
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هــذي عُكـاظُ ففـاخرْ يـا فـتى الحِكَـمِ
بحكمــةٍ أصــبحت نــاراً علــى عَلَــمِ
وإن ســـألتَ لهــذي الســوق نابغــةً
فــأين ذُبيــان مــن دبّاسـنا العَلَـمِ
إِنــا ضــربنا لـه فـي صـدرنا قِببـاً
تُغنــي عـن القُبـة الحمـراءِ مـن أَدَمِ
هــو الرئيــس الــذي جلَّــت منـاقبه
وليــس يُنكـر ضـوءَ الشـمس غيـرُ عَمـي
ومــا عســاكَ بهــذا اليـوم تُنشـدُنا
يــا قاضــياً همُّــه ردٌّ علــى الخَصـَم
نعــم بُليـتُ بمـا ينبـو القريـضُ بـه
لكـــنَّ صــوتَ فــؤادي مُرهــفٌ قلمــي
والشــعر فــي النفــس آلامٌ وصـاحبُكم
قــاضٍ يــبيت علــى ســهم مـن الأَلـم
ومــا أتيــتُ عكاظــاً أبتغــى سـَبَقاً
مــع مـن أَرانـي ضـعيفاَ عـن لحـاقهم
ولا تركـــتُ أمــور النــاس ملتهيــاً
بــالنظم فــالفكرُ بـاق فـي أمـورهم
لكــن أجبــت دعــاءً ليــس لـي قِبـلٌ
فــي ردّه وهــو فخــر مــوقظ هِممــي
وقــد نظمــتُ لكــم أنغــامَ عـاطفتي
فاْصــغوا لصـوت فـؤادي لا لصـوت فمـي
إنــي تــأملت فــي دهــري لأطرفَكــمُ
بحكمـــةٍ لا بــذكر البــان والعَلَــمِ
فخلتُنـــي طـــائراَ لا يـــأتلي نُقَلاً
فطــرت للمُــدْنِ مهـدِ العلـم والنِّعـم
فشــاقني فــي أعــالي دورهــا قفـص
فجئت بيـــت زميلـــي غيــرَ محتشــِم
فمــا طربــت لمــا أَلفيـتُ مـن مـرح
ومــن فضــول برغــم العلـم والفَهَـم
ومــا رأيـت بنـا رفقـاً كمـا زعمـوا
والمرء في القصر مثلُ المرء في الخيم
فطـــرت خِيفـــةَ ظلــم لا مــردّ لــه
وقـــد يفـــرُّ بـــريٌ غيــرُ مجــترِم
وجئتُ أهــل القُــرى حبــاًّ لوحــدتهم
فشــمت نــار القـرى مشـبوبةَ الضـّرم
ومـــا رأيـــت غِلالاً مـــن حقـــولهمِ
ولا رأيـــت اعتنـــاء فــي شــؤونهم
ويـــدّعون بــأن المُــدْنَ فــي نِعَــمٍ
وأنّهـــم شـــركاءُ الهـــمّ والنِّقَــم
فقلــت هــذا غُلــوُّ شـأنُ مـن جلهـوا
مــا للمــدائن مـن فضـل علـى الأَكـمِ
وقــد مَلِلْــت حِمــاهم مــن بِطـالتهم
فطــرت للــروض استشــفي مـن السـَأَم
فاســتقبلتني طيـورُ الغـاب فـي طـرب
وأفهمتنـــيَ مـــا تشــكوهُ بــالنَّغَم
ولــم تكــن دون خــوف مـن كواسـرها
إذا شــكتْ هكـذا فـي الطيـر كالنَسـَم
قــالت أمـا لبنـي الإنسـان مـن شـِبَعٍ
إلا بأكـــل صــغار الطيــر والبَهَــم
فقلــت ســُنّةُ هــذا الكــون واحــدةٌ
ومــا الرقــيُّ بملــغٍ فِطــرةَ النَهَـم
وأنتــم معشــرَ الأطيــار كــم تركـتْ
آفـــاتُكُم موســـم الفلاح فــي عــدم
ثــم أنتقلـت إلـى الأزهـار فابتسـمتْ
فراقنــي حســنُ ذاك المَبْســِم الشـَبِم
ومــا جنيــتُ أغتباطــاً غيـرَ محـترزٍ
حــتى رأيــتُ بَنـاني فـي يـد العنـم
إنــي عبثــتُ بزهــر الـروض مهتصـراً
أغصـــانَها فســقتْ أشــواكَها بــدمي
فســرت تــوّاً إلــى الحكَّـام أسـألُهم
عــدلاً فمــا ظلمــوني فــي قضــائهم
قضــوا بــأنّ افــترائي شـاجب عملـي
وعـــاذرٌ لخصـــومي فـــي دفـــاعهم
فجئت مســــتأنفاً أشـــكوهُمُ عَنتـــاً
فمــا اســتقامت قَنـاتي عنـد غيرهـم
بعــضُ البلاء مــن القاضــي وأكــثرُهُ
مــن الشـهادات والأَسـقام فـي الـذِّمَم
مهمـــا تنــزهَ قــاضٍ فــي عــدالته
فليـــس ســـلمُ مـــن شــاكِ ومُتَّهِــم
فعـــززوا شــأن قاضــيكم ليخــدمَكُم
وقلبُـــــه مطمئنٌ غيــــرُ مُضــــطَرِمِ
وطــار قلــبي إلــى صــِنّينَ مقتحمـاً
ثلـــوجَه بجــواد الفكــر لا القَــدَم
أَعـــزِزْ بـــه جبلاً شـــابت مفــارقُه
علــى المفــاخر والأمجــاد والشــَّمَمِ
وحــــولَه شــــجراتُ الأرز رابضــــةٌ
كأنهـــا أُســْدُ غــاب غيــرِ مُقتحَــم
ففــي الجبـال بيـوت السـيف والكـرم
وفــي السـواحل بيـتُ الفضـل والقلـم
يـــا حســنَه وطنــاً لــولا طــوائفُه
فوحِّــــدوها بحــــبِّ الأرز والعَلَـــم
لكــــلّ طائفــــةٍ قـــاضٍ ومدرســـةٌ
فوحِّــدوا الشــرعَ والتعليــمَ نلـتئِم
وآب طـــائرُ قلـــبي مـــن ســياحته
لــبيتِ حكمتــه العـالي علـى القِمـمَ
أَكــرمْ بــه معهــداً صــحَّت عروبتُــه
كـــأنه بيـــتُ أعــراب بــذي ســَلَم
أحمد تقي الدين.شاعر، ولد في بعقلين، ودرس في المدرسة الداوودية ثم مدرسة الحكمة.ثم درس الشريعة على كبار العلماء ثم أصبح من محجاته في لبنان. زاول المحاماة، ثم عين قاضياً وشغل مناصب القضاء في عدة محاكم منها، بعبدا وعاليه، وبعقلين وكسروان وبيروت والمتن. وقد كان مرجعاً لطائفته الدرزية في قضاياها المذهبية وقد كان شاعراً عبقرياً حكيماً، يعالج علل الأمة، بفكر ثابت ورأي سديد ومدارك واسعة. له ( ديوان شعر - ط ).