
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، مِنْ قَبِيلَةِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، أَبو نَوْفَلٍ، شاعِرٌ مِنْ فُحُولِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَضَعَهُ ابْنُ سَلَّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، كانَ مِنْ الفُرْسانِ الشُّجْعانِ وغَلَبَ عَلَى شِعْرِهِ الحَماسَةُ وَالفَخْرُ وَوَصْفُ المَعْارِكِ وَالغَزَواتِ، وَقَد أُسِرَ فِي غَزْوَةٍ عَلَى قَبِيلَةِ طَيْءٍ، وَكانَ قَدْ هَجا أَوْسَ بْنَ حارِثَةَ الطائِيَّ فَافْتَداهُ أوسٌ بِمِئَتَيْ بعيرٍ، ثُمَّ عَفا عَنْهُ فَمَدَحَهُ، تُوُفِّيَ مَقْتُولاً فِي أَحَدِ غَزَواتِهِ عَلَى بَنِي صَعْصَعَةَ وَلَهُ قَصِيدَةٌ حِينَ وَفاتِهِ مَطْلَعُها (أَسائِلَةٌ عُمِيرَةُ عَنْ أَبِيها) وَكانَتْ وَفاتُهُ فِي نهايةِ القَرْنِ السادسِ المِيلادِيِّ، نَحْوَ عامِ 22 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هُوَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ، وَاِسْمُ أَبِي خازِم عَمْرُو بْنُ عَوْفِ بْنِ حِمْيَرِيّ بْنِ ناشِرَةَ بْنِ أُسامَةَ بْنِ والِبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَة وَهُوَ عَمْرُو بْنُ إِلْياسِ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزارٍ.
وَكانَتْ قَبِيلَتُهُ أَسَدُ بْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَعْظَمِ القَبائِلِ المُضَرِيَّةِ وَأَكْثَرِها غَزْواً وَوَقائِعَ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَأَكْثَرُ حُرُوبِهِمْ كانتْ مَعَ قَبِيلَةِ طَيِّئٍ وَقَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَبِيلَةِ جُشَمَ بْنِ مُعاوِيَةَ وغيرها، وَمِنْ أَشْهَرِ أَيّامِهِمْ يَوْمُ النِّسارِ، وَيَوْمُ الجِفارِ، وَقَدْ ذَكَرَهُما بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ فِي شِعْرِهِ، وَتَفَرَّعَتْ مِنْ قَبِيلَةِ أَسَدٍ بُطُونٌ كَثِيرَةٌ مِنْها بَنُو كاهِلٍ وبَنُو غَنَمِ بْنِ دُودانَ وَبَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان وَبَنُو عَمْرِو بْنِ قِعِينَ وَغَيْرِها، وَكانَتْ مَنازِلُهُمْ فِيما يَلِي الكَرْخَ مِنْ أَرْضِ نَجْدٍ، وَفِي مُجاوَرَةِ طَيِّئٍ.
وَأُسْرَةُ بِشْرٍ لا يُعْرفُ عَنْها الكَثِيرُ، لكِنْ تظْهَرُ في أَخْبارِهِ بَعْضُ الإِشاراتِ إِلَيْها، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ لَهُ أَخْوانِ اثْنانِ هما سَوادَةُ وَسُمَيرُ، أَمّا سَوادَةُ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ هُوَ مَنْ نَبَّهَ بِشْراً إِلَى الإِقْواءِ فِي شِعْرِهِ، وَأَمّا سُمَيرٌ فَقَدْ رَثاهُ بِشْرٌ بِعَدَدٍ مِنْ القَصائِدِ فِي دِيوانِهِ، وَلِبِشْرٍ وَلَدٌ اسْمُهُ نوْفلُ يُشِيرُ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ حَضَرَ مَعَ أَبِيهِ حِلْفَ أَسَدٍ وَطَيِّئٍ، كَما يَظْهَرُ مِنْ قَصِيدَتِهِ الَّتِي قالَها حِينَ حَضَرَتْهُ الوَفاةُ أَنَّ لَهُ ابْنَةً اسْمُها عُمِيرَةُ فَهُوَ يُخاطِبُها بِقَوْلِهِ: (أَسائِلَةٌ عُمَيرَةٌ عَنْ أَبِيها خِلالَ الجَيْشِ تَعْتَرِفُ الرِّكابا) ، وَلا يُذْكَرُ فِي المَصادِرِ أَخْبارٌ عَنْ والِدَيْهِ أَوْ زَوْجَتِهِ.
لَمْ تَرِدْ الكَثِيرُ مِن التَّفاصِيلِ حَوْلَ حَياةِ بِشْرِ بْنِ أَبِي خازِمٍ، وَأَكْثَرُ أَخْبارِهِ ارْتَبَطَ بِغَزَواتِ قَوْمِهِ وَوَقائِعِهِمْ، وَقَدْ عاشَ هذا الشّاعِرُ فِي النِّصْفِ الثّانِي مِنْ القَرْنِ السَّادِسِ المِيلادِيِّ كَما يَتَّضِحُ مِنْ الوَقائِعِ الَّتِي شَهِدَها، فَقَدْ أَدْرَكَ عَصْرَ النُّعْمانِ بِنِ المُنْذِرِ ملك الحِيرةِ الَّذِي حَكَمَ بَيْنَ عامَيْ (582-609 م)، وَقَدْ ذَكَرَ بروكلمان أَنَّ بشرَ بنَ أبي خازِمٍ عاشَ مِنْ 560 إِلَى 600 لِلمِيلادِ، وَيُؤَكِّدُ ذلِكَ قِصَّتَهُ مَعَ أَوْسِ بْنِ حارِثَةَ الطَّائِيِّ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ بِشْراً هَجاهُ بِخَمْسِ قَصائِدَ، وَكانَ سَبَبُ ذلِكَ كَما وَرَدَ فِي المَصادِرِ كَالكامِلِ لِلمُبَرِّدِ أَنَّ أَوْسَ بْنَ حارِثَةَ الطَّائِيَّ كانَ سَيِّداً مُقَدَّماً، وَلَهُ عِنْدَ النُُّعْمانِ حُظْوَةٌ وَمَنْزِلَةٌ، وكانَ النُّعْمانُ بْنُ المُنْذِرِ دَعا بِحُلَّةٍ وَعِنْدَهُ وُفُودُ العَرَبِ مِنْ كُلِّ حَيٍّ فَقالَ: احْضُرُوا فِي غَدٍ فَإِنِّي مُلْبِسٌ هذِهِ الحُلَّةِ أَكْرَمَكُمْ. فَحَضَرَ القَوْمُ جَمِيعاً إِلّا أَوْساً فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَتَخَلَّفُ فَقالَ: إِنْ كانَ المُرادُ غَيْرِي فَأَجْمَلُ الأَشْياءِ أَلّا أَكُونَ حاضِراً وَإِنْ كُنْتُ المُرادَ فَسَأُطْلَبُ وَيُعْرَفُ مَكانِي، فَلَمّا جَلَسَ النُّعْمانُ لَمْ يَرَ أَوْساً فَقالَ: اذْهَبُوا إِلَى أَوْسٍ فَقُولُوا لَهُ: احْضُرْ آمِناً مِمّا خِفْتَ، فَحَضَرَ فَأَلْبَسَهُ الحُلَّةَ فَحَسَدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقالُوا لِلحُطَيْئَةِ: اهْجُهُ وَلَكَ ثَلاثُمِئَةِ ناقَةٍ. فَقالَ الحُطَيْئَةُ: كَيْفَ أَهْجُو رَجُلاً لا أَرَى فِي بَيْتِي أَثاثاً وَلا مالاً إِلّا مِنْ عِنْدِهِ.
فَقالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ: أَنا أَهْجُوهُ لَكُمْ، فَهَجاهُ بِخَمْسِ قَصائِدَ.
وَقَدْ أَدَّى هذِ الهِجاءُ إِلَى نِقْمَةِ أَوسٍ عَلَى بِشْرٍ، فَقَدْ قالَ فِيهِ بِشْرٌ فأفْحَشَ وَتَعَرَّضَ لِأُمِّهِ فَتَوَعَّدَهُ أَوْسٌ وَنَذَرَ إِنْ ظَفِرَ أَنْ يُحْرِقَهُ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ بِشْرٌ:
فَـقُــولُوا لِلَّذي آلَى يَـمِــيــنــاً أَفِــيَّ نَــذَرْتَ يـا أَوْسُ النُّذُورا
فَبِاسْتِكَ حارَ نَذْرُكَ يا ابْنَ سُعْدَى وَحُـقَّ لِنَـذْرِ مِـثْــلِكَ أَنْ يَحُـورا
وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ أَوْسٌ بَعْدَ ذلِكَ، فَحِينَ خَرَجَ بِشْرٌ فِي إِحْدَى غاراتِهِ عَلَى بَنِي نَبْهانٍ جُرِحَ فَأَسَرُوهُ، فَلَمّا عَلِمَ أَوْسٌ بِذلِكَ جاءَهُمْ وأَعْطاهُمْ مِئَتَيْ بَعِيرٍ وَأَخَذَهُ مِنْهُمْ، فَجاءَ بِهِ وَأَوْقَدَ لَهُ ناراً لِيَحْرِقَهُ وَقِيلَ أَدْخَلَهُ جِلْدَ بَعِيرٍ حِينَ سَلَخَهُ، فَبَلَغَ ذلِكَ أَمَّ أَوْسٍ وَهِيَ سُعْدَى بِنْتُ حُصَيْنٍ الطّائِيَّةُ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ فَقالَتْ: ما تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ فَقالَ: أَحْرِقُ هذا الذي شَتَمَنا. فَقالَتْ: قَبَّحَ اللهُ قَوْماً يَسَوِّدُونَكَ أَوْ يَقْبِسُونَ مِنْ رَأْيِكَ وَاللهِ لَكَأَنَّما أُخِذْتَ بِهِ، أَمَا تَعْلَمُ مَنْزِلَتَهُ فِي قَوْمِهِ خَلِّ سَبِيلِهُ وَأَكْرِمْهُ فَإِنَّهُ لا يَغْسِلُ عَنْكَ ما صَنَعَ غَيْرُهُ، تَقْصِدُ أَنَّهُ لا يَغْسِلُ هِجاءَهُ إِلّا مَدْحُهُ.
فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ وَأَكْرَمَهُ وَعَفا عَنْهُ وَأَعادَهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ، حَتَّى إِذا بَلَغَ أَدْنَى أَرْضِ غَطَفانَ جَعَلَ بِشْرٌ يَمْدَحُ أَوْساً وَأَهْلَ بَيْتِهِ بِمَكانِ كُلِّ قَصِيدَةٍ هَجاهُمْ بِها قَصِيدَةٌ فَهَجاهُمْ بِخَمْسٍ وَمَدَحَهُمْ بِخَمْسٍ، وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ:
إِلَى أَوْسِ بنِ حَارِثَةَ بن لأْمٍ لِيقْضِي حَاجَتِي فِيمَنْ قَضَاهَا
فَمَا وَطئَ الثَّرى مِثلُ ابْنِ سُعْدَى وَلَا لَبِسَ النِّعالَ وَلَا احْتذاها
وَقَدْ شَهِدَ بِشْرٌ فِي حَياتِهِ الكَثِيرَ مِنْ الوَقائِعِ مَعَ قَوْمِهِ وَأَشْهَرُها (يَوْمُ الجِفارِ) وَ(يَوْمُ النِّسارِ)، وَقَدْ فَصَّلَ فِيها بِشْرٌ الحَدِيثَ في شعره فَذَكَرَ حُرُوبَهُمْ مَعَ بَنِي عامِرٍ يَوْمَ النِّسارِ، ثُمَّ ذَكَرَ وقائعَهم مع بَنِي عامِرٍ وَأَحْلافِهِمْ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فِي يَوْمِ الجِفارِ، وَامْتازَ بِشْرٌ بِالفُرُوسِيَّةِ وَالشَّجاعَةِ وَالإِقْدامِ، وَكانَ مُنافِحاً عَنْ قَوْمِهِ وَمُخَلِّداً لِمَآثِرِهِمْ وَأَمْجادِهِمْ.
تُوُفِّيَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ فِي إِحْدَى غاراتِهِ مَعَ قَوْمِهِ، فَقَدْ أَغارَ عَلَى الأَبْناءِ مِنْ بَنِي صَعْصَعَةَ بْنِ مُعاوِيَةَ، وَالأبناءُ هُمْ بَنُو صَعْصَعَةَ إِلّا عامِرَ بْنَ صَعْصَعَةَ، وَمِنْهُمْ بَنِو وائِلَةَ، وَيُقالُ فِي سَبَبِ مَقْتَلِهِ أَنَّهُ مَرَّ بِغُلامٍ مِنْ بَنِي وائِلَةَ فَقالَ لَهُ بِشْرٌ: اسْتَأْسِرْ، فَقالَ لَهُ الوائِلِيُّ: لَتَذْهَبَنَّ أَوْ لأَرْشُقَنَّكَ بِسَهْمٍ مِنْ كِنانَتِي، فَأَبِي بِشْرٌ إِلّا أَسْرَهُ، فَرَماهُ بِسَهْمٍ، فَاعْتَنَقَ بِشْرٌ فَرَسَهُ وَأَخَذَ الغُلامَ فَأَوْثَقَهُ، فَلَمّا كانَ فِي اللَّيْلِ أَطْلَقَهُ بِشْرٌ مِنْ وِثاقِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَقالَ: أَعْلِمْ قَوْمَكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ بِشْراً، ويقَوْلُ بشرٌ في ذلك:
وَإِنَّ الْوائِلِيَّ أَصـــابَ قَـــلْبِــــي بِـسَهْـمٍ لَمْ يَكُـنْ يُكْـسَـى لُغَابـا
وَهِذا البيتُ مِنْ قَصِيدَتِهِ الَّتِي قالَها قَبْلَ وَفاتِهِ وَمَطْلَعِها:
أَسـائِلَةٌ عُـمَــيــرَةُ عَنْ أَبِيـهـا خِلالَ الجَيْـشِ تَعْـتَـرِفُ الرِّكابا
وَلا يُعْرِفُ بِالتَّحْدِيدِ تارِيخُ وَفاتِهِ، إِلّا أَنَّ الاسْتِنادَ عَلَى بَعْضِ الوَقائِعِ فِي حَياتِهِ يُشِيرُ إلَى أنَّهُ تُوُفِّيَ فِي نِهايَةِ القَرْنِ السَّادِسِ المِيلادِيِّ، فَذَكَرَ بروكلمان فِي (تارِيخِ الأَدَبِ العَرَبِيِّ) أَنَّهُ تُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 600 م، وَذَهَبَ الزَّرْكَلِي فِي (الأَعْلامِ) إِلَى أنّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 22 قَبْلَ الهِجْرَةِ المُوافِقَةَ لِسَنَةِ 598 لِلمِيلادِ.
بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِم مِنْ فُحُولِ الشعراء الجاهِلِيِّين، وَمِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ الأَصْمَعِيِّ أنَّ أَهْلَ البَصْرَةِ يُفَضِّلُونَ امْرَأَ القَيْسِ وَطَرَفَةَ وَأَهْلَ الكُوفَةِ يُقَدِّمُونَ الأَعْشَى وَبِشْرَ بْنَ أَبِي خازِمٍ.
عَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِ فُحُولَ الشُّعَراءِ مِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ من الجاهليّين مُقَدَّماً إِيّاهُ عَلَى بَعْضِ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، وَوَضَعَهُ مَعَ الحُطَيْئَةِ وَأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ وَكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ.
عَدَّهُ الفَرَزْدَقُ وَجَرِيرُ أَشْعَرَ شُعَراءِ العَرَبِ، فَقَدْ ذَكَرَ البَغْدادِيُّ في خِزاةِ الأدبِ أَنَّ الفَرَزْدَقَ سُئِلَ مَرَّةً: مَنْ أَشْعَرَ العَرَبَ؟ فَقالَ: بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ، قالَ: بِماذا؟ قالَ: بِقَوْلِهِ:
ثَوَى فِي مُلْحَدٍ لا بُدَّ مِنْهُ كَفَى بِالمَوْتِ نَأْياً وَاغْتِرابا
ثُمَّ سُئِلَ جَرِيرٌ فَقالَ: بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ قالَ: بِماذا؟ قالَ بِقَوْلِهِ:
رَهِينُ بِلَىً وَكُلُّ فَتىً سَيَبْلَى فَشُقِّي الجَيْبِ وَانْتَحِبِي انْتِحابا
وَهَبَ القَصائِدَ لي النَوابِغَ إِذ مَضَوا وَأَبو يَزيدَ وَذو القُروحِ وَجَروَلُ
وَالجَعفَرِيُّ وَكانَ بِشرٌ قَبلَهُ لي مِن قَصائِدِهِ الكِتابُ المُجمَلُ
حَفِلَتْ كُتُبُ المُخْتاراتِ الشِّعْرِيَّةِ المشهورةُ بِشِعْرِ بِشرِ بْنِ أَبِي خازِمٍ، فَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ فِي المُفَضَّلِيّاتِ أَرْبَعَ قَصائِدَ مُخْتارَةٍ، وَوَرَدَ لَهُ فِي مُخْتاراتِ ابْنِ الشَّجَرِيِّ سِتُّ قَصائِدَ، وَلَهُ قَصِيدَةٌ ضِمْنَ المُجَمْهَراتِ فِي كِتابِ جَمْهَرَةِ أَشْعارِ العَرَبِ.
كانَ مِمّا يُعابُ عَلَى بشرٍ أَنَّهُ كانَ يُقْوِي في شِعرِهِ، فَقَدْ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: فَحَلّان مِنْ الشُّعَراءِ كانا يُقْوِيانِ، النَّابِغَةُ وَبِشْرُ بْنُ أَبَي خازِمٍ، فَأَمّا النّابِغَةُ فَدَخَلَ يَثْرِبُ فَغُنِّيَ بِشِعْرِهِ فَفَطِنَ فَلَمْ يَعُدْ لِلإِقْواءِ، وَأَمّا بِشْرُ فَقالَ لَهُ أَخُوهُ سَوادَةُ: إِنَّكَ تُقْوِي، قالَ: وَما الإِقْواءُ؟ قالَ: قَوْلُكَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ طُولَ الدَّهْرِ يُسْلِي وَيُنْسِي مِثْلَما نَسِيتْ جُذامُ
ثُمَّ قُلْتَ:
وَكانُوا قَوْمَنا فَبَغَوْا عَلَيْنا فَسُقْناهُمْ إِلَى البَلَدِ الشَّآمِي
فَلَمْ يَعُدْ لِلإِقْواءِ. وَمِمّا أُخِذَ عَلَيْهِ فِي شِعْرِهِ أيضاً كَما أَوْرَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَوْلُهُ فِي وَصْفِ فَرَسٍ:
عَلَى كُلِّ ذِي مَيْعَةٍ سابِحٍ يُقَطِّعُ ذُو أَبْهَرَيْهِ الحِزاما
الأَبْهَرُ: عِرْقٌ مُكْتَنِفٌ لِلصُّلْبِ، وَأَرادَ بِقَوْلِهِ "ذُو أَبهريه" جَنْبَيْهِ، فَجَعَلَ الأَبْهَرَ اثْنَيْنِ وَهُوَ واحِدٌ، وَكانَ الصَّوابُ أَنْ يَقُولَ (ذُو أَبْهَرِهِ).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(الزركلي/ الأعلام)
(مَطاع صفدِي وإيليا حاوِي/ مَوْسُوعَةُ الشِّعْرِ العَرَبِيِّ)