
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بِمثلــك هــزّ الملـكُ أَعطـافَه عجبـا
وَتـاهَت بِـه الخضرا وباهَت بِه الشهبا
وَأَقبَـــل يُزهــى باِحتفالــك نَحــوهُ
وَتقليـده مِـن عزمـكَ الصـارم العَضبا
وَتَطــويقه زُهــرَ المــآثرِ وَالحلــى
وَإِمضــائه غــرّ المفــاخِرِ لا أَكــبى
وَتَوشـــيحهِ مَجـــداً تجـــرّ ذُيــوله
وَتَتـويجه عـزّاً عَلـى الزهـرِ قَد أَربى
وَروعــــك للأَبصـــارِ يـــومَ اِجتلائهِ
وَصـَدعك فـي الأقطـارِ من صيتهِ الحُجبا
وَطيّـــك دونَ الخفــضِ كشــحاً لِضــمّه
وَنشـرِ بنـودِ الفتـحِ فـي رَفعِـهِ نَصبا
وَشــدّ نِطــاقِ الحـزمِ فـي خصـرِ دلّـهِ
ومــدّ رواقِ الأمــنِ مِـن فـوقِه رقبـا
وَبِســطِ مِهــادِ العــدلِ تحــتَ ظِلالـهِ
وَســحِّ عهــادِ الفضـلِ أَحـواله صـوبا
وهــزّك بيــنَ الـبيض والسـمر عطفـه
وَبيــنَ جَنــاحي جحفَليــن بـه قلبـا
وَإِصــفائك الإقـدام وَالحَـزم والحجـى
لِنُصـــرته جنـــداً وَأســرتهِ حزبــا
لَقَــد علمــت إنشــاء كــلّ قــرارة
وَمَـن فـي اِحتناكِ الدهرِ شابَ ومن شبّا
بــأنَ جنـاحَ الصـبحِ لَـم يلتَحِـف بـه
فـتىً مُـذ سَما شرقاً إلى أن هَوى غربا
أَشــدّ وأَقــوى منــك بِالملـكِ نهضـةً
وَأَحــرى بـه إِرثـا وَأَدرى بـهِ كَسـبا
وَأَحــزم رأيــاً فــي حِمايَــةِ عــزّه
وَأَوســعُ صـَدراً فـي كفـايته الشـجبا
فللّــه مــا أَزكــى وَأَكــرم بيعــة
نهضــتَ لَهــا فـي مَـوكب مـوجهُ عبّـا
وَمَلأت كرســــيّ الخِلافــــةِ بَهجــــةً
فَلَــولا وَقــار مِنــك لاِهـتزَّ أَو أبّـا
فَأَصــبَح تســتذري المَكــارمَ حَــوله
بِطـودٍ تَـرى الأطـواد فـي جَنبِـه هَضبا
وَأَبــرزت كفّــاً مـا رأى الـدهرُ درّة
سـِواها حَوت بحراً كفى العدم والجدبا
فَأقبـــلَ للتقبيـــلِ كـــلّ مَوشـــّحٍ
بِنَجــدته قبــلَ النجــادِ إِذا هبّــا
جُنــودٌ كَســاها الإحتفــالُ محاســناً
بيـوم كسـاها الحـزمُ مـن قبلهِ حَربا
رِيـــاشُ جمـــالٍ تملأ العيــنَ قــرة
محجّبـــة فــي هيبــةٍ تَملأ القَلبــا
إِذا أبرَقـت شـمسُ الضـحى وشـيَ طرزها
تَهـادوا بأذنـابِ الطـواويس إذ تربى
وَمــرّوا فــرادى فـي سـموطِ صـُفوفهم
عَلــى قصـباتِ النسـق كعـب تلا كعبـا
مَــواكب مـا بيـنَ السـماطينِ أَشـبهت
كــواكب أمّــت فـي مجرّتهـا القطبـا
يؤمّــون ملكــاً تحسـدُ الشـمسُ تـاجَه
وَتغضـي عيـون النجـم عـن لحظه رهبا
وَيغبـط فيـهِ السـمع والقلـب أَعينـا
نَفسـنَ علـى الأفـواهِ فـي كفّه القربا
مَقــام أودّ الســبع لــو أنَّ بـدرها
بِسـاط بـهِ وَالشـهب فـي أرضـهِ حصـبا
وَأنّ بِـــهِ شــهب الفــوارس ألبســت
زمــامَ الثريّــا وهـي مصـحبة جنبـا
وَأنّ عَصــا الجــوزاءِ تعقــدُ رايــةً
وَتغتنــمُ الكـفّ الخضـيب بهـا خَضـبا
وَأنّ بِــه شــاكي الســماكينِ حــاجب
وَقَـد نيـطَ بهـرامٌ إلـى خصـره عضـبا
وَأَنّ خَطيـــب المــدحِ فيــه عطــارد
فَيصـــدعُ آذانَ الأهلّـــةِ والقلبـــا
وَأنّ بـــهِ زهـــر المَنـــازلِ نــزّل
وَجَبهتهــا تلقـى بإكليلهـا التربـا
وَمِــن أوجــه كيــوان يهـوي مسـلّماً
لِمَنصــبه الأســنى ومنســبه الأربــى
وَقَـد صـارَ بيـت البـدرِ طـالع ملكـهِ
وَجـرت بـهِ الزهـراءُ مِـن ذَيلِها هدبا
تثلّــث ســعد المشــتري ذاتَ يمنــةٍ
بِيــوم وبيــت قَـد غَـدا لَهمـا ربّـا
فَأَســـّس بالســـعدينِ أَوتــادَ عــزّه
وَفــرّق بِالنحسـينِ مـن ضـدّه الشـعبا
وَقَـد سـارَتِ البشـرى إِلـى كـلّ وجهـةٍ
بِبَيعتــه مَســرى النســيم إِذا هبّـا
فَــوافَت وفـود الشـكر تهـوي لحضـرة
بِهـا حـطّ رَحـل العدلِ وَالفضلِ إذ لبّا
ســـِراعاً إِليهــا يوفضــونَ لبيعــةٍ
يَـودّون لَـو بـاعوا النفوسَ بِها نَحبا
تُحــــالفهُ أَيمــــانُهم وَقلـــوبُهم
عَلــى أنّهــا أَضــحت بِطـاعته قلبـا
فَمـا اِنقبَضـت عـن صـفقةِ العهدِ راحة
وَلا اِنبَسـطت للخلـفِ عـن حلفِـه رغبـا
حَبـا اللّـه فضـلاً خيـرةَ الدول العلى
بِخيـرِ الشـهورِ الغـرّ خير أَمري يحبى
فَأصــبَح بــدرُ الصـومِ تـاجَ جَبينهـا
وَأَمسـى هلالُ الفطـرِ فـي يـدها قلبـا
وَأَلبَســـها الإمســـاكُ حلّـــة عفّــةٍ
يجـرّ اِبتهـاج العيـد أذيالهـا سحبا
زَكــت ليلــة وافتـه فيهـا ودونهـا
لِســابعة العشـرين عشـر وَفـت حسـبا
فَتِلـك الليـالي العشـر مـن دول مَضت
وَذي ليلـةُ القـدرِ الَّـتي فضـلت حقبا
لَــوى الــدهر عنّـا وَعـده بوفائهـا
وَلا غَـرو فـي حسـناء تخـدرها الرقبى
وَأَمهَلَهــا مــن ربّهــا إذ تقاعَســت
عَفـافٌ يعـدّ الحـلّ مِـن وصـلِها ذنبـا
فَلــم تشــرئب النفــس منـه لِريبـةٍ
وَلا اِسـتبطأت حظّـاً ولا اِسـتَعجَلت جَلبا
إِلــى أَن أفــاء اللّــه وارِف ظلّهـا
عليــهِ وأَجنـى كفّـه غصـنها الرطبـا
وَقَــد كــانَ مَولاهــا وَمالــك رقّهـا
وَجــادَ بهــا عفــواً لخاطِبهـا صـبّا
فَـأَولت سـِواه الطـوع إِذ كـان كفئها
وَأَولتـه إِذ كـان الأبـرّ بِهـا الحبّـا
وَلــولاه لــم تطمــح لــرقّ حليلــةٍ
وَلكــن كفاهــا أَن يكـون لهـا ربّـا
لَقــد لَبِســت للبعــدِ عنــهُ كآبــة
فَمُــذ قبّلــت كفّيـه فـارَقت الودبـا
وَطــافَت بِرُكــنِ العـزّ مِنـهُ وَأَوقَفـت
عَلــى عَرفــات العـرف آمالهـا لبّـا
وَلمّـــا أَحاطتهــا يَــداهُ وَأَصــبحت
مَقاليــدها فــي كــفّ إِمرَتـه وعبـا
وَرامــت أســاطينُ الملــوكِ هنــاءه
فَمـا بَرِحـت تسـتمجدُ الرسـلَ وَالكتبا
إِذا أَقبلــت مــن آلِ عثمــانَ خلعـة
بِهـا منكـبُ العلياءِ قَد طاولَ الشّهبا
فَأَصـفى لَهـا المـولى المشـير رغابهُ
وَأَضــفى عَليهــا مِــن مـبرّته ثوبـا
وَأَوردهــــا مِـــن ودّه واِحتفـــاله
وَإِعظـامه إقبالهـا المشـرع العـذبا
وَواجههـــا يـــوم اِجتلاءِ جمالهـــا
بِطلعَــةِ بشــرٍ منـه فـي مـوكبٍ عبّـا
فَللّـــه يــومٌ طــالَ جيــدُ فَخــارِهِ
وَجـافى الهنـا عـن نور غرّته الحجبا
فَلــم تكتــسِ الأعيــادُ خلعـةَ حسـنهِ
وَلا هَصــَرت مــن روضِ نضــرتهِ قضــبا
فَفــي كــلّ صــوتٍ منــهُ صـيت مسـرّةٍ
وَفـي كـلّ سـمعٍ سـمعةٌ تثلـجُ الخلبـا
فــإن يــكُ شــكراً لِلصــنيعِ ظهـوره
فَقـد سـاوت العجماء في شكرهِ العربا
ثَنايـا الثنـا مـن كـلّ ثغـرِ بواسـمٍ
وَوجـه الهنـا من كلّ وجه نفى القطبا
وَقــد أُلبســت دارُ الإمــارةِ بهجــةً
عَلـى مثلهـا جفـنُ الغزالـةِ مـا هبّا
وُقوفــا بهــا الأعلام مـن كـلّ معلـمٍ
يَـروع ببـادي رأيـهِ الجحفـلَ اللجبا
هُنــاك تـرى الأبصـار صـوراً شواخصـاً
فَلـولا اِنتظامُ النسقِ لَم تهتد اللحبا
فَمِــن خجــلٍ يثنــي الصـرائمَ رهبـة
وَمِـن جـذلٍ قـد كـاد يهفـو بها رغبا
قلـــوبٌ وأجســـامٌ تُزاحــم ناديــا
يفرّقهـــا رهبـــاً وَيَجمعهــا حبّــا
وَقــد حــلّ فــي عـرشِ الخلافـة ربّـه
مُحفّــا بــه أســداً ضــراغمة غلبـا
ووافَتــه مــن عبـدِ المجيـدِ تميمـةٌ
لِجيـدِ فخـار عَـن عقـودِ الثنـا شـبّا
وَنيــطَ إِلــى خصــر الرّئاسـةِ صـارم
فللّــه عضــبٌ عــانَق الكـرم الأربـا
وَأبـــرز منشـــورٌ كـــأنّ ســـطورهُ
أَسـارير بشـرٍ فـي جَـبين العلـى هبّا
تُضــيع عــبيرَ الحمــدِ منـه عبـارة
كــأنّ لســانَ الملـكِ أَرشـفها ضـربا
وَتَجلــو بألقــابِ المشــيرِ ونعتــه
عَقــائل تُزهــى عَــن تقنّعهـا حجبـا
فحيّهلا بالمجــــد قــــرّ قــــراره
وَبالشـرفِ الوضـّاحِ قَـد أحـرز الرتبى
عهــود مِــنَ السـلطانِ قـامَت مَقـامهُ
فَقــد أَعظمـت إِعظـام مرسـلها دأبـا
وَتَهنئة منـــــه لِخيــــر مملّــــك
حَـوى الملـك إرثـاً واِسـتبدّ به كَسبا
سـَرت فـي دجـى نقـس إلـى صـبحِ مهرق
لِتحمـد عنـد اِبـنِ الحسينِ به الدأبا
ســـَعت ســَعي دري إِلــى شــَرفٍ لــه
وَقــد أسـعد الهيلاج مـن بيتـه ربّـا
مضـى مُسـتقيم السـير في الأوج صاعداً
تُحيـط بـه الأوتـادُ مـن أسـعد طنبـا
أَفاضــَت عليـه النـور عنـد اِتّصـاله
بِهـا شـمس ملـك بـزّت الأسـد القلبـا
فيـا طيـبَ مـا سـَعيٍ ويـا حسـنَ موفدٍ
مِـنَ المجـدِ وَالعليـاءِ أزلفهـا قربا
رَأَت صــَولة للملــكِ لا يُصــطلى بهـا
وَنضــرةَ حُسـنٍ تـدهش اللّحـظ واللبّـا
فَلــو نطَقــت قــالت زفـافي لبـابه
كَمُستبضــع تمــراً إلــى هجـر يسـبى
وَمُهــدٍ إِلــى الخضـراءِ نـورَ ذبالـةٍ
وَللبحـرِ أَصـدافاً حَـوت لؤلـؤاً رطبـا
وَلَكِــن تفــادى أن يـذيل اِحتشـامها
تلطّــف مـن يَحبـو بهيـأة مـن يحـبى
إِمـــامٌ دَرت منــه الخلافــة أنّهــا
قَـدِ اِعتَصـمت بِالمعقـل الشامخِ الأربى
أَتَتــه وَلــم ينطــق لِســانُ سـنانهِ
وَلا اِفـترّ منـه السـنّ يومـاً ولا قبّـا
وَلا اِرتَشــفت كــأس الطلا مـن حسـامه
شــفاه ولا ســمن الأكــفّ بــه خضـبا
وَمـا هـبّ جفـن الملـك والـبيض نـوّمٌ
بِأَجفانِهـــا إلّا لجــدّ نَضــا عضــبا
ومـا الملـك هـمّ اِبـن الحسـيِن لحظّه
وَلكــن حقــوقٌ لِلعلــى ذهبـت تلبـا
كــأنّي بِهــا تَــدعوه وهـو يُجيبهـا
بِلبّيــك قـد أَسـمعت أكـرَم مـن لبّـى
دَعـــوت زَعيمـــاً بــالفلاحِ لــدعوةٍ
تصـامم عَنهـا الـدهرُ مـن رهـب حقبا
مـــذمّاً مـــذيلاً للمَكــارِه طالبــاً
دحـول المَعـالي لا يـرى غيرهـا أربا
جـــواداً خضــمّاً أريحيّــاً ســميدعاً
حســيباً سـريّاً مـدرهاً ماجـداً نـدبا
كَريمـــاً همامــاً لوذعيّــاً محــدثاً
أَبيّــا وَفيّــاً كــوثراً أهيسـاً لبّـا
فنـامي إذأً فـي ظـلّ يَقظـانَ إن يَـذُق
مِـنَ الغمـضِ طعمـاً عينه لم يذق قلبا
وَكــم ظــنّ غـرّ أنّ فـي الخفـضِ همّـه
إِلــى أَن رآه وَهـو يسـتخفضُ الـدأبا
رَآه يعـــدّ الحــربَ ســلماً شــهامة
