
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَيتيمـــاً آويــتِ حســبُك أجــرا
وغبيـــاً هـــديتِ حســبُك ذِكــرا
حليــة النفــس بِرُّهـا فـإذا مـا
عطلـــت أشــبهت يبابــاً قفــرا
ربِّ هَبنـيَ خُلقـاً ابـر بـه الخَلـق
ولا تُعطينــــي ذكـــاء وتِـــبرا
مــا افتخـاري إذا أَسـأْت فِعـالاً
واجــدت المقــال نظمــاً ونـثرا
يـــا خليلـــيَّ خلّيــاني وهمّــي
فالليــالي كســت فــؤاديَ خُـبرا
واســمعا قصـة بهـا عِـبر الـدهر
وذكِّـــر فقـــد تُفيــد الــذِكرى
وصــغيرين قــد خلقنـا فاعطينـا
لهـــذا كوخـــاً وذلـــك قصــرا
وجعلنــا مــن ذاك عبــداً لهـذا
وهـــو حــرّ والأُم أَلقتــه حــرّا
والمسـاواة أيـن تلـك المسـاواة
فتُعطـــي غنـــىً وتعطــيَ فَقــرا
قســمةٌ للحظـوظ اسـتغفر القسـّام
ضــِئزى لعــلَّ فــي الأمــر ســرَّا
شـبَّ هـذا الصـغير فـي قصـر مَلْـكٍ
فــأَتته رغــائب العيــش أَســرى
وحــــداه أَبـــوه طفلاً فأَضـــحى
مَلِكــاً لا يعــي مـن الأمـر أمـرا
حســـبَ العــرشَ مِلكَــهُ فتعــامى
عـن حقـوق العبـاد عُسـفاً ونُكـرا
ودعــا ظلمُــهُ الرعيــةَ للثـورة
فاجتــــاح قصـــره المشـــمخرا
فهــوى العــرشُ العـروش إذا لـم
تتحصــن بالعــدل لــن تســتقِرا
ونشـــأ ذلـــك الفقيــر بمهــد
البـؤس وهـو البريء لم يأت وِزرا
ورث الفقـر عـن أَبيـه وهـل تحمل
نفــــسٌ بــــريئةٌ وزر أُخــــرى
فشــكا والأنــام صـُمٌّ وهـل تسـمع
ذكــــر الفقيــــر أُذنٌ وَقـــرى
كـن إنِ اسـطعت فـي الحيـاة قوياً
فتجيــءَ الحقــوقُ نحــوك قَســرا
وتـــولّى الـــردى أَبـــاه وخلاَّه
يتيمـــاً يـــذوق صــاباً ومُــرّا
بيـــن أترابـــه تـــراه ذليلاً
فاقــــداً للـــذي يشـــدّ الأَزرا
ويـرى المتخميـنَ مـن جيـرة الحيِّ
فيشـــكو طـــوىً ويشــبَع قهــرا
وأَتــى أُمَّــه مــن الهــمِّ يبكـي
فحبتـــه عطفـــاً حبــاه بِشــرا
ثــم قــالت لا تبـك فـاللّه خيـرُ
حافظــاً والشــقاءُ لــن يسـتمرَّا
إن هـذي الحيـاة حـرب فخذ عدّتها
الصــــدقَ والهـــدى والصـــبرا
والمعــالي حسـناءُ فـاخطب وَلاهـا
واعطهـا مـن فضـائل النفـس مَهرا
فـالغنى يا بنيَّ في النفس والفقرُ
مــن المــال وحــده ليـس فقـرا
فـإذا مـا أحـرزتَ علمـاً وتهذيباً
دعتــك الــدنيا حبيبــاً وصـِهرا
وإذا مـــا كســلتَ بــتّ يتيمــاً
تشــتكي والزمــان يشــكوك غِـرَّا
أدخلتــه دار اليتــامى فــآوته
وأَنُســــتهُ يتمَــــه والعُســـرا
فنشــا ذلــك اليــتيم عصــاميّاً
وأَعطـــى لــه النبــوغُ الســّرا
فمشـى فـي الحياة جنديَّها الواهبَ
للمجــــد قلبَــــه والصــــَّدرا
ذاكـــراً نُصـــحَ أُمــه وإذا الأُمّ
ارتقــت أَرضــعت بنيهـا الكِـبرا
والتظـت ثـورةٌ بهـا حـائطُ المُلك
تــداعى والشــعبُ حــاز النصـرا
فرأينــا هــذا اليــتيمَ مَليكـاً
أَتـرى الكـوخَ كيـف سـاد القصـرا
إنما اليتيمُ في النفوس فإن هانت
أَضـــاعت إرثــاً وأَلفــت خُســرا
والرســولُ العظيــمُ كـان يتيمـاً
ملأ الكـــون بالهِدايـــة فخــرا
عِبَـــرٌ كلهـــا الحيــاة ولكــن
أَيــن مـن يفتـح الكتـاب ويقـرا
أحمد تقي الدين.شاعر، ولد في بعقلين، ودرس في المدرسة الداوودية ثم مدرسة الحكمة.ثم درس الشريعة على كبار العلماء ثم أصبح من محجاته في لبنان. زاول المحاماة، ثم عين قاضياً وشغل مناصب القضاء في عدة محاكم منها، بعبدا وعاليه، وبعقلين وكسروان وبيروت والمتن. وقد كان مرجعاً لطائفته الدرزية في قضاياها المذهبية وقد كان شاعراً عبقرياً حكيماً، يعالج علل الأمة، بفكر ثابت ورأي سديد ومدارك واسعة. له ( ديوان شعر - ط ).