
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَــذَكَّرَ ماضــيهِ فَأَبكــاهُ حاضـِرُه
حَليـفُ سـَقامٍ والِـهُ القَلـبِ صابِرُه
تَكَتَّــمَ حَتّــى نَـمَّ عَنـهُ اِصـفِرارُهُ
وَأَفشـى هَـواهُ مـا تُسـيلُ نَـواظِرُه
صـَريعُ العُيـونِ السودِ سَكرى عُيونُهُ
بَــواطِنُهُ بــاحَت بِهِــنَّ ظَــواهِرُه
أَهـابَت بِـهِ ذِكـرى الهَوى فَأَجابَها
بِــدَمعٍ ســَخينٍ لا تَجِــفُّ بَــوادِرُه
وَمـا كـانَ عَنهـا فـي سـُلُوٍّ وَإِنَّما
هُـوَ الوَجـدُ فَاِسلَم قَد تَجَدَّدَ ثائِرُه
تَــذَكَّرَ لُبنانــاً فَجــاشَ حَنينُــهُ
وَعــاوَدَهُ مِـن شـَوقِهِ مـا يُسـاوِرُه
وَعَهداً صَفَت فيهِ الحَياةُ عَلى الهَوى
أَدالَ الجَفـا مِنـهُ وَدالَـت أَواصِرُه
شـــَقِيٌّ بِـــذِكراهُ ســَعيدٌ مُعَــذَّبٌ
مَريـضٌ صـَحيحٌ باسـِمُ الحَـظِّ عـاثِرُه
تَمَثَّــلَ أَيّــامَ الوِصـالِ وَمَـن لَـهُ
بِإِرجاعِهـا أَو مَـن عَلَيهـا يُؤازِرُه
وَأَيّــامَ بكفَيّــا وَكَيــفَ بِمِثلِهـا
سـَقاها وَحَيّاهـا مِـنَ الغَيثِ باكِرُه
عَرينَــةُ أَشــبالٍ وَخيــسُ ضــَياغِمٍ
وَمَربَـــضُ آرامٍ حَمَتـــهُ جَـــآذِرُه
أَطَلَّـت عَلـى بَيـروتَ وَالصُردُ دونَها
يُفاخِرُهــا فــي حُســنِهِ وَتُفـاخِرُه
وَجاوَرَهـــا صــنّينُ حَتّــى كَــأَنَّهُ
يُراوِدُهــا عَــن نَفسـِها وَتُحـاذِرُه
يُســارِقُها الأَلحــاظَ وَهــيَ حَيِيَّـةٌ
تهيــمُ بِــهِ لَكِنَّهــا لا تُجــاهِرُه
وَلَــو أَنَّهـا أَلقَـت عَلَيـهِ بِنَظـرَةٍ
لَزُلــزِلَ راســيهِ وَشــُقَّت مَـرائِرُه
كَـأَنّي بِـهِ شـَيخاً ثَـوى فَـوقَ عَرشِهِ
قَـدِ اِخضـَرَّ مَعـراهُ وَشـابَت غَدائِرُه
إِذا الثَلــجُ حَيّـاهُ تَبَلـوَرَ جيـدُهُ
وَغنَّــت ســَواقيهِ وَفاضـَت أَسـاجِرُه
وَإِمّـا كَسـاهُ الصـَيفُ وَشـيَ زُهـورِهِ
أَرَتــكَ أَفــانينَ الجَمـالِ مَـآزِرُه
وَإِمّـا بَكَـت عَيـنُ السـَماءِ تَبَسـَّمَت
جَنـائِنُهُ وَاِفتَـرَّ فـي الرَوضِ زاهِرُه
لَعَمــرُكَ مــا لُبنــانُ إِلّا كَقـائِدٍ
ظَفيــرٍ وَهاتيــكَ القِلاعُ عَســاكِرُه
رِعــانُ رَواســيهِ وَكــورُ نُســورِهِ
وَأَمّــا مَــآوي أُســدِهِ فَمَغــاوِرُه
وَأَوداءُ قاديشــا قُبــورُ عُــداتِهِ
وَأَمّــا وَشـيجُ المُنحَنـى فَبَـواتِرُه
هُـوَ الخُلـدُ وَالغيدُ الأَماليدُ حورُهُ
وَتِلـكَ الطُيـورُ الصـادِحاتُ شَواعِرُه
وَمـــا أَرزُهُ إِلّا ســـُدورُ نَعيمِــهِ
وَهَـذي الجِبـالُ الشـامِخاتُ مَشاعِرُه
وَمــا الأُفــقُ إِلّا هَيكَــلٌ وَنُجـومُهُ
شــُموعٌ وَأَنفـاسُ النَسـيمِ مَبـاخِرُه
وَمــا اللَيــلُ إِلّا كـاهِنٌ وَضـَبابُهُ
بُخــورٌ وَعَقــدُ النَيِّـراتِ مَنـابِرُه
وَمــا هَينَمــاتُ الريـحِ إِلّا صـَلاتُهُ
وَمــا الرعَـدُ إِلّا وَعظُـهُ وَحَنـاجِرُه
وَمــا القَمَـرُ الوَضـّاءُ إِلّا ذَبيحَـةٌ
وَمــا وَمَضـانُ البَـرقِ إِلّا مَجـامِرُه
وَمـا الكَـونُ إِلّا شـاعِرٌ فـي سُكونِهِ
قَصــائِدُهُ هَــذي وَتِلــكَ خَــواطِرُه
طَـــروبٌ غَضـــوبٌ ضــاحِكٌ مُتَجَهِّــمٌ
صـَموتٌ فَصـيحٌ نـاعِسُ الجَفـنِ ساهِرُه
تَــأَلَّقَ وَجـهُ الفَجـرِ مِـن بَسـَماتِهِ
وَسـالَ النَـدى مِمّـا تَسـِحُّ مَحـاجِرُه
فَلِلَّــهِ قُطــرٌ كَــالنَعيمِ وَمَــوطِنٌ
تُحَــدِّثُ عَــن جَنّـاتِ عَـدنٍ مَنـاظِرُه
حَكــى عَـن سـَجاياهُ صـَفاءُ أَديمِـهِ
حَــديثاً رَوَتــهُ لِلنَسـيمِ أَزاهِـرُه
وَكَــم بَعَثَـت فـيّ الشـُعور شُموسـُهُ
وَكَـم أَيقَظَـت فـيّ الخَيـال دَياجِرُه
رَفيـعُ الـذُرى ناهيكَ مِن حُسنِهِ وَما
يَـرى مِـن أَفـانينِ الحَفاوَةِ زائِرُه
لَئِن هــاجَ أَشــواقي فَــرُبَّ مُتَيَّـمٍ
تَــذَكَّرَ ماضــيهِ فَأَبكــاهُ حاضـِرُه
فؤاد بن الشيخ عبد الله بليبل.أديب، شاعر، ولد بكوم حمادة بمديرية البحيرة بمصر في نوفمبر 1911م وأصله من بلدة بكفيا بجبل لبنان،تربى على البذخ ورغد العيش، التحق بكلية الآباء اليسوعيين ببيروت سنة 1922م.ثم التحق بمدرسة الفرير للغة العربية ثم عمل بالتجارة مع والده، ثم عمل مدرساً للغة العربية والترجمة بكلية (سان مارك) بالإسكندرية ثم التحق بجريدة الأهرام، واتصل بكثير من الأدباء أمثال هدى الشعراوي ومحمود غنيم ومحمد محمود دبا، ونشر الكثير من القصائد والأشعار.