وَيَحسـب حزمـاً أنّ فـي الهدنةِ الحربا
لَقــد عَمِيــت عنــه بصــائرُ عصــبة
غَـدَت فـي مَراعـي بغيها تَنقف الخطبا
وَغـرّت برفـق اللّيـث فـي وطئه الثرى
فَلــم تتحــذّر مِـن بَراثِنـه الخلبـا
فــإن راقَهــا مِنـه اِبتِسـام نيـوبه
فَقَــد راعَهــا إِذ نـبّ أنيـابه قبّـا
وَإنّ اِفـترار العضـبِ مُبكي الطلى دماً
وَفـي مـائهِ بـرد يشـبّ الحَشـا لهبـا
فَمــن لــم يَرعـه منـه بـارقُ صـفحه
فَلا يَيأســن مـن قـذفِ حـدّ لـه شـهبا
أَقــول لِمَــن أَقـذى السـفار جفـونه
ولَـم تَـرض منـه الأرض جفنـاً ولا جنبا
وَأَضــحى يعــدّ اليــأسَ أصـدقَ مـوقظ
وَمِـن كـذبِ الأحلامِ نيـل المُنـى ضـربا
هَلــــمّ لإفريقيـــة غيـــر فـــارق
وَدع فرقـاً عـاجوا إِلى غيرِها الركبا
وَجـرّ إِليهـا العـزمَ واِرفَعـه نحوهـا
بِجَزمـك تخفـض صـرف دهـرٍ نوى النصبا
وَأَلــقِ عَصــا التطـوافِ حـولَ مثابـةٍ
تُـثيب النزيع الأهل والمنزل والرحبا
فَتـــونسُ تُنســي كــلّ أرضٍ نزيلهــا
بإيناســه منهــا الكرامَـةَ والحبّـا
تَهلّـل وَجـهُ الـدهرِ فيهـا فلـم تـزَل
لَيـــاليه غرّانــا وأيّــامه نجبــا
وَحيطـت بعـدل اِبـن الحسـين فأصـبحت
مفتّحــة الأبــواب تحبـا بمـا يجـبى
أَعــادَ بهــا ربـعِ المعـائشِ مربعـاً
بإبطـالِ مكـسِ الربـعِ فـي كلّ ما دبّا
وَصـــيّرها بِـــاليمنِ والأمــنِ جنّــةً
لـو أنّ خلـوداً كـان فـي ظلّهـا يحبى
فَســل شــرعةَ الإِســلام كَيـف أقامهـا
وفجّـر مِـن أَعلامهـا المشـرع العـذبا
وَكيـفَ كَسـاها الفخـر مسـداً وملحمـاً
بعـــزٍّ وإجلالٍ فجــرّت لــه الهــدبا
رأى الـدين أم الفـوز والملك حارساً
فَـذا يوثـقُ المبنى وذا يَدفعُ الشغبا
فَشــادَ مَنـارَ الـدين فـي كـلّ وجهـةٍ
بِصـارمِ عـزمٍ قَـد عفـا البدع النكبا
فللّــه شــكرٌ إن يَلــج ســمع نعمـةٍ
تهــزّ اِرتياحــا للمزيـد بـه جنبـا
علــى أنّ ثــوبَ الشـكر يقصـر سـدله
علـى عطـفِ ملـك ألبس العدل والحدبا
وإنّ هيــولى الملـك لَـم تكـس صـورة
كَحليــةِ عَـدل أمّـن المـال والسـربا
وَمـا الجَمعُ بين الماءِ والنارِ في يدٍ
بِـأعجبَ مِـن ذي الملكِ يَرضي به الربّا
فَقــل لملــوكِ الأرضِ تَجهــد جهودهـا
فَــذلك فضـل اللَّـه يُـؤتيه مـن حبّـا
فَمــا وَطِئت أَقــدامُهم ســبلَ عَزمــه
وَلا ســَلَكوا حزنــاً أليطــاً ولا خبّـا
لَقــد شـغلت جـدوى الملـوك شـِعابهم
وَلَــم أَر غيـرَ المَكرُمـاتِ لَـه شـعبا
فَــإِن يَكــنِ المهــديّ يُـدعى محمّـداً
فَـذا باِسـمهِ يسـمى وَمِـن هَـديهِ يحبى
فَــأمّوا بنــي الآمــال كَعبـة قَصـدهِ
وَتحـتَ لِـواءِ الحمـدِ كونـوا له حِزبا
تَــروا ملكـاً يسـتمجد الجـدّ قاليـاً
مـن اِستَمجد الديباج وَاِستَمهد العطبا
أمــدّ الــورى باعــاً وأوثـق منعـة
وَأَمتنهــم دينــاً وَأَخلصــهم قلبــا
وَأَعظَمُهـــم قــدراً وَأَفخَمهــم ثنــا
وَأَطهرهــم عرضــاً وَأَزكــاهم نســبا
وَأَرفَعهـــم ملكـــاً وذِكــراً وعــزّةً
وَأَحمـــاهُمُ أَنفــاً وأصــدقهم ذبّــا
وَأَحزَمهـــم رأيـــاً وأقــوم ســيرة
وَأَكمَلهــم نفســاً وأوفــاهم نحبــا
وَأَطـــوَعهم جنــداً وَأَروعهــم ســطى
وَأَبســـطهم عــدلاً وَأَحفــاهم حــدبا
وَأَغنـــاهمُ جـــدّاً وَأكرمهــم حيــا
وَأَشــرَحهم صــدراً وَأَنجحهــم كســبا
وَأَوفَرهـــم مجــداً وَأَوقرهــم تقــىً
وَأَيســرهم عفــواً وَأَيمنهــم كَعبــا
وَأَحســَنهم خلقــاً وخُلقــاً وميســما
وَأَهـــداهم بــدءاً وأحمــدهم غبّــا
وَأَوســـعهم صـــدراً ورَحلاً ونـــائلاً
وَأَتقــاهم غيبــاً وَأَنقــاهمُ جيبــا
وَأَبعـــدهم شـــأواً ومرمــىً وهمّــةً
وَأَقربهــم رحمــاً وَأَرأفهــم خلبــا
وَأَرجَحُهـــم حلمــاً وَأَهــدى سياســة
وأنـــداهمُ كفّــاً وَأَدنــاهم عتبــا
تجـافى حجـاب الملـكِ منـهُ عـن اِمرئٍ
تَكامـل فيـهِ الخَلـقُ وَالخُلـقُ مُذ شبّا
فَــتىّ تعجـمُ الأبصـار بـاللّحظِ نبعـه
فَتعـرف كـونَ النـزعِ فـي قوسـهِ صعبا
لَــهُ الطعنَـةُ النجلاءُ فـي كـلّ مبهـمٍ
يخـرّق عـن وجـهِ الرشـادِ بها الحُجبا
تَكــادُ تنــاجيه الضــمائِرُ بالّــذي
أَجنّـت وَيخشـى المـرءُ في سرِّهِ القلبا
يُســابق منــه الهــمّ بــالأمرِ جـدّه
وَيكفيـهِ فـي أَغراضـِه العزم والندبا
أَدارَ عَلــى الخضــراءِ ســورَ إيالـةٍ
أَعـارَ عيـونَ النجـمِ مـن شـرف هـدبا
عليّـــاً فلا يَســـطيع خطــبٌ ظهــوره
ولا يَسـتطيع العيـث فـي حِصـنهِ نَقبـا
وَكــم بـاتَ يَكفينـا المهمّـات رعيـه
مطيفـاً بنـا أَمنـاً لطيفـاً بنا رقبى
وَكـم سـامر التفكيـر لا يَمتلـى كـرى
وَكـم سـاير التـدبير لا يَـأتَلي حدبا
مَليــكٌ غَــدا مـن عزمِـهِ فـي عشـيرةٍ
وَمِــن سـَطوه فـي جَحفـلٍ شـائكٍ حربـا
وَمــن أَصــبحت غــرّ الفضـائلِ جنـده
