
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ أَكْثَرَ حَياتِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتاباً إِلَى قَوْمِهِ، وَكانَ كَرِيماً جَواداً كَثِيرَ العَطاءِ يُلَقَّبُ بِشاعِرِ الرَّبابِ، وَلَمْ يَمْدَحْ أَحَداً وَلا هَجَا أَحَداً، وَقَدْ سَمّاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ الكَيِّسَ لِحُسنِ شِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ المُعَمَّرِينَ ذَكَرَ السّجِسْتانِيِّ أَنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ وَقَدْ خَرِفَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، تُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 14لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
النَّمِرُ بْنِ تَوْلَب بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشِ بْنِ عَبْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الحارِثِ بْنِ عَوْفِ بْنِ وائِلِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُكْلِ بْنِ عَبْدِ مَناةَ بْنِ أُدِّ بْنِ طابِخَةَ بْنِ إِلْياسِ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزارٍ. هكَذا وَرَدَ فِي كُتُبِ الأَنْسابِ كَجَمْهَرَةِ أَنْسابِ العَرَبِ لِابْنِ حَزْمٍ، وَوَرَدَ بِبَعْضِ الاخْتِلافاتِ فِي بَعْضِ المَصادِرِ الأُخرى فَفِي (مُنْتَهَى الطَلَبِ مِنْ أشعار العَرَبِ) ذَكَرَ أَنَّهُ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشَر بْنِ عُبَيْدِ بْنِ وائِلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ الحارِثِ بْنِ عَوْفٍ.
وَيُنْسَبُ الشّاعِرُ إِلَى عُكْلٍ بِضَمِّ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الكافِ كَما أَوْرَدَ البَغْدادِيُّ، وَأَشارَ إِلَى أَنْ عُكْلَ هِيَ أَمَةٌ كانَ تَزَوَّجَها عَوْفُ بْنُ قَيْسِ بْنِ وائِلِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ مَناةَ بْنِ أُدِّ بْنِ طابِخَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلاثَ بَنِينَ ثُمَّ ماتَ فَحَضَنَتْهُمْ عُكْلُ فَنُسِبُوا إِلَيْها. لكِنْ فِي (مُنْتَهَى الطَلَبِ مِنْ أشعارِ العَرَبِ) ذُكِرَ أَنَّ عَوفاً هُوَ عُكْلٌ، وَسُمِّيَ عُكْلاً بِأُمِّهِ. وَقَبِيلَةُ عُكْلٍ هِيَ إِحْدَى قَبائِلِ الرَّبابِ، وَهُمْ: عَدِيٌّ، وَتَمِيمٌ، وَثَوْرٌ، وَعُكْلٌ، وَسُمِّيَتْ الرَّبابَ لِأَنَّهُمْ تَحالَفُوا فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي حِفْنَةٍ فِيها رُبٌّ وهو عُصارة التَّمرِ المَطبوخَةِ. وَكانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي نَجْدٍ، فَقَدْ نَزَلُوا مَنازِلَ بَكْرٍ وَتَغْلِبَ، ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى وَصَلُوا أَطْرافَ هَجْرٍ، وَنَزَلُوا ما بَيْنَ اليَمامَةِ وَهَجْرٍ.
