
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كَبِـرْتُ كَـذَاكَ الْمَـرْءُ مَـا عَاشَ يَكْبُرُ
وَقَـدْ يَهْـرَمُ الْبَاقِي الْكَبِيرُ الْمُعَمَّرُ
لَقَـدْ كُـنَّ يَـأْتِينَ الْغَـوَانِي يَزُرْنَنِي
بِأَرْدَانِهَـــا مِســْكٌ ذَكِــيٌّ وَعَنْبَــرُ
وَلَمَّـا رَأَيْـنَ الْبِيـضُ شـَيْبِي وَذَرْنَنِي
وَنَـادَيْنَنِي يَـا عَـمُّ وَالشـَّيْبُ يُـوْذِرُ
تَنَفَّــرْنَ عَنِّـي حِيـنَ أَبْصـَرْنَ شـَامِلاً
عَلَـى مَفْرِقِـي كَـالْقُطْنِ بَـلْ هُوَ أَنْوَرُ
وَكُــنَّ خِلَالِــي يَــوْمَ شــَعْرِي كَـأَنَّهُ
جَنَــاحُ غُــدَافٍ أَســْوَدٍ حِيـنَ يُنْثَـرُ
أَرِيـعُ عَلَيْـهِ الْبَـانُ فِـي كُـلِّ لَيْلَةٍ
فَيُصــْبِحُ جَعْــداً كَالْعَنَاقِيـدِ يَقْطُـرُ
وَقَـدْ كُنْـتُ أَمْشـِي كَـالرُّدَيْنِيِّ ثَابِتاً
فَصــِرْتُ كَـأَنِّي ظَـالِعُ الرِّجْـلِ أَصـْوَرُ
فَبُـدِّلْتُ شـَيْباً بَعْـدَمَا اسـْوَدَّ حَالِـكٌ
مَتَــى مَســَّهُ خَضــْبٌ إِذَا هُـوَ أَحْمَـرُ
كَرَابِيَــةٍ حَمْــرَاءَ فِــي رَأْسِ حَـالِقٍ
عَلَــى شــَعَفٍ بَــادٍ لِمَــنْ يَتَبَصــَّرُ
عَلَا الشـَّيْبُ رَأْسـِي بَعْدَمَا كَانَ أَسْوَداً
وَفِــي الشــَّيْبِ آيَـاتٌ لِمَـنْ يَتَفَكَّـرُ
وَبَعْدَ الشَّبَابِ الشَّيْبُ وَالضَّعْفُ وَالْفَنَا
وَمَــوْتٌ لَــهُ قَــدْرٌ عَبُــوسٌ مُكَــدِّرُ
فَكَـمْ كَـمْ مِـنَ الْأَمْلَاكِ قَـدْ ذَلَّ مُلْكُهُمْ
وَهَــلْ مِــنْ نَعِيــمٍ دَائِمٍ لَا يُغَيَّــرُ
ســِوَى مُلْــكُ رَبِّـي ذِي الْجَلَالِ فَـإِنَّهُ
لَـهُ الْمُلْـكُ يَقْضـِي مَـا يَشَاءُ وَيَقْدِرُ
لَقَـدْ كَانَ قَحْطَانُ النَّدَى الْقَرْمِ جَدُّنَا
لَـهُ مَنْصـِبٌ فِـي رَافِـعِ السـَّمْكِ يُشْهَرُ
يَنَــالُ نُجُـومَ السـَّعْدِ إِنْ مَـدَّ كَفَّـهُ
تَقِـــلُّ أَكُـــفٌّ عِنْــدَ ذَاكَ وَتَقْصــُرُ
وَرِثْنَـا سـَنَاءً مِنْـهُ يَعْلُـو وَمَحْتِـداً
مُنِيـفَ الـذُّرَى سـَامِي الْأَرُومَـةِ يُذْكَرُ
إِذَا انْتَسـَبَتْ شـُوسُ الْمُلُـوكِ فَإِنَّمَـا
لَنَا الرَّايَةُ الْعُلْيَا الَّتِي لَيْسَ تُكْسَرُ
لَنَـا مُلْكُ ذِي الْقَرْنَيْنِ هَلْ نَالَ مُلْكَهُ
مِــنَ الْبَشـَرِ الْمَخْلُـوقِ خَلْـقٌ مُصـَوَّرُ
بَـوَاتِرَ يَتْلُـو الشـَّمْسَ عِنْـدَ غُرُوبَهَا