فَقَــد صـارَ ذا حـزبٍ يـؤمّنه الحزبـا
تُباعــدهُ تَقــواهُ عــن حــظِّ نَفســهِ
وَيُـدنيهِ حُسـنُ الخلـقِ مـن حظّ من ربّى
وَيَيــأسُ داعــي السـوء منـهُ مهابـة
وَيـأنس راجـي العـرفِ مِـن بشرهِ قُربا
تَـــؤمّ وفــود الشــكرِ مِنــه حلاحلاً
إِليـهِ بضـاعات المُنـى وَالثّنـا تُجبى
فَتَملأ منــهُ القلــبَ مـن ميسـم تقـى
وَمِــن هبّــة حبّـا ومـن هيبـةٍ رُعبـا
تُـــراه وَريـــحُ الأريحيّـــةِ مــارئٌ
شــَمائله للجــودِ قَـد فضـحَ السـُّحبا
يَســيلُ نضــاراً كفّــه وهــو باســمٌ
وَتَبكـي قطـاراً وَهـي قـد شقّت الجيبا
وَلا يَتخطّــى الوعــد إلّا إِلـى الوفـا
وَكَـم بـارقٍ أَورَتـه مـن وعـدها خلبا
كَــأنّ لِجَــدواه تــرات عَلـى المنـى
فَمـا تركَـت منهـنّ مـا يعمـر القلبا
تُغيــر ســَراياها عَلــى كــلّ نـازحٍ
وَتغنـــم دانيهــا فَتغمــره وهبــا
وَلَكِنّــه يُحيــي المُنــى لُطـفَ نطقـه
وَبشــرُ محيّــاه فَتَســترجع الســلبا
وَتَحســبه قــد هــزّت الــراح عطفـه
إِذا راحَ يُـولي العـرف من وفره نهبا
يَـــرى الأرضَ داراً وَالأنــامَ عيــالهُ
فَلا غَــرو إِن أَسـدى ولا بـدعَ إن ذبّـا
فمـــا حـــقّ ذي ودٍّ عليـــه بهيّــنٍ
وَلا مـا اِرتَجـى شـانيه مِن فضلهِ صعبا
أَرقّ مِــنَ الصــهباءِ سلســال طبعــهِ
وَأَنضـَرُ مِـن زهـرِ الربى ضاحك السكبا
وَأَجـرى اِنبعاثـاً مـن أتيٍّ إلى الندى
وَأَمضـى بفصـلِ الحكـمِ مـن مرهف غربا
وَأَعــذب مِــن ذوبٍ بــذي شــبمٍ صـَفا
لــذي ظمــأٍ ذكــراه خـامَرتِ اللبّـا
تُــدار لَنــا منهــا كــؤوس مســرّةٍ
فتنسـي ذَوات الثكـلِ واحـدها الخلبا
نَكــادُ لإِفــراطِ الســرورِ نشــكّ فـي
يَقيــنٍ ونَجحـد صـِدق إِحساسـنا كـذبا
أَحاديثنــا عنــهُ لَــدى كــلِّ شـارقٍ
أَمـات الخَنى أَحيا الهدى دَفعَ الخطبا
نَفى الظلمَ أعلى الحقّ قَد أَبطل الجبى
أعـزّ التقى أَرضى العلى أسخط الصلبا
إِذا جــالَ فــي أوصـافِهِ فكـرُ مـادحٍ
غَــدا غـزلا حَيـران فـي حسـنِها صـبّا
حيـاء يميـطُ الحجـبَ عَـن أوجهِ المنى
وَيَكسـو وجـوهَ العـذرِ مـن غضـّه حُجبا
وَظـــنٌّ يُــواري حســنه كــلّ قــادحٍ
وَيُـوري بِجنـحِ الغيبِ سقطا من العقبى
وَليــنٌ مــبينٌ عَــن حديــدِ شــهامةٍ
كَمـا بـان مـاء السيفِ فولاذه الصلبا
وَســطوٌ تغــضّ الــبيضُ منـه جُفونَهـا
وَتـزوي ظلالَ السـمرِ مِـن بَأسـِهِ رعبـا
وَعــدلٌ لِصــَرفِ الـدهرِ أصـبح مانعـاً
بِمَعرفـة قـد مـازتِ التـبرَ والسـكبا
وجـــودُ يــدٍ لــو حمّلتــه غمامــة
لهــاضَ جَناحيهــا وَنـاءَ بِهـا غلبـا
وَرقــراقُ بشــرٍ كــادَ يقطــرُ مـاؤهُ
وَترشــفُ أزهـار المُنـى صـفوهُ ذوبـا
وَتَـــدبيرُ ملـــكٍ أَزدشــير مشــيرهُ
وَســيرة عــدلٍ للأشــجّ اِعـتزت نسـبا
وهــمّ يــرى الــدنيا خيـالَ هبـاءةٍ
يُضـلّ سـرابُ الـوهمِ فيها النُّهى خلبا
أَخَــذن بآفــاقِ العلــى كــلّ مأخـذٍ
فَـأمعنّ حيـث الزهـر لا تَهتَـدي لحبـا
ترصـــّع مــن رأس الرئاســةِ تــاجهُ
وَمـن معصـمِ العـزّ الأسـاور والقلبـا
لَقَــد أَصــبَحت منّــا بمـرأى ومسـمعٍ
فَـدع مِن أحاديث الألى اللّغوَ وَاللّغبا
لـــدى ملــكٍ دانَ الزمــان لعــدلهِ
أَلَـم تـره قَـد جـانَب الحيفَ وَالرّيبا
وَلَـو شـاء أَرعـى الـذئب للشاءِ أمره
وَلكـن رأى التكليـفَ للعجـمِ لا يحـبى
وَلَــو مـسّ حـدّ السـيفِ رِقـراقُ حلمـه
إِذاً لَنبــا فــي كــفّ مَعمَلـه ضـربا
وَلــو مــسّ حـرّ النـارِ أَصـبَحَ حرّهـا
ســَلاماً وبــرداً لا تحــسّ لــه لهبـا
وَلَــو قَـذفت فـي البحـرِ لجّـة عزمـهِ
لَمــا وَســِعته الأرضُ مُصــطفقاً رحبـا
وَلَـو مـرّ فـي جنـحٍ مـنَ اللّيـل رأيه
لَـوارى سـناه الشهب وَاِستنهضَ السربا
وَلــو واقــع النّســرين راشَ جنـاحه
لَمـا اِسـطاعَ ذو رصـدٍ لغـايتهِ حسـبا
ولَــو لامَســت يُمنــاهُ صــَفحة مزنـةٍ
لَمـا أَقلعت أَو لا ترى في الوَرى جَدبا
وَلَــو صــافَحت صــَخراً أصــمّ لَفَجّـرت
يَنــابيعه بِالمـالِ لا المـاء منصـبّا
أَلا أيّهـا المـولى المشـير وَمَـن لـه
تُشـيرُ المعـالي بالثّنـا حينَ تستَنبا
كَفلــت الــوَرى بالعـدلِ كفـلَ مؤيّـدٍ
بِنصــرٍ وتَوفيــقٍ أذلّا لــهُ الصــعبا
رَمَيــتَ دروبَ الـرومِ بِـالفيلقِ الّـذي
تُتــوّج روسَ الـروسِ أَرمـاحه الـذربا
بـــبيضٍ إِذا ســـلّت تخـــال لدقّــةٍ
بِهـا أنّ داءَ السـلّ فـي نَصـلِها دبّـا
وَســمرٍ إِذا اِهــتزّت إِلـى ورد مُهجـةٍ
تخــال ظمـاءَ الرقـشِ مُنسـابَةً وثبـا
وَأســدٍ عَلــى جُــردٍ تجــرّ ذُيولَهــا
عَلــى أوجــهِ الأجـواءِ أرديـة نهبـا
مَغـاويرُ لـو رامـوا بهـا الجوّ حلقت
سـوابح لـو شـقّوا بهـا اللجّ ما عبّا
تَكـــادُ إذا مــا جاذبتهــا أعنّــة
تســوفُ نُجــومَ الأفــقِ تَحسـبها أبّـا
وَتَهـــوي إِلــى وادي المجــرّة ورّداً
أعنّتهــا تعلـو عنـانَ السـما سـحبا
بُـــروقٌ رَمـــت أرجــاءهم بصــواعق
تقـلّ ريـاحَ النصـرِ مِـن نَقعِهـا سحبا
يمســـّك فــرق الفَرقــدينِ بنَشــرها
وَيجلــو عيـونَ الزهـر إثمـدُها هبّـا
تحــلّ نصــاح الشــهب إن هـي أوّبـت
وإن أدلجـت تكسـو غـراب الدجى شيبا
دَروا حيــن جاسـت سـُبلهم أنّ دهمهـا
مُعفّـــرة مِنهــم ســبالهم الصــهبا
أجلّتهـــا أعلامهـــم بعــدَ نكســها
وَحليتهـا مـا ألبسوا الزون والصلبا
لِرايتــكَ النصــرُ العزيــزُ مســاوقٌ
فَمــا نُشــرت إلّا بنشــرٍ لــه هبّــا
وَصــلت مــن الأســلافِ أَرحـام فضـلهم
فَقـامت وقـد أحييتهـا تنفـض التربا
نَزعــت إلـى الأعـراقِ فـي كـلِّ مفخـرٍ
فَأبـدعت مـا لـم يحـذ وصفاً ولا كسبا
نَشـرت وليـد الملـك مـن قبـلِ سـجنهِ
وَوحّــدته فاِســتأنس الأهـل والرحبـا
وَأحييتــه مــن موتَــتيهِ فكــادَ أن
يَـرى جـدّ مـا أوليـت مـن عظـم دعبا
فللّــه رُحمــى واصــلت رحـم العلـى
وَأَحيَـت لنـا شـرعَ المودّة في القربى
نظمــت بعقــد الــبرّ منهـا يتيمـة
وَكــانَت بأصـدافِ الـدهورِ لـه تخبـا
فَلــم تــعِ آذان الصــحائفِ مثلهــا
وَلـم ترشـف الأقلام يومـاً لهـا ضـربا
فِعــال عظيـمِ النفـسِ يـأنَفُ أن يـرى
رجـاءً وذنبـاً غالبـا العفوَ والوهبا
وأحســنُ مــا زان الكريــمُ مــروءةٌ
كَســت ســطوه حلمـاً وأهـواءه غلبـا
وَقــد جـلّ مـن نـال الملـوك إسـارهُ
وَأعظــم منــه مَــن لإطلاقِهــم هبّــا
فَكنـــت ســـُليمانيّ فهـــمٍ ورحمــةٍ
وَغيــرُك داووديّ بــأسٍ قضــى نحبــا
يحــدّث منـكَ الـدهر عـن بحـرِ سـؤددٍ
وَإن لَـم تَكـد تقضـي عجـائبه الأنبـا
تَخــوض بــه ســبحاً طــويلاً ويَنثنـي
ومــا عـبرت عـبرا ولا زاحمـت ثعبـا
أَلَسـتُم بَنـي المـولى الحسين كواكباً
تزيـن سـماء المجـد والحسـب القلبا
بـــدورُ كمـــالٍ لا تحاســـن طلعــة
وبيــضُ ســطى تُـدمي مخاشـنها غربـا
وَأشـــمسُ فضـــلٍ لا تُماثـــلُ بهجــةً
بــأفلاكِ مجــدٍ عــن مطاولهـا تربـا
وَأطـــوادِ حلـــمٍ لا يزاحــم عزّهــا
وَســحب نــوالٍ لا تبـاري نـدى سـكبا
نَمَتكــم إِلـى العليـاءِ صـيدٌ غطـارفٌ
لَهــم حســبٌ مـا شـيب درّا ولا نسـبا
قـروا بِالمَواضـي المشـرفيّات واللّهى
مَنـــازلهم ســلباً ونزلهــم وهبــا
لَكـــم دولٌ غـــرٌّ طـــراز فخارهــا
مســاعٍ لكــم زنّ الكتـائبَ والكتبـا
تُبـاهي ظهـور الخيـل مِنكـم منـابراً
بِألقـابكم منهـا الصدور اِغتدت رحبا
مَزايــاكم مــا بيــن دســتٍ وصـهوةٍ
تُضـيء الدجى شمساً وتحمي العلى شهبا
جَنَيتـم ثمـارَ الـبيضِ والسـمرِ عذبـة
تَبــوّأتم العليـا حـدائقها الغلبـا
بجــدّ كميــن الغيــب جنــدٌ لنصـرهِ
وَعـزم يفـاجي الخطـب والخطب ما أبّا
فلا ترفـعِ الأفهـام فـي الصـعبِ رايـة
لآرائكــــم إلّا وفتّحــــت الصـــعبا
ولا تنســخُ الأيّــام فـي الطـرس آيـة
لفخركـــمُ إلّا ومــا بعــدها أربــى
إِليكـم تنـاهى المكرُمـات إذا اِعتزت
فَلـو باهلت كنتم لها الرهطَ والحزبا
عَلـى فَضـلِكم يثني العلى خنصر الثنا
وينهــي إليكــم بالموحّـدة الرجبـا
لَكــم مـا أجـنّ الليـلُ مهـدَ دعـائه
ومـا أعلـنَ الإصـباح يجلـو ثنا رطبا
كـــأنّكم بـــاِبن الحســـينِ محمّــد
جـواهرُ عقـد حـول وسـطى لها الرتبى
تـــأخّر إذ هـــزّ الزمــان قنــاته
ســناناً وأضــحى مــن تقـدّمه كعبـا
ألا يــا أميــر المــؤمنين تعطّفــاً
علــى مُســتميحٍ مــن عـواطفكم هبّـا
أَتغمـــر أكفــائي فيــوضُ نــوالكم
ويرجــع كفّــي دونهـم مصـفرا وقبـا
وشـــكرك إعلانـــي وحبّـــك خفيــتي
وجـودك عيشـي والرضـا جنّـتي القربى
وَفضــلك لــي مــرأى وذِكــركَ مسـمعٌ
وطاعتـكَ الـذخرُ المعـدّ إلـى العقبى
وَمــدحك سـيفي فـي الخطـوب وسـاعدي
وفخـري ووفـري عنـدما أعـدم النشبا
إِذا ناشــرتني الحادثــاتُ أجـد بـه
مجـــالاً لآمــالي وإن عَظُمــت رحبــا
وَإن أظمـــأت عزمــي وأذوَت مــراده
غــدا مـورداً عـذباً ومنتجعـاً خصـبا
وَإِن جــابهت فضــلي بصــفحة مُعــرض
ولمحـــة ذي غـــض أذمّ لـــه ذبّــا
وَصــفو رَجــائي فيــك غيــر مكــدّر
بشـــكٍّ وإن أقــذيت منهلــه حوبــا
فَجــودك لا يثنــي بــذنبٍ عـن امـرئٍ
وَكيـف غثـاءُ السـيلِ يمنعـه الـذعبا
إذا كــانَ منــكَ الجـود محـض تفضـّلٍ
فســيّان حـالاً مـن تـوانى ومـن خبّـا
وَمثلــك يُرجـى حيـن يخشـى اِمتنـانه
فإنّــك للأحــرى بــذي كــرمٍ أصــبا
حنانيـــك أن تجــزي بــأوّل هفــوةٍ
حييـا يشـقّ العتـب مـن قلبه الجيبا
فَــأَحرى الـورى بـالعفوِ حلـف تجمّـل
كَسـته يـد التقصـير مـن خجـلٍ ثوبـا
لَـك العـدلُ فـي تثـويبِ ذنـبٍ بمثلـه
وَفضـلك يـأبى غيـر أن تغفـر الذنبا
وَربّ أميــنٍ قَــد هفــا غيــر عامـدٍ