أَمّا أُسْرَتُهُ فَيَظْهَرُ القليلُ عنها بِما وَصَلَ مِنْ أَخْبارِ الشّاعِرِ، فَزَوْجَتُهُ الأُولَى هِيَ جَمْرَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَيُذْكَرُ أَنَّ الحارِثَ بْنَ تُولَبٍ أَخِي النَّمرِ، كانَ سَيِّداً مُعْظَماً أغارَ يَوْماً عَلَى بَنِي أَسَدٍ فَسَبا جَمْرَةَ وَوَهَبَها لِلنَّمرِ، وَلكِنَّها أبْغَضَتْ النَّمرَ فَحَبَسَها عِنْدَهُ حَتَّى وَلَدَتْ لَهُ، ثُمَّ أَرادَتْ زِيارَةَ أَهْلِها فَأَخَذَ عَلَيْها العَهْدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلِيْهِ، فَلَمّا وَصَلَتْ أَهْلَها تَرَكَتْهُ إِلَى بَعْلِها الأَوَّلِ، فَحَزِنَ عَلَى فِراقِها وَلَهُ أبياتٌ كثيرةٌ فيها طَوِيلٌ مِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ:
جَزَى اللهُ عَنّا جَمْرَةَ ابْنَةَ نَوْفَلٍ جَـزاءَ مُـغَــلٍّ بِالْأَمـانَـةِ كاذِبُ
لَهانَ عَلَيْهـا أَمْسَ مَوْقِـفُ راكِبٍ إِلَى جانِـبِ السَّرْحاتِ أَخْيَبِ خائِبِ
وَقَدْ سَأَلَتْ عَنّي الْوُشاةُ لِيَكْذِبُوا عَلَيَّ وَقَدْ أَبْلَيْتُها في النَّوائِبِ
وَقَدْ أَشْفَقَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ حُزْنِهِ عَلَيْها فَزَوَّجُوهُ امْرَأَةً أُخْرَى اسْمُها دَعْد، فَأَحَبَّها وتعلّق بها، وَفِيها يَقُولُ:
أَشَاقَـتْـكَ أَطْلَالٌ دَوارِسُ مِنْ دَعْدِ خَلَاءٌ مَغـانِـيها كَحَاشِيَةِ الْبُرْدِ
أَهيـمُ بِدَعْـدٍ ما حَييتُ وَإنْ أَمُتْ فَواكَـبِـدا مِمَّا لَقِيتُ عَلَى دَعْدِ
وَيَذْكُرُ الأَصْفَهانِيُّ أَنَّ النَّمرَ كانَ قَدْ حَجَّ فِي إِحْدَى السَّنَواتِ، وَكانَتْ جَمْرَةُ قَرِيبَةً مِنْهُ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِالسَلامِ وَسَأَلَتْهُ خَبَرَهُ وَأَوْصَتْهُ خَيْراً بِوَلَدِهِ، وَفِي ذٰلِكَ يَقُولُ:
وَدَسَّتْ رَسُــولاً مِـنْ بَـعِــيــدٍ بِـآيَــةٍ بِـأَنْ حَـيِّهــِمْ وَاسْـأَلْهُـمُ ما تَمـوَّلُوا
فَـحُــيِّيــتِ مِنْ شَحْـطٍ فَخَـيْـرٌ حَديـثِـنـا وَلا يَـــأْمَـــنُ الْأَيَّامَ إِلَّا مُــضَـــلَّلُ
وَلِلنَّمرِ بْنِ تَوَلَبٍ وَلَدٌ اسْمُهُ رَبِيعُةُ ذُكِرَ أَنَّهُ أَسْلَمَ مَعَهُ وَهاجَرَ إِلَى الكُوفَةِ، وَطَلَبَ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يُهاجِرَ مَعَهُ فَأَبَى ذلِكَ
عاشَ النَّمِرُ بْنُ تُولَبٍ أَكْثَرَ حَياتِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ وَهُوَ كَبِيرٌ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ وَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثاً، أَمّا أَخْبارُهُ فِي الجاهِلِيَّةِ فَنَزِرَةٌ قَلِيلَةٌ، وَما وَرَدَ عَنْهُ يَتَعَلَّقُ غالباً بِصِفاتِهِ فَيَظْهَرُ فارِساً مِقْداماً، وقد وردَ بَنِي بَكْرٍ أغارَتْ عَلَى قَبِيلَتِهِ عُكْلَ فَصْدَّتْهُمْ عُكْلٌ فَقالَ فِي ذلِكَ:
وَلَقَدْ شَهِدْتُ الْخَيْـلَ وَهْيَ مُغِيرَةٌ وَشَهِـدْتُهـا تَعْـدُو عَلَى آثارِه