لِيَنْظُرَهَــا فِـي عَيْنِهَـا حِيـنَ تَحْـدَرُ
وَيَســْمُو إِلَيْهَـا حِيـنَ تَطْلُـعُ غَـدْوَةً
فَيَلْمَحَهَــا فِـي بُرْجِهَـا حِيـنَ تَظْهَـرُ
وَكِيلاً بِأَســـْبَابِ الســَّمَاءِ نَهَــارَهُ
وَلَيْلاً رَقِيبــاً دَائِمــاً لَيْـسَ يَفْتُـرُ
وَأَوْصــَدَ ســَدّاً مِــنْ حَدِيـدٍ أَذَابَـهُ
وَمِـنْ عَيْـنِ قِطْـرٍ مُفْرَغـاً لَيْـسَ يَظْهَرُ
رَمَـى فِيـهِ يَأْجُوجـاً وَمَـأْجُوجَ عِنْـوَةً
إِلَــى يَـوْمِ يُـدْعَى لِلْحِسـَابِ وَيُنْشـَرُ
وَفِــي ســَبَإٍ هَـلْ كَـانَ عِـزٌّ كَعِزِّهِـمْ
لَهُــمْ حَســَبٌ مَحْــضٌ لُبَــابٌ وَجَـوْهَرُ
وَقَـدْ كَـانَ فِـي بَيْنُـونَ مُلْـكٌ وَسُؤْدُدٌ
وَفِــي نَــاعِطٍ مُلْــكٌ قَـدِيمٌ وَمَفْخَـرُ
وَأَســْعَدُ كَـانَ النَّـاسُ تَحْـتَ سـِيُوفِهِ
حَــوَاهُمْ بِمُلْــكٍ شـَامِخٍ لَيْـسَ يُقْهَـرُ
تَوَاضــَعُ أَشــْرَافُ الْبَرِيَّــةِ كُلِّهَــا
إِذَا ذُكِـرَتْ أَشـْرَافَهَا الصـِّيدُ حِمْيَـرُ
وَفِـي الْكُفْـرِ كُنَّـا قَـادَةً وَذَوِي نُهىً
لَنَـا عَـدَدُ الْقِبْـصِ الَّـذِي هُـوَ يَكْثُرُ
وَأَوَّلُ مَـــنْ آوَى النَّبِـــيَّ مُحَمَّــداً
نَصـــَرْنَا وَآوَيْنَــا نَــذُبُّ وَنَنْصــُرُ
عَنِ الْمُشْرِقِ الْمَيْمُونِ أَحْمَدَ ذِي النُّهَى
كَأَنَّـا ضـَرَاغِيمُ الْفَضـَا حِيـنَ نُصـْحِرُ
إِذَا شــَمَرَتْ حَــرْبٌ وَهَــزَّ هَزِيزُهَــا
نَهَضـْنَا مَسـَاعِيراً لَهَـا حِيـنَ تُسـْعَرُ
نَكُـبُّ الْكُمَـاةَ الشـُّوسَ عِنْدَ اصْطِلَائِهَا
قَتَلْنَـا وُلَاةَ الشـُّرْكِ مَـنْ كَـانَ يَكْفُرُ
إِذَا زَفَّــتِ الْأَنْصــَارُ حَــوْلَ مُحَمَّــدٍ
بِجَيْــشٍ كَيَــمٍّ مُزْبِــدٍ حِيــنَ يَزْخَـرُ
يَزُفُّــونَ حَــوْلَ الْهَاشــِمِيِ نَبِيِّهِــمْ
عَلَـى وَجْهِـهِ نُـورٌ مِـنَ اللَّـهِ يُزْهِـرُ
إِذَا خَطَــرُوا بِالْمَشــْرِفِيَّةِ وَالْقَنَـا
فَبِـخْ بِـخْ لَهُـمْ مِـنْ عُصْبَةٍ حِينَ تَخْطُرُ
إِذَا مَـا مَشـُوا فِي السَّابِغَاتِ كَأَنَّهَا
هَزِيـمٌ مِـنَ الرَّعْـدِ الْمُجَلْجِـلِ يَـزْأَرُ
فَضـَلْنَا مُلُـوكَ الشـَّامِ فِـي كُلِّ مَشْهَدٍ
لَنَـا الْأَثْـرُ فِي الْمَرْعَى وَوِرْدٌ وَمَصْدَرُ
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.