
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَمّـــا بَـــدَت غَزالَـــةُ الصــَباحِ
تَنهَـــضُ مـــن مَرقَــدِها الفَيّــاحِ
وَغـادَرَت طيثـونَ ذا الـوَجهِ الوَضـي
حَتّــى علــى الجِنَّـةِ وَالنـاسِ تُضـي
ســـَيَّرَ زَفـــسُ فِتنَـــةَ الوَبـــالِ
بِيَـــــدِها مَعــــالِمُ القِتــــالِ
فَاِنتَصــَبَت مُنتَصــَفَ الأُســطولِ فــي
مَركَــبِ أوذيــسَ الكــبيرِ المُشـرِفِ
لِتَبلُـــغَ الفَزعَــةُ كُــلَّ العَســكَرِ
حَتّـــى أَخيـــلَ وأَيـــاسَ الأَكبَــرِ
إِذا خَيَّمــــا وَرَبَطـــا القِلاســـا
فـــي الجـــانِبَينِ شــِدَّةً وَباســا
فَدَمــــدَمَت تَـــدوي دَوِيَّ الرَعـــدِ
وَشــــَدَّدَتهُم لِلِّقــــا المُشــــتَدِّ
فَــآثَروا الحَــربَ وثِقــلَ المِحَــنِ
عَلـــى المـــآبِ لِعَزيــزِ الــوَطَنِ
فَقـــامَ أَتريـــذُ بِهِـــم وَصــاحا
بــالقَومِ كَــي يُقَوِّمــوا الســِلاحا
وَشــــَكَّ فــــي فـــولاذِهِ الأَغَـــرِّ
يَلبَـــسُ خِفَّيـــهِ بِبـــادي الأَمــرِ
وَحَـــــولَ ســـــاقَيهِ بِقِــــدَّتَينِ
أَوثَـــقَ حـــالاً بِعُـــرى اللُجَيــنِ
وَلَبِـــسَ الــدِرع البَهِيَّــةَ الَّــتي
أُهــديها مِــن قَبـلِ سـَيرِ الحَملَـةِ
مِــن مَلــكِ قِـبريسَ كَنِـبرَ النـاءي
تَـــــذكِرَةً لِمُحكَـــــمِ الــــوَلاءِ
مُــــذ نَبَــــأُ الإقلاعِ للطُـــروادِ
عَلــى الســَفينِ شــاعَ فــي البِلادِ
مِـن أَبـدَعِ السـُطورِ فيها إِثنا عَشَر
مِـــن النُضــارِ شــائِقاتٌ للنَظَــر
وَمِــن نُحــاسٍ أَبيَــضٍ عِــرونَ مَــع
عَشــــَرَةٍ أَســـحَمِ فُـــولاذٍ ســـَطَع
وفــي كِلا الجَنــبينِ حَتّــى العُنُـقِ
ثَلاثُ حَيّــاتٍ مِــنَ الوَشــيِ النَقــي
حَكَــت بِقَلــبِ الغَيـمِ أَقـواسِ قُـزَح
بِنَبَــأٍ زَفــسُ مِــنَ الســَما طَــرَح
ثُــمَّ عَلــى كــاهِلِهِ أَتريــذُ قَــد
أَلقـــى حُســاماً بِشــعاعِهِ اِتَّقَــد
كَلبـاهُ والحِـزامُ مِـن أَبهـى الذَهَب
وعِمــدُهُ مِــن فِضــَّةٍ فيهـا العَجَـب
وَقَـــلَّ تُرســـاً شـــائِقاً بَهِيَّـــا
يَســــتُرُ كُــــلَّ جِســـمِهِ قَوِيّـــا
عضــــلَيهِ دارَت حَلَقـــاتٌ لامِعَـــه
عَشــرٌ مِــنَ الصـُفرِ البَهِـيِّ سـاطِعَه
وَفيـــهِ عِشـــرونَ مِــنَ الحَرابــي
مشــنَ النُحــاسِ الأَبيَــضِ اللَهّــابِ
فــي وَســطِها حِربــاءُ فـولاذٍ أَغَـر
يَبـدو بِهـا الغُرغـونُ رَوّاعُ النَظَـر
وَحَــولَهُ الهَــولُ وَرَســمُ الرَعــدَةِ
وَالـــدِرعُ شـــُدَّت بِحِـــزامِ فِضــَّةِ
