
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ العَدْوانِيُّ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَدِيمٌ وَمِنْ حُكَماءِ العَرَبِ وَأَشْرافِهُمْ، وَكانَ يُلَقَّبُ بِذِي الحِلْمِ، وَقَدْ اجْتَمَعَتْ مُعَدٌّ تَحْتَ رِئاسَتِهِ فِي يومِ البَيْداءِ ضِدَّ مَذْحِجٍ، عُرِفَ بِأَحْكامِهِ بَيْنَ العَرَبِ إِذْ كانَ قاضِيهُمْ في سُوقِ عُكاظٍ، وَكانَتْ العَرَبُ لا تَعْدِلُ بِفَهْمِهِ فَهُماً، وَلا بِحُكْمِهِ حُكْماً، وَكانَ مِمَّنْ حَكَمَ فِي الجاهِلِيَّةِ حُكْماً فَوافَقَ حُكْمَ الإِسْلامِ، وَقَدْ عُمِّرَ طَوِيلاً حَتَّى بَلَغَ مِئَتَيْ عامٍ كَما وَرَدَ فِي كِتابِ (المُعَمَّرُونَ)، تُوُفِّيَ فِي القَرْنِ الرابِعِ المِيلادِيِّ.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هُوَ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ بنِ عَمْرٍو بنِ عَيّاذِ بنِ يَشْكُرَ بنِ عَدْوانَ (وَهو الحارِثُ) بنِ عَمْرٍو بنِ قَيْسِ عَيْلانِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزارِ بنِ مُعَدِّ بنِ عَدْنانَ. وَأُمُّهُ هِيَ لُبابَةُ بِنْتُ ناصِرَةَ بنِ ثَقِيفِ بنِ مُنَبِّهِ بنِ بَكْرِ بنِ هَوازِنَ. وَمِنْ بَناتِهِ عاتِكَةُ وَهِيَ -كَما وَرَدَ فِي كِتابِ المُحَبَّرِ- مِنْ العَواتِكِ اللَّواتِي وَلَدْنَ الرَّسُولَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ بَناتِهِ أَيْضاً زَيْنَبُ زَوْجَةُ قَسِيٍّ وَهُوَ ثَقِيفٌ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ قَسِيّاً نَزَلَ مَوْضِعاً قَرِيباً مِنْ الطّائِفِ، فَأَتَى عامِراً وَاسْتَجارَ بِهِ فَزَوَّجَهُ بِنْتَهُ، وَأَقامَ بِالطّائِفِ. فَقِيلَ: للّٰهِ دَرُّهُ ما أَثْقَفَهُ حِينَ ثَقِفَ عامِراً فَأَجارَهُ. أَمّا ابْنَتُهُ عَمْرَةُ فَهِيَ زَوْجَةُ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعاوِيَةَ وولدَتْ عامِر بْنَ صَعْصَعَةٍ. وَابْنَتُهُ فَعَمَةُ زَوَّجَها عامِرٌ لِاِبْنِ أَخِيهِ عامِرِ بنِ الحارِثِ بنِ الظَّرِبِ، وَهِيَ الَّتِي قالَ لِأُمِّها ماوِيَّةَ عِنْدَ زَواجِها: "مُرِي ابْنَتَكَ فَلا تَنْزِلْنَّ فَلاةً إِلّا مَعَها ماءٌ، وَأَنْ تُكْثِرَ اسْتِعْمالَ الماءِ فَلا طِيبَ أَطْيَبُ مِنْهُ، إِنَّ الماءَ جُعِلَ لِلأَعْلَى جَلاءً، وَلِلأَسْفَلِ نَقاءً".
وَلِعامِرٍ بنِ الظَّرِبِ إِخْوَةٌ مِنْهُمْ: سَعْدٌ، وَعَمْرٌو، وَصَعْصَعَةُ، وَثَعْلَبَةُ، كَما ذَكَرَ ذلكَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتابِهِ (جَمْهَرَة انْسابِ العَرَبِ).
وَينتسِبُ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ إلى قَبيلةِ عَدْوانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضِرَ بْنِ نِزارِ بْنِ مَعَدِ بْنِ عَدْنانَ، وعَدوان هو لَقَبُ الحَارثِ بنِ عَمرٍو وقد سُمِّيَ (عَدوان) لِأنهُ عَدا عَلى أَخيهِ فَهمٍ فَقتَلَهُ، كانَتْ مَنازِلُهُمْ في الطّائِفِ مِنْ أرْضِ نَجْدٍ، ثُمَّ غَلَبَتْهُمْ عَلَيْها ثَقِيفٌ، فَخَرَجُوا إلى تُهامَةَ، وَقَدْ نَشَبَ خِلافٌ فِي قَبِيلَةِ الشّاعِرِ بَنِي عَدْوانَ أَدَّى إِلَى تَفَرُّقِها وَقِتالِ بَعْضِها بَعْضاً حَتَّى تَفانَتْ وَيَذْكُرَ الأَصْفَهانِيُّ أَنَّ سَبَبَ هٰذا الخِلافِ أَنَّ بَنِي ناجِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوانَ أَغارُوا عَلَى بَنِي عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبّادِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوانَ، وَنَذَرَتْ بِهِمْ بَنُو عَوْفٍ فَاقْتَتلُوا، فَقُتِلَ بَنُو ناجٍ ثَمانِيَةَ نَفَرٍ، فِيهِمْ عُمَيْرُ بْنُ مالِكٍ سَيِّدِ بَنِي عَوْفٍ، وَقَتَلَتْ بَنُو عَوْفٍ رَجُلاً مِنْهم يُقالُ لَهُ سِنانُ بْنُ جابِرٍ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى حَرْبٍ.
حاوَلَ الدّكتورُ عادِل الفريجات تَحْدِيدَ الفَتْرَةِ الزَمَنِيَّةِ الَّتِي عاشَها عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ فَوَجَدَ أَنَّهُ -بِمُقارَنَةِ بَعْضِ الأَحْداثِ الَّتِي شَهِدَها عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ- قَدْ عاشَ فِي القَرْنِ الخامِسِ المِيلادِيِّ، وَأَنَّهُ وُجِدَ قَبْلَ الإِسْلامِ بِمِئَتَيْ عامٍ تَقْرِيباً، وَهُوَ يُعَدُّ لِذلِكَ مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ. وَيَظْهَرُ مِنْ أخْبارِ عامِرٍ أَنَّهُ كانَ مِنْ ساداتِ قَوْمِهِ؛ فَقَدْ كانَ يَفِدُ عَلَى المُلُوكِ فِي عَصْرِهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كِتابِ (العُمْدَةُ) لابن رشيق مُحاوَرَةٌ لَهُ مَعَ حُمامَةَ بنِ رافِعٍ الدُّوسِيِّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ مُلُوكٍ حِمِير.
وَقَدْ تَمَيَّزَ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ بِحِكْمَتِهِ وَقَضائِهِ بَيْنَ العَرَبِ، فَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ مَنْ احْتَكَمَ عِنْدَهُمْ العَرَبُ، وَمِنْ أَحْكامِهِ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِدَفْعِ مِئَةٍ من الإِبِلِ دِيَةً فِي قَتِيلٍ، وَكانَ ذلِكَ عندمت قَتَلِ مُعاوِيَةُ بنُ بَكْرِ بنِ هَوازِن أَخاهُ زَيْداً، فَجَعَلَ فِيهِ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ العَدْوانِيُّ مِئَةً مِنْ الإِبِلِ، وَهِي أَوَّلُ دِيَةٍ قُضِيَ فِيها بِذلِكَ.
