
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا قـبرَ حفني أَجبْني
مــاذا صـنعتَ بحفنـي
مــاذا صــنعتَ بعلْـمٍ
ومـــا صــنعتَ بفَــنّ
ومــا صــنعتَ بفكــرٍ
ماضـي الشـَباةِ وذِهْـن
طــويتَ خيــرَ مَثــابٍ
للطـــائفين ورُكْـــن
فــي كـلِّ يـومٍ رِثـاءٌ
لصـــاحبٍ أو لخِـــدْن
حتَّـى لقـد كـاد شعري
يبكـي لضـعفي ووهْنـي
فإنّمــا أنــا منــه
وإنّمـــا هــو منــي
الـوزنُ مـن نَبْضِ قلبي
والبحـرُ من ماءِ جَفني
رحـا المنايـا رويداً
خلطــت طِحْنــاً بِطِحـن
وإنَّمــا النـاس ظَعْـنٌ
يسـيرُ فـي إثْـرِ ظعْـنِ
فمــا حديــدٌ ببــاقٍ
ولا حِـــذارٌ بمُغْنـــي
وكـــلُّ عقــلٍ مُضــِيءٍ
إلــى خمــودٍ وأَفْــن
يكــادُ إن مـال غصـنٌ
يشـكو الزمـانَ لغصـن
تعسـاً لـه كـم نُعـزِّي
حينــاً وحينـاً نُهَنِّـي
مــن إجتمــاعٍ لعُـرْسٍ
إلــى إجتمـاعٍ لـدفن
والمـرءُ يُحيي الأماني
والـدهرُ يُبْلـي ويُفني
فكــم تمنّيــتُ لكــن
مـاذا أفـاد التمنِّـي
دعنــي أقلِّــبُ طَرْفـي
فـي ظلمَـةِ الليِ دعني
حيــرانَ أضــرِبُ كفـي
أســىً وأقــرَعُ ســِنّي
قد خانني الدهرُ يوماً
يـا ليتـه لـم يَخُنِّـي
أكلَّمـــا مــرّ نعْــش
أو طـاف نَعْـيٌ بـأُذْني
طـار الفـؤادُ فلـولا
بقيـــةٌ نـــدَّ عنــي
لـولا التُّقَـى لم أجدْه
بجــانبِي أو يجــدْنِي
قـالوا أجدتَ المراثي
فقلــــتُ إنَّ وإنِّـــي
دُمــوعُ عينـي قَريضـي
وزَفْـرةُ الوجـدِ لحنـي
عَلِّــي أداوِي حَزينــاً
فـالحزنُ يُمْحَيـى بحزن
أو يشـــتفي ببكــاءٍ
مَـن شـأنُه مثـلُ شأني
أيـن النُبـوغُ تـوارَى
يـا قـبرَ حفني أجبني
أكلَّمــــا لاح بـــدرٌ
رمتــهُ ريــحٌ بــدَجْن
وخلّـــف الأرضَ حَيْــرى
ســهلٌ يمــوج بحَــزْن
وربّ زهــــرٍ شـــَذاه
يُــزْري بـأرواحِ عَـدْنِ
كأَنّمــــا منحتْــــه
ألوانَهــا ذاتُ حُســْن
جمــالُه الغـضُّ أغـرَى
أغصـــانَه بــالتّثني
غــذتْه أَطْبَــاءُ طَــلٍ
حينــاً وأثْـداءُ مُـزْن
تسـري به الريحُ رفقاً
فــي خشــيةٍ وتــأنّي
كأنَّهــــا فَــــمُ أُمٍ
يَمُـرُّ فـي وجنـةِ ابْـن
النحــلُ ترشــُفُ منـه
رحيقــــه وتُغَنِّــــي
تجنـي ولـم تدرِ يوْماً
أنّ الـردَى سـوف يجني
طغــت عليــه ســَمومٌ
حــرَّى كأنفــاسِ جِــنِّ
فغـــادرتْهُ رُكامـــاً
أجــفَّ مـن عـودِ تِبـن
والـدهر أحـرَى رفيـقٍ
بــأن يخــونَ ويُخنـي
يـا قـبرَ حفني أجبني
وارحــم بقيّــةَ سـنّي
قـد راعنـي منـك صَمْتٌ
بحقِّــــه لا تَرُعْنـــي
ففيــكَ أمضـَى جَنانـاً
مــن كـلِّ فُصـْحٍ ولُسـْن
وفيـــكَ شــِعْرٌ نقــيٌّ
مــن كـلِّ وَقْـصٍ وخَبـن
كـــــأَنَّه بَســــَماتٌ
للوصـلِ بعـد التجنّـي
أو نفحــةٌ مـن جميـلٍ
طــافتْ بــأحلام بُثْـنِ
أو رَغْــوةٌ مــن سـُلافٍ
تفيـــضُ مــن رأس دَنّ
كـم نكتَـة فيـه كادت
تخفَــى علـى كُـلِّ ظـن
مصــريةٍ جــالَ فيهـا
ذوقُ الأديــبِ المفــنِّ
لـو كنـتَ تعـرفُ حفني
لقلــتَ زدنـي وزدنـي
نحــوٌ يصـُكُّ الكِسـائي
ويــزدرِي بـابن جِنّـي
وإنْ أُثيـــرَ جِـــدالٌ
رأيتَــه خيــرَ قِــرْن
العلــمُ أمضــَى سـلاح
لـــه وأوْقَــى مِجَــنّ
قـد كـان ضخماً جَسيماً
يبــدو كشــامخِ حِصـْنِ
اللحــمُ رِخْــوٌ بـدين
لـــه نعومــةُ قُطــن
والصــدرُ رَحْـبٌ فسـيحٌ
مـا جـاش يومـاً بضغْن
فـي وجهـه الجهم حسنٌ
مــن روحـهِ المتسـكنّ
قـد زارنـي ذاتَ يـومٍ
فــي وقـتِ قَيْـظٍ وكِـنّ
فكــان أُنْسـاً تـدانتْ
بـه المُنَـى بعـد ضـَنّ
فــاض الحــديثُ زُلالاً
عـذْباً ومـا قال قَطْني
فُكاهــةٌ مــن لَــدُنْه
ونكتــةٌ مــن لــدُنّي
فـي الأُذن قهـوْةَ كَـرْمٍ
والكــف قهــوةُ بُــنِ
أروِي ويَـرْوِي القوافي
كالــدرِّ وزنـاً بـوزن
يـا مجلسـاً عاد وجْداً
يُـذْكي الفـؤادَ ويُضْني
ضـاع الصـبا ورجَعْنـا
منــه بصــَفْقةِ غَبْــن
حفنــي ســلاَمٌ ونــورٌ
لقلبــــــكَ المطمئن
فــارقتَ أهلاً وســَكْناً
لخيــرِ أهْــلٍ وســَكن
تَثْنـي إليـكَ القوافي
أعناقَهـا حيـن تُثنـي
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.