فَغفلتــه تجلــى ويلــتزمُ التوبــا
مَعـاذَ إلـه العـرشِ مـا كنـت طاويـاً
عَلــى غيــرِ إخلاصٍ لطــاعَتكم قلبــا
ومـا بـي غِنـا عـن ورد عفـوك سائغاً
فَعُــذريَ حرمــانٌ أرى ذكــره تلبــا
وَإنّ جمـال العـذر فـي أعيـنِ الرضـا
لمقتحــم إن جـابَه العفـوَ والعتبـا
وَلَــم يقتنــص عفــواً بســهم تنصـّلٍ
سـليم الحلـى عـن ظنّـة تخـدش الأهبا
وَمـا لِكريـمِ العفـوِ فـي الذنب موضعٌ
إِذا عنـه وجـه الإِعـتراف اِنزوى قطبا
وفــي العــذرِ منجـاةٌ ومَمحـاة زلّـةٍ
إِذا مـا اِكتسـى طمـر الضراعة مشهبا
ولَـم يعـر عـن ثـوبِ المـروءةِ بـاذلٌ
مُحيّــا اِبتهــالٍ للكريـم إذا أكـبى
كَفــى شــافعاً عنـدَ الكريـمِ طبـاعه
إِذا طــوّق الجـاني بِتَـوبته الحوبـا
وَمــا بَرِحــت أعتــاب بابــك ملجئي
وَإن شـبّ لـي الواشون من دونها حربا
مثابـــة آمـــالي ووجهــةُ عزمــتي
وإن مـدّ دونـي الذنب من عتبها حجبا
وَمـا خلـت أنّـي حيـن يطمـو عبابهـا
أَرى حـظّ غيـري النـون وحظّـي الضـبا
فَــإِن يــزوِ بالإحقــاقِ عنّـي نصـابه
فـإنّ زكـاة الجـودِ تسـهم لـي شصـبا
وَمَهمـا تكـن ضـرباً مـن الـبرّ منيتي
فَـأنت الّـذي في البرّ لم تتركن ضربا
أَقــول لنفــسٍ شـفّها اليـأس أَخفضـي
فــربّ رضــا أبــدته معتبــة ربّــا
وَإِن محـــك العتــب منفــاةُ بهــرجٍ
ومنقــاةُ يـاقوتٍ إذا اِربـدّ واِشـهبّا
عسـى يـثرب التـثريب مـن بعـد هجرةٍ
تعــود لنـا مـن طيبهـا طيبـةٌ حبّـا
فَـآوي لظـلّ العـزّ فـي روضـةِ الرضـا
وأهصــرُ غصـنَ العطـفِ مقتطفـاً خصـبا
وَيصــبح مــن قــد سـرّ فـيّ بعتبكـم
مسـاءً بمـا أسـدت إلـيّ يـد العتـبى
وَمـن يـك حبـل اِبـن الحسين اِعتصامه
فَلا غـرو أن يقتـاد صـعب المُنى صحبا
سَيغضـب لـي منـهُ علـى الـدهرِ مصـرخ
يـرى الحلـمَ عجزاً إن يسم جاره نكبا
فَـتىً كـاد حـبّ العفـو فـي غير محرم
يُخيّـل أنّ الـذنبَ يُـدني لـه القربـى
تعــاظَم عــن أن يســتفزّ اِهتمــامهُ
إِلـى غيـر مـا يُرضي المكارمَ والربّا
فَيـا يوسـفيّ الملـك والعفـو جُد لنا
بِقولـك لا تـثريب واِجـزل لنا الوهبا
لَئِن قصــّر الإعــراض خطـوي فـإنّ لـي
رجــاء إِلــى مَغنـاك يُنهضـني وثبـا
وَهـل أنـا إلّا كالصـدى إن دعـوت بـي
أَجبــت وإلّا صــمّ صــوتي فمـا أنبـا
تطــارحني آثــار فَضـلك فـي الـورى
بكــلّ جميــلٍ يملأُ الســمعَ والقلبـا
وَتبعـــث آمـــالي إليـــك كفيلــة
لَهــا بجزيــلِ الرفـدِ محمـدة أوبـا
فَلســت بمــا تحــويه كفّـاي واثقـاً
وُثــوقي بوعــدٍ مــن مخائِلهـا هبّـا
علــى أنّ صــرف الـدهر رنّـق مشـربي
وَأجبــل أن يهمـي وأبـرق لـي خُلبـا
وأتبـــع أنفاســي فــؤاداً أطــارهُ
عتابــك عــن أوكــارِ أمنتـهِ رهبـا
وَأنّــى يريــغ الشــعر فكـر جنـاحه
بمقــراض إعــراض المريـش لـه جبّـا
لقـد كـان يشـلو الـبرق عفو بديهتي
ويُنضــي مــن الأقلام ضــمّرها الغبّـا
فَأَصـــبَحت أَســتَجني أنامــلَ فكــرةٍ
قَبضـن علـى جمـرٍ بجـزل الغضـا شـبّا
أَروم بِهــا صـوغ العريـض وقـد خبـا
توقّـــد ذِهنـــي أن يخلّصــه هــذبا
إِذا لَــم يُجــد سـبك المديـحِ فـإنّه
حـروف هجـاءٍ عنـه سـمع النهـى ينبا
ومــا كــلّ ذي نظــمٍ يلقّــب شـاعراً
وَلَـم يـكُ ليـث العنكبـوتِ الّـذي قبّا
أَرى الشــعر علمــاً واســعاً وسـجيّةً
إِذا اِصـطحَبا لـم يعدم القائلُ الأربا
وَلَـولا وفـور العلـم لـم تك غاية ال
بلاغــة حــدّاً يعجـزُ العـربَ العربـا
وَإِنّــي بحمــدِ اللّــه حسـّان مـدحكم
وحلـــفُ مراضــيكم وشــيعيكم حبّــا
إذا اِجتلــى مــن خـدركم بكـر منّـةٍ
أغـالي بمهـر الشـكرِ في سَومها خطبا
وَمــا تُبــذَل الحســناءُ إلّا لكفئهـا
ومــا كـلّ روضٍ ممطـرٍ يشـكرُ السـحبا
وَأَنـت الّـذي لـو شـئت أَنطقـت مقولي
بِشـعر تـرى الشعرى تناجي به الشهبا
وَأَنـت الّـذي لـو شـئت صـيّرت بهرجـي
نضــاراً بإكسـير الرعايـة قـد طبّـا
وَأَنــت إِذا غـاليت فـي جـزع مـدحتي
غـدا بهرمانـاً يفضـح اللؤلؤ الرطبا
عَلـى أنّ نفسـي لـم تَسـؤني ولـم أزل
أَحـوز رهـانَ السـبقِ فـي مدحكم كثبا
يَـــروع يراعـــي حســّدي ويُشــيبهم
إذا اِسـودّ شـيب الطرسِ من نفسه خضبا
وَتحســبُ يعســوبَ المعــاني لســانه
إِذا مـجّ منهـا الأري أو نقـع اللبّـا
يَميــس بأَعطــاف البنــانِ إِذا خطـا
عَلــى مهـرق فـي خـطّ مـدحتكم كتبـا
أخــال دواتــي وهــو مــبزلُ دنّهـا
أَبـانت علـى أعطـافه نشـوة الصـّهبا
كــأنّ بنــاني منـه فـي ظهـر سـابحٍ
يحــنّ إلـى مغنـى بـه ألـف الخصـبا
تزاحــم أبكــارَ المَعــاني لتكتسـي
بِمَــدحك مـن لفظـي مطـارفه القشـبا
إِذا رُمتــه اِنثــالت علــيّ جــواهر
يَضـيقُ نطـاقُ النطـق عـن ضـمّها وعبا
وَلــولا ســجاياك الكريمـة لَـم أَكـن
أدرر مــن خلــفِ الفصـاحةِ مـا لبّـا
