
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ذُؤابـةُ مجـدٍ مـا أجـلَّ ومـا أسـْمَى
ووثْبَـةُ شـَأْوٍ كـاد يسـتبقُ النجمَـا
ومـاذا يقـولُ الشـعْرُ والوهْمُ جُهْدُه
وقَـدْرُ عَلـيٍّ يبَهـرُ الشـعْرَ والوَهْما
وأنّـى يمـدُّ ابـنُ القـوافي جَنـاحَهُ
إلـى رقمـةٍ شـمَّاءَ أعجـزتِ العُصـْما
يضــيقُ البيــانُ العبقـريُّ مَهابـةً
إذا لمـح الآثـارَ والحسـَبَ الضـخْما
يَهُــمُّ فيعــروه القُصــورُ فينثنـي
وقـد كـان يقتـادُ النجومَ إذا هَمّا
ومَــنْ رامَ تصــويرَ الملائِكِ جاهـداً
فكيـف لـه أنْ يُحكِمَ النقشَ والرسمْا
رُوَيْـدَكَ قـلْ يـا شـعرُ مـا تستطيعُهُ
وغــرِّدْ بمـا لا تسـتطيعُ لـه كَتْمَـا
إذا اليَــمُّ أعيــا أن تُلِـمَّ بِحَـدِّهِ
فيكفيـك عنـد الشـَّطِّ أن تصفَ اليَمَّا
ويكفيـك أنْ تـدعو أبا الطبِّ باسمِهِ
فـإنَّ العُلا صـارتْ لـه لَقَبـاً واسما
فقـلْ وانثُـرِ الأزهـارَ فـوق منـاقبٍ
تماثلُهــا حُســناً وتشــبهُها شـَمّا
وخُـذْ من فَم الدنيا الثناءَ فطالما
أشـادتْ بـه نـثراً وغنّـتْ بـه نظما
وحــدِّث بـه الآفـاقَ إنْ شـئتَ إنَّهـا
وقـد عَرَفَتْـهُ لـن تزيـدَ بـه عِلمْـا
دعــوني أوفِّــي بــالقريضِ ديُـونَه
فقـد عـاد غُرْمـاً مـا توهمتُه غُنْما
ســـَمَوْتُ إليـــه والظلامُ يلُفُّنـــي
فيملــؤُني رُعْبــاً وأمْلــؤُه هَمَّــا
أسـيرُ وفـي قلـبي مـن الحزنِ لوعةٌ
تكـادُ تُـذيبُ الصـُّمِّ لـو مسَّتِ الصُّمَّا
تركـــتُ ببيـــتي جُنَّـــةً آدميّــةً
كــأنَّ هلالَ الشـكِّ كـان لهـا جسـما
شـكتْ سـُقْمَها حـتى بكاهـا وِسـادُها
وكـاد عليها يشتكي السُّهْدَ والسُّقُما
يمزِّقهــا المــوتُ العنيـفُ صـِراعُهُ
بأظفــاره حُمْــراً وأنيـابِه سـُحما
ففــي البطـن قَـرْحٌ لا يكُـفُّ لهيبُـه
وفـي الـرأس نارٌ لا تبوخُ من الْحُمَّى
إذا قلبَتْهــا العــائداتُ حَسـِبْنها
خَيــالاً فلا عَظْمــاً يَرَيْـنَ ولا لحمـا
وقـد وقـف الطـبُّ الحـديثُ حِيالَهـا
عَيِيّــاً يكـادُ العجـزُ يقتُلـه غمّـا
وغادرهــا جَمْــعُ الأســاةِ كــأنّهم
طيـورٌ رمَـى الرامـي بدَوْحَتِها سَهْما
فلـم يبـقَ إلاَّ اليـأسُ واليأسُ قاتلٌ
وأقتـلُ منـه نِيَّـةٌ لـم تجِـدْ عَزْمَـا
فقلــتُ علــيٌّ ليــس للأمــرِ غيـرُه
إذا مـا أدار الـدهرُ صـفحتَه جَهْما
أبــو الحســنِ الْجَـرّاحُ فخـرُ بلادِهِ
وأكـرمُ مَـنْ يُرْجَـى وأشـرفُ من يُسْمَى
فَــزُرْ داره يلقــاكَ قبــل نـدائِه
فَثَـمَّ الـذي ترجـوه مـن أمـلٍ ثَمّـا
فمـا سـرتُ نحـو البـابِ حتى رأيتُه
تقــدَّمَ بســَّامَ الأســاريرِ مهتمّــا
وقـــد فهِمَتنــي عينُــه وفهمْتُــه
وكـان بحمـدِ اللّـهِ أسـرَعَنا فهمـا
وجــاء وجِبْريــلُ الأميــنُ أمــامَهُ
يَمُـدُّ جَناحـاً مـن حَنـانٍ ومـن رُحْمَى
وجــسَّ مكــانَ الــداءِ أَوَّلَ نَظــرةٍ
كــأنَّ لــه عِلْمــاً بموضـِعه قِـدْما
فمــا هــو إلاّ مِبْضــَعٌ فـي يمينِـه
أطـاح بنـاب الموتِ واستأصل السُّمَا
وردّ إلــى أهلــي حيــاةً عزيــزةً
وبــدّلهم مـن بُـؤسِ أيـامِهم نُعْمـى
مــتى ذكــروه فـي خُشـوعٍ تـذكَّروا
مــآثِرَهُ الْجُلَّــى ونــائَله الْجَمّـا
إذا مـا امـرؤ أهـدَى الحياةَ لميِّتٍ
فـذلك قـد أهـدَى الوجـودَ وما ضَمَّا
لــه مِبْضــَعٌ تجـري الحيـاةُ بحـدِّه
يُصـيب حُشاشـاتِ المنـونِ إذا أدْمـى
أحَـنُّ علـى المجـروحِ مـن أمِّ واحـدٍ
وأرفـقُ مـن طفـلٍ إذا داعـب الأمّـا
تعلَّــمَ منــه الـبرقُ سـرعَةَ خَطْفِـهِ
إذا ما جَرى يستأصلُ اللحمَ والعظما
تكــادُ وقــد شـاهدتَ وَمْـضَ مَضـائِهِ
تظـنُّ الـذي شـاهدتَ مـن عَجَـبٍ حُلْما
كـأنّ بـه نـوراً مـن اللّـه سـاطعاً
يُضـيءُ لـه نَهْـجَ الطَّريـقِ إذا أَمَّـا
أصــابع أَجْــدَى خِبْــرَةً مـن أشـعةٍ
وأصــدقُ إنْ مـرّتْ علـى جسـدٍ حُكْمـا
فكـم مـن حيـاةٍ فـي أنامِلها التي
تكـادُ شـفاهُ الطـب تلثِمُهـا لَثْمـا
وكـم مـن يَـدٍ أسْدَتْ إذا شئتَ وصفَها
ضـلِلْتَ بهـا كيْفـاً وأخطأتهـا كَمّـا
زهـا الشـرقُ إعجابـاً بـه وبمثلِـه
وقـد عاش دهراً قبلَه يشتكي العُقْما
إذا قَســَم اللّــهُ الكريــمُ لأمّــةٍ
بنابغـةٍ فَـرْدٍ فقـد أجـزل القَسـْما
هنيئاً لــك العمـرُ السـعيدُ فـإنّه
عُصـارةُ دهـرٍ ضـمَّتِ العـزمَ والحزما
بلغــتَ بـه عُلْيـا السـنينَ وكلُّهـا
مَـدارجُ مجـدٍ تفـرَعُ القِمَـمَ الشـُّما
كأنّـــك منــه فــوقَ ذِرْوةِ شــامخٍ
تـرَى مـن أمورِ الدهرِ أبعدَها مَرْمَى
زمـانٌ مضـَى فـي الْجِـدِّ ما مَسّ شُبْهةً
ولا وصــلتْ كــفُّ الزمـانِ بـه ذَمّـا
بنيــتَ بــه عــزّاً لمصـرَ فأينمـا
تلفَّــتَّ تلقَـى صـَرْحَهُ سـامقاً فَخْمـا
بــذلتَ لهــا مــن صــحّةٍ ورَفاهـةٍ
فـأولئك حُبّـاً مـا أبـرَّ ومـا أسْمَى
وألهمتَهــا معنـى الثنـاء ولفظَـهُ
كريمـاً فخـذْه اليومَ من فَمِها نَغْما
إذا كـان للرحمـنِ فـي النـاسِ آيةٌ
فإنّـك بيـنَ النـاسِ آيتُـهُ العُظْمـى
تلاْلــؤُ رأْيٍ يســلُبُ الشـمسَ ضـوءَها
وكامــلُ خُلْـقٍ علَّـم القمـرَ التِّمّـا
فــإن كرّمتْـكَ اليـومَ مصـرُ فإنّمـا
تُكَــرِّمُ مــن أبنائِهــا رجلاً شـَهْما
فقــل للـذي يبغـي لَحَاقَـك جاهـداً
رُوَيْـدَكَ حتَّـى يـدخلَ الْجمَـل السـَّمَا
إذا مـا رأى النـاسُ المكارمَ حِلْيةً
فـأنت تراهـا في العُلا واجباً حَتْما
فعــش واملأ الـدنيا حيـاةً وذُكْـرَةً
فمثلُـك يُعلـى ذِكْره العُرْب والعُجْما
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.