
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ، مِن بَني ضُبَيْعَةَ بنِ ربيعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُتقدِّمٌ، مِن شُعراءِ الطَّبقةِ السَّابعةِ عندَ ابنِ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ، وهُوَ خالُ الأَعشَى الكَبيرِ، وكانَ الأَعشَى راويةً لَهُ، والمُسيَّبُ مِن أَوائِلِ الشُّعراءِ الّذينَ تَكسَّبُوا فِي شِعرِهِم، وقد امْتَدَحَ بَعضَ الأَعاجِمِ فأَعْطاهُ، ثُمَّ أَتَى عَدوَّاً لَهُ مِنَ الأَعاجِمِ يَسأَلُهُ فَسَمَّهُ فَماتَ، وكانتْ وَفاتُه نَحوَ سَنَةِ 580م.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هُوَ زُهَيرُ بنُ عَلَسِ بنِ مالِكِ بنِ عَمرِو بنِ قُمامَةَ (وقيلَ حُمامةَ) بنِ زَيدِ بنِ ثَعلَبَةَ بنِ عَدِيِّ بنِ مالكِ بنِ جُشَمَ بنِ بِلالِ بنِ جُماعَةَ بنِ جُلَيِّ بنِ أَحْمَسَ بنِ ضُبَيعَةَ بنِ رَبِيعَةَ بنِ نِزارٍ.
ولُقِّبَ بِالمُسَيَّبِ وغَلبَ عَليهِ هَذا اللَّقبُ، وذَكرَ ابنُ سلَّامٍ الجُمَحيُّ فِي سَبَبِ هذا اللَّقَبِ أنَّ بَنِي عامرِ بنِ ذُهْلٍ أَوْعَدُوهُ فَقالَ قَومُهُ: قَد سَيَّبْناكَ والقَومَ.
وورَدَ فِي (خِزانةِ الأَدَبِ) أنَّ المُسيّبَ اسْمُ فَاعِلٍ لُقِّبَ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَرْعَى إبِلَ أَبِيهِ فَسَيَّبَها فَقَالَ لَهُ أَبوهُ: أَحَقُّ أَسمائِكِ الْمُسَيِّبُ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ. وذَكَرَ ابنُ دُريدٍ فِي (الاشْتِقاقِ) أنَّهُ لُقِّبَ بِالمُسَيِّبِ لِقولِهِ:
فإِنْ سَرَّكمْ أَنْ لَا تَؤُوبَ لِقاحُكُم غِزاراً فَقُولُوا لِلمُسَيِّبِ يَلْحَقِ
وبعضُ المَصادِرِ الأَدبيَّةِ تُرجِعُ نَسَبَ المُسيَّبِ إِلى قَبيلَةِ بَكرِ بنِ وائِلِ كما وَرَدَ فِي (الشِّعر والشُّعراء) و(جَمهَرَة أَشعارِ العَربِ)، وهذا مِنَ الخَلطِ بَينَ ضُبيعَةَ بنِ رَبيعَةَ قبيلةِ الشّاعِرِ وضُبَيْعَةَ بنِ قَيسٍ من بكرِ بنِ وائلٍ كما أَشارَ إِلى ذَلكَ مُحقِّقُ دِيوانِ المُسيَّبِ عَبدُ الرَّحمنِ الوصيفيّ، فالصّحيحُ أَنَّ المُسيَّبَ مِن بَنِي جُشَمَ بنِ بِلالٍ وليسَ مِن بَكرِ بنِ وائلٍ. ولكنْ يتبيَّنُ أَنَّ قَبيلةَ المُسيَّبِ كانتْ مِن القَبائِلِ الضَّعيفَةِ قَليلَةِ العَدَدِ فَربَّما تَحالَفَتْ مَعَ قَبيلةِ بَكرِ بنِ وائِلٍ واحْتمتْ بِها.
والمُسيَّبُ هُوَ خالُ الأَعْشَى الكَبيرِ، ذَكرَ البَغداديُّ فِي (خِزانَةِ الأَدبِ) أَنَّ الأَعْشَى كانَ رَاوِيَةً لِلمُسيَّبِ، والمُسيَّبُ خالُهُ. ولَم يَتركْ المُسيَّبُ عَقِباً، وَوَرَدَ أَنَّ لَهُ أَخوانِ هُما حَرملةُ وعَبدُ المَسيحِ.
عاشَ المُسَيَّبُ حياتَهُ فِي الجاهِليَّةِ وتُوفِيَ قَبلَ أَن يُدرِكَ الإسلامَ، ولا تَرِدُ فِي المَصادرِ الأَدبيَّةِ مِن أَخبارِهِ ما يُشكِّلُ صُورةً وافِيَةً عنْ حياتِهِ، لكنْ مِن خِلالِ شِعرِهِ يُمكنُ أنْ يُدرِكَ القارِئُ أَنَّهُ كانَ يَنتَمِي إِلى قَبيلةٍ ضَعيفةٍ قَليلةِ العَدَدِ، فَفِي بَعضِ أَبياتٍ لهُ يُوجِّهُ قَبيلتَهُ إِلى ضَرورةِ الرَّحيلِ إِلى بِلادِ شَيبانَ، وذلكَ بِسببِ ضَعفِ قَومِهِ وهَوانِهِم وقُوّةِ أَعدائِهم، وفِي ذلكَ يَقولُ:
أَبْلِـــغْ ضــُبَيْعَة أَنَّ الْبِلا دَ فِيهــا لِـذِي حَسـَبٍ مَهْـرَبُ
فَقَـدْ يَجْلِسُ الْقَوْمُ فِي أَصْلِهِمْ إِذا لَمْ يُضامُوا وَإِنْ أَجْدَبُوا
فَــإِنَّ الَّـذِي كُنْتُـمُ تَحْـذَرُو نَ جــاءَتْ عُيُـونٌ بِـهِ تَضـْرِبُ
وَسـِيرُوا فَـإِنِّي لَكُمْ بِالرِّضَى عَرانِيـنَ شـَيْبانَ أَنْ تُقْرَبُوا
فَلا هـا هُنـاكَ وَلا هـا هُنـا لَكُـمْ مَـوْئِلٌ غَيْرُهُمْ فَانْصَبُوا
ويبدُو أنَّ المُسيَّبَ مِن أَقدمِ الشُّعراءِ الجاهِليِّينَ، فَهوَ خالُ الأَعشَى، وقد كانَ الأَعشَى راويةً لهُ ومُتأثِّراً بِهِ، وهو سابِقٌ على طَرَفةَ بنِ العبدِ أيضاً، فقد وردَ أنَّ المُسيَّبَ مَرَّ بِمجلسِ بَني قَيس ِبنِ ثعلبةَ فاسْتنشدُوهُ فأَنشَدَهُم حتَّى بلغَ إِلى قَولِهِ:
وَقد تُلاقِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضارِهِ بِناجٍ عَليهِ الصَّيْعَرِيَّةُ مُكدَمِ
فَقالَ طَرَفَةُ: اسْتَنْوَقَ الجَمَلَ. وَذلِكَ أَنَّ الصَّيْعَرِيَّةَ مِنْ سِماتِ النُّوقِ دُونَ الفُحُولِ، فَأَتاهُ المُسَيَّبُ، وَقالَ لَهُ أَخْرِجَ لِسانَكَ فَأَخْرَجَهُ، فَقالَ: وَيْلٌ لِهذا مِنْ هذا، يُرِيدُ وَيْلٌ لِرَأْسِهِ مِنْ لِسانِهِ.
وقد كانَ المُسيَّبُ مِن أوائِلِ الشُّعراءِ الذينَ تَكسَّبُوا بِشِعرِهم، ورُبَّما تأَثَّرَ بِهِ الأَعشى فِي ذلكَ، ووردَ فِي (نَشْوَة الطّرب) أنَّ المُسيَّبَ كانَ كَثيرَ الوِفادةِ عَلى مُلوكِ الحِيرةِ ومُلوكِ غَسَّانَ، وقد مَدحَ المُسيَّبُ بَعضَ سادةِ القَبائِلِ وأَشرافِها لِنيلِ صِلاتِهم، كالقَعقاعِ بنِ مَعبدِ بنِ زُرارةَ سيِّدِ بني تَميمٍ، ومَدحَ قَيسَ بنَ شُراحيل مِن سادةِ بَني مُرَّة، ومَدحَ ذا الرَّقيبةِ مالكَ بنَ سَلَمةَ بنِ قُشير سيِّد بَني قُشير، وقد بلغَ مِن تَكسُّبِهِ فِي شِعره أَنَّهُ مَدَحَ بعضَ الأَعاجمِ كما وردَ فِي كِتابِ (الشِّعر والشُّعراء) فأَعطوهُ ومَدحَ آخرينَ مِنهُم فَقتَلُوهُ.
ذَكَرَ ابنُ قُتيبَةَ في (الشِّعرِ والشُّعراء) أنَّ المُسيَّبَ كانَ قد امْتَدَحَ بَعضَ الأَعاجِمِ فأَعْطاهُ، ثُمَّ أَتَى عَدوَّاً لَهُ مِنَ الأَعاجِمِ يَسأَلُهُ فَسَمَّهُ فَماتَ، وَلَا عَقِبَ لَهُ.
وحَدَّدَ لُويس شِيخو فِي (شُعراءِ النَّصرانِيَّةِ) سَنَةَ وَفاةِ المُسَيَّبِ بِنَحوِ عامِ 580م.
عَدّهُ ابنُ سَلَّامٍ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ السَّابِعَةِ، وَجَمَعهُ مَعَ سَلامةَ بنِ جَندَلٍ والمُتَلَمِّسِ وَحُصَينِ بنِ الحُمامِ المُرِّيِّ، وَأشار ابنُ سلّامٍ أَنَّ شُعَراءَ هذه الطبَقَةِ مُحْكِمُونَ مُقِلُّونَ، وَفِي أَشْعارِهِمْ قِلَّةٌ فَذاكَ الَّذِي أَخَّرَهُمْ.
المُسَيَّبُ هُو خالُ الأَعشَى الكبير، وقدْ كانَ الأَعْشَى راويةً لَهُ، وقد تأَثَّرَ بِهِ الأَعْشَى في شِعره.
اختارَ لَهُ أَبُو زَيدٍ القُرَشِيَّ في (جَمهَرَة أَشعارِ العَرَبِ) قَصيدَتَهُ اللَاميَّةَ (بَكَــرَتْ لِتُحْــزِنَ عاشـِقاً طَفْـلُ/ وَتَباعَـــدَتْ وَتَجَــذَّمَ الْوَصــْلُ) وعدَّها مِنَ المُنتَقَياتِ.
أَشارَ ابنُ قُتيبةَ فِي (الشِّعر والشُّعراء) أَنَّ المُسيَّبَ مِنَ الشُّعراءِ السَّابِقينَ لِلمعانِي، ومِمّا سَبَقَ إِليهِ فَأُخِذَ مِنهُ قَولُهُ يَذكُرُ ثَغرَ المَرأَةِ:
وَكَــأَنَّ طَعْــمَ الزَّنْجَبِيـلِ بِـهِ إِذْ ذُقْتَـــهُ وَســُلافَةَ الْخَمْــرِ
شــَرِقٌ بِمــاءِ الـذَّوْبِ أَسـْلَمَهُ لِلْمُبْتَغِيــهِ مَعاقِــلُ الــدَّبْرِ
فَأَخذَ المَعنَى الجَعديُّ وقالَ:
وَكَـأَنَّ فَاهـا بَـاتَ مُغْتَبِقـاً بَعْـدَ الْكَـرَى مِنْ طَيِّبِ الْخَمْرِ
شـَرِقاً بِمـاءِ الـذَّوْبِ أَسْلَمَهُ بِالطَّوْدِ أَيْمَنُ مِنْ قُرَى النَّسْرِ
وكَذلِكَ سَبَقَ فِي قَولِهِ فِي النَّحلِ والنَّاقَةِ. وقد استَجادَ لَهُ ابنُ قُتيبةَ عِدَّةَ أَبياتٍ.
لَجأَ المسيَّبُ في قَصيدَةٍ لَهُ إِلى أُسلوبِ القَصّ، فذَكَرَ رَحيلَ سَامَةَ بنِ لُؤيِّ بنِ غالبٍ عَن قَومِهِ إلى عُمانَ وهَيَ مِن أوائِلِ القَصَصِ الواقِعيَّةِ الَّتي تَصِلُنا في الشِّعرِ الجاهِلِيِّ.
أَكثَرُ شِعرِ المُسيَّبِ فِي المَديحِ، فَقد مَدحَ بَعضَ ساداتِ القَبائِلِ فِي زَمَنِهِ كالْقَعْقَاعِ بنِ مَعبدِ بنِ زُرَارَةَ التَّميميَّ وقَيسِ بنِ مَعدِي كَرِبٍ، وكانَ المُسيَّبُ مِن أَوائِلِ مَن تَكسَّبَ بِشِعرِهِ.
"اتَّفَقُوا عَلى أَنَّ أَشْعَرَ المُقلِّينَ فِي الجاهِلِيَّةِ ثَلاثَةٌ: المُسيَّبُ بنُ عَلَس، والمُتلمِّسُ، وحُصينُ بنُ الحُمامِ المُرِّيّ" (أَبُو عُبَيْدَةَ/ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ).
"هو مِن شُعراءِ بَكرِ بنِ وائِلِ المَعدودِينَ، وخَالُ الأَعشَى" (ابنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
"كانَ الأَعشى يَتوكَّأُ على شِعرِهِ، وكانَ كَثيرَ الوِفادَةِ على مُلوكِ الحِيرَةِ ومُلوكِ غَسَّانَ" (ابنُ سعيد/ نَشوَةُ الطّرب)