
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الأَعْشَى الكَبِيرُ أَوْ أَعْشَى قَيْس هُوَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلَ، مِنْ قَبِيلَةِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ إِحْدَى قَبائِلِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَمِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الأُولَى، وَهو أَحَدُ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، اُشْتُهِرَ بِجَوْدَةِ قَصائِدِهِ الطِّوالِ، وَقَدْ قَدَّمَهُ بَعْضُ النُقّادِ القُدامَى عَلَى الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ لِتَصَرُّفِهِ فِي المَدِيحِ وَالهِجاءِ وَسائِرِ فُنُونِ الشِّعْرِ، وَقَدْ تَنَقَّلَ الأَعْشَى فِي بِلادٍ كَثِيرَةٍ بَحْثاً عَنْ المالِ فَكانَ مِنْ أَوائِلِ مَنْ تَكْسَّبَ بِشِعْرِهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَكانَتْ وَفاتُهُ سَنَةَ 7ه المُوافَقَة لِسَنَةِ 629م
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
تَتَّفِقُ مُعْظَمُ المَصادِرِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الأَعْشَى هُوَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ شَراحِيلَ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ، بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الحِصْنِ بْـنِ عُكابَـةَ بْـنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ. وَيُكْنَّى الأَعْشَى بِأَبِي بَصِيرٍ، وَقَدْ لُقِّبَ بِالأَعْشَى لِضَعْفِ بَصَرِهِ، وَذكرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ الأَعْشَى أَعْمَى، وَرُبَّما كانَ ذلِكَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَالأَعْشَى هُوَ أَشْهَرُ مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ هذا اللَّقَبُ مِنْ بَيْنِ عَدَدٍ مِنْ الشُّعَراءِ الآخَرِينَ، وَيُمَيَّزُ غالِباً بِاِسْمِ قَبِيلَتِهِ فَيُقالُ أَعْشَى قَيْس أَوْ أَعْشَى بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، أَوْ يُوصَفُ بِالكَبِيرِ فَيُقالُ الأَعْشَى الكَبِيرُ لِبَيانِ عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِكُونَ معه بِهذا اللَّقَبِ مِنْ الشُّعَراءِ كَأَعْشَى هَمدانَ وَأَعْشَى باهِلَـة، وَأَعْـشَى تَغَلِب، وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتابِ (المُؤْتَلِفِ وَالمُخْتَلِفِ) سَبْعَةَ عَشَرَ شاعِراً يَحْمِلُونَ هذا اللَّقَبَ.
وَعَشِيرَتُهُ هُمْ بَنُو قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، بَطْنٌ عَظِيمٌ مِنْ أَكْبَرِ القَبائِلِ العَدْنانِيَّةِ وهي قبيلةُ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وَلهم عدّةُ مَساكِن منها مَنْفُوحَةُ وَهِيَ قَرْيَةُ الأَعْشَى، وَضَبِيعَةُ، وَالنَّمِيلَةُ، وَالهَجْرَةُ، وَكُلُّها بِاليَمامَةِ، وَمِنْ أَوْدِيَتِهِمْ الخَرْجُ بِاليَمامَةِ، وَمِنْ مِياهِهِمْ عَبِيَّةُ، وعُباعِبُ بِبَطْنِ فَلجٍ مِنْ ناحِيَةِ اليَمامَةِ، وَقَدْ اشْتُهِرَتْ هٰذِهِ القَبِيلَةُ بِبَأْسِها وَشَجاعَتِها فَكانُوا مِنْ الصَّنائِعِ، أَيْ إِحْدَى كَتائِبِ النُّعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ، فَكانُوا خَواصَّ المَلِكِ لا يَبْرَحُونَ بابَهُ. وَهِيَ قَبِيلَةٌ عَظِيمَةُ الشُّهْرَةِ بِالشِعْرِ مُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ القَبائِلِ، وَنَبْغَ فِيها الكَثِيرُ مِنْ الشُّعَراءِ فَهُمْ يَعَدُّونَ مِنْها وَحْدَها ثَلاثِينَ شـاعِراً جاهِلِيّاً، وَقَدْ ذَكَرَ الأَصْفَهانِيُّ أَنَّ حَسّانَ بْنَ ثابِتٍ سُئِلَ مَنْ أَشْعَرُ النّاسِ فَقالَ أَشاعِرُ بِعَيْنِهِ أَمْ قَبِيلَةٌ قالُوا بَلْ قَبِيلَةٌ قالَ الزُرْقُ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ.
أَمّا أُسْرَةُ الأَعْشَى فَلمْ عَنْها إلّا أخبارٌ قليلةٌ كَثِيرٌ، منها أَنَّ أَبا الأَعْشَى قَيْسَ بْنُ جَنْدَلٍ لُقِّبَ بِقَتِيلِ الجُوعِ لِأَنَّهُ دَخَلَ غاراً يَسْتَظِلُّ فِيهِ مِنْ الحَرِّ فَوَقَعَتْ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ الجَبَلِ فَسَدَّتْ فَمَ الغارِ فَماتَ فِيهِ جُوعاً، وَفِي ذلِكَ قالَ جَهنّامُ وَاسْمُهُ عَمْرٌو مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ يَهْجُو الأَعْشَى:
أَبُوكَ قَتِيلُ الجُوعِ قَيْسُ بْنُ جَنْدَلَ وَخالُكَ عَبْدٌ مِنْ خُماعَةَ راضِعُ
وأُمُّ الأعشى هِيَ أُخْتُ الشّاعِرِ المُسَيَّبِ بْنِ عَلَسٍ، وكَما يَظْهَرُ مِنْ خِلالِ شِعْرِ الأَعْشَى فإنّه متزوّج ٌوذو عِيالٍ، فَقد أورَدَ الأَعْشَى فِي أَبْياتٍ لَهُ حَدِيثَ ابْنَتِهِ إِلَيْهِ تُحاوِلُ مَنْعَهُ عَنْ السَّفَرِ، وَقَدْ وَرَدَ أَيْضاً أَنَّ الأَعْشَى تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ عُنَيْزَةَ فَلَمْ يَرْضَها وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ خَلْقَها، فَطَلَّقَها وَقالَ فِيها:
بِينِي حَصَانَ الفَرْجِ غيرَ ذَميمةٍ وموموقةً فينا كذاكَ وَوامِقَه
وذُوقِي فَتى قومٍ فإنِّي ذائقٌ فتاةَ أُناسٍ مثلَ ما أنتِ ذائقَهْ
لقد كان في فِتْيانِ قومِكِ مَنْكَحٌ وشُبّانِ هِزَّانَ الطِّوالِ الغَرَانِقَهْ
فبِينِي فإنّ البَيْن خيرٌ من العصا وإلاّ تَرَيْ لي فوق رأسِكِ بارِقَهْ
وما ذاكَ عِندي أَن تَكونِي دَنيئَةً =ولا أَنْ تَكونِي جِئْتِ عِندِي بِبائِقَهْ#
وَيا جارتا بِينِي فَإِنّك طالِقَه= كذاكَ أُمورُ النَّاسِ غادٍ وطارِقَهْ#
وُلِدَ الأَعْشَى فِي مَنْفُوحَة وَهِيَ قَرْيَةٌ فِي اليَمامَةِ وَفِيها بَيْتُهُ وَقَبْرُهُ، وَعاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، وَلا يُعْرَفُ الكَثِيرُ من تَفاصِيلِ نَشْأَتِهِ وَحَياتِهِ، لكِنَّ أَبْرَزَ مَلامِحِ حَياتِهِ هو تطْوافُهُ وَسَفَرُهُ وَاتِّصالُهُ بِالمُلُوكِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكْسَّبَ بِشِعْرِهِ كَما ذَكَرَ القُدَماءُ، وَهذا التَّجْوالُ أَكْسَبَ الأَعْشَى ثَقافَةً وَمَعْرِفَةً انْعَكَسَتْ فِي شِعْرِهِ، فَقَدْ كَثُرَتْ الأَلْفاظُ الفارِسِيَّةُ ومظاهرُ الحضارةِ الفَارسيّةِ فِي شِعْرِهِ، كَما اكْتَسَبَ الأَعشى بَعْضَ الأَفْكارِ وَالمُعْتَقَداتِ نَتِيجَةَ تَأَثُّرِهِ بِمَنْ عايَشَهُمْ فِي رِحْلاتِهِ، فَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُ القُدَماءِ قَدَرِيّاً، وَقَدْ ظَهَرَ ذٰلِكَ فِي قَوْلِهِ:
اسْتأْثَرَ اللهُ بِالوفاءِ وَبِالعدْلِ وَوَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا
وَرَأَى راوِيَةُ الأعْشَى يَحْيَى بْن مَتَّى -كَما وَرَدَ فِي الأَغانِي- أَنَّ الأَعْشَى أَخَذَ مَذْهَبَهُ هذا مِنْ العَبّادِيِّينَ نَصارَى الحِيْرَةِ، وَكانَ يَأْتِيهِمْ يَشْتَرِي مِنْهُمْ الخَمْرَ، فَلَقَّنُوهُ ذلِكَ، وَقَدْ عَدَّهُ كَذٰلِكَ لُوِيس شيخو مِنْ الشُّعَراءِ النَّصارَى فِي كِتابِهِ (شُعَراءِ النَّصْرانِيَّةِ)، وَقَدْ شَكَّكَ بروكلمان بِهٰذا وَرَأَى أَنَّ مِنْ الجائِزِ أَنْ يَكُونَ نَصْرانِيّاً، غَيْرَ أَنَّ نَصْرانِيَّتَهُ لَمْ تَكُنْ مُؤَثِّرَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ إِذا كانَ قَدْ تَحَدَّثَ عَنْ اللهِ وَعَنْ البَعْثِ، وَعَنْ الحِسابِ وَيَوْمِ الدِّينِ، فَقَدْ تَحَدَّثَ غَيْرُهُ عَنْ هذِهِ الأُمُورِ أَيْضاً وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّصارَى.
وَكانَ الأعشى -إِلَى جانِبِ وَفادَتِهِ عَلَى المُلُوكِ- يُسافِرُ لِلتِّجارَةِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ كانَ يَتَّجِرُ فِي (أَثافِت) وَكانَ لَهُ فِيها مِعْصَرٌ لِلخَمْرِ يَعْصِرُ فِيهِ ما أَجْزَلَ لَهُ أَهْلُها مِنْ أَعْنابِهِمْ، وَفِيها يَقُولُ:
أُحِبُّ أَثَافِـتَ وَقْتَ الْقِطَـافِ وَوَقْـتَ عُـصَــارَةِ أَعْـنَـابِهَـا
وَقَدْ تَمَيَّزَ الأَعْشَى بِمَكانَتِهِ الاجْتِماعِيَّةِ المَرْمُوقَةِ وكانَ النّاسُ يهابونَهُ ويجلّونَهُ لِما فِي شِعْرِهِ مِنْ تَأْثِيرٍ بالِغٍ، وَتَذْكُرُ عِدَّةُ مَصادِرَ رِواياتٍ عَنْ مَدَى التَأْثِيرِ البالِغِ لِلأَعْشَى وَشِعْرِهِ عَلَى النّاسِ، وَأَشْهَرُ هٰذِهِ الرِّواياتِ هِيَ قِصَّتُهُ مَعَ المُحَلَّقِ الكِلابِيِّ، فَقَدْ ذَكَرَ الأَصْفَهانِيُّ أَنَّ المُحَلَّقَ الكِلابِيَّ كانَ مِئْناثاً مُمْلِقاً فَقالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ يا أَبا كِلابٍ ما يَمْنَعُكَ مِن التَّعَرُّضِ لِهذا الشّاعِرِ، فَما رَأَيْتُ أَحَداً اقْتَطَعَهُ إِلَى نَفْسِهِ إِلّا وَأَكْسَبَهُ خَيْراً قالَ وَيْحَكَ ما عِنْدِي إِلّا ناقَتِي وَعَلَيْها الحِمْلُ، قالَتْ اللهُ يُخَلِفُها عَلَيْكَ قالَ فَهَلْ لَهُ بُدٌّ مِنْ الشَّرابِ وَالمُسُوحِ، قالَتْ إِنَّ عِنْدِي ذَخِيرَةً لِي وَلَعَلِّي أَنْ أَجْمَعَها قالَ فَتَلَقّاهُ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَابْنُهُ يَقُودُهُ فَأَخَذَ الخِطامَ، فَقالَ الأَعْشَى مَنْ هذا الَّذِي غَلَبْنا عَلَى خِطامِنا، قالَ المُحَلَّقُ، قالَ شَرِيفٌ كَرِيمٌ ثُمَّ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ فَأَناخَهُ فَنَحَرَ لَهُ ناقَتَهُ وَكَشَطَ لَهُ عَنْ سَنامِها وَكَبِدِها، ثُمَّ سَقاهُ وَأَحاطَتْ بَناتُهُ بِهِ يَغْمِزْنَهُ وَيَمْسَحْنَهُ فَقالَ ما هذِهِ الجَوارِي حَوْلِي قالَ بَناتُ أَخِيكَ وَهُنَّ ثَمانٌ شَرِيدَتُهُنَّ قَلِيلَةٌ قالَ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْئاً فَلَمّا وافَى سُوقَ عُكاظٍ إِذا هُوَ بِسَرْحَةٍ قَدْ اجْتَمَعَ النّاسُ عَلَيْها وَإِذا الأَعْشَى يُنْشِدُهُمْ قصيدته التي يقول فيها:
لعمْري لقدْ لَاحَتْ عُيونٌ كثيرةٌ إلى َضوءِ نارٍ في يَفَاع تَحَرَّقُ
تُشَبُّ لمقرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها وباتَ على النَّار النَّدَى والمُحَلَّقُ
رَضِيعَيْ لِبانٍ ثَدْيَ أمٍّ تحالَفا بأسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نَتَفَرَّقُ
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ المُحَلَّقُ فَقالَ لَهُ مَرْحَباً يا سيّدي بِسَيِّدِ قَوْمِهِ وَنادَى يا مَعاشِرَ العَرَبِ هَلْ فِيكُم مِذْكارٌ يُزَوِّجُ ابْنَهُ إِلَى الشَّرِيفِ الكَرِيمِ قالَ: فَما قامَ مِنْ مَقْعَدِهِ وَفِيهِنَّ مَخْطُوبَةٌ إِلّا وَقَدْ زَوَّجَها.
وَرُوِيَ كَذٰلِكَ عَنْ الأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ قالَ جاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى الأَعْشَى فَقالَتْ إِنَّ لِي بَناتٍ قَدْ كَسَدْنَ عَلَيَّ فَشَبِّبْ بِواحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَعَلَّها أَنْ تنْفقَ فَشَبَّبَ بِواحِدةٍ مِنْهُنَّ فَما شَعْرَ الأَعْشَى إِلّا بِجَزُورٍ قَدْ بُعِثَ بِهِ إِلَيْهِ فَقالَ ما هذا فَقالُوا زُوِّجَتْ فُلانَةٌ فَشَبِّبْ بِالأُخْرَى فَأَتاهُ مِثْلُ ذلِكَ فَسَأَلَ عَنْها فَقِيلَ زُوِّجَتْ فَما زالَ يُشَبِّبُ بِواحِدَةٍ فَواحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى زُوِّجْنَ جَمِيعاً.
وَقَدْ أَدْرَكَ الأَعْشَى الإِسْلامَ وَكانَ ذلِكَ فِي أَواخِرِ حَياتِهِ، لٰكِنَّهُ كَما ذكرَ ابنُ قتيبةَ والأَصفهانِيُّ وغيرُهما أَرادَ الوُفُودَ إِلَى النَبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ مَدَحَهُ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي مَطْلَعَها:
ألَمْ تَغْتَمِضْ عَيناكَ لَيلَةَ أَرْمَدَا وَعادكَ ما عادَ السَّلِيمَ المُسَهَّدَا
وَتَذْكُرَ المَصادِرُ كَكِتابِ الأَغانِي أَنَّ قُرَيْشاً عَلِمَتْ بِخَبَرِ الأَعْشَى هذا فَرَصَدُوهُ عَلَى طَرِيقِهِ، وَقالُوا هٰذا صَنّاجَةُ العَرَبِ ما مَدَحَ أَحَداً قَطُّ إِلّا رَفَعَ فِي قَدْرِهِ، فَلَمّا وَرَدَ عَلَيْهِمْ قالُوا لَهُ أَيْنَ أَرَدْتَ يا أَبا بَصِيرٍ، قالَ أَرَدْتُ صاحِبَكُمْ هٰذا لِأُسْلِمَ، قالُوا إِنَّهُ يَنْهاكَ عَنْ خِلالٍ وَيُحَرِّمُها عَلَيْكَ وَكُلُّها بِكَ رافِقٌ وَلَكَ مُوافِقٌ، قالَ وَما هُنَّ؟ فَقالَ أَبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْب: الزِّنا، قالَ لَقَدْ تَرَكَنِي الزِّنا وَما تَرَكْتُهُ، ثُمَّ ماذا؟ قالَ القِمارُ، قالَ لَعَلِّي إِنْ لَقِيتُهُ أَنْ أُصِيبَ مِنْهُ عِوَضاً مِنْ القِمارِ، ثُمَّ ماذا؟ قالُوا الرِّبا، قالَ ما دِنْتُ وَلا أَدَنْتُ، ثُمَّ ماذا؟ قالُوا الخَمْرُ، قالَ أوه أَرْجِعُ إِلَى صَبابَةٍ قَدْ بَقِيَتْ لِي فِي المِهْراسِ فَأَشْرَبُها، فَقالَ لَهُ أَبُو سُفْيانَ هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِمّا هَمَمْتَ بِهِ، قالَ وَما هُوَ، قالَ نَحْنُ وَهُوَ الآنَ فِي هُدْنَةٍ فَتَأْخُذُ مِائَةً مِنْ الإِبِلِ وَتَرْجِعُ إِلَى بَلَدِكَ سَنَتَكَ هذِهِ، وَتَنْظُرُ ما يَصِيرُ إِلَيْهِ أَمْرُنا، فَإِنْ ظَهَرْنا عَلَيْهِ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ خَلَفاً، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْنا أَتَيْتَهُ. فَقالَ ما أَكْرَهُ ذلِكَ فَقالَ أَبُو سُفْيانَ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هٰذا الأَعْشَى وَاللهِ لَئِنْ أَتَى مُحَمَّداً وَاتَّبَعَهُ لَيُضَرِّمْنَّ عَلَيْكُمْ نِيرانَ العَرَبِ بِشِعْرِهِ، فَاجْمَعُوا لَهُ مِائَةً مِنْ الإِبِلِ. فَفَعَلُوا فَأَخَذَها وَانْطَلَقَ إِلَى بَلَدِهِ فَلَمّا كانَ بِقاعِ مَنْفُوحَةَ رَمَى بِهِ بِعَيْرُهُ فَقَتَلَهُ
تُوُفِّيَ الأَعْشَى سَنَةَ 7ه المُوافِقَة لِسَنَةِ 629م، وَقِيلَ فِي سَبَبِ وَفاتِهِ أنّه وَفَدَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَضَتْهُ قُرَيْشٌ وَأَعْطَوهُ مِئَةً مِن الإِبِلِ لِيُرْجِعَ عامَهُ هذا وَقَدْ كانَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالنَبِيِّ هُدْنَةٌ، فَرَجَعَ الأَعْشَى وَحِينَ شارفَ على وُصولِ بَلْدَتِهِ مَنْفُوحَة وَقَعَ عَنْ بَعِيرِهِ فَماتَ.
لِلأَعْشَى مَكانَتُهُ المُتَمَيِّزَةُ بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَثَمَّةَ طائِفَةٌ مِنْ النُقّادِ القُدَماءِ وَالرُّواةِ يُقَدِّمُونَ الأَعْشَى عَلَى غَيْرِهِ، كَأَبِي عَمْرو بْنِ العَلاءِ وَحَمّادِ الرّاوِيَةِ وَغَيْرِهِما، فَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ أَبا جَعْفَر الخَلِيفَة سَأَلَ حَمّاداً عَنْ أَشْعَرِ الشُّعَراءِ، فَقالَ حَمّاد: ذلِكَ الأَعْشَى صَنّاجُها.
يَرَى أَبُو عُبَيْدَةَ -كَما وَرَدَ فِي الأَغانِي- أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الأَعْشَى احْتَجَّ بِكَثْرَةِ طِوالِهِ الجِيادِ، وَلِتَصَرُّفِهِ فِي المَدِيحِ وَالهِجاءِ وَسائِرِ فُنُونِ الشِّعْرِ، وَلَيْسَ ذلِكَ لِغَيْرِهِ.
امْتازَ شِعْرُ الأَعْشَى بِالعُذُوبَةِ وَجَمالِ الإِيقاعِ، حَتَّى أَنَّ الأَعْشَى سُمِّيَ بِصَنّاجَةِ العَرَبِ، فَقَدْ كانَ يُغَنِّي فِي شِعْرِهِ، وَقِيلَ فِيهِ إِنَّهُ أَشْعَرُ النّاسِ إِذا طَرِبَ. وَذَهَبَ البَغْدادِيُّ فِي خِزانَةِ الأَدَبِ أَنَّهُ إِنَّما عُرِفَ بِصَنّاجَةِ العَرَبِ لِكَثْرَةِ ما تَغَنَّتَ العَرَبُ بِشِعْرِهِ، أَوْ لِجَوْدَةِ شِعْرِهِ.
وَقَدْ جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ الجُمَحِيُّ فِي الطَّبَقَةِ الأُولَى مِنْ الشُعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَوَضَعَهُ مَعَ امْرِئِ القَيْسِ وَالنّابِغَةِ وَزُهَيْرٍ.
الأَعْشَى مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، وَمُعَلَّقَتُهُ كما في أغلبِ المَصادِرِ هِيَ الَّتِي يَقُولُ فِي مَطْلَعِها:
وَدِّعْ هُــرَيْـــرَةَ إِنَّ الرَّكْــبَ مُــرْتَـــحِـــلُ=وَهَــلْ تُــطِــيــقُ وَدَاعـاً أَيُّهـَا الرَّجُـلُ
مَـا بُـكَــاءُ الْكَـبِـيـرِ بِالْأَطَـلَالِ=وَسُــــؤَالِي فَهَــــلْ تَـــرُدُّ سُـــؤَالِي
فِي شِعْرِ الأَعْشَى كَثِيرٌ مِنْ التَّأْثِيراتِ الفارِسِيَّةِ، فَقَدْ اتَّصَلَ بِالحَضارَةِ الفارِسِيَّةِ وَرَحَلَ إِلَى بَعْضِ مُلُوكِهِمْ، لِذا فَقَدْ اكْتَسَبَتْ لُغَتُهُ بَعْضَ المُفْرَداتِ الفارِسِيَّةِ مِثْلَ دِيباج وَشَهَنْشاهُ وَغَيْرِها، وَقَدْ أُفْرِدَتْ لِهذا المَوْضُوعِ بَعْضُ الدِّراساتِ.
كانَ الأَعْشَى مِنْ الشُّعَراءِ ذَوِي التَّأْثِيرِ الاِجْتِماعِيِّ مِنْ خِلالِ شِعْرِهِ، وَلِقَصائِدِهِ تَأْثِيرٌ بالِغٌ فِي مُجْتَمَعِهِ، وَهذا ما تُشِيرُ إِلَيْهِ الرِّواياتُ كَقِصَّةِ مَدْحِهِ لِلمُحَلَّقِ الكِلابِيِّ وَغَيْرِها.
تَمَيَّزَ الأَعْشَى بِتَنَوُّعِ مَوْضُوعاتِهِ فِي شِعْرِهِ، وَتَعَدُّدِ الأَغْراضِ الَّتِي طَرَقَها وَبَلَغَ فِيها الإِجادَةَ، فَقَدْ تَنَوَّعَتْ أَغْراضُهُ الشِّعْرِيَّةُ مِنْ مَدْحٍ، وَرِثاءٍ، وَوَصْفٍ، وَفَخْرٍ وَغَزْلٍ وَغَيْرِها. وَلَعَلَّ أَبْرَزَ الأَغْراضِ الَّتِي تَمَيَّزَ بِها الأَعْشَى وَفاقَ فِيها غَيْرَهُ مِنْ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ هو شِعْرُهُ عَن الخَمْرِ، حَيْثُ تَفَنَّنَ فِي وَصْفِ الخَمْرِ وَمَجالِسِهِ وَفِي أَثَرِهِ عَلَى النَّفْسِ.
يَستَحْسِنُ بَعضُ النُّقَادِ القدامى والرُّواةِ بعضَ الأَبياتِ المُفردَةِ للأَعشَى، فَقدْ وَرَدَ عَنِ الشَّعبِيِّ أنَّهُ قالَ: الْأَعْشَى أغزلُ النَّاسِ فِي بَيتٍ وَاحِدٍ وأخنثُ النَّاسِ فِي بَيتٍ وَاحِدٍ وَأَشْجَعُ النَّاسِ فِي بَيتٍ وَاحِدٍ فَأَمّا أَغزلُ بَيتٍ فَقَولُه:
غَرَّاءُ فَرعاءُ مصقولٌ عوارضها تَمشي الهُوينا كَمَا يمشي الوجي الوجلُ
وَأمّا أخنث بَيت فَقَوله:
قَالَت هُريرة لما جِئتُ زائِرها ويلي عَلَيْك وويلي مِنْك يَا رجلُ
وَأمّا أَشْجَع بَيت فَقَوله:
قَالُوا الطِّرادَ فَقُلْنَا تِلْكَ عادَتُنَا أَو تَنْزلونَ فَإنَّا مَعْشرٌ نُزلُ
وَقَــدْ طُــفْـــتُ لِلْمَــالِ آفَـاقَهُ عُـمَــانَ فَـحِــمْــصَ فَـأُورَى شَـلِمْ
أَتَــيْـــتُ النَّجـَاشِــيَّ فِـي أَرْضِهِ وَأَرْضَ النَّبـِيــطِ وَأَرْضَ الْعَـجَــمْ
فَـنَــجْـرَانَ فَالسَّرْوَ مِنْ حِمْـيَـرٍ فَـــــــأَيَّ مَـــــــرَامٍ لَهُ لَمْ أَرُمْ
وَمِـنْ بَـعْـدِ ذَاكَ إِلَى حَضْـرَمَـوْتَ فَـأَوْفَــيْــتُ هَمِّي وَحِيـنـاً أَهُمّ
(أَبُو عَمْرو بْنُ العَلاءِ/ وَرَدَ فِي كِتابِ الأَغانِي)
(الأَصْفَهانِيُّ/ كِتابُ الأَغانِي)
(الأَصْفَهانِيُّ/ كِتابُ الأَغانِي)
(ابْنُ سَلامٍ الجُمَحِيُّ/ طَبَقاتُ فُحُولِ الشُعَراءِ)
(اِبْنُ سَلامٍ الجُمَحِيُّ/ طَبَقاتُ فُحُولِ الشُّعَراءِ)
(الشِعْرُ وَالشُعَراءُ)
(البَغْدادِيّ/ خِزانَةُ الأَدَبِ)
(جَمْهَرَةُ أَشْعارِ العَرَبِ)
(جَمْهَرَةُ أَشْعارِ العَرَبِ)
(اِبْنُ رَشِيقٍ القَيْرَوانِيُّ/ العُمْدَةُ)
(د.عَبّاس بِيَوْمِي عَجْلان/ عَناصِرُ الإِبْداعِ الفَنِّيِّ فِي شِعْرِ الأَعْشَى)
(بروكلمان/ تارِيخُ الأَدَبِ العَرَبِيِّ)
(مَطاع صفدِي وَخَلِيل حاوِي/ مَوْسُوعَةُ الشِّعْرِ العَرَبِيِّ)