يَلتَـــفُّ فـــي ثُعبـــانِ رَوعٍ أَزرَقِ
مُثَلَّـــثِ الـــرَأسِ وَحيــدِ العُنُــقِ
مِــن ثَــمَّ للمِغفَــرِ أَتريــذُ عَمَـد
يَلبَســُهُ مِــن بَعـدِ هاتيـكَ العُـدَد
مُرَبَّـــعُ الـــرَأسِ بِعُـــرفٍ أَملَــسِ
مِـن شـَعرِ خَيـلٍ هـاجَ فَـوقَ القَـونَسِ
وَقَـــــلَّ رُمحَيـــــنِ مُثَقَّفَيـــــنِ
حَتّـــى أَعـــالي الجَــوِّ ســاطِعَينِ
وَالرَعــــدُ إِجلالا لَــــهُ وَشـــَرَفا
بَـــأَمرِ آثينـــا وهيــرا قَصــَفا
فَــــأَمَرَت فُرســــانُهُ السُياســـا
تَنظِــمُ فُــربَ الخَنــدَقِ الأَفراســا
وَاِنـــدَفَعوا مــا شــينَ بِالســِلاحِ
بَيـــنَ صـــُياحِ طَـــرَّةَ الصـــَباحِ
فَــاِنتَظَمَ الأَبطــالُ قُريـبَ الخَنـدَقِ
تَجــري وَراءَهُــم عِجــالُ الفَيلَــقِ
وَزَفـــسُ بَينهُــم أَثــارَ اللَغبــا
يُمطِـــــرُ طَلّا بِـــــدَمٍ مُخضــــَّبا
أَمّــا بَنـو الطُـروادِ فَـوقَ الهِضـَبِ
فَـاِنتَظِموا مِـن حَـولِ هَكطـورَ الأَبـي
وَحَــــولَ فوليـــذامَسَ المَعصـــومِ
وَآنِيــــاسَ المُجتَـــبى العَظيـــمِ
وَحـــــولَ فُــــوليبَ وآكامــــاسِ
فَــتىً حَكــى الأَربــابَ آلَ البــاسِ
وَالقَيِّــــمِ المَحمـــودِ آغِنـــورا
ثَلاثَـــةً مِـــن وُلـــدِ اِنطينــورا
وَهَكطُـــرٌ فـــي صـــَدرِهِم يَـــدورُ
فــــي يَـــدِهِ مِجَنُّـــهُ الكَـــبيرُ
يَخـــوضُ فـــي ســـاقَتِهِم فَيَــأمُرُ
فَيَختَفـــي ثُـــمَّ بِصـــَدرٍ يَصـــدُرُ
كَكـــوكَبِ الهَــولِ الــذي يَســتَتَرُ
فـي الغَيـمِ حينـاً ثُـمَّ حينـاً يَظهَرُ
يَســــطَعُ بِالحَديــــدِ وَالفـــولاذِ
كَبَـــرقِ زَفـــسِ اللامِــعِ الجَبّــاذِ
فَعِنــــدَ ذاكَ اِتَبَـــكَ الجَيشـــانِ
وَثـــارَ نَقــعُ الضــَربِ وَالطِعــانِ
فَكُلُّهُــم مِثــلَ الــذِئابِ انـدَفَعوا
وَلَــم يَكُــن مِــن لِلفِــرارِ يَنـزِعُ
تُبَتَّــــتُ الــــرُؤوسُ وَالأَجســــادُ
كَســـــُنبُلِ يَبتَتُّــــهُ الحُصــــّادُ
وَلَــم يَكُــن يَشـهَدُ تِلـكَ المَلحَمَـه
بِالبِشـــرِ إِلّا الفِتنَــةُ المُهَــدِّمَه
وَفـــي الأُلِمـــبِ ســائِرُ الأَربــابِ
بِشــــائِقِ القُصــــورِ بِاِحتِجـــابِ
وَلَـــومُهُم لِزَفـــسِ طُـــرّاً بـــادِ
لِمَيلِــــهِ لَنُصــــرَةِ الطُــــروادِ
لَكِـــنَّ زَفـــسَ لَيـــسَ بِالمُبــالي
يَعتَـــزُّ فـــي عَليــاهُ بِــاِعتِزالِ
يُحيــــطُ بِـــالطُروادِ وَالأُســـطولِ
وَالحَـــربِ وَالقاتِـــلِ وَالمَقتــولِ
