
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
سَعْدُ بنُ مالِكٍ، شاعر جاهليٌّ مِنْ ساداتِ قَبيلَةِ بِكْرِ بنِ وائلٍ ومِن فُرسانِها المَعدودِينَ، وهُو أَبو المُرقِّشِ الأَكبرِ وَجَدُّ المُرقِّشِ الأَصغَرِ وطَرفةَ بنِ العبدِ وعمرِو بنِ قَميئَةَ، شَهِدَ حَرْبَ البَسُوسِ وكان شاعِرَ بَكرٍ فِيها، وتوفِّيَ في إِحدى وَقعاتِها نَحوَ عامِ 95ق.هـ/530م.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هوَ سَعدُ بنِ مالِكِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ قَيسِ بنِ ثَعْلَبَةَ بن عُكابةَ بنِ صَعبِ بنِ عليِّ بنِ بكرِ بنِ وائلٍ.
وهُوَ مِن ساداتِ قَبيلةِ بكرُ بنُ وائلٍ، وتُعدُّ قَبيلةُ بَكرِ بنِ وائلٍ مِن أَعْظمِ القَبائلِ المُحارِبَةِ، ويُذكرُ أنَّهُ كانَ للنُّعمانِ بنِ المُنذرِ كَتيبةٌ يُقالُ لَها الصَّنائِعُ، وَهُم صَنائِعُ المَلِكِ، أَكْثرهُم مِن بَكرِ بنِ وائلٍ، وَأَشْهَرُ وَقعاتِ هذه القبيلة هي حربُ البَسوسِ معَ قبيلةِ تغلبَ حوالي سنةَ 490م، وقد شَاركَ سَعدُ بنُ مالِكٍ في هذِهِ الحربِ حتَّى قُتِلَ فِي إِحدى وَقعاتِها، وقالَ فِيها بَعضَ شِعرِهِ.
ووردَ فِي (جَمهرة النّسبِ) لابنِ الكلبيّ أنّ أُمَّ سَعدِ بنِ مالكٍ هِيَ عُوارَ بنتُ ذُهلِ بنِ شيبانَ، وإِخوتُهُ هُم: عَمرٌو وعَوفٌ ورَبيعةُ وعُباد وضبُّ وصَعبُ والأَجردُ، أَمّا أَبناؤُهُ فَهم: مَرثدُ وكَهفُ وقَميئةُ وعَمرُو (المُرقِّش الأَكبر)، وأُمُّهم قُلابَةُ بنتُ الحارثِ بنِ قَيسِ بن الحارثِ بنِ ذُهلٍ اليَشكُريّ، وحَرمَلَةُ وسَفينُ وعَوفُ وعَديُّ ورَبيعةُ والمُرقِّشُ الأَصغرُ(وقيلَ بل حَفيدُهُ) وأَنَسُ، وأُمُّهم فاطِمةُ بنتُ الأُقَيصرِ مِن بَني يَشكُرَ.
وبيتُ سعدِ بنِ مالكٍ مِنَ البُيوتِ الَّتي عُرفتْ بِالشِّعرِ وبالفُروسيَّةِ والسِّيادةِ، ومِن ذُريَّةِ سَعدٍ ظَهرَ غَيرُ شاعِرٍ مِن فُحولِ الشُّعراءِ الجاهليينَ، فابنُهُ هو المُرقِّشُ الأَكبرُ، ومِن أَحفادِهِ المُرقِّشُ الأَصغَرُ وطرَفةُ بنُ العبدِ وعَمرُ بنُ قَميئَةَ.
يُعَدُّ سَعْدُ بنُ مالِكٍ مِنْ أَوائِلِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ الَّذِينَ وَصَلَت أَخْبارُهُم، فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى أَشْهَرِ الشُّعَراءِ المُتَقَدِّمِينَ مِثْلَ امرِئِ القَيْسِ وَعَمرِو بنِ قَمِيئَةَ وَالمُرَقِّشَينِ، وَقَدْ حاوَلَ الدكتورُ عادِل الفريجات أَنْ يُحَدِّدَ سَنَةَ مِيلادِهِ فَرَأَى أَنَّها بِحُدُودِ سَنَةِ 435-445م، وَذَكَرَ لُوِيس شَيخُو أَنَّ سَنَةَ وَفاتِهِ نَحْوَ عامِ 530م، فَيَكُونَ قَدْ عاشَ ما يَقْرُبُ مِنْ مِئَةِ عامٍ أو أقلَّ بِقليلٍ.
