
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـل تـذكرين وأنـت مـن غزلانـه
وادي الشـتا والعمر في ريعانه
والقلـب مخضـل الجـوانب نشـوة
رعنـاء قـد أودت بثبـت جنـانه
فهنـا هـوى وهـوى هنـاك وثالث
وقـف عليـك وأنـت مـن أعيـانه
يـا مـي مـا للقلـب حال وجيبه
صـمتاً كصـمت الميـت في أكفانه
وعلام أحلامـــي أســف خيالهــا
وتــبرمي يشــتط فــي إمعـانه
وعلام آمــالي يروعهــا الأســى
واليـأس يجـذبها إلـى أحضـانه
وعلام شــيطاني إذا اســتلهمته
شـعراً يزيـد الـوقر فـي آذانه
هـاتي الجـبين أعـل من نعمائه
عـذباً نهلـت الصـبا من حرمانه
فلعـل إلهـامي القـديم يعودني
ويحفنــي فــي وحشـتي بحنـانه
يـا مـي ما ذنبي إذا فر الصبا
ومضـى ولـم أجـن الشباب لشأنه
وسـواد شـعرك حـد مـن غلـوائه
ومشـى المشـيب إلـي قبل أوانه
يـا مـي ما ذنبي إذا دهري عتا
وســواد حظـي لـج فـي طغيـانه
فالمرء يدرك ما يشاء من المنى
بالسـعي والتأييـد مـن إخوانه
وأنـا الـذي جحـد الأحبـة فضله
وأعــان أصــدقهم علـى خـذلانه
هـاتي الجبين فما تزال سعادتي
إن يـدن مـن شـفتي طـوع بنانه
وتوســدي صــدري وحسـبي نعمـة
هـذا الـذي تـوحين مـن خفقانه
مــالي ودنيــاهم فحبـك عـالم
أسـمى ولـن يصـل الأذى لكيـانه
يــا مـي جلعـاد الأشـم كعهـده
مـا زال يريـض جاثمـاً بمكـانه
والغـور مـا انفكت غدائر نبته
وزهــوره تحنــو علـى غـدرانه
وسـماء إربـد مـا يزال سحابها
يسـقي سـهول الحصـن مـن هتانه
يـا مـي مـا برحت حمائم سدرنا
تشــدو مصــفقة علــى أغصـانه
فتعهــدي قلـبي بحبـك واسـمعي
مـا شـئت مـن شدوي ومن ألحانه
كـوخ النـدامى قـد تقلـص ظلـه
وعراصــه أقــوين مـن نـدمانه
ومضـت بـرب الكـوخ نحو حجالها
خرقـاء فـي يـدها زمـام عنانه
فتنتـه لعنـة خـدرها عـن رهطه
واســتبدلته مخاوفــاً بأمـانه
وأســاء محسـن للقريـن وعرسـه
ولنـا عشـية صـاغ عقـد قرانـه
فـوددت لـو أنـي اسـتطعت حمية
للكـوخ قبـل العقـد سـل لسانه
وارحمتــا للكـوخ كيـف تـبرمت
ضـجراً صـوى اللـذات في عنوانه
تـدعو السـقاة كؤوسها فيجيبها
رجـع الصـدى يرتـد عـن جدرانه
والـزق يسـأل عـن سـباة حريمه
والـدف يسـأل عـن مصـير قيانه
وارحمتــا للكــوخ إن حضيضــه
قــد ضـم إشـفاقاً ذرى بنيـانه
والعـود ألـوى كـاليتيم برأسه
وبكـى لهـا فبكـت غضاضـة شأنه
هـذا الكمـان فأين عازفه الذي
يبكـي حطـام الكـوخ شجو كمانه
وارحمتــا للكـوخ كيـف تجهمـت
مـن بعـد إشـراق وجـوه زمـانه
حـتى أنـا وأنـا الـوفي لعهده
أَصــبحت لا أرتـاد نجعـة حـانه
فكــأنني عبــود فــي إِســلامه
أو حمـزة العربـي فـي إِيمـانه
وأخـاف إن طـالت جـذور تقشـفي
أن يـدعيني القصـر مـن شيخانه
عجبــاً حبـائي مـن طلال عمامـة
قـوراء مثـل البـدر فـي إبانه
ونــوال نــايف سـبحة حباتهـا
غاصـت إلـى الآذان فـي سـبحانه
وعطــاء ســيدنا مقــال ممتـع
فـي الزهـد يسكرني بسحر بيانه
وقصــيدة عصـماء مـن أبياتهـا
عـاينت سـر الحـق فـي غفرانـه
ورأيــت أن اللّـه أوسـع رحمـة
ممـا يظـن البعـض مـن عبـدانه
وشـهدت كيـف العفـو يسبل ستره
حـتى علـى فرعـون فـي عصـيانه
لا تعجلــو يـا قـوم إن تصـوفي
مـا زال مفتقـراً إلـى برهـانه
يـا مـي قد عاد الربيع وعاودت
