
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَحَقّـاً عَلَينـا الدَهرُ دارَت دَوائِرُهْ
أَمـا إنَّـهُ لِلـدينِ صـارَت مَصـائِرُهْ
فَشـَدَّ عَلـى الإِسـلامِ ذا اليَومَ ريبُهُ
بِخَطــبٍ وَكــانَت لا تُعَــدُّ كَبـائِرُهْ
ألا إنَّــهُ الـدَهرُ المُصـَرَّحُ بِاِسـمِهِ
بِـأَن لا فَـتىً إِلّا غَـدا وَهْـوَ داهِرُهْ
بَـــواتِرُهُ فينــا مُجَــرَّدَةٌ وَمــا
بَـــواتِرُهُ وَاللَـــهُ إِلّا بَــوائِرُهْ
لَهـا كُـلَّ يَـومٍ فـي البَرِيَّـةِ فَتكَةٌ
تُناديــكَ لا مُنجـاةَ مِمّـا تُحـاذِرُهْ
فَكَــم مَلَــكٍ ضـَخمٍ تَخطَّفَـهُ الـرَدى
قَســاوِرُهُ مِــن حَــولِهِ وَأَســاوِرُهْ
تَخَــرَّمَ كِســرى كاسـِراً حَـدَّ بِطشـِهِ
وَقَيصــَرَ أَردى مـا وَقَتـهُ مَقاصـِرُهْ
وَمــا زالَ يُفنــي كُـلَّ عِـزٍّ يَـؤُمُّهُ
بِبَــأسٍ وَيُلقـي كُـلَّ قِـرنٍ يُسـاوِرُهْ
هُوَ المَوتُ مَن ذا دافِعٌ مُبرَمَ القَضا
إِذا الواحِـدُ القَهّارُ وافَت أَوامِرُهْ
فَسـُبحانَ مَـن تَعنـو الوُجوهُ لِوَجهِهِ
وَلا حَــيَّ إِلّا وَهـوَ بِـالمَوتِ قـاهِرُهْ
دَعا اليَومَ مُحيي الدينِ نَحوَ جَنابِهِ
يَقرِّبُـــهُ مِــن قُدســِهِ وَيُجــاوِرُهْ
سـَرى نَعيُـهُ فـي كُلِّ حَيٍّ فَفي الوَرى
تَعـازيهِ لَكِـن فـي الجِنانِ بَشائِرُهْ
وَبـاتَت شـُؤونُ الدينِ تَجري شُؤونُها
عَلـى فَقـدِهِ وَالفِقـهُ تَدمى مَحاجِرُهْ
وَكُـلُّ اِمـرِئٍ يَبكـي عَلَيـهِ دَماً فَما
عَـواذِلُهُ فـي الحُـزنِ إِلّا عَـواذِرُهْ
لَعَمـرُكَ ما لِلشَرقِ ذا اليومَ أقتَمَتْ
مَشــارِقُهُ وَاليَــومَ أَظلَـمُ نـاظِرُهْ
وَلِلــدينِ وَجـدٌ لَيـسَ تُطفَـأُ نـارُهُ
وَلِلشـَرعِ طَـرفٌ لَيـسَ يُقلِـعُ مـاطِرُهْ
أَصــابَ بَنـي الإِسـلامِ خَطـبٌ عَرَمْـرَمٌ
بِـذا اليَـومِ فَالإِسلامُ تَبكى مَنابِرُهْ
لقـد كـان فيه الشيخ ركناً مشيداً
وكــانت طلاعَ الخــافقين مــآثرُهْ
فَطَبَّـــقَ آفــاقَ البَرِيَّــةِ ذِكــرُهُ
وَسـارَ بِـهِ بـادي الزَمـانِ وَحاضِرُهْ
إِمــامٌ بِــأَفواهِ الجَميـعِ عُلـومُهُ
وَبَحــرٌ بِأَعنـاقِ الجَميـعِ جَـواهِرُهْ
مُبــارَكُ خُلْـقٍ طيّـبُ الـذِكرِ عابِـدٌ
مَهـذَّبُ طَبـعٍ مُشـرِقُ الـوَجهِ سـافِرُهْ
بَقِيَّـةُ ذاكَ السـالِفِ الصـالِحِ الَّذي
بِأَمثــالِهِ الأَقطـابِ جَلّـت ذَخـائِرُهْ
قَــد اِرتَفَعَــت أَســرارُهُ وَتَطَهَّـرَت
لَــهُ ســِيَرٌ غُــرٌّ حَكَتهـا سـَرائِرُهْ
وَأَصــبَحَ فـي أَيّـامِهِ عَلَـمَ الهُـدى
تَعُـمُّ البَرايـا بِالضـِياءِ مَنـايِرُهْ
تَـداعَت بيـوتُ العِلـمِ يَـومَ وَفاتِهِ
وَخَـرّ عِمـادُ الفَضـلِ وَاِنهَـدَّ عامِرُهْ
وَراحَ عَلَيــهِ الفِقـهُ يَلطُـمُ وَجهَـهُ
إِذ اِنتَكَثَــت مِمّـا دَهـاهُ مَـرائِرُهْ
وَلَـم أَدرِ أَنَّ الصـَبرَ تَفَنـى دُروعُهُ
إِلـى أَن قَضى وَالعَزمُ تُفْرَى مَغافِرُهْ
فَقَـد فَرَغـتُ مِـن كُـلِّ بـاكٍ دُمـوعُهُ
