ لـه سوى
أوتـــارِ كـــلِّ حَنيّــةٍ مِرنــانِ
قِـــرْنٌ يقــارنُ حظَّــهُ بحُســامِه
فيعــودُ ســعداً ذابــحَ الأقـرانِ
صــاحٍ تــدبُّ الأريحيّــةُ للنّــدى
فيــهِ دَبيــبَ السـُّكْرِ بالنّشـوانِ
ذو راحــةٍ هــي للعِــدى جرّاحـةٌ
أعيَــتْ وأيّــةُ راحــةٍ للعــاني
أقـوَتْ بُيـوتُ المـالِ منـذُ تعمّرتْ
فيهــا رُبــوعٌ للنّــدى ومَغــانِ
للـــدّهرِ أفلاكٌ تـــدورُ بكفِّـــه
والنّــاسُ تحســَبُها خُطـوطَ بَنـانِ
دارَتْ فعنــدَك ليلُهــا ونهارُهـا
نقْـــعٌ ولمْـــعُ مهنّــدٍ وســِنانِ
أطــواقُ فضـلٍ كـالخواتمِ أصـبحتْ
بيَــدَيْهِ وهْــي طـوارقُ الحِـدْثانِ
بـالنّحسِ تقضـي والسعادةِ فالورى
منهـــنّ بيـــن تخــوّفٍ وأمــانِ
في سِلمِها تهَبُ البُدورَ وفي الوغى
بالشــُّهْبِ تقـذفُ مـاردَ الفُرسـانِ
قـد أضـحكَ الدُنيا سُروراً مثلَ ما
أبكــى السـّيوفَ وأعيُـنَ الغِـزلانِ
حُــرٌّ تولّــد مــن ســُلالةِ مطلَـبٍ
خلَــف الأيمّــةِ مـن بنـي عَـدنانِ
مـن هاشـمٍ أهـلِ المَفاخرِ والتُقى
والأمـــرِ بــالمعروفِ والإيمــانِ
بيـتِ النبـوّةِ والرسـالةِ والهُدى
والــوحيِ والتّنزيــل والفُرقـانِ
قَــومٌ تقــوّمَ فيهــم أودُ العُلا
وَالــدّينُ أصــبحَ آبــدَ الأركـانِ
قـد حالَفوا سهرَ العيون وخالَفوا
أمـرَ الهَـوى فـي طاعـةِ الرّحمـنِ
مـن كـلّ مَـنْ كالبَـدرِ كلّـفَ وجهَهُ
أثـرَ السـّجودِ فـزادَ في اللّمعانِ
أشـباحُ نـورٍ فـي الزّمانِ وجودُهم
روحٌ لهــذا العــالَمِ الجِسـماني
أقرانُ حربٍ كلّما اِقترَنوا لدى ال
هَيجــاءِ تحســَبُهم لُيــوثَ قِـرانِ
لبِسـوا سـوابغَهُم لأجـل سـلامةِ ال
أعـــراضِ لا لســـلامةِ الأبْـــدانِ
وتحمّلــوا طعــنَ الرِّمـاحِ لأنّهـم
لا يحملـــون مطـــاعِنَ الشــّنآنِ
بـوركْتَ مـن ولـدٍ جرَيْـتَ بـإثرِهم
فبلَغْــتَ غــايتَهُم بكــلِّ مَكــانِ
جــدّدْتَ آثــارَ المــآثرِ منهــمُ
ووَرِثْـتَ مـا حفِظـوا مـنَ القُـرآنِ
مــولايَ لا برحَــتْ تُهنّيــكَ العُلا
بخِتــانِ غُــرٍّ أكــرمِ الفتيــانِ
نُطَــفٌ مطهّــرةُ الـذواتِ أزَدْتَهـم
نــوراً علــى نـورٍ بطُهـر خِتـانِ
خُلَفــاءُ مجـدٍ مـن بَنيـكَ كـأنّهم
للأرضِ قــد هبَطـوا مـن الرُّضـوانِ
أقمــارُ تِــمٍّ لا يُــوَقّى نقصــها
إلّا بلَيـــلِ عجاجَـــةِ المَيــدانِ
وفِـراخُ فتـح قبـلَ ينبُـتُ ريشـُها
همّــتْ بصــيدِ جــوارحِ الشـُجعانِ
مثــل اللآلـي لـم تـزلْ محمولـةً
فـوقَ التّراقـي أو علـى التّيجانِ
بلغوا وما بلغوا الكلامَ فأدرَكوا
رُشــْدَ الكُهــولِ بغـرّةِ الصـِّبيانِ
مـا جـاوَزوا قدرَ السِّهامِ بطولِهم
فتطوّلــوا وسـمَوْا علـى المُـرّانِ
شـررٌ تـوارَتْ فـي زِنـادِك إذ وَرَتْ
أمســـَتْ شــُموسَ مســرّةٍ وتَهــانِ
قبَسـاتُ أنـوارٍ تعـودُ إلى اللِّقا
شــُعَلاً تُــذيبُ مواضــِعَ الأضــغانِ
ســتردُّ عنـكَ المشـرفيّةَ والقَنـا
ولــدَيْكَ تشــهَدُ كـلَّ يـومِ طِعـانِ
وستضـْحَكُ الـبيضُ الظُّبـا بـأكفّهم
ضــحك البُــروقِ بعــارضٍ هتّــانِ
وتَميـلُ مـن خَمـر النّجيعِ رماحُهم
مثــلَ السـُّكارى فـي سـُلافِ دِنـانِ
فاِسـْلَمْ ودُمْ معهـم بأسـبغِ نعمـةٍ
وألــذِّ عيــشٍ فــي أتــمِّ تَـدانِ
شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).