نفســي وســاوس قصـفه ودنـانه
ورؤى خمــار كنـت معـه أظننـي
كسـرى أنـو شـروان فـي إيوانه
حــولي دهــاقيني تحـف بسـدتي
شـأن المتـوج فـي ذوي سـلطانه
حــتى إذا روحـي ترنـح عطفهـا
مـن لحظـك المخمـور في أجفانه
واكتـظ رأسـي مـن جمالـك نشوة
ضـن الشـراب بهـا علـى سكرانه
حطمــت كأسـي واعتصـمت بتوبـة
قـد ألهبـت صـفعاً قفـا شيطانه
وأنبـت عـن شـرب العقار وبذله
وتنزهــت شــفتاي عـن أدرانـه
يـا مـي قـد صـرت جنادب حقلنا
وفراشــه يختــال فـي طيرانـه
للّــه أجنحــة الضـعيف فإنهـا
تســمو بـه ويقيـم دون عنـانه
فـادني شـفاهك مـن فمي وتوسدي
صـدري يكـف الـدهر عـن عدوانه
يـا ويـح حملان الخيـال فـإنهم
قربــان واديهـم إلـى سـرحانه
هــاتي جبينـك فـالتلاع تبسـمت
للمكفهــر الفــظ فـي لمعـانه
وشـعاب وادي السير سال لجينها
للـبرق لمـا افـتر عـن أسنانه
هـاتي جبينـك فالحيـاة جوادها
شـرس وليـس فتـاك مـن فرسـانه
مـن لـم يكـن ذئبـاً فإن زمانه
يغـري بـه العشـرات من ذؤبانه
يـا ويـح أجنحـة الخيال فإنها
تغتــال طائرهـا بريـش سـنانه
وادي الشـتا هـذا وتلـك ملاعبي
أيـام كنـت وكنـت مـن جيرانـه
فادني شفاهك من فمي إن لم يكن
يـا مـي قلبـك قـد مـن صـوانه
وتوســدي صــدري وحسـبك نعمـة
هـذا الـذي تـوحين مـن خفقانه
مــالي ودنيــاهم فحبـك عـالم
ســر الهـوى وقـف علـى سـكانه
مصطفى وهبي بن صالح المصطفى اليوسف التل، المشهور ب(عرار). أشهر شعراء الأردن على الإطلاق، وواحد من فحول الشعر العربي المعاصر. في شعره جودة ورصانة، ومناهضة للظلم ومقارعة للاستعمار. كان يتقن التركية والفارسية، وله فيهما آثار، أهمها ترجمة رباعيات الخيام. وله اشتغال في اللغة والأدب، و(أمال) و(مقالات) تدل على اطلاع واسع على آداب الأمم. مولده في إربد، شمال الأردن، من أسرة كانت لها مكانة عند الولاة في العهد العثماني وما تلاه، وهو والد وصفي التل رئيس وزراء الأردن الأسبق. اختار لقب (عرار) من قول الشاعر عمرو بن شأس الأسدي في ابنه عرار، وكان قد لقي الأذى من ضرة أمه: أرادت عراراً بالهوان ومن يرد عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم وتلقى تعليمه في (مكتب عنبر) بدمشق، ولما كانت حوادث عام 1920 نفي فيمن نفي من طلابه إلى حلب، فأتم فيها دراسته، وعاد وانخرط فيما بعد في الأعمال الحكومية، وعين حاكماً إداريا في الشوبك ووادي موسى، واشتهر هناك بمناصرته للنور (الغجر) وتوطدت صلته بهم، فانقطع إليهم، وسمى ديوانه باسم واديهم: (عشيات وادي اليابس) وخصهم بروائع شعره، وشرح ذلك في رسالة سماها (أصدقائي النور)، والتفت حياته بالحزن واليأس، وسجن ونفي غير مرة، وكان طويلاً هزيلاً معروق العظام ميّالاً إلى تطويل شعره تأسياً بعمر الخيام، وقد عرّف نفسه بقوله: (وإني في حياتي الطروبة أفلاطوني الطريقة، أبيقوري المذهب، خيامي المشرب، ديوجيني المسلك...غير حاسب لأحد غير الله حساباً... الحسن بنظري مصدر كل خير، والخير عندي أصل كل لذة). ومما كتب في سيرته (عرار شاعر الأردن) ليعقوب العودات، و(عرار الشاعر اللامنتمي) لأحمد أبو مطر، و(الشاعر مصطفى وهبي التل: حياته وشعره) لكمال فحماوي، و(على هامش العشيات) لزياد الزعبي.