تفيــض عَلــى قَلــبي ينـابيع حكمـةٍ
فَتبتــدرُ الأنفــاض مودرهـا العـذبا
شــَمائل تــزري بالشــمول تُــديرها
عـذارى حجـا تُنسـي عجـائبه العجبـا
أَوابــدُ أمثــال شــَوارد لــم تـرغ
أَوانـس لكـن تطمـع الغـرّ لا النـدبا
تَمــــلّ صـــفات لا تمـــلّ معـــادة
وتهـدي سـنا يهدي إِلى الحيرة اللبّا
وتنشــي ثنــا ينشــي لغيـر إفاقـة
وتــروي حلا تــروي لظمـءٍ لهـا غبّـا
بِمَــدحك تَســتعلي الحــروف وإنّهــا
لــذات اِسـتقال دون غـايته القربـا
أَمــا بقريضــي عـاد منقـار بائِهـا
رويّــا مــن بحـر حـوى نقطـة نقبـا
حبتـــك نســـيجاً عبقريّــاً طــرازه
حلاك ولولاهـــا تقاصـــر أن يجـــبى
مــديحاً زهــا فــي رقّــةٍ وجزالــةٍ
مـن الشـعر عطفيـه الحماسة والنسبا
تهــادى بــه البــاءات إثــر ولائد
مــن الألفـات الخـاطرات قنـا ذربـا
تصـــيّد حبّـــات القلـــوب بوجنــةٍ
تناســقت الخيلان فــي فخّهــا حبّــا
رأى ذكــرك الأجــدى فخــاراً وقربـةً
فــرقّ لــه شــوقاً وطـال بـه عجبـا
يزيــن ريــاض الفضــل مــرّ نسـيمه
إِذا هـزّ فيهـا مـن شـمائلك القضـبا
وَيحمـــل ريّـــا زهرهـــا متضــوّعا
بِـذكرك حتّـى يفغـم الشـرق والغربـا
تكـــادُ معـــانيه تســـابقُ لفظــه
علــى أنّـه سلسـال سـيبٍ قـدِ اِنصـبّا
وتحكــي بمـا تبـدو بـه مـن صـفائه
بــوارق صــحوٍ أو خيــال كـرى هبّـا
فَــإن تكــن الأصــداف حجــب جـواهرٍ
فألفــاظه ليســت لمـا ضـمنت حجبـا
كأنّهمـــا روحـــانِ رامــا توحّــداً
فعــانق كــلّ منهمــا إلفــه صــبّا
يكــاد بيانــا يُفهـم العجـم حكمـة
وَيُـؤنس مـن وَحشـيّها النـافر الصعبا
جَلَـت غـرر الإصـباح فـي طُـرر الـدجى
حســـان معـــانيه مُقنّعـــة كتبــا
يُقرّظــــه دون اِختيــــارٍ حســـودهُ
ويــروي حلاه مــن يــودّ لــه ثلبـا
تقلّــدهُ عضــباً منــك فــولاذُ نصـله
وَصـقيل فكـري قـد أحـدّ لـه الغربـا
ولَســـت ملومــاً إِذ أطلــت نجــاده
فَعــاتقه عــرضٌ سـما فخـره الشـهبا
تَســامى لــه فكــري بســقطي محلّـق
وغـاصَ لـه نُطقـي علـى الدرر الثعبا
فَأَنضـى اللّيـالي الـدهم غيـر مُغـوّرٍ
وَأَثنـى علـى التعريـس أيّامي الشهبا
لأهـــديه والغمـــد منـــه مُنجّـــدٌ
وَجــوهره ريّــان مــن مــائه قشـبا
إِلــى حضــرة لــو أنّ ســحبانَ وائلٍ
تيمّمهـــا صـــمّت شقاشـــقه رعبــا
فَقـــسٌ بهـــا دون التحيّــة باقــلٌ
وَعمـرو لو اِستام المثول اِنثنى نخبا
لَعمــري لقــد أصـبحتُ منهـا مجلّيـا
بِشــأوٍ إِذا أجــرى لـه سـابق أكـبى
حمــى ليــس يعشـو الأعشـيان لنـارِهِ
وَلَيــسَ يَحــوم الأعمَيــانِ لـه لحبـا
جَلــوتُ بــه عَــذراءَ فكــرٍ يتيمــة
أَبـى الـدهر يومـاً أن يضمّ لها تربا
طَــوَت نســجَ فحلــي طيّــء وتلقّفــت
سـُحيراً تنبّـا اِبـن الحسـين به عجبا
حجازيّـــة نجـــرا عراقيّـــة حلــى
معرّبـــة لطفـــاً مولّـــدة هـــذبا
تُبــاهي بِحســنِ المـدحِ فيـك وصـدقه
فلا يجــدُ القـالي إِلـى جحـده سـربا
بِهــا خفــرٌ يَرنــو لِفضــلك خُفيــةً
رُنــوّ غريــقٍ شــامَ مُعتَصــِما كثبـا
بِألحــاظِ ألفـاظٍ لهـا الحـبر إثمـدٌ
تغــضّ علـى سـحرِ البيـانِ بـه هـدبا
أناســـي معانيهــا بخمــرةِ دلّهــا
سـكارى يكـادُ الـتيهُ يورِدها الغربا
يَكــادُ نَســيم النطــقِ يَجـرَحُ خـدّها
بِتَقــبيله أَو يَنتضــي بردهـا سـلبا
أرقّ مـــن الأســحارِ ثوبــاً ونســمةً
وَأَلطـف مـن نـوم بهـا غـازل الحبّـا
مُخـــدّرة عـــذراءُ لكـــن طِباعهــا
كمـالٌ قـدِ اِسـتوفى التحنّـك والأربـا
فــإن تَبتَــذِلها فهــيَ أظـرف قينـة
وَإن تحظهـــا تمحظــك آنســة حبّــا
تسـرّك فـي النجـوى وتُرضيكَ في الملا
ويــروي حلاك الــدهر مِقولهـا رَطبـا
وَلَــم يطــوِ دهــرٌ حلّـة مـن فضـيلة
غَـدت مـن صـوان الشعر تنشُرها الأنبا
فَخُـذها لهـا ديـن علـى كـلّ ذي حجـىً
مـن الشـكر إِذ تحبـوه مـن أدب لبّـا
وَصـــُن بــرداءِ الإصــطناع جمالهــا
ليزهــى عَلـى أترابهـا ذيلـه سـحبا
وشـــرف بِحُســنِ الإِســتِماع مقالَهــا
لتهــتزّ أعطــافُ القريـضِ بـه عجبـا
وَمـــدّ لهــا راحَ القبــولِ تفضــّلاً
تقبّــل منهــا منتـدى للنـدى رحبـا
وَاِرعَ لهــا الــروع المريـع جنـابه
لِتتلــو حمـداً يَملأ السـمع والقلبـا
وأشــك شــكاةً ضــاق عنهـا نطاقهـا
وَصـلها برفـدٍ يصـرمُ الهـمّ والكربـا
وأجــن ثِمــارَ النجــح كـفّ رجائِهـا
ليعلــــمَ واعٍ أنّـــه رائدٌ خصـــبا
فَقــد ضــَمنت لـي عـن نوالـك فيضـه
وَلـم تُبعد المرمى إذا اِستمطرت سكبا
وَليـــس بمخفـــورٍ لــديك ذمامهــا
فَـأَنت لـداعي الفضـل أجـدر مـن لبّى
وَهَـب أنّ ذَنـبي ذنـبُ كعـبٍ فقـد محـت
قَصــيدةُ كعــبٍ ذنبـه فَـاِعتلى كعبـا
حَبــاه رســولُ اللّــه بُردَتــه بهـا