كَمـا نَزَفَـت مِـن كُـلِّ راثٍ مَحـابِرُهْ
تَرَحَّـلَ عَـن دارِ الفَنـاءِ إِلى الَّتي
بِهـا عَيشُهُ في الخُلدِ تَجري كَواثِرُهْ
فَقَـد دُكَّ طَـودٌ بـاذِخُ المَجـدِ شامِخٌ
وَغُيِّـضَ بَحـرٌ زاعِـبُ الفَيـضِ زاخِـرُهْ
وَأُغمِــدَ سـَيفٌ صـارِمُ الحَـدِّ بـاتِرٌ
وَغُيِّـبَ بَـدرٌ ثـاقِبُ النـورِ بـاهِرُهْ
ســَلامٌ عَلــى قَــبرٍ تَضــَمَّنَ تُربَـهُ
فَـذلكَ لَحْـدٌ سـاطِعُ العـرفِ عـاطِرُهْ
سـَقَت تُربَـهُ الوَطفا وَلا بَرِحَ الحَيا
يُراوِحُــهُ فــي رَجعِــهِ وَيُبــاكِرُهْ
وَمـا المَـوتُ إِلّا مَسـلَكٌ عَـمَّ نَهجُـهُ
وَجِسـرٌ جَميـعُ الخَلـقِ لابُـدَّ عـابِرُهْ
وَمـا المَـرءُ إِلّا مَيّـتٌ وَاِبـنُ مَيّـتٍ
وَمَـن بَـدْؤُهُ الميلادُ فَـالمَوتُ آخِرُهْ
شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.من سلالة التنوخيين ملوك الحيرة، عالم بالأدب والسياسة،مؤرخ من أكابر الكتاب، ينعت بأمير البيان.من أعضاء المجمع العلمي العربي، ولد في الشويفات (بلبنان) وتعلم في مدرسة (دار الحكمة) ببيروت، وعين مديرأً للشويفات سنتين فقائم مقام في (الشوف) ثلاث سنوات وأقام مدة بمصر وانتخب نائباً عن حوران في مجلس (المبعوثان) العثماني وسكن دمشق في خلال الحرب العالمية الأولى ثم (برلين) بعدها وانتقل الى جنيف (بسويسرا) فأقام فيها نحو 25 عاما وعاد إلى بيروت فتوفي فيها ودفن بالشويفات.عالج السياسة الإسلامية قبل انهيار الدولة العثمانية وكان من أشد المتحمسين من أنصارها.واضطلع بعد ذلك بالقضايا العربية فما ترك ناحية منها إلا تناولها تفصيلاً وإجمالاً وأصدر مجلة باللغة الفرنسية (La Nation Arabe) في جنيف للغرض نفسه وقام بسياحات كثيرة في أوربة وبلاد العرب وزار أميركا سنة 1928 وبلاد الأندلس سنة 1930 وهو في حله وترحاله لا يدع فرصة إلا كتب بها مقالا أو بحثا.جاء في رسالة بعث بها إلى صديقه السيد هاشم الأتاسي عام 1935 م، أنه أحصى ما كتبه في ذلك العام فكان 1781 رسالة خاصة و176 مقالة في الجرائد و1100 صفحة كُتُب طبعت.ثم قال:وهذا (محصول قلمي في كل سنة) وعرفه (خليل مطران) بإمام المترسلين وقال: (حضريّ المعنى،بدويّ اللفظ، يحب الجزالة حتى يستسهل الوعورة، فإذا عرضت له رقة وألان لها لفظه، فتلك زهرات ندية ملية شديدة الريا ساطعة البهاء كزهرات الجبل).من تصانيفه (الحلل السندسية في الرحلة الأندلسية-ط) ثلاثة مجلدات منه، وهو في عشرة، و(غزوات العرب في فرنسة وشمالي إيطالية وفي سويسرة -ط) و(لماذا تأخر المسلمون -ط) و(الارتسامات اللطاف -ط) رحلة إلى الحجاز سنة 1354ه،1935م، و(شوقي، أو الصداقة أربعين سنة-ط)، و(السيد رشيد رضا، أو إخاء أربعين سنة-ط)، و(أناطول فرانس في مباذله -ط)خ لبنان-خ)، و(ملحق للجزء الأول من تاريخ ابن خلدون-ط).وغيره الكثير.وله نظم كثير جيد، نشر منه (الباكورة- ط) مما نظمه في صباه، و(ديوان الأمير شكيب أرسلان- ط).