
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جُـودِي بمـا شـئتِ مـن ذوْبِ الأسـَى جُودِي
أوْدَتْ صــُروفُ الليــالي بـابنِ محمـودِ
أوْدَتْ بأشــجعِ مــن حَــفّ الرّعيـلُ بـه
يـومَ النِّضـالِ ومَـنْ نـادَى ومَـن نـودي
أوْدَتْ بمــن تعــرفُ الســاحاتُ كَرّتَــه
إذا تنكَّـــبَ عنهـــا كـــلُّ مَـــزْءود
ويشــهدُ الحــقُّ أنّ الحــقَّ فــي يـدهِ
ســيفٌ يــروُعُ المنايــا غيـرُ مغمـود
دعتـــه مصـــرُ وللأحـــداثِ مَلْحَمـــةٌ
والخطــبُ مــا بيــنَ تَهْـدارٍ وتهديـد
وأنفــسُ النــاسِ فـي ضـيقٍ وفـي كمـدٍ
كأنّهـــا زفــرةٌ فــي صــدرِ معمــود
حيــــرَى تلـــوذُ بآمـــالٍ محطَّمـــةٍ
كمـــا يلـــوذُ غريـــمٌ بالمواعيــد
طــارت شــَعاعاً وهَــوْلاً مثلمـا عصـفت
هُـوجُ الريـاحِ برمـلِ البيـدِ في البيدِ
والجـــوُّ أكْلَـــفُ والــدنيا مُقطِّبــةٌ
أيّامُهــا الـبيضُ مـن ليلاتهـا السـّود
ومصـــرُ ليـــس لهـــا حِصــْنٌ ولا وَزَرٌ
إلاّ الغَطــاريفَ مــن أبنائهـا الصـِّيد
لهـــا ســلاحٌ مــن الإيِمــانِ تشــرَعُه
ينبـــو لــه كلُّــم صــقولٍ ومحــدود
فجاءهــا خالــديَّ العــزمِ فــي نفـرٍ
شـــمِّ الأُنـــوفِ صـــناديدٍ مناجيـــد
مــن كــلِّ أرْوعَ عُنــوانُ الجهـادِ بـه
قلـــبٌ ركيـــنٌ ورأيٌ غيـــرُ مخضــود
جـــاءوا يزاحمُهـــم عــزمٌ وتفديــةٌ
كمـــا تصـــادم جُلْمـــودٌ بجلمـــود
كـــأنّهم حينمـــا شــدّوا لغــايتهم
ســهمُ المقــاديرِ فــي قصـدٍ وتسـديدِ
صـــدورُهم بلقـــاء الهــوْلِ شــاهدةٌ
والطعنُ في الظهرِ غيرُ الطعنِ في الجِيد
جـــادوا لمصــرَ وفــدَّوْها بأنفســهم
والجـودُ بـالنفسِ أقصـَى غايـةِ الجـود
كــم هشــمَّ الـدهرُ مـن سـنٍّ ليعجُمَهـم
ولــم تــزَلْ فـي يـديْه نَضـْرةُ العـود
إن الـــذي خلـــق الأبطــالَ صــوَّرهم
مـن ثَـوْرة البحـرِ أو بـأسِ الصـياخيد
يمشــي الشـجاعُ لحـد السـيف مبتسـماً
ويرهَــبُ الغِمــدَ ذُعــراً كــلُّ رِعْديـد
كــم همّــةٍ تفــرَع الأجبــال ســامقةً
وهمــــةٍ ركـــدت بيـــن الأخاديـــدِ
وكــم فــتىً تســبِقُ الأيــامَ وثبتُــه
وللبطولـــةِ أفْـــقٌ غيـــرُ محـــدود
وخامـــلٍ مــا لآثــارِ الحيــاة بــه
إلاّ ورودُ اســـمه بيـــنَ المواليـــدِ
وميّــتٍ بعــث الــدنيا وعــاش بهــا
مــا كــلُّ مــن ضــمّه قــبرٌ بملحـود
ســبحانك اللّــه إن تحــرم فتزكيــةٌ
وإن تُثِـــبْ فعطـــاءٌ غيـــرُ محــدود
تعطــي النفـوسَ علـى مقـدارِ جوْهرِهـا
مــا كــان لليـثِ منهـا ليـس للسـيِّد
والمجـــدُ عَزْمـــةُ أبطـــالِ مســدَّدةٌ
بــريئةٌ النصــلِ مــن شــكٍّ وترديــد
وللعلا مــن صــفات الغِيــدِ أنّ لهــا
دَلاً يـــــروِّع تقريبــــاً بتبعيــــد
جــاءوا إليــك كمـوجِ البحـرِ عُـدَّتُهم
رأيٌ أصــــيلٌ وصــــدرٌ غيـــرُ مفئودِ
فَقُـــدْتَهم غيـــرَ هيّـــابٍ ولاَ فَـــزعٍ
إلــى لــواءٍ بحبــلِ اللّــه معقــود
تمشـي بهـم فـي فيـافي الشوْكِ معتزماً
مــن يطلــب المجـدَ لا يبخـلْ بمجهـودِ
لا يســـتبيك ســـوى مصــرٍ ونهضــتِها
فكـــل شــيءٍ ســواها غيــرُ موجــود
مـن يقصـد النجـمَ فـي عُلْيـا سـماوتِه
نـــأى بجـــانبِه عــن كــلِّ مقصــود
وراءك الركــبُ فــي يــأسٍ وفـي أمـلٍ
لمـــا يـــروْن وتصـــديقٍ وتفنيـــد
