
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مِنَ الدَهرِ تَشكو أَم عَلى الدَهرِ تَعتَبُ
وَمـــا صــِاحِبُ الأَيّــامِ إِلّا مُعَــذَّبُ
شـــَكِيٌّ بِلا قـــاضٍ شــَجِيٌّ بِلا أَســىً
إِذا بـاتَ فـي دُنيـاهُ يَعتَـبُ يَعتَـبُ
يُلاقـي الأَسـى فـي صـَدرِهِ كُـلَّ مَـذهَبٍ
مَـتى ضـاقَ عَنـهُ فـي البَسيطَةِ مَذهَبُ
هُـوَ المَـرءُ فـي كَـفِّ الزَمـانِ مُقَلَّبٌ
يُقاسـي عَـذابَ المَـوتِ وَالدَهرُ يَلعَبُ
تَوَلَّــدَ فـي الـدُنيا حَليـفَ مَصـائِبٍ
فَلَــم يُغــنِ عَنـهُ حِرصـُهُ وَالتَجَنُّـبُ
يُصــاحِبُها وَهــيَ العِــداةُ وَإنَّــهُ
لَخَسـْفٌ بِـأَن تَشـْنا الَّـذي أَنتَ تَصحَبُ
إِذا نَقَصــَت مــن كُــلِّ عِـزٍّ حُظـوظُهُ
فَأَســهُمُهُ مِــن نَكبَــةٍ لَيـسَ تَغلِـبُ
طَريــدُ لَيـالٍ بـاتَ فـي كَـفِّ طـارِدِ
وَمَطلـوبُ دَهـرٍ عِنـدَ مَـن هُـوَ يَطلُـبُ
فَبَينـا يُسـامُ الخَسـفُ مِـن كُلِّ وِجهَةٍ
إِذا هُــوَ فـي بَطـنِ الضـَريحِ مُغَيَّـبُ
فَلِلَــهِ يــا دُنيــا حَياتُـكَ كِربَـةٌ
وَفيـكِ غُـرابُ البَيـنِ مـا زالَ يَنعَبُ
رَأَيتُـكَ مَحـضَ الغِـشِّ فـي مَحـضِ قُدرَةٍ
فَلا مِنــكِ رهبــانٌ وَلا فيــكَ أَرغَـبُ
وَإِنّــي وَإِن ضــاقَت عَلَــيَّ مَـذاهِبي
لَــدَيكَ فَصــَدري مِـن فِنـائِكَ أَرحَـبُ
اَرى بِـكَ مِـن نَكـدي وَصـَبري عَجائِباً
وَأعجَــبُ مِــن حـالي وَحالُـكَ أَعجَـبُ
فَهَـل فيـكَ ضـَيمٌ مِثـلُ بُعـدِ أَحِبَّـتي
مَضــى ذَلِــكَ الأَمــرُ الَّـذي أَتَهَيَّـبُ
بَكَيــتُ عَلَيــهِ وَاِنتَحَبــتُ لَيالِيـاً
فَلَـم يُجْـدني مـا كُنـتُ أَبكي وَأنحَبُ
فَكَــم لَيلَـةٍ مِنهـا قَضـَيتُ مُسـامِراً
نُجـومَ السـَما طَـوراً تُضـيءُ وَتَغـرُبُ
إِلـى جانِبِ الوَرقاءِ تَندُبُ في الدُجى
شـَجِيَّينِ طـولَ اللَيـلِ نَشـكو وَنَنـدُبُ
تَشــِبُّ شــَراراتُ الأَســى بِتَرائبــي
وَيُطفِئُهــا مِــن مــاءِ عَينـيَّ صـَيِّبُ
وَقَـد كنـتُ لا أَبغـي خُمـودَ صـَبابَتي
وَأزجُــرُ طَرفــي إِذ يَجِــفُّ وَيَنضــُبُ
بِصـَدريَ حَـرُّ الشـَوقِ بَـرْدٌ يَلَِـذُّ لـي
وَعِنــديَ وِرْدُ الــدَمعِ وَاللَـهِ طَيَّـبُ
أَبـى اللَـهُ أَن أَهوى السُرورَ وَأَنَّني
عَلـى غَيـرِ صـَوتِ النَوحِ أَشجى وَأُطرَبُ
لَئِن عَذُبَ التَعذيبُ لي قَبلَ ذا النَوى
بِوَجـدي فَهَـل بَعـدَ النَوى لَيسَ يَعْذُبُ
فَيـا لَيـتَ شِعري هَل أَرى الدَهرَ مَرَّةً
لَــدى غَفلَــةٍ عَــن نَكبَـتي يَتَنَكَّـبُ
أَلَيسـَت لِتَصـفو مِنـهُ يَومـاً سـَرائِرُ
فَيَحلُــوَ لــي طَعـمٌ وَيَنسـاغَ مَشـرَبُ
أَمــا تُحفِــظُ الأَيّـامَ مِنّـي وَقيعَـةٌ
وَتَغضــَبُ مِنّــي مِثلَمـا أَنـا أَغضـَبُ
فَقَـد طـالَ وَصـفي نَكـدَها غَيرَ كاذِبٍ
أَلا لَيتَهــا تَســعى بِــرَدٍّ وَأَكــذِبُ
