
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أُعيـذُ صـفاءَ الـودّ مـن كـدرِ العتـبِ
وَوجـهَ الرّضـى من عثير اللّوم والثربِ
وَأَســتودعُ الرحمــنَ عهــداً مــبرءاً
تجنّـت لـه عيـنُ الجفـا وصـمة الذنبِ
وَأَشـكو إِليـه البـثّ مـن معجـمٍ عـرا
يجـرّ لسـان المصـقع المـدره الـذربِ
وَإِيّـــاه أَســتَهدي لتســديدِ منطــقٍ
تَـــوجّس أن يُـــردى بمقتحــمٍ صــعبِ
تَهيّـــب أن يُســدي ويلحــم مفصــِحاً
بِصـمّاءَ إن يَسـتنبها الـرأي لا تنـبي
فَهــا أَنــا ذا فــي لجّهــا متقحّـمٌ
عَلــى خطــرٍ بيــن السـلامةِ والعطـبِ
أَقــولُ ولــم أَملــك أعنّــة عــبرةٍ
ســَوابقها تســتنّ بالشــفر والشـهبِ
أيــا مُصــمياً قلــبي بسـهمٍ ألـوتهُ
لَعمـري لقـد أبعـدتَ مرمـاكَ عـن قربِ
أَتخــربُ بيتــاً لَســتَ تــبرح حلّــه
وَتُضـــرِم صـــدراً ضــمَّ ودّك للخلــبِ
أَتــاني كتــابٌ لا أجيــز اِعــتزاءه
إِليـك وإِن حـاكى نقوشـك فـي الكتـبِ
أتـــاني بعـــرفٍ عنـــبريٍّ مخلّقــاً
فقلـتُ حـديثُ العهـد مـن راحـة الحبِّ
وهـــزّ لفـــرطِ الإرتيــاح جوانحــاً
تشــايعها منّــي الجــوارح بــالهبِّ
وَمـا خلـتُ أنّ المسـكَ بـالعتب حـالمٌ
وَللمســك فــي عنـوانه نفحـة تُصـبي
وَمــا راعَنــي إِلّا اِنحســار لثــامهِ
عَـنِ المنظـرِ الجهـمِ المكافح بالرعبِ
فَقضــّيتُ منــه العجــب أنّـى تصـوّرت
ســِفارَته عــن مُســفرٍ سـافرِ الحجـبِ
وَمـا كـدتُ أَقضـي العجـب حتّى تناومت
جُفـوني عسـى أَن يَغتـدي حُلُـم الجلـبِ
وَمــن يقضــاتِ المــرءِ ضــربٌ يعـدّهُ
مِـن النـومِ فـي تأويـل مرآه بالقلبِ
فيــا لــك مِـن كتـب جلا عـن كتـائبٍ
وَيــا لــك مـن خـطٍّ تكشـَّف عـن خطـبِ
حَكــى ســلّة الحــاوي فطــيُّ رقـومهِ
أَراقــم لمّــا فــضّ بــادَرنَ للـوثبِ
فَـــوا أســَفي منــه علــى متلمّــسٍ
صــَحيفة ليــن فَــوق مخشوشــنٍ وشـبِ
وَوا جَزعــي مِنهــا إذا مــا تسـرّبت
فَــأعيت مـن الحـاوين صـارئةَ الـدبِّ
وكنــتُ أرجّــي منــه روضــاً مفوّفـاً
بِكــافورةِ القرطــاسِ حيّـت علـى غـبِّ
فَأرشــفُ راحــاً مــن ثغـورِ أقاحهـا
ببردِ الرضابِ العذبِ في اللؤلؤ الرطبِ
وَأوردُ شـــَوقي مترعـــاتِ حياضـــها
فَـــأُبردهُ بــالكرعِ منهــنّ والعــبِّ
وَأَلثِــم خــدّ الـوردِ يُخضـله النّـدى
وَقـد عـمّ نقـطُ الخال ديناره الذهبي