فيــا فَـوز محبـوٍّ بِـأكرم مـا يُحـبى
وَقَـــد راحَ لاِبنَــي ثــابتٍ ورواحــةٍ
فمــدّا بـروح القـدسِ إِذ دونـه ذبّـا
لِمثلــك فــي خيــرِ البريّــة أسـوة
يحـنّ لهـا طبعـاً ويَسـمو لَهـا كسـبا
فَخُــذ فـيّ بـالأحرى مـن اللّـه قربـةً
وَسـم قـدح عزمـي بالإصابة في الرغبى
وأوّل ثنــا يســتام جــدواك ســُؤله
فمـا ثمـن الجـدوى لـدى مُفضـل صعبا
يَطــولُ إلــى تَطويــقِ جــودك جيـدهُ
وَمـا عقـد إحسـان بجيـد ثنـى عُجبـا
عَلــى أنّــه جهــدُ المقــلِّ تَطـاولت
عَليــه شـكاةٌ تنهـكُ الجسـمَ واللبّـا
فَيَلــوي عــذاري أصـغَريه وَقَـد غـدا
يُغـالب عطفـي أَصـمعيه الضـنى جـذبا
تُســـاورهُ الحمــى رواحــاً وغــدوةً
فَتـــورده قـــرّا وتُصـــدره لهبــا
إذا قــال هــذا حيـن تُقصـر أَقبلـت
طلائعهـا مـن حيـث لـم يحتسـب رقبـا
صــداعٌ كصــدعٍ فــي فريــدة فكــرهِ
شــظاها فلا ســبكاً تعــاد ولا رأبـا
وعربـــدةٌ فـــي هـــزّة لا لنشـــوة
وحلـــم ولا نـــوم وضــمءٌ ولا غبّــا
أَمــا والّـذي لا يكشـف السـوء غيـره
ولا تصــرف الضــرّاء إلّا لـه القلبـا
لَقـد هـانَ مـا ألقـى إذا مـا تمحّصت
بـه تبعـات تثقـل الظهـر في العقبى
وإنّـــي لأرجـــو غــبّ مــرّ تصــبّري
مـراراً مـراراً رشـف ظلم المنى عذبا
كــأنّي بــروحِ اليسـرِ يلقـي قميصـه
ويطـوي قميـص اليـأس فـي ردعه كذبا
إذا نلـــت رِضـــوانَ الإلــه فطيّــه
رضــاك ولا بأســاً أخــافُ ولا كربــا
وَدونــك للتاريــخ بيتــاً تعــادَلت
طَبــائعه مـن جـوهرٍ لـم يسـم ثقبـا
وَإِن تمتَحِــن منــه محلّــى وعــاطلا
وكلّا مـن النصـفين لـم تختلـف حسـبا
وَثـــانيه عــدّاً واِعتــدالاً كفيــؤه
وثــالثه أيضـاً لـه قـد غـدا ضـربا
وفـــي تـــونسٍ دام الأميــر محمّــدٌ
عليّـاً ليكفـى حزبهـا السوءَ والخطبا
أَلَــم تـدرِ أنّ اِبـنَ الحسـين محمّـداً
حَمى الملكَ والخضراء والمال والحزبا
محمّــد مــاحي الجـور منجـى لتـونس
أَعـاد حجـاه الـدهر عدلاً محا الذنبا
فَتلـــك تآريـــخُ الولايـــةِ نظّمــت
بلبّتهـا الجـوزاء لا اللؤلـؤ الرطبا
وَدونـــك تطريــزاً لخلعــةِ فخرِهــا
بتأريخهـا الحـاوي كـأترابه الرتبى
يســرّ بــك التــاج المجيــديّ ربّـه
فـأفق الثريّـا مـن وصـالك مـا يحبى
أَزح وأرح واِمنـح وزد واِحـم واِنتصـر
وَأول وصــل واِنفـع وضـر وعـش حقبـا
وَمُر واِنه واِثبت واِنف واِهدم وشد وصل
ولن وَاِقبضن واِبسط وخذ واِعفون واِربا
بَقيـتَ بقـاءَ الشـمس يـا شـمس دولـةٍ
أَضـاءت مسـاعي عدلها الشرق والغربا
دُم الشـــمس قربــاً واِعتلاءً وبهجــةً
وفعلاً وهـــدياً لا كســوفاً ولا وجبــا
يجلّــك فــي الســبعين فعـلٌ أحـادهُ
تنيـف علـى السـبعينَ إِذ أرضَتِ الربّا
وَدامَــت لــكَ الأيّــام تهـوي مطيّهـا
بِشـُكرك أو بالرفـد منـك لنـا دأبـا
وَلا زلـت فـي العليـاءِ فـرداً وفرقداً
مُحيطـاً بخـدن يقتفـي سـعيك القطبـا
فَــأنت يميــنُ الملـك تنضـي حسـامه
وصــنوك يُســرى هــزّ جنّتــه حجبــا
أميـــرٌ غَــدا بــالرحلتين مؤلّفــا
قُلـوب الـورى يستأمن السبل والسربا
يُحــارب مــن نـاواك حتّـى تـرى بـه
رحيمــاً ويــولي مــن تقرّبــه حبّـا
أَليــس الّــذي جـالت بعمـدون خيلُـه
فكــادَت بِهــم تنهــال شـُمّهم كثبـا
وَســـدّت مســاعي بغيهــم فتخبّطــوا
تخبّـــط محبـــول بأشــراكه رعبــا
وأَظلــم ليـلُ الخطـبِ حتّـى تَهـافَتوا
فراشــاً وقـد شـاموا لصـولته لهبـا
وَأَبقــى عليهــم حلمــه واِغتفــارهُ
نفوســاً ودثــراً كـن لولاهمـا نهبـا
فَلا زالَ فيهــم حســنُ ظنّــك كاِســمهِ
وَلا زلــت منـه تبصـرُ الجـدّ والأربـا
تشـــدّ بـــه أزرَ الخلافــةِ صــادقاً
وَتُشــركه فــي أمرهــا دربــا لبّـا
لا زلتمـــا حـــدّي حســام وشــاطئي
عُبـاب تـديلان السـطا والنـدى عقبـا
تُظــلّ ريـاض الملـك مـن دوحِ نسـلكم
فــروعٌ وصــنوانٌ علَــت وَزَكـت طنبـا
نُشــاهد مِنكــم نيّــري فلـك العلـى
وَشــمل الثريّــا لا أفــول ولا شـعبا
وآخــرُ دَعوانــا أنِ الحمـد والثنـا
لمَــن بســميّ المصـطفى شـرعه أربـا
عَلــى المُصــطفى طــه طــراف تحيّـةٍ
مـنَ اللَّـه عـمّ الآل والصـحب والحزبا
محمود بن محمد قابادو أبو الثنا.نابغة وأديب وشاعر تونسي، رحل إلى طرابلس والتقى الشيخ المدني فأجازه بالطريقة ثم رجع إلى تونس وعكف على تدريس كل الفنون وهو حديث السن وقرأ على الشيخ أبي العباس أحمد بن الطاهر وانتدب لتعليم ابن أبي الربيع السيد سليمان أحد أعيان الدولة.برز على أبي الطيب بن الحسين بما أبداه من مدائح ملوك بني الحسين.ثم رحل إلى إسطنبول وأقام فيها بضع سنين ثم عاد وتولى التعليم في مكتب الحرب وأنشأ قصيدة وجهها إلى البهاء أسفر وكان قد راسل بشأنها شيخ الإسلام محمد بيرم الرابع يستشيره بنظمها.