مِــنَ البُــزوغِ لِاِرتِفــاعِ المَشــرِقِ
جُنـــدٌ تُـــرَدّى وَســـِهامٌ تَلتَقــي
وآنَ مــا الحَطّــابُ يُضــوى تعبــا
فــــي غـــابِهِ وَظَمـــأً وَســـَغَبا
وَيَطلُــبُ الراحَــةَ بَعــدَ الغائِلَـة
مُهَيِّئاً طَعــــــامَهُ بِالقـــــائِلَه
تَــــأَلَّبَ الإِغريــــقُ باِشــــتدادِ
وَخَرَقــــوا كَتــــائِبَ الطُـــروادِ
فـــي صــَدرِهِم يَجــري أَغــامَمنونُ
تَســـيرُ فـــي يَمينـــهِ المَنــونُ
جَنـــدَلَ أَبيــانورَ راعــي الأُمَــمِ
فَتِبعَــهُ الســائِقَ ويلــوسَ الكَمـي
مِــن فَـوقِ مَـن كَبَتـهِ وَثبـاً وَثبَـب
يَلقــى أغــامَمنونَ مُشــتَدَّ الغَضـَب
لَكِنَّمـــا أَتريـــذُ فــي الجــبينِ
طَعَنَـــــهُ بِرُمحِـــــهِ المَــــتينِ
فَخَـــرَقَ المغفِــرَ وَالعَظــمَ ســَحَق
وَبَـــدَّدَ الـــدِماغَ والهامَـــةَ دَق
عَرّاهُمـــــا فَلَبثــــا مَيتَيــــنِ
لا ســـِترَ فَــوقَ ناصــِعِ الصــَدرَينِ
ثُــمَّ اِنثَنــى يَســطو عَلـى إِسوسـا
مِـــن وُلـــدِ فِريــامَ وَأَنطِفوســا
فَـــذلِكَ اِبـــنُ غـــادَةٍ خَليلَـــهُ
لَكِـــنَّ ذا مِــن زَوجِــهِ الحَليلَــه
قَـــد رَكِبـــا مَركَبَـــةً فَـــذاكا
ســـاقَ وَهَـــذا وَلِـــيَ العِراكــا
كِلَيهِمـــا قِـــدماً أَخيــلُ دَهَمــا
بِطَــورِ إيــذا يَرعَيــانِ الغَنَمــا
بِيــــانِعِ الخَيـــزورِ أَوثَقَهُمـــا
وَنـــــالَ فِديَــــةً وَأَطلَقَهُمــــا
وَالآنَ أَتريـــــذُ إِسوســـــاً قَتلا
بِطَعنـــةٍ فـــي ثَـــديِهِ فَجَنــدَلا
وَأَنطفـــــوسُ بِحُســــامِهِ قَطَــــع
أُذُنَــــهُ قَطعــــاً فَلِلأَرضِ وَقَــــع
فشـــائِقَ الشـــِكَةِ مِنهُمــا ســلب
يَــذكُرُ مِـن أَمرِهِمـا ماضـي العَجَـب
إِذ كــان قَــد رآهُمـا فـي السـُفُنِ
بَـــأَمرِ آخيـــلَ بِـــذاكَ الزَمَــنِ
وَصـــائِلاً مَشـــى كَلَيـــثٍ داهِـــمِ
خِشـــــفَةً واهِنَــــةَ العَــــزائِمِ
يَســـحَقُها بِــرائِعِ الأَنيــابِ فــي
كِناســــِها ســــَحقاً بِلا تَكَلُّــــفِ
وَالأُمُّ تِلـــكَ الظَبيَــةُ المُرتَجِفَــه
لا حيلَـــةٌ لَهــا بِرَفــدِ الخِشــَفَه
مُرتاعَــةً مُلتاعَــةً تَبغــي المَفَـر
فـي الغـابِ تَجـري بَينَ مُلتَفِّ الشَجَر
تَلهَـــثُ عَيّـــاً وَتَســـيلُ عَرَقـــاً
هالِعَــةً مِــن هَــولِ ذاكَ المُلتَقـى
كَـذاكَ فـي الطُـروادِ لَـم يَكُـن أَحَد
لِوَلَـــدَي فِريــامَ يَبــذُلُ المَــدَد
وَلَّــوا لَــدى الأَراغِــسِ الفِــرارا
وَخَلفَهُـــم أَتريــذُ بَأســاً ثــارا