فَتَبّــاً لَهـا مِـن مُصـمِياتِ سـِهامِها
وَلا يَنفَــعُ الإِنسـانَ مِنهـا التَـأَتُّبُ
هِـيَ الـدُجْنُ أَمّـا صـاعِقاتُ خُطوبِهـا
فَصــِدْقٌ وَأَمّـا البَـرقُ مِنهـا فَخُلَّـبُ
قَضـى قَبلَنـا الكِنـدِيُّ أَحمَـدُ حِقبَـةً
يُعَنِّفُهـــا فـــي شـــِعرِهِ وَيُــؤَنِّبُ
عَلـى أَنَّهـا الدُنيا إِذا شِئتَ وَصفَها
وَإِن لَــم أَشـا تَملـي عَلَـيَّ وَأكتُـبُ
وَإِنّـي وَإِن لَـم تُحينـي غَيـرَ صـَبوَةٍ
فَكَـم ناشـَني مِنها إِلى اليَومِ مَخلَبُ
سَأَشــكُرُها إِذ أَنَّهــا مُـذ حَـداثَتي
لَقَــد عَـوَّدَتني الصـَبرَ وَهـوَ مُحَبَّـبُ
وَقَــد نَجَّــذَتني الحادِثـاتُ وَأَدَّبَـتْ
وَلَيــسَ كَمِثــلِ الحادِثــاتِ مُــؤَدِّبُ
وَلَكِنَّهـــا مِنّـــي تُمـــارِسُ شــِدَّةً
وَقَــد عَجَمــتْ عـودي فَعـوديَ أَصـلَبُ
وَمــا عَــدِمتْ مِــن شــِدَّةٍ وَبَراعَـةٍ
وَلَكِــنَّ مَــن لاقَــت أَشــَدُّ وَأَنجَــبُ
وَلَكِنَّـــهُ لا نَفــعَ فيهــا لِصــابِرٍ
إِذا لَـم يَكُـن مِنهـا لَعَمـرُكَ مَهـرَبُ
مُحاكِيَــةً لِلبَحــرِ تَعلــوهُ جيفَــةٌ
وَفيـهِ نَفيـسُ الـدُرِّ في القَعرِ يَرسُبُ
فَيَعــدِمُ فيهـا الحَـظَّ مَـن يَسـتَحِقُّهُ
وَيُحــرَمُ فيهـا الكَسـبَ مَـن يَتَكَسـَّبُ
وَيَحظـى بِهـا بِالجِـدِّ مَـن لا يَرومُـهُ
وَيَشـوى بِهـا بِالسـَهمِ مَـن لا يُصـَوِّبُ
إِذا الحَقُّ لَم يُصبِح عَلى الكُلِّ سائِداً
فَلَيــسَ لِحُــرٍّ فــي البَرِيَّـةِ مَـأرِبُ
وَإِن عَــدِمَ الحَــقُّ المُـبينُ نَصـيرَهُ
فَمــا يَرتَضــي بِـالعَيشِ حُـرُّ مُهَـذَّبُ
وَإِن لَـم تَكُن فينا عَلى الخَيرِ عُصبَةٌ
فَفيمــا ســِواهُ ســاءَ مـا نتَعَصـَّبُ
فَلَيــسَ بِمَغــنٍ لِلكَريــمِ اِتِّسـاعُها
إِذا كـانَ فيهـا الحَقُّ كَالمالِ يُنْهَبُ
لَكَــم بِــتُّ أُنضــي هِمَّــتي لِأُقيمَـهُ
وَأُظهِــرَهُ فــي بَعــضِ أَمـرٍ وَيُحجَـبُ
فَمــا زالَ لِلأَبصــارِ تَحــتَ سـَتائِرٍ
إِذا زالَ عَنــهُ غَيهَــبٌ جَــنَّ غَيهَـبُ
وَإنّـي مِـنَ القَـومِ الَّـذينَ هُـمُ هُـمُ
إِذا غــابَ مِنهُــم كَـوكَبٌ لاح كَـوكَبُ
عِتـاقَ المَعـالي قَـد تَسامَت جُدودُهُم
عَلـى الشـُّمِّ مِمَّـن أَنسَلَ الشَيخُ يَعرُبُ
لَهُـم نِسـبَةٌ فـي أقعَسِ المَجدِ عرقُها
لَــه مَنــزِلٌ فَــوقَ السـِماكِ مُطنَّـبُ
أَصـاحِبُهُم فيهـا الفَصـاحَةُ وَالحِجـى
وَبَــذلُ اللُهـى وَالمَشـْرَفِيُّ المَـدَرَّبُ
بُـدورٌ إِذا الهامـاتُ بِـالبيضِ عُمِّمَتْ
لُيـوثٌ إِذا الهامـاتُ بِـالبيضِ تُضرَبُ
بحــورٌ إذا الأرزاءُ ألقـتْ جرِانَهـا
غيـوثٌ إذا الأعـوام بـالقوم تجـدبُ
فَياصـــِلُ حَــقٍّ بِالبَيــانِ وَتــارَةً
فَياصـــِلُ إِذ دارَ الأَصــَمُّ المُكَعَّــبُ
لَهُــم حَسـَبٌ يَحكـي الشـُموسَ وُضـوحُهُ
يُزاحِــمُ مَنـهُ مَنكِـبَ الشـَمسِ مَنكِـبُ