وَتُشِيرُ أَخْبارُ سَعدِ بنِ مالِكٍ إلى أَنَّهُ كانَ فارِساً شُجاعاً خاضَ مَعَ قَوْمِهِ وَقائِعَ مُتَعَدِّدَةً، مِنْها ما سجّلَهُ فِي شِعْرِهِ فقد ذكرَ أنَّ قَبِيلَتَهُ بَنِي بَكْرٍ تعرّضوا لغزوٍ من التَّبابِعَةِ وَمن ملكٍ غَسّانِيٍّ يُدعى كَعْباً، فقاوموهم وصدّوهم عَن دِيارِهِمْ، حَيْثُ يَقُولُ:
وَلَيْلَـةِ تُبَّـعٍ وَخَمِيـسِ كَعْـبٍ أَتَوْنـا بَعْدَما نِمْنا دَبِيبا
فَلَـمْ نُهْـدَدْ لِبَأْسـِهِمُ وَلَكِنْ رَكِبْنـا حَـدَّ كَوْكَبِهِمْ رُكُوبا
بِضـَرْبٍ يُفْلَـقُ الْهاماتُ مِنْهُ وَطَعْنٍ يَفْصِلُ الْحَلَقَ الصَّلِيبا
وَفِي شِعْرِ طَرَفَةَ فَخرٌ بِجَدِّهِ سَعدِ بنِ مالِكٍ وَإِشارَةٌ إِلَى شَجاعَتِهِ وَبَأْسِهِ، حَيْثُ يَقُولُ فِيهِ:
رَأَيْـتُ سـُعُوداً مِـنْ شـُعُوبٍ كَثِيـرَةٍ فَلَـمْ تَـرَ عَيْنِي مِثْلَ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ
أَبِـي أَنْـزَلَ الْجَبَّـارَ عَامِـلُ رُمْحِهِ عَـنِ السـَّرْجِ حَتَّى خَرَّ بَيْنَ السَنَابِكِ
وَمِنْ أَشْهَرِ الحُرُوبِ الَّتِي خاضَها مَعَ قَوْمِهِ حَرْبُ البَسُوسِ، حَيْثُ كانَ مِنْ قادَةِ بِكْرٍ فِيها، وَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ سَعدَ بنَ مالِكٍ كانَ شاعِرَ بَكْرٍ فِي يَوْمِ قِضَةٍ، وهو أحدُ أيامِ حَربِ البَسوسِ، وَكانَ مُحَرِّضاً فِي شِعْرِهِ عَلَى الحَرْبِ مُعَرِّضاً بِبَعْضِ القَبائِلِ الَّتِي لَمْ تَشْتَرِكْ فِي الحَرْبِ، مِنْ ذلِكَ قَصِيدَتُهُ الحائِيَّةُ الَّتِي قالَها فِي التَّعْرِيضِ بِمَوْقِفِ الحارِثِ بنِ عُبادٍ وبُطُونٍ أُخْرَى مِنْ قَبِيلَةِ بِكْرٍ كَبَني يَشْكُرَ وَبَنِي لُجَيمٍ الّذينَ اعتزَلُوا القِتالَ فِي حَربِ البَسوسِ، يَقُولُ فِيها:
يــا بُـؤْسَ لِلْحَـرْبِ الَّتِـي وَضـَعَتْ أَراهِـطَ فَاسْتَراحُوا
وَالْحَــرْبُ لا يَبْقَــى لِجـا حِمِهـا التَّخَيُّـلُ وَالْمِـراحُ
إِلَّا الْفَتَى الصَّبَّارُ فِي النْـ نَجَـداتِ وَالْفَـرَسُ الْوَقـاحُ
بِئْسَ الْخَلائِفُ بَعْــــــدَنا أَوْلادُ يَشـــْكُرَ وَاللِّقــاحُ
مَــنْ صــَدَّ عَـنْ نِيرانِهـا فَأَنـا ابْـنُ قَيْـسٍ لا بَراحُ
وَمِنْ مَواقِفِهِ الَّتِي تُظْهِرُ حِكْمَتَهُ وَحِنْكَتَهُ، مَوْقِفُهُ مَعَ أَحَدِ المُلُوكِ المُناذِرَةِ، وَهو موقِفٌ يأتي أحياناً في تفسيرِ المَثَلِ (إِنَّ العَصَا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ) فَقَدْ وَرَدَ فِي مَجْمَعِ الأَمْثالِ لِلمَيْدانِيِّ: أَنَّ سَعْداً أَتَى النُّعْمانَ بنَ المُنْذِرِ وَمَعَهُ خَيلٌ لَهُ قادَها، وَأُخْرَى عَرّاها، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ عَرَّيْتَ هذِهِ وَقُدْتُ هذِهِ؟ قالَ: لَمْ أَقُدْ هذِهِ لِأَمْنَعَها وَلَمْ أُعرِ هذِهِ لِأَهَبَها. ثُمَّ دَخَلَ عَلَى النُّعْمانِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَرْضِهِ، فَقالَ: أَمّا مَطَرُها فَغَزِيرٌ، وَأَمّا نَبْتُها فَكَثِيرٌ، فَقالَ لَهُ النُّعْمانُ: إِنَّكَ لَقَوّالٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتُكَ بِما تَعيا عَنْ جَوابِهِ، قالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ وَصِيفاً لَهُ أَنْ يَلْطِمَهُ، فَلَطَمَهُ لَطْمَةً، فَقالَ: ما جَوابُ هذِهِ؟ قالَ: سَفِيهٌ مَأْمُورٌ، قالَ: الطِمْهُ أُخْرَى، فَلَطَمَهُ، قالَ: ما جَوابُ هذِهِ؟ قالَ: لَوْ أُخِذَ بِالأُولَى لَمْ يَعُدْ لِلأُخْرَى، وَإِنَّما أَرادَ النُّعْمانُ أَنْ يَتَعَدَّى سَعْدٌ فِي المَنْطِقِ فَيَقْتُلَهُ، قالَ: الْطِمْهُ ثالِثَةً، فَلَطَمَهُ، قالَ: ما جَوابُ هذِهِ؟ قالَ: رَبٌّ يُؤَدِّبُ عَبْدَهُ، قالَ: الْطِمْهُ أُخْرَى، فَلَطَمَهُ، قالَ: ما جَوابُ هذِهِ؟ قالَ: مَلَكْتَ فَأَسْجِح، فَأَرْسَلَها مَثَلاً، قالَ النُّعْمانُ: أَصَبْتَ فَامْكُثْ عِنْدِي، وَأَعْجَبَهُ ما رَأَى مِنْهُ، فَمَكَثَ عِنْدَهُ ما مَكَثَ. ثُمَّ إِنَّهُ بَدا لِلنُّعْمانِ أَنْ يَبْعَثَ رائِداً، فَبَعَثَ عَمْراً أَخا سَعْدٍ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَأَغْضَبَهُ ذلِكَ فَأَقْسَمَ لَئِنْ جاءَ ذامَّاً لِلكَلَأِ أَوْ حامِداً لَهُ لِيَقْتُلْنَّهُ، فَقَدمَ عَمْرٌو، وَكانَ سَعْدٌ عِنْدَ المَلِكِ، فَقالَ سَعْدٌ: أَتَأْذَنُ أَنْ أُكَلِّمَهُ؟ قالَ: إِذَنْ يُقْطَعُ لِسانُكَ، قالَ: فَأُشِيرُ إِلَيْهِ؟ قالَ: إِذَنْ تُقْطَعُ يَدُكَ، قالَ: فَأَقْرَعُ لَهُ العَصا؟ قالَ: فَاقْرَعْها، فَتَناوَلَ سَعْدٌ عَصا جَلِيسِهِ وَقَرَعَ بِعَصاهُ قَرْعَةً واحِدَةً، فَعَرَفَ أَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: مَكانَكَ، ثُمَّ قَرَعَ بِالعَصا ثَلاثَ قَرعاتٍ، ثُمَّ رَفَعَها إِلَى السَّماءِ وَمَسَحَ عَصاهُ بِالأَرْضِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: لَمْ أَجِدْ جَدْباً، ثُمَّ قَرَعَ العَصا مِراراً ثُمَّ رَفَعَها شَيْئاً وَأَوْمَأَ إِلَى الأَرْضِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ يَقُولُ: وَلا نَباتاً، ثُمَّ قَرَعَ العَصا قَرْعَةً وَأَقْبَلَ نَحْوَ المَلِكِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ يَقُولُ: كَلِّمْهُ، فَأَقْبَلَ عَمْرٌو حَتَّى قامَ بَيْنَ يَدَيْ المَلِكِ، فَقالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي هَلْ حَمِدْتَ خَصْباً أَوْ ذَمَمْتَ جَدْباً؟ فَقالَ عَمْرٌو: لَمْ أَذْمُمْ هَزْلاً، وَلَمْ أَحْمَدْ بَقلاً، الأَرْضُ مُشْكِلَةٌ لا خَصْبُها يُعْرَفُ، وَلا جَدْبُها يُوصَفُ، رائِدُها واقِفٌ، وَمُنْكِرُها عارِفٌ، وَآمِنُها خائِفٌ. قالَ المَلِكُ: أَوْلَى لَكَ، فَقالَ سَعْدُ بنُ مالِكٍ يَذْكُرُ قَرْعَ العَصا:
قَرَعْـتُ الْعَصـا حَتَّى تَبَيَّنَ صاحِبِي وَلَـمْ تَـكُ لَوْلا ذاكَ لِلْقَوْمِ تُقْرَعُ
فَقـالَ رَأَيْـتُ الْأَرْضَ لَيْـسَ بِمُمْحِلٍ وَلا سارِحٌ مِنْها عَلى الرَّعْيِ يَشْبَعُ
سـَواءٌ فَلا جَـدْبٌ فَيُعْـرَفُ جَـدْبُها وَلا صـابَها غَيْـثٌ غَرِيـرٌ فَتُمْـرِعُ
فَنَجَّـى بِهـا حَوْبـاءَ نَفْسٍ كَرِيمَةٍ وَقَـدْ كـادَ لَوْلا ذاكَ فِيهِمْ يُقَطَّعُ
وَيَظْهَرُ مِنْ أَخْبارِ سَعدِ بنِ مالِكٍ ما يُؤَكِّدُ عَلاقَتَهُ الوَثِيقَةَ بِالحِيْرَةِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي كِتابِ (الأَغانِي) أَنَّ سَعْداً دَفَعَ ابْنَيْهِ عَمْراً (وَهُوَ المَرَقِّشُ الأَكْبَرُ) وَحَرْمَلَةُ -وَكانا أَحَبَّ وَلَدَيْهِ إِلَيْهِ- إِلَى نَصْرانِيٍّ مِنْ أَهْلِ الحِيْرَةِ فَعَلَّمَهُما الخَطَّ.
توفي سعدُ بنُ مالكٍ في حربِ البسوسِ، فقد ذَكَرَ ياقُوتُ الحَمَوِيُِّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ (أسْوَدِ العَشارِيّاتِ) وَهُوَ جَبَلٌ فِي بِلادِ بَكرِ بِن وائِلٍ أَنَّهُ كانَتْ بِهِ وَقعَةٌ مِنْ وَقائِعِ حَرْبِ البُسُوسِ وَكانَتْ الدّائِرَةُ فِيهِ عَلَى بَكْرٍ وَقُتِلَ سَعْدُ بنُ مالِكِ بنِ ضُبَيْعَةَ وَجَماعَةٌ مِنْ وُجُوهِهِمْ.
وَقَدْ حَدَّدَ لُوِيس شِيخُو سَنَةَ وَفاةِ سَعْدٍ بِنَحْوِ عامِ 530م.