وَحَوَيْـتُ مَغْـنَـمَهـا أَمامَ جِيادِها وَكَرَرْتُ إِذْ طُرِدَتْ عَلَى أَدْبارِها
وَأَمّا أَكْثَرُ ما عُرِفَ بِهِ النَّمِرُ بْنُ تُولَبٍ فَهُوَ كَرَمُهُ وَسَعَةُ عَطائِهِ، فَقَدْ كانَ وَهّاباً لِمالِهِ لا يُلِيقُ شَيْئاً كَما ذَكَرَ ابْنُ سَلَّامٍ أَيْ لا يُبْقِي شَيْئاً، وَكانَ لِذلِكَ عُرضةً لِلَّوْمِ وَالعَذْلِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَقارِبِهِ وَفِي ذلِكَ يَقُولُ بعد أن لامتْهُ زوجتُه على إنفاقِهِ:
قالَتْ لِتَعْـذُلَنـي مِنَ اللَّيْلِ اسْمَعِ سَفَهـاً تَبَـيُّتـُكَ الْمَلامَـةَ فَاهْجَعي
لا تَـعْــجَــلِي لِغَـدٍ وَأَمْـرُ غَـدٍ لَهُ أَتُـعَـجَّلـِيـنَ الشَّرَّ ما لَمْ تُمْـنَـعِـي
قـامَــتْ تُبَـكّـي أَنْ سَبَـأْتُ لَفِتْـيَـةٍ زِقَّاً وَخـابِــيَــةً بِـعَــوْدٍ مُـقْــطَــعِ
لا تَـجْـزَعـي أَنْ مُنْـفِـسـاً أَهْلَكْـتُهُ وَإِذا هَلَكْـتُ فَعِـنْـدَ ذَلِكَ فَاجْـزَعـي
وأمّا خَبَرُ إِسْلامِهِ فَقَدْ وردَ في غير مصدر من المصادر، من ذلك ما ذَكَرَهُ اِبْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقالَ لَهُ:
إِنّا أَتَيْناكَ وَقَدْ طالَ السَّفَرْ
نَقُودُ خَيْلاً ضُمَّراً فِيها ضَرَرْ
نُطْعِمُها اللَّحْمَ إِذا عَزَّ الشَّجَرْ
وَالْخَيْلُ في إِطْعامِها اللَّحْمَ عَسَرْ
وَذَكَرَ اِبْنُ سَلّامٍ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لَهُ كِتاباً إِلَى قَوْمِهِ، فَقَدْ أَوْرَدَ قِصَّةً عَنْ قَوْمٍ كانُوا فِي المِرْبَدِ فَجاءَهُمْ أَعْرابِيٌّ أَشْعَثُ وَكانَ مَعَهُ قِطْعَةٌ مِنْ جِرابٍ أَوْ أَدِيمٍ، فَقالَ هذا كِتابٌ كَتَبَهُ لِي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، فَقَرَأُوا فِي هذا الكِتابِ:
بِسْمِ اللهِ الرَحْمٰنِ الرَحِيمِ
هذا كِتابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقِيشَ (قالَ الجَرِيرِيُّ هُوَ حَيٌّ مِنْ عُكْلٍ) إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لا إِلهَ إِلّا اللهُ وَأَنَّى رَسُولُ اللهِ وَأَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكاةَ وَفارَقْتُمْ المُشْرِكِينَ وَأَعْطَيْتُمْ الخُمْسَ مِنْ الغَنائِمِ وَسَهْمِ ذِي القُرْبَى وَالصَّفِيَّ (وَرُبَّما قالَ وَصَفِيَّهُ) فَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمانِ اللهِ وَأَمانِ رَسُولِهِ.
فَقالَ لَهُ القَوْمُ حَدِّثْنا أَصْلَحَكَ اللهُ بِما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (صَوْمُ شَهْرِ الصَبْرِ وَصَوْمُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ). فَقالَ لَهُ القَوْمُ أَأَنْتَ سَمِعْتَ هذا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ: أَلا أَراكُمْ تَخافُونَ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا حَدَّثْتُكُمْ حَدِيثاً ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَحِيفَتِهِ ثُمَّ انْصاعَ مُدْبَراً.
وَقَدْ عاشَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب حَتَّى هَرِمَ وَخَرِفَ، وَهُوَ مِنْ المُعَمِّرِينَ ذَكَرَ السّجِسْتانِيُّ أَنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ، وَذَكَرَ النَّمِرُ فِي شِعْرِهِ ما عاناهُ فِي كِبَرِهِ وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
كَانَتْ قَناتِي لا تَلِينُ لِغامِزٍ فَأَلأنَها الإصْباحُ وَالْإمْساءُ
وَدَعَوْتُ رَبِّي بالسَّلامَةِ جاهِداً لِيُصِـحَّني فَإِذا السَّلامَةُ داءُ
ويقول:
لَعَمْـرِي لَقَدْ أَنْكَـرْتُ نَفْـسِـي وَرابَنـي مَـعَ الشَّيـْبِ أَبْـدالي الَّتـي أَتَـبَــدَّلُ
وَأَوْرَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَاِبْنُ سَلّامٍ أَنَّهُ خَرِفَ وَأَهْتَرَ فِي نِهايَةِ حَياتِهِ فَكانَتْ هِجِّيراهُ: اصْبَحُوا الرّاكِبَ، اغْبِقُوا الرّاكِبَ، لِعادَتِهِ الَّتِي كانَ عَلَيْها، وَيَذْكُرُ ابْنُ سَلّامٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ العَرَبِ خَرِفَتْ وَكانَتْ تَقُولُ: زَوَّجُونِي، فَقالَ عُمَرُ: ما لَهِجَ بِهِ أَخُو عُكْلٍ أَسْرَى مِمّا لَهِجَتْ بِهِ صاحِبَتُكُمْ.
كانُ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ مِنَ المُعَمَّرِينَ، وَقَدْ ذَكَرَ السّجِسْتانِيُّ أَنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ، حَتَّى خَرِفَ وَأَهْتَرَ فِي نِهايَةِ عُمْرِهِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ فِي بِدايَةِ خِلافَةِ عُمَرَ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ عُمْرَ ذَكَرَهُ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ بَعْضُ كُتُبِ التَّراجِمِ كَالأعْلامِ إِلَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 14هـ/ 632م.
النَّمِرُ بْنُ تُولَبٍ مِن الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي قَبِيلَتِهِ وَكانَ يُدْعَى شاعِرَ الرّبابِ وهي مجموعة من القبائل منها عُكل قبيلةُ الشّاعرِ، وَيُذْكُرُ أنَّهُ لَمْ يَمدحْ أَحَداً وَلا هجا أَحَداً فِي شِعْرِهِ، وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِي الفَخْرِ وَالحَماسَةِ وَالفَخْرِ بِالكَرَمِ وَالعَطاءِ، لِذا فَقَدْ شَبَّهَ أَبُو عَمْرو بْنِ العَلاءِ شِعْرَهُ بِشِعْرِ حاتِمٍ الطائِيِّ كَما وَرَدَ فِي الأَغانِي.
عَدَّهُ ابْنُ سَلّامٍ مِن فُحُولِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ وَوَضَعَهُ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مَعَ عَمْرِو بْنِ قَمِيئَةَ وَأَوْسِ بْنِ غَلْفاءَ وَعَوفِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ الخَرِعِ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبا عَمْرو بْنَ العَلاءِ كانَ يُسَمِّيهِ الكَيِّسَ لِجَوْدَةِ شِعْرِهِ.
أشارَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أنَّ النّمرَ بن تولبٍ مِنْ الشُّعَراءِ المُجِيدِينَ الَّذِينَ يُتَمَثَّلُ بِأَبْياتِهِمْ مِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ:
وَمَتَى تُصِبْكَ خَصاصَةٌ فارْجُ الغِنَى وَإِلَى الَّذِى يُعْطَي الرَّغائِبَ فَارْغَبِ
لا تَغْضَبَنَّ عَلَى امْرِئٍ فِي مالِهِ وَعَلَى كَرائِمَ صُلْبِ مالِكَ فاغْضَبِ
وَقَوْلُهُ:
إِذا كُنْتَ فِي سَعْدٍ وَأُمُّكَ مِنْهُمُ غَرِيباً فَلا يُغَرِرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
فَإِنَّ ابْنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغىً إِناؤُهُ إِذا لَمْ يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ
وَمِنْ جَيِّدِ التَّشْبِيهِ قَوْلُهُ فِي إِعْراضِ المَرْأَةِ:
فَصَدَّتْ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَحْتَ قِناعِها بَدا حاجِبٌ مِنْها وَضُنَّتْ بِحاجِبِ
أَخَذَهُ المُحْدَثُ فَقالَ:
يا قَمَراً لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِهِ أَبْدَى ضِياءً لِثَمانٍ بِقِين
تَظَلُّ تَحْفِرُ عَنْهُ إِنْ ضَرَبْتَ بِهِ بُعْدَ الذِّراعَيْنِ وَالسّاقَيْنِ وَالهادِي
ذَكَرَ أَنَّهُ قَطَعَ ذلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ رَسَبَ فِي الأَرْضِ، حَتَّى احْتاجَ إِلَى أَنْ يُحْفَرَ عَنْهُ، وَهذا مِن الإِفْراطِ وَالكَذِبِ.
أَشارَ ابْنُ رَشِيقٍ القَيْرْوانِيُّ فِي كِتابِهِ (العُمْدَة) أَنَّ النَّمِرَ بْنَ تَولَبٍ هُوَ أحَدُ الشُّعَراءِ الَّذِينَ امْتازُوا بِالتَّنْقِيحِ وَالتَّثْقِيفِ وَالتَّحْكِيكِ، وَعَدَّهُ مُشابِهاً فِي هذا البابِ لِزُهَيْرٍ وَالنّابِغَةِ وَطُفَيْلِ الغَنَوِيّ وَالحُطَيْئَةِ.
جَعَلَهُ أَبُو زَيْدٍ القُرَشِيُّ مِنْ ضِمْنِ شُعَراءِ المُجَمْهَراتِ وَهُمْ عَنْتَرَةُ وَعُبَيْدُ بْنُ الأَبْرَصِ وَعَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَبِشْرُ بْنُ أبِي خازِم وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلَتِ وَخُداشُ بْنُ زُهَيْرٍ، وَاخْتارَ لَهُ قَصِيدَتَهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَــأَبَّدَ مِــنْ أَطْــلالِ جَــمْــرَةَ مَـأْسَــلِ وَقَـدْ أَقْـفَــرَتْ مِـنْهــا شَراءٌ فَيَـذْبُـلُ).
يَظهرُ فِي شِعرِ النَّمرِ بنِ تولبٍ تَأَثُّرُهُ بِالإسلامِ والقُرآنِ الكَريمِ ويَظهرُ ذَلكَ فِي قَولِه:
أَعِـذْنــي رَبِّ مِـنْ حَـصَــرٍ وَعِـيٍّ وَمِـنْ نَفْـسٍ أُعالِجُهـا عِلاجـا
وَمِنْ حاجـاتِ نَفْـسِـيْ فَاعْصِمَنّي فَإِنَّ لِمُضْـمَـراتِ النَّفْسِ حاجا
وَأَنْـتَ وَلِيُّهـا وَبَـرِئْتُ مِنْهـا إِلَيْكَ وَما قَضَـيْتَ فَلا خِلاجا
وَلَهُ أُرجوزَةٌ أَنشَدَها عندما وفدَ إلى الرّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَقولُ فِيها:
إِنّا أَتَيْناكَ وَقَدْ طالَ السَّفَرْ
نَقُودُ خَيْلاً ضُمَّراً فِيها ضَرَرْ
نُطْعِمُها اللَّحْمَ إِذا عَزَّ الشَّجَرْ
وَالْخَيْلُ في إِطْعامِها اللَّحْمَ عَسَرْ
يا قَوْمُ إِنّي رَجَلٌ عِنْدي خَبَرْ
اللهُ مِنْ آياتِهِ هَذا الْقَمَرْ
وَالشَّمْسُ وَالشِّعْرى وَآياتٌ أُخَرْ
مَنْ يَتَسامَ بِالْهُدى فالْخُبْثُ شَرْ
(ابْنُ سَلَّامٍ/ طَبَقاتُ فُحُولِ الشُّعَراءِ).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(البَغْدادِيُّ/خِزانَةُ الأَدَبِ).
(أَبُو الفَرَجِ الأَصْفَهانِيُّ/ الأَغانِي).
(خَيْرُ الدِينِ الزَرْكَلِيِّ/ الأَعْلامُ)