وَأهصــرُ عطـفَ الغصـنُ يعطفـه الصـبا
لِتقبيــل خـدٍّ خُـدَّ مـن نهرهـا الصـبِّ
وَتَســرحُ أَلحــاظي بهــا فـي خمـائلٍ
فتجنــي جلاء مِــن حَــدائِقها الغلـبِ
وَيُشـــهدني مــرّ النســيمِ بســروها
ترنّــح غيــدٍ فــي غلائِلهــا القشـبِ
وَتنشـــقُ أَنفاســـي عطيــر شــميمهِ
وَقـد جـرّ فضـل البرد في مسكة التربِ
وتُطـــرب أســماعي ســواجعُ أيكِهــا
ببـثّ اللّحـونَ العجـم فـي نغـمٍ عـربِ
وُعــوداً أرى الإنجــازَ منهـنّ مكثبـاً
بـوارقَ مِـن صـدقِ العيـانِ علـى نصـبِ
فَمـا اِرتـدّ عنهـا الطـرف حتّى تضرّمت
بِنــارٍ لهــا شــبٌّ بإعصــار ذي هـبِّ
فَثُبـتُ وَقـد أملقـتُ فيهـا مـن الرجا
أقلّــب صـفر الكـفّ واللّحـظ والقلـبِ
فَــوا عجــبي للنــارِ كيــفَ تـأجّجت
ومـا اِحـترقَ القرطـاس من زفر اللّهبِ
ووا عَجـــبي للنــارِ كيــفَ تمــدّدت
عَلــى عُمُـدِ الأقلامِ عمـداً إلـى قلـبي
فَبـــتّ لَهــا فــي ليلــةٍ نابغيّــةٍ
وَلكـنّ رُقشـي حسـبُها اللحـظ بالسـلبِ
تخطّــى إلــى قلــبي كتابُــكَ مجملاً
فَمـا حـلّ حتّـى حـلّ عقـراً عـن اللحبِ
وجــاوَز حُرّاســاً مــن الفضـلِ يتّقـي
تقحّمهــا بِــاللّحظ ذو الـدهيِ والأربِ
كِتــابٌ كريــمُ المُنتمــى غيـر أنّـه
بِغيــرِ كريــمِ الخلـق عُلّـق والنسـبِ
أَتــاني وَمــا وطّنــتُ نَفسـي لمثلـهِ
وَمـا جـاءَني بِالصـاعقاتِ مـن العتـبِ
مَلكــتُ لــه نَفســي وَكــانت عصــيّةً
وَقلــتُ وقَــد ريعــت رويــدك للحـبِّ
أَلَـم تَعلَمـي أنّ الكتـاب قَـدِ اِنتمـى
لِمَـن لَيـس يَعدو الجفن إلّا إلى القلبِ
لِمَـن لَـو علـى الأجفـانِ أَوطـأ نعلـهُ
وَقَــد أرّقــت قُـرّت بـبرد كـرىً كثـبِ
ولــو رام إشــجائي اِعـتراض عتـابه
تــوهّمته السلســالَ مـن سـائغٍ عـذبِ
لَــه نِســبةٌ تَقضــي بِرَعــيِ حقــوقهِ
وَإن أكـذبت فَحـواه دعـواه في النسبِ
فَقَـد يُسـفرُ الإدلال عَـن فجـأةِ الجفـا
وَيُســفر سـهلُ الـدعبِ عـن وعـرٍ صـعبِ
هــبي أنّــه ســهمٌ عـنِ الحـبّ صـادرٌ
إِذا قلــتِ جزمـاً إنّـه ليـس بـالقربِ
وَقــولي إِذا إِحــدى اليـدينِ تخدّشـت
بِأظفـارِ أخـرى حـاكت الجـذل للجـربِ
أَمــا وَحقــوقِ الــودّ لــولا مهابـةٌ
لِمُنشــئهِ الإبـنِ المغلغـل فـي الحـبِّ
لَجــال بنـاني فـي مطـاويه بالقنـا
وأَنحـى لسـاني فيـه بالصـارم العضبِ
وَشـــُنّت عليــه غــارةٌ مــن بلاغــةٍ