تحنـو علـى ضـعفِ مـن طـال الطريقُ به
حنـــانَ والـــدةٍ ثَكْلَـــى بمولـــود
وتلمَــحُ الأفْــقَ هـل بـالأفْقِ مـن نبـأٍ
وهــل مــن الــدهر إنجــازٌ لموعـودِ
وهــل طيــوفُ الأمــاني وهــي حـائرةٌ
تــدنو بطيــفٍ مــن الآمــالِ منشــود
وهــل تـرىَ مصـرُ صـُبحاً بعـدَ ليلتهـا
وهـــل تقَـــرُّ عُيــونٌ بعــدَ تســهيد
وهــل لمعتَقــلٍ فـي البحـرِ مـن أمـلٍ
فــي أن يَـرَى قـومَه مـن بعـدِ تشـريد
حــتى بــدت غُـرّةُ الدُسـْتورِ عـن كَثَـبِ
كمــا تبــدّى هلالُ العِيـدِ فـي العيـد
فأرسـلتْ مصـرُ بنـتُ النيـل مـن دمِهـا
وَرداً تَزيـــنُ بــه هــامَ الصــناديد
وصـــفَّقت لحُمـــاةِ الغِيــلِ تُنشــدُهم
مـــن البطولـــةِ مــأثورَ الأناشــيد
والنــــاسُ بيـــنَ بشاشـــاتٍ وتهنئةٍ
وبيـــنَ شـــكرٍ وتكـــبيرٍ وتحميـــد
جـــاء الزمـــانُ فلا قــوْلٌ بممتنــعٍ
علـــى اللســـانِ ولا حـــرٌّ بمصــفود
وأشـــرقَ الصــبحُ والــدنيا مهلِّلَــةٌ
كـــأنّه بَســـماتُ الخُـــرّدِ الغِيـــد
مــن ينصــرِ اللّـه لا جَـوْرٌ يُجيـدُ بـه
عـــن الطريـــق ولا جَهْـــدٌ بمفقــود
ســيكتُبُ الــدهرُ فليكتـبْ فليـس يَـرَى
إلا صـــــحائفَ تشــــريفٍ وتمجيــــدِ
نَمَـــتْ خلائقُـــه فــي بيــتِ مَكْرُمــةٍ
فــي ســُوحِهِ المجـدُ فينـانُ الأماليـد
بيــــتٌ دعـــائمهُ نُبْـــلٌ وتضـــحيةٌ
إذا بنـى النـاسُ مـن صـخرٍ ومـن شـِيد
وســـار فـــي ســـَنَن الآبــاءَ متّئِداً
أمـــرٌ مطـــاعٌن ورأيٌ غيــرُ مــردود
وهمّـــةٌ تتـــأبّى أن يُقـــال لهـــا
إن جـازتِ النجـمَ فـي مسـعاتِها عـودِي
تجـــرّدت لصـــعابِ الـــدهرِ واثبــةً
وَيْــلَ المصــاعبِ مــن عــزمٍ وتجريـد
وفكـــرةٌ لــو تمشــّت نحــوَ معضــلةٍ
صـــفت مواردُهــا مــن كــلِّ تعقيــد
وعـــزّةٌ نظـــرت للكــونِ مِــن شــَرَفٍ
عـــالٍ يعِـــزُّ علــى رَقْــيٍ وتصــعيد
قـالوا هـي الكِبْـرُ قلـتُ الكبر مَحْمَدةٌ
إذا تســـاميتَ عمّــا بــالعلا يــودِي
ترنــو إليــه فتُغضــِي مــن مهـابتهِ
فــالطرفُ مــا بيــنَ موصـولٍ ومصـدود
خــاض السياســةَ نفّـاذَ الـذكاءِ فمـا
رأْيٌ بنــــابٍ ولا عــــزمٌ بمكــــدود
فكـــم لــه وقفــةٌ فيهــا مجلجِلــةٌ
وكــم مقــامٍ عزيــزِ النصــر مشـهود
وكــان خصــماً شـريفَ الصـدرِ مرتفعـاً
عــن الــدنيّاتِ إنْ عــادَى وإنْ عـودي
فاســـألْ مُناصــرَه أو ســَلْ مخــالفَه
فليــس فضــلُ ابــنِ محمــودٍ بمجحـود
لمَّــا رمَــى زُخْـرُفَ الـدنيا وباطلَهـا
ألقــتْ إليــه المعــالي بالمقاليـد
خـــذِ الرثــاءَ نُوحــاً ملــؤُه شــَجَنٌ
لـــم تبــقَ بعــدَكَ أدواحٌ لتغريــدي
مــا فــي يــدي غيـرُ أوتـارٍ محطَّمـةٍ
يبكـي لهـا العُودُ أو تبكي على العودِ
وكـــلُّ جمـــعٍ إلــى بَيْــنٍ وتفرقــةٍ
وكـــلُّ شـــملٍ إلــى نــأْيٍ وتبديــد
أمســت تجاليــدُه فــي جــوْفِ مظلمـةٍ
كــم صــَوْلةٍ وإبــاءٍ فــي التجاليـد
نَــمْ ملـءَ جفنيْـكَ فـي رُحْمَـي ومغفـرةٍ
ووارفٍ مــــن ظلالِ اللّــــه ممـــدودِ
إنّ البطولــــةَ والأجســـادُ فانيـــةٌ
تبقَـى علـى الـدهر فـي بعـثٍ وتجديـد
لــم يَخْـلُ منـكَ مكـانٌ قـد تركـتَ بـه
مـــا يملأُ الأرضَ مــن ذكــرٍ وتخليــد
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.