فَـإن كُنـتَ مَنسـوباً إِلَيهِـم فَإِنَّهـا
إِلَيهِــم لَتُعـزَى المَكرُمـاتُ وَتُنسـَبُ
فَـدونَ اِنتِسابِ المَرءِ لِلمَجدِ وَالعُلى
لَعَمـــــرُكَ لا يَغنيــــهِ أُمٌّ وَلا أَبُ
فَمـا دُمـتُ حَيّاً في الزَمانِ فَلَم تَزَل
عَلــيَّ حُقــوقٌ لَيــسَ مِنهُــنَّ أَوجَـبُ
أَهُـــمُّ بِأَشــياءٍ كِبــارٍ وَدونَهــا
مِنَ البُعدِ في ذي الحالِ عَنقاءُ مَغرِبُ
أَرى الفَتـحَ يَـدنو كُلَّمـا أَنا ساكِنٌ
وَيَبعُــدُ عَنّــي كُلَّمــا أَنـا أَقـرَبُ
وَقَـد غـادَرتْ قَلـبي العَوارِضُ حائِراً
هُـوَ القَلـبُ مِـن تِلـكَ الحَوادِثِ قُلَّبُ
تَــوارَدُ أَنواعــاً كِثــاراً وَكُلُّهـا
تُـؤثّرُ فـي القَلـبِ اللَطيـفِ وَتَنشـُبُ
شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.من سلالة التنوخيين ملوك الحيرة، عالم بالأدب والسياسة،مؤرخ من أكابر الكتاب، ينعت بأمير البيان.من أعضاء المجمع العلمي العربي، ولد في الشويفات (بلبنان) وتعلم في مدرسة (دار الحكمة) ببيروت، وعين مديرأً للشويفات سنتين فقائم مقام في (الشوف) ثلاث سنوات وأقام مدة بمصر وانتخب نائباً عن حوران في مجلس (المبعوثان) العثماني وسكن دمشق في خلال الحرب العالمية الأولى ثم (برلين) بعدها وانتقل الى جنيف (بسويسرا) فأقام فيها نحو 25 عاما وعاد إلى بيروت فتوفي فيها ودفن بالشويفات.عالج السياسة الإسلامية قبل انهيار الدولة العثمانية وكان من أشد المتحمسين من أنصارها.واضطلع بعد ذلك بالقضايا العربية فما ترك ناحية منها إلا تناولها تفصيلاً وإجمالاً وأصدر مجلة باللغة الفرنسية (La Nation Arabe) في جنيف للغرض نفسه وقام بسياحات كثيرة في أوربة وبلاد العرب وزار أميركا سنة 1928 وبلاد الأندلس سنة 1930 وهو في حله وترحاله لا يدع فرصة إلا كتب بها مقالا أو بحثا.جاء في رسالة بعث بها إلى صديقه السيد هاشم الأتاسي عام 1935 م، أنه أحصى ما كتبه في ذلك العام فكان 1781 رسالة خاصة و176 مقالة في الجرائد و1100 صفحة كُتُب طبعت.ثم قال:وهذا (محصول قلمي في كل سنة) وعرفه (خليل مطران) بإمام المترسلين وقال: (حضريّ المعنى،بدويّ اللفظ، يحب الجزالة حتى يستسهل الوعورة، فإذا عرضت له رقة وألان لها لفظه، فتلك زهرات ندية ملية شديدة الريا ساطعة البهاء كزهرات الجبل).من تصانيفه (الحلل السندسية في الرحلة الأندلسية-ط) ثلاثة مجلدات منه، وهو في عشرة، و(غزوات العرب في فرنسة وشمالي إيطالية وفي سويسرة -ط) و(لماذا تأخر المسلمون -ط) و(الارتسامات اللطاف -ط) رحلة إلى الحجاز سنة 1354ه،1935م، و(شوقي، أو الصداقة أربعين سنة-ط)، و(السيد رشيد رضا، أو إخاء أربعين سنة-ط)، و(أناطول فرانس في مباذله -ط)خ لبنان-خ)، و(ملحق للجزء الأول من تاريخ ابن خلدون-ط).وغيره الكثير.وله نظم كثير جيد، نشر منه (الباكورة- ط) مما نظمه في صباه، و(ديوان الأمير شكيب أرسلان- ط).