وَقَدْ جَعَلَهُ ابنُ حَبِيبٍ فِي كِتابِهِ (المُحَبَّر) مِمَّنْ حَكَمَ فِي الجاهِلِيَّةِ حُكْماً فَوافَقَ حُكْمَ الإِسْلامِ، من ذلكَ أنَّهُ حَكَمَ فِي الخُنْثَى حُكْماً جَرَى حُكْمُ الاِسْلامِ بِهِ. وَلَهُ يَقُولُ أَدْهَمُ بْنُ أَبِي الزَّعْراءِ الطائِيَّ فِي الاِسْلامِ:
مِنّا الّذي حَكَمَ الحُكومَ فَوافَقَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ سُنَّةَ الإِسلَامِ
وَأَشارَ ابْنُ حَبِيبٍ أَيْضاً أَنَّ عامِرَ بنَ الظَّرِبِ كانَ مِمَّنْ حَرَّمَ الخَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ. وَهُوَ مَنْ قُرِعَتْ لَهُ العَصَا، وَقِصَّةُ ذلِكَ أَنَّهُ كانَ مِنْ حُكَماءِ العَرَبِ وَأَرْبَا عَلَى مِئَتَيْ عامٍ، فَكانَ رُبَّما هَفا فِي مُحاوَرَتِهِ فَتُقْرَعُ لَهُ العَصا بِجَفْنَةٍ فَيَرْتَدِعُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ جارَ عَنْ الطَّرِيقِ فَصارَ مَثَلاً، وَيَذْكُرُ أَبُو الفَرَجِ في (الأغاني) أَنَّ ابْنَتَهُ عَمْرَةَ هِيَ مَنْ كانَتْ تَقْرَعُ لَهُ العَصَى إِذا سَها فِي الحُكْمِ، وَلَهُ يَقُولُ الشّاعِرُ:
لِذِي الْحِلْمِ قَبْلَ الْيَوْمِ ما تُقْرَعُ الْعَصا وَمـــا عُلِّــمَ الْإِنْســانُ إِلَّا لِيَعْلَمــا
وَكانَ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ مِنْ قادَةِ العَرَبِ وَشُجْعانِهُمْ، وَهُوَ مِنْ الثَّلاثَةِ الَّذِين اجْتَمَعَتْ مَعَدٌّ تَحْتَ رِئاسَتِهِمْ، ذَكَرَ البَغْدادِيُّ فِي (خِزانَةِ الأَدَبِ) أَنَّهُ ما اجْتَمَعَتْ مُعَدٌّ كُلُّها إِلّا عَلَى ثَلاثَةِ رَهْطٍ مِنْ رُؤَساءِ العَرَبِ وَهُم عامِرٌ وَرَبِيعَةُ وَكُلِيبٌ. فَالأَوَّلُ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ ... وَهُوَ قائِدُ مَعَدٍّ يَوْمَ البَيْداءِ حِينَ تَمَذْحَجتْ مَذحِجٌ، وَسارَتْ إِلَى تهامَةَ وَهِيَ أَوَّلُ وَقْعَةٍ كانَتْ بَيْنَ تهامَةَ وَاليَمَنِ.
وَوَرَدَ أَيْضاً فِي (الأَغانِي) إِنَّ حَرْباً كانَتْ بَيْنَ إِيادٍ وَبَيْنَ قَيْسٍ، وَكانَ رَئِيسُهُمْ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ، فَظَفِرَتْ بِهِمْ قَيْسٌ، فَنَفَتْهُمْ إِلَى ثَمُودٍ وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا مِنْ نِزارٍ. وَقالَ عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ فِي ذلِكَ:
قالَتْ إِيادٌ: قَدْ رَأَيْنا نَسَبا
فِي ابْنَيْ نِزارٍ وَرَأَيْنا غَلَبا
سِيرِي إِيادُ قَدْ رَأَيْنا عَجَبا
لا أَصْلُكُمْ مِنَّا فسامِي الطَّلَبا
دارَ ثَمُودٍ إِذْ رَأَيْتِ السَّبَبا
ومِن مَعارِكِه الأُخرى التي لمْ يَظفرْ فِيها ما ذَكَرَهُ أبو الفَرجِ فِي (الأَغانِي) أنّ قَيْسَ عَيْلانَ رَغِبَتْ فِي البَيْتِ، وَخُزاعَةُ يَوْمَئِذٍ تَلِيهِ، وَطَمِعُوا أَنْ يَنْزِعُوهُ مِنْهُمْ، فَسارُوا وَمَعَهُمْ قَبائِلُ مِنْ العَرَبِ وَرَأَّسُوا عَلَيْهِمْ عامِرَ بْنَ الظَرِبِ العَدْوانِيَّ، فَسارُوا إِلَى مَكَّةَ فِي جَمْعٍ لُهامٍ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمْ خُزاعَةُ فَاقْتَتلُوا، فَهُزِمَتْ قَيْسٌ، وَنَجا عامِرٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ جَوادٌ. فَقالَ قَيْسٌ بْنُ الحُدادِيَّةِ فِي ذلِكَ:
لَقَـد سُمتَ نَفسَكَ يا ابنَ الظَّرِب وَجَشــَّمتَهُم مَنْــزِلاً قَــد صـَعُب
وَحَمَّلتَهُـــم مَركَبــاً باهِظــاً مِـنَ العِبءِ إِذ سـُقتَهُم لِلشَغَب
بِحَــربِ خُزاعَــةَ أَهــلِ العُلا وَأَهـلِ الثَنـاءِ وَأَهـلِ الحَسـَب
هُمُ المانِعو البَيتِ وَالذائِدونَ عَــنِ الحُرُمـاتِ جَميـعَ العَـرَب
وَقَدْ عَلَّقَ أَبُو الفَرَجِ عَلَى هذِهِ القَصِيدَةِ أَنَّها مَصْنُوعَةٌ وَالشِّعْرُ بَيِّنُ التَّوْلِيدِ.
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عامِرٍ عَدَدٌ مِنَ الحِكَمِ وَالوَصايا، مِنْ ذلِكَ ما وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمّا خَطَبَ صَعْصَعَةُ بنُ مُعاوِيَةَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ عَمْرَةَ- وَهِيَ أُمُّ عامِرٍ بنِ صَعْصَعَةَ- فَقالَ: "يا صَعْصَعَةُ، إِنَّكِ أَتَيْتَنِي تَشْتَرِي مِنْ كَبِدِي، فَارْحَمْ وَلَدِي، قَبِلَتُكَ أَوْ رَدَدْتُكَ، وَالحَسِيبُ كُفْءُ الحَسِيبِ، وَالزَّوْجُ الصّالِحُ أَبٌ بَعْدَ أَبٍ، وَقَدْ أَنْكَحتُكَ خَشْيَةَ أَنْ لا أَجِدَ مِثْلَكَ، أَفِرُّ مِنْ السِرِّ إِلَى العَلانِيَةِ، يا مَعْشَرَ عَدْوانٍ، خَرَجَتْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ كَرِيمَتُكُمْ، مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ وَلا رَهْبَةٍ، وَأُقْسِمُ لَوْلا قِسمُ الحُظُوظِ عَلَى [قَدَرِ] الجُدُودِ ما تَرَكَ الأَوَّلُ لِلآخَرِ ما يَعِيشُ بِهِ." وقد وردَ أن ابنَتَهُ لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى زوجِها نَفَرَتْ مِنْهُ فَشَكَا إِلى أَبِيهَا فَقَالَ لَا أَجْمَعُ عَلَيْكَ فِرَاقَ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَقَدْ خَلَعْتُهَا مِنْكَ بِمَا أَعْطَيْتَهَا، وكان هذا كما رُويَ أَوَّلَ خُلْعٍ فِي الْعَرَبِ.
وَمِنْ أَقْوالِهِ كَذلِكَ: دَعُوْا الرَّأْيَ يَغِبُّ حَتَّى يَخْتَمِرَ، وَإِيّاكُمْ وَالرَّأْيَ الفَطِيرَ. يُرِيدُ الأَناةَ فِي الرَّأْيِ وَالتَثَبُّتَ فِيهِ. وَلَهُ بَعْضُ الوَصايا كَما فِي وَصِيَّتِهِ لِقَوْمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَدْ ذَكَرَها السجسْتانِيُّ فِي (المُعَمَّرُونَ).
عامِرٌ بنُ الظَّرِبِ شاعِرٌ مُقِلٌّ لَمْ يَصِلْ إِلَيْنا مِنْ أَبْياتِهِ إِلّا حَوالَيْ ثَلاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ بَيْتاً، تَنَوَّعَتْ مَوْضُوعاتُها بَيْنَ الفَخْرِ وَالهِجاءِ وَالمَدْحِ وَالحِكْمَةِ وَوَصْفِ الخَمْرِ، وَكانَتْ أَشْهَرُ أَبْياتِهِ فِي الهَرَمِ وَالشَّكْوَى مِنْ الكِبَرِ.
(ابنُ عبدِ ربِّه/ العقد الفريد).
(الجاحظ/ البيان والتبيين).
(أَبُو القاسم الآمدي/المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء).
(أبو الفرج الأصفهاني/ الأغاني).