يَسـيرٌ بهـا أن تُلحـق التـبر بالتربِ
وَمــا عثَــرات القـولِ يومـاً مقالـة
بِعـــذر ولا كلـــم الكلام بــذي رأبِ
لَعَمــري لقـد أوطـا اليراعـة كـاتبٌ
لأحرُفــه عشــوا مـن المركـب الصـعبِ
أَرام عــزوب الحلــمِ عنّــي مزلـزلاً
بأرجـــلِ نمــل دبّ راســية الهضــبِ
أَم اِســتام بالإغضــاب أن يَســتفزّني
لِبـــادرةٍ لا تســـتردّ مــن العطــبِ
مَعــاذ الّــذي أوعـى بصـدري علـومه
فَجــالَت بــواع منــه مُنفســحٍ وعـبِ
معــاذاً بــه مـن أن تحـوم عزائمـي
عَلــى غيــرِ مُــرضٍ للصــديق وللـربِّ
أَأَنكُــث حبــلَ الــودّ بعــد توافـقٍ
وَلـي حيلـة فـي حمـل بـادرة الصـحبِ
يهــونُ علــى الغـرم اِنصـرام مـودّةٍ
لخــلّ فَيجزيــه بــذنبٍ علـى الـذنبِ
وأمّـــا وتجريـــبي خـــبير مصــدّقٌ
فــإنّ مــداراة الصــديق مــن الأربِ
إِذا ظفـــرت كفّــاك يومــاً بصــاحبٍ
فَـأودعه فـي جفـنِ الرعايـة والهـدبِ
وَمهّـــد لــه أكنــاف بــرّك وثــرةً
فَإن شمتَ منه الخلب فاِكتُمه في الخلبِ
وَأجـــرِ علـــى الإدلالِ كــلّ أمــورهِ
وَلا تتعنّتــــه بتنقيـــرِ ذي رقـــبِ
وَخُـذ منـه عفـو الفعل والقول واِطّرح
مـراءً ولومـاً حيـن ينبـو وإذ يُنـبي
وحــرّره عــن رقّ التكــاليف تَلفــهُ
أخـاً مسـترقّاً ذا اِنتـدابٍ إلـى الحبِّ
وَأَنــت تــرى التكليــف جــدّ مشـقّةٍ
وَلـو كـان يُفضـي للسـعادة عـن كثـبِ
وَإيّـــاك إن أســـديتَ للخــلّ منّــةً
وَمنّـاً فـإنّ المـنّ كالنـار في الحطبِ
إِذا كنــت تعلـوه يـداً فَـاِنخفَض لـه
مقــالاً وإلّا اِسـتبدل الشـكر بـالثلبِ
وَصــن ســرّه والعيـب واِنشـر ثنـاءه
وَصـــله دوالاً بالزيـــارة والكتــبِ
بِــذا تَسـتديمُ الـودّ مـن كـلّ صـاحبٍ
وَتســتلّ أعــراقَ الســخيمةِ مـن خـبِّ
وَلا تَســــتزلنَّ الحــــبيب شـــهادةً
ولا تَـكُ جاسوسـاً علـى الغيـبِ بالعيبِ
وَقيّــد بليـنِ القـولِ شـاردة الرضـا
وأكّــد بفــرطِ الإحـترام عـرى الحـبِّ
وَأَخجــل جفــوّاً بالمــداراة واِطّـرح
رعونـة نفـسٍ فـي المكافـاة بـالريبِ
فَلا راحــةٌ إن قوبـل الـذنبُ بالجفـا
وَلا ســُؤددٌ إن جُـوزي الـذنبُ بالـذنبِ
وَكُــن وســطاً بيــنَ الشــقاق وضـدّه
فــإنّ نفاقــاً أَن توافــق عـن عقـبِ
وَإيّـــاك والإدلال واِحـــذر معـــادهُ
وَلا تــأمَنن وشــك التقلّـب مـن قلـبِ
نصـــائح جــاريتُ الكتــاب ببثّهــا
مُجـاراة مغـضٍ مغمـضِ الطـرف عـن رجبِ
فــدونك نُصــحاً فــي عتــابٍ ومدحـةً
تُؤلّـف بيـن الشـاةِ في اللطفِ والذئبِ
فــأدمجتُ فيــه المــدح ثـمّ مَحَضـتهُ
كمـا صـيغَ تـبراً غمـد ذي زخـرفٍ عضبِ
فـإن يـكُ قبـل اليـومِ خـامرك اِمترا
فقــد بـرح اليـوم الخفـاءُ بلا حجـبِ
حَبــاكَ لسـانُ المجـدِ خالصـةَ الثنـا
وَأَولتـك أبصـار العلـى غايـة الرجبِ
وغيــرُك مــن تُبـدي الجفـاء طبـاعه
ويعــدل فــي جـدٍّ وهـزلٍ عـن اللحـبِ
وَلُطفــك يــأبى أن تــروع مواليــاً
وَيســتأثر السـرّاء فيـك عـن الصـحبِ
فَلا تَكســـفَن بـــالعتبِ نظـــرة ودّهِ
فــإنّ مثــار العتــب مربـدة الحـبِّ
وإن قلـــتُ إلّا أنّهـــا عمــد زلّــة
فَهـل لـك إلّا الصـفح عـن زلّـة تكـبي
فــدىً لـك مـن نـاوى الّـذين يـودّهم
ولـو قلـت مـن نـاواك رعت ذوي الحبِّ
ولـو جـاز فـي الفـادين أنّـك حـائزٌ
لأعمــارهم أدخلـتُ نفسـي فـي الحسـبِ
لَئن كـانَ مـا يُرضـيك يَمنعُنـي الكرا
فَجافى الكرا جنبي وأنبى الوطا جنبي
وَإن كـانَ مـا يُرضـيك يمنعنـي الروا
عَلـى ظمـأٍ عفـتُ الـورود مـن الشـربِ
لِيهنيــك أنّــي قــد حســوتُ مـراره
ولا زال منــه بــي مســاورة الرعـبِ
وَيُهنيـــك أنّـــي لا أزالُ لوقعهـــا
وَمـن نزعهـا ألقـى الأليـم من الكربِ
وَهـــب أنّهـــا كــانت كضــربةِ لازبٍ
فهلّا علــى حســن التلطّـف فـي الـربِّ
فضـــنّ بمــن جرّبتــه وهــو مغضــبٌ
فَـألفَيته فـي البعـدِ خلّاً وفـي القربِ
وخصّصــه بــالودّ الّــذي أنـت أهلـهُ
وَأَعلـن لَـه فضـل المزيّـة فـي الصحبِ
تَجــد منــه حــرّاً للصـنيعة شـاكراً
وفيّـاً ولـو جـرّ الوفـاء إلـى العطبِ
أَضــاع عــبيرّ الــودّ إضـرامُ صـدرهِ
وَكشــّف عــن إبريــزه عاشــي الحـبِّ
فَكـم قَـرع الأقـوامُ مـن قبـل مروتـي
فشــحّت ولــم تطــب بســقطٍ ولا شـكبِ
فأمّـا وفـي يمنـاك قـد هـزّت العصـا
فقــد فجّـرت منهـا ينـابيع كـالثعبِ
وَأَفضــت ســَجاياهم لأبنــاءِ فكرتــي
ســحاباً ليســتعلمن منقطــع النسـبِ
وظنّــي وفــوقَ الظـنّ عهـدك أن تـرى
شـَحيحاً بعـرض الخـلّ مـن ماضغ الصحبِ
وَعـــاينتُ إذ عهـــدي بكفّــك لجّــةً
مِـنَ الآيِ تَسـجيرُ البحـارِ مـن الزعـبِ
فــإن أتّهـم فيـك العيـان فبـالحرى
وإلّا فمـا لـي فـي البقا بعد من أربِ
أحاشـــيك أن ألــوي بعهــدك زلّــةً
وَأكــبر أن تســتنزل الحـرّ بـالثلبِ
أَمـا فـي كريـم العهـدِ والـودّ شافعٌ
لــذنبي إنّ الـذنب يَمنـع مـن ثربـي
أَمـا فـي جـريِّ الرأيِ والعزمِ والحِجا
مِـن الرفـق مـا يبقـي على ذمّةِ الحبِّ
أيــا جيــرةً جــاروا علــيَّ بذلّــةٍ
إِلـــيّ منهــم أســتنيم إلــى حــبِّ
حَنــانيكمُ بعــد الجفــاء وإن يكـن
بِعيشـــي لكــم رأيٌ فعنــدكمُ طبّــي
أحـــاول منّـــي بعـــث ودٍّ بحربــةٍ
وَمِــن عبــثٍ بعــث المـودّة بـالحربِ
أَدرتــم لنــا كـأسَ العتـاب مريـرةً
فَعـودوا مِـن العتـبى بنقـل لها عذبِ
أَمــا إنّــه واللّـه لـولا اِقتفـاؤكم
لضــلّ مُريـد الوصـل مـن مسـلكٍ صـعبِ
فَلـــي رامــحُ الأقلام لَيــس يطيشــهُ
تهيّــبُ ذي بــأسٍ إذا جـال فـي حـربِ
بِراحتـــه ريّـــانُ يقـــذف أريـــهُ
عَلــى أنّـه النضـناض عـضّ علـى قشـبِ
هــو الرمــحُ إلّا أنّــه غيــر راعـشٍ
هــو السـّهم لكـن لا يَطيـشُ ولا يجـبي
ردينـــيّ أخطـــارٍ شـــَروعٌ مثقّـــفٌ
بــريٌّ نفــوذٌ شــدّ رائشــة النــدبِ
يُجلّـي البيـاضَ المحـضَ مـن خرصِ أخرسٍ
وَيَجلـو قـذى الأجفـانِ بالقـذذ النشبِ
يُقيــمُ مِــنَ المـزورّ مـذرى اِزوراره
وَمِـن ذي صـغى للعجـب صـاغية العجـبِ
ويُصــمي مــن الصــمّاء مخـرت سـمّها
وَمـن خطـبِ شـكلٍ عصـل شـاكلة الخطـبِ
كـــأنّ عيونــاً رانيــاتٍ إِذا جــرى
تُحــابيه مكنـون السـواد علـى رقـبِ
نَعــم وقلوبــاً هاميــاتٍ تــودّ لـو
ســُويداؤُها كـانت لـه صـبغةَ الخضـبِ
إِذا رمـتَ مِنـه اللّهـو ناغـاك بلبلاً
وَإِن تـدعُهُ العليـاء كـان مـن الشهبِ
تَــرى ذنــبَ الطــاووسِ ســهّم طرسـه
يُحـاكي بهـا منقاره الندف في العطبِ
يُغـادر طـرف الـبرقِ فـي الجوّ ضالعاً
وَيفضـحُ وشـيَ الـودقِ فـي صفحةِ الهضبِ
هـوَ الـذابِلُ الـذاوي الّذي إن ترشّحت
لَـه نُطفـةٌ فـي الطـرسِ أورق بالخصـبِ
هـو السـابقُ المُـذكي عـدا أنّ سـبقهُ
لِمُجريـهِ يُعـزى مـا لـه فيـه من شعبِ
تخيّـــر مــن جُــردٍ عتــاقٍ ضــوامرٍ
مَــراوحَ لا تــذني ســوابح لا تكــبي
مُعــوّدةً مــا إن تغــبّ عــنِ الـونى
ولا تَنثنـي يومـاً وصـايا مـن اللغـبِ
تَــوجّس إذا أَعطتــه يومــاً يمينــهُ
لِموقفــةِ الألبـابِ فـي سـاحة العجـبِ
وَأيقِــن بــأنّ البحـر يطمـو عبـابهُ
فحـدِّث عـنِ البحـرِ الغطمطـم ذي العبِّ
بِمــا شــئتَ مِــن حلــيٍ يُطـوّق لبّـةً
وَمـا شـئتَ مِـن لـجٍّ ومـا شئت من سحبِ
وَمــا شــئتَ مِـن روضٍ يكلّلـه الحيـا
وَتصــدحُ منـهُ الـورق فـي فنـن رطـبِ
وَمـا شـئت مـن نهـرٍ قـد اِطّـردت بـه
مُفاضــة مــاذيٍّ علــى صـفحة العضـبِ
وَإِلّا فَمــا يُرضـي الممالـك مـن سـطا
وَمِــن غـارةٍ شـعواءَ فـي مـأزقٍ صـعبِ
وَمـــن غُــررٍ وضــّاحةٍ مــا تطلّعــت
عَلـى الخطـب إلّا اِنجاب محلولك الخطبِ
وَمــن فــلِّ حــدِّ البــاترات بـأبترٍ
وَقصــفِ العـوالي بالمطـاعن عـن وربِ
وَحســبكَ فــي عــزٍّ يماريــك عــوزهُ
بِقرملــةٍ مــن طــمّ منفجــرِ الثعـبِ
أَلــم يــدرِ ذاك الغـرّ كنـه مكانـةٍ
عَلــى حســنِ رأيٍ للـوزير بـه تنـبي
رَعـى اللّـه مـن ذاك الـوزير فراسـةً
وَلُطـــفَ تهـــدٍّ بالقوابــل للعقــبِ
تَوســّم ســقطاً مــن ذكــاءٍ وَرَت بـه
مَخــائِله فَاِستضــرم الســقط بالشـبِّ
ضــَواه لإِنشــاءِ الكتابــة فَــاِعتزت
لَـه رتبةُ الإنشا اِعتزاء القطا السربِ
فَمــا كــذبت أَن فـاخرت بِاِنتمائهـا
إِليـه وَجـادت منـه بالشـاهد الحسـبِ
فَلَيـــس لهــا كفــؤٌ ســواه وإنّــه
لَفــارسُ ميــدانِ التكتّــب والكتــبِ
يمــدّ يــراع الخــطّ سلســالُ طبعـهِ
بِأنـدى علـى الأكبـادِ من بارد السكبِ
وَيخطـــرُ إعطافــاً فيبــدي نثــاره
بِأنضـرَ مِـن وشـي الأزاهـر فـي القضبِ
فَتلقــــطُ درّاً ســــاقَطَته حروفـــهُ
بِســمعك مــن نطـق ولحظـكَ مـن كتـبِ
فللّـــه فــي بُــردَي شــبابٍ وعفّــةٍ
مُحيّـا يـواري البـدر فـي هالَتي عجبِ
وَللّــــه محضـــا عـــزّةٍ وتواضـــعٍ
يُنتّجـــه حصـــنُ المجــادة واللــبِّ
قَريــن النــديّين السـماحةِ والتقـى
مُعـدٌّ مـن الفـوزين في الحالِ والعقبِ
لَـه فـي سـَوادِ العيـن والقلـب منزلٌ
وَإِن كـانَ لا يـأوي سـوى منـزل القلبِ
تَبــوّأ مــن نفــس الــوزير مكانـةً
تُنافســهُ فــي نيلهـا أعيـنُ الشـهبِ
وَمـــا هـــو إِلّا أهلُهــا وكفيؤهــا
وَأهــلٌ لمــا عنـه مـن الإِعتلا تنـبي
أَلا أيّهــا الصــهميمُ والأوحـد الّـذي
محضــتُ لــه مَــدحي وَأَخلصــته حبّـي
وَمــن كلّمــا مــرّت بــذكري صـفاته
تهلّـل وجـه الـدهر لـي بعـدما قطـبِ
وَمــن كلّمــا ســمتُ القـوافيَ مـدحهُ
أَجــابَ لهـا نطقـي ولبّـى لهـا لبّـي
إصــــاخة إقبـــالٍ علـــيّ فـــإنّه
بريــقِ سلســالِ الحيـاةِ همـى سـكبي
وَإِصـــغاء إذعـــانٍ إلـــيّ فإنّمــا
لإلقــاءِ إكســيرِ الكلامِ ســما لهـبي
وَدونـــك عــذراء البلاغــةِ أَقبَلــت
تحيّـي علـى اِسـتحيا وتغضـي على رجبِ
تَشــوبُ بحــرّ النصــحِ بـردَ مَـديحها
كَمـا شـبّ ومـض الـبرق فـي صـيّبٍ رضبِ
وَتُفـرغ مـن تـبرِ الثنـا غمـد مرهـفٍ
سـَجاياك تستنضـيهِ مـن دلّهـا المُصبي
لَهـا منطـقٌ يسـتوقفُ الشـهب عـن سرى
فَمـا تَسـتبين الشـرق من موقع الغربِ
أَرقُّ مــن اللّحــظ الفتــون فتــورهُ
دَعــا لِلهـوى صـبّاً بإيمـاءةِ الهـدبِ
وَأســحرُ مــن ثغــر يُناغيـك باسـماً
بمنثـورِ منضـود مـن اللّؤلـؤ الرطـبِ
وَأَوقـع فـي الأسـماعِ مـن لحـن مطـربٍ
بشــجوٍ ومِــن وعـدٍ مـن الحـبِّ للصـبِّ
وَأَنـدى علـى الأكبـادِ من مسعفِ المنى
وَأعـذبُ فـي الأفـواه مـن رشفة الضربِ
وَأَفعـل فـي الألبـاب مـن خمـرِ بابـلٍ
وأعجــبُ للمرتـادِ مـن موقـع الخصـبِ
فَأوسـِع لهـا عُـذراً فـإنّي اِرتَجَلتهـا
ولبّـي بخطـبِ العتـبِ ينقـف فـي خطـبِ
وَلَـــم أَســـتَجِز إرجاءهــا لتــأنّقٍ
عَلـى وفـق مـا أرضـى لمـدحك من نحبِ
أَتيــتُ بهــا فـي نحـوِ حسـوة طـائرٍ
وَعــدتُ عَليهــا بالزيــادة والهـذبِ
فَجئتُ بنـــزرٍ منــه عقــداً منضــّداً
أجــادَ بِجيــدٍ لــم يغـصّ ولـم يـربِ
وَإِن كـان ذاك الجيـد قـد شـبّ عمـره
عَـن الطـوقِ فـاِجعله التميمـة للحجبِ
فَلــو ســاجَلَتها المــذهباتُ لأصـبَحت
بِهــا مـذهباتٍ مـن قلـوب ومـن كتـبِ
عَلــى أنّهــا عتــبُ الجنـانِ تـدفّقَت
تـــدفّق يعبـــوبٍ لمنحـــدرٍ ثعـــبِ
فَظــنّ بهــا عَــن أن تـدار كؤوسـها
علــى غيــر ذي شـكرٍ لموقعهـا نـدبِ
وَكـــرّر بهـــا ســُكراً حلالاً وســكّراً
حَلا لا يمــلّ الــدهر ذائقــه اللبّـي
وَدم يـا قريـع المجـدِ والفخرِ راقياً
مــدارج عــزّ فــوق مرقيــة الشـهبِ
محمود بن محمد قابادو أبو الثنا.نابغة وأديب وشاعر تونسي، رحل إلى طرابلس والتقى الشيخ المدني فأجازه بالطريقة ثم رجع إلى تونس وعكف على تدريس كل الفنون وهو حديث السن وقرأ على الشيخ أبي العباس أحمد بن الطاهر وانتدب لتعليم ابن أبي الربيع السيد سليمان أحد أعيان الدولة.برز على أبي الطيب بن الحسين بما أبداه من مدائح ملوك بني الحسين.ثم رحل إلى إسطنبول وأقام فيها بضع سنين ثم عاد وتولى التعليم في مكتب الحرب وأنشأ قصيدة وجهها إلى البهاء أسفر وكان قد راسل بشأنها شيخ الإسلام محمد بيرم الرابع يستشيره بنظمها.