
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـدتِ المنـازل فـاْتَّئِدْ يا حادي
هــذي معاهــدُ حِكمـتي ورَشـادي
هــذي ربــوعُ الأشــرفيةِ كلّمـا
بــانت تلفّــت للرّبـوع فـؤادي
هـذا هـو القفـص الـذي فارقتُه
والقلــبُ طــائرُ هـذه الأعـواد
فـإذا حننـتُ إلـى مجـاثم أَسره
فكمــا يحــنّ الحــرّ للأصــفاد
هـذا هـو الصـرح الذي يفعتْ به
نفســي فغنَّــتْ آيــةَ الإنشــاد
صـرحٌ حمـى بعلـومه عَلَـمَ الهُدى
وحمــى بنهضــته لِـواءَ الضـّاد
وخرجــتُ للــدنيا أَزفُّ شـَهادتي
ثمِلاً كـــأني أعظـــمُ القــوّاد
فرأيـت أَنـي فـي الحياة كمبتدٍ
ورأيــت مــا حصــّلتُه كمبـادي
فرجعــت تلميـذاً أُزجّـي قـاربي
فــي بحرهـا المتلاطـم الإزبـاد
ورأيــت مــن أنـوائه وخُطـوبه
مــا يســتخفُّ بأَثقــل الأَطـواد
مــاء أُجــاج لا يَطيــب لشـارب
فـإذا شـربتَ فـأَنتَ دومـاً صادي
ورجعــت للــبرّ الأميـن ترابُـه
فوجـــدت فيــه ســُنّةَ الآســاد
هـذي هـي الـدنيا يسـودُ قويُّها
وضـعيفُها يمشـي إلـى اْسـتعباد
ودخلـتُ فـي سلك القضاء مجاهداً
وحمِـدتُ فـي فتـح القلوب جهادي
ومشـيتُ فـي روح التُّقـى والدينِ
مكتفيــاً باخلاصــي وقلّـةِ زادي
فأَنــا الغنــيُّ بعفـةٍ وعدالـةٍ
وأَنــا الفقيـرُ لحكمـةٍ وسـَداد
ودعــوتُ للإصــلاح دعــوةَ فـاهمٍ
للــدّينِ لا يرضــى عـن الإلحـاد
فرأيــت تيّـار التجـدّد جارفـاً
عبثـــاً يُحـــاوَلُ ردُّه بعِنــاد
فلنمـشِ فـي بحـر الجديد بحكمةٍ
فهـي السـفينةُ والنـبيُّ الهادي
ونظـرتُ فـي الأوطـان نظرةَ مصلحٍ
وجــد العلــوم مطيّـةَ الإسـعاد
فرأيـت أن الغـرب يرقـى للسُّهى
والشـرقُ يلهـو فـي ثَرَى الأجداد
عبثـاً نـرى الإصـلاح إن لم نطَّرِحْ
مـا قـد ورَثِنـا مـن سـَقيم تِلاد
ونظـرتُ فـي الأزيـاء كيف تحكَّمتْ
وغــدت حِلاهــا رِبقــةَ الأجيـاد
فرأيــت أّن الـزّي فـي أحكـامه
مَلِــكُ الملــوك وسـيدُ الأمجـاد
عبثــاً نصـادم بـالكلام فُتـوحَه
وجيوشــُه تحتــلّ فــي الأكبـاد
فَلْنَبــغِ منــه رحمــةً فلعلّــه
يعفــو عـن الفقـراء والزُّهًّـاد
ونظـرتُ فـي الشعراء نظرةَ صاحب
فرأيـت سـوق الشـعر رهـنَ كسَاد
كــثرت بضـاعتُنا وقـلّ مريـدُها
لخلّوهــا مــن مُســحةِ الإنشـاد
الشـعر صـوتُ النفس في أعماقها
فـإذا نطقـتَ بـه فـأنتَ الشادي
وإذا نظمتـم فـانظموا في نهضةِ
الأوطــان لا فــي زينـبٍ وسـُعاد
ونظـرتُ في الأخلاق ما بين الورى
فرأيتُهــا تبكـي علـى الأَجـداد
فــي كـل يـوم للغَوايـة مشـهدٌ
وبكــل صــَقع للخَلاعــة نــادي
فـإذا أردتـم للهدايـة معهـداً
فاْبنوا بيوت العلم فهو الهادي
ونظـــرتُ فــي لبنــانَ مَــوردٍ
عــذبٍ علــى المصـطاف والـوَرّد
فرأيـت فـي أبنـائه عجبـاً هُـمُ
فيــه ضــِعافٌ فـي خمـول بـادي
وإذا نـأوا عنـه رأيـتَ ضعيفَهم
يستصـــغر الأخطـــار كالآســاد
مجمــوعُهم فــي أرضـه مستضـعَفٌ
والفــردُ ممتـاز علـى الأفـراد
فهمـوا مـن الأديان عكس مُرادِها
لا مــا أراد نبيُّهــا والفـادي
والـدّينُ إن يُفَهم وإن يُتبَع هدىً
ودِعايـــةٌ للخيـــر والإســعاد
لكنــه فـي الشـرق آفـةُ أَهلـه
للنقــص فــي الأخلاق والإرشــاد
هــــذي بلادي والبلادُ عزيـــزةٌ
عنــدي ولــو جـارتْ علـيَّ بلادي
وأَنـا اْبـنُ لبنـانٍ ووارثُ أّرزه
ومــــــوّرِثٌ لـــــولائه أَولادي
أحمد تقي الدين.شاعر، ولد في بعقلين، ودرس في المدرسة الداوودية ثم مدرسة الحكمة.ثم درس الشريعة على كبار العلماء ثم أصبح من محجاته في لبنان. زاول المحاماة، ثم عين قاضياً وشغل مناصب القضاء في عدة محاكم منها، بعبدا وعاليه، وبعقلين وكسروان وبيروت والمتن. وقد كان مرجعاً لطائفته الدرزية في قضاياها المذهبية وقد كان شاعراً عبقرياً حكيماً، يعالج علل الأمة، بفكر ثابت ورأي سديد ومدارك واسعة. له ( ديوان شعر - ط ).