فيســــَندَراً وإيفلوخـــاً دَهَمـــا
عَلــى مَطــا مَركَبَــةٍ قَــد هُزِمــا
مِـن وُلدِ أَنطيما أَنطيماخُسٍ مَن مَنَعا
هيلانَــــةً لِزَوجِهـــا أَن تُرجَعـــا
إَذا كــانَ فــاريسُ رَشــاهُ وَوَهَــب
مــالاً وَفيــراً مِــن مَتــاعٍ وَذَهَـب
فَعِنـــدَما لَــدَيهِما مِثــلَ الَســَد
لاحَ الجيــادُ جَمَحَــت تَحــتَ العُـدَد
وَاِرتَجَفَـــت أَنيـــديهِما فَـــوَقَفَت
أعِنَّــــةٌ بِهـــا ســـَناءً ســـَطَعت
فَســَجَدا مِــن فَــوقِ ذاكَ المَجلِــسِ
وَصـــــَرَخا بِذِلَّــــةِ المُلتَمِــــسِ
فَأَنطِمــــاخُ يُجــــزِلُ الهَـــدايا
إِن نَبـــقَ حَيَّيــنِ عَلــى الخَلايــا
وَبَكَيـــــا تَـــــذَلُّلاً وَصـــــُغرا
فَلَقِيـــا مِنــهُ الجَــوابَ المُــرّا
أَلَيــــسَ أَنطِمــــاخُ وَالِــــدُكُما
بِمَجلِــسِ الطُــروادِ يَومــاً حَكَمــا
بِقَتــــلِ أوذيـــسَ وَمينيلا وَقَـــد
جــاءا رَســولَينِ وَبالكيــدِ أَتَّقَـذ
ســــَتَلقَيانِ الآنَ شــــَرَّ غَــــدرِهِ
وَطاعِنــــاً فيســــَندَراً بِصـــَدرِهِ
جَنــدَلَهُ مِــن فَــوقِ عَـرشِ العَجَلَـه
فَــــإيفُلوخُ بِخَفيــــفِ العَجَلَـــه
رامَ اِنهِزامــاً وإِلـى الأضـرضِ وَثَـب
لَكِــن أَغــامَمنونُ بالسـَيفِ انتَصـَب
بِضــَربَةٍ عَلَيــهِ بــالعَزمِ انــدَفَع
وَرَأســـَهُ مَعــض الــذِراعَينِ قَطَــع
دَفَعَــــهُ لِلأَرضِ مِثــــلَ الخَشـــَبَه
وراحَ يَجـــري بِعَظيـــمِ الكَبكَبَــه
تَتبَعُـــــهُ كَتــــائِبُ الأَجنــــادِ
حَيـــثُ تَكَثَّفَـــت ســـُرى الأَعــادي
فَبَطَــــشَ الغُلمـــانُ بالغُلمـــانِ
وَفَتَــــكَ الفُرســـانُ بالفُرســـانِ
وَتَحــتَ وَقــعِ الخَيــلِ نَقـعٌ ثـارا
فــي الســَهلِ لِلجَـوِّ ذَرا الغُبـارا
وَثَـــمَّ أَتريـــذُ يَحُـــضُّ الجُنــدا
مُقتَضــــِباً مُقتَفِيــــاً مُشــــتَدّا
هَــبَّ عَلــى الأَعــداءِ مِثـلَ النـارِ
شـــَبَّت بِغـــابٍ غَضـــَّةِ الأَشـــجارِ
تُثيرُهــا الريــحُ وَفــي كُـلِّ مَهَـب
تَلهَــمُ كُــلَّ مــا أَمامَهـا اِنتَصـَب
أَمــامَهُ الطُــروادُ وَلَّــوا جَزَعــا
وَســـَيفُهُ الــرُؤوسَ قَطعــاً قَطَعــا
وجامِحــــاتُ الخَيـــلِ بالعِجـــالِ
تَضـــرِبُ فـــي الســَهلِ بِلا رِجــالِ
تَنـــدُبُ مـــا أَلَـــمَّ بِالفُرســانِ
تَحـــتَ عَجــاجِ الضــَربِ وَالطِعــانِ
أَشــهى هُــمُ الآنَ إِلــى العُقبــانِ
مِنــــهُ إِلــــى حَلائِلِ النِســـوانِ
وَزَفــسُ هَكطــورَ عَــنِ النَقـعِ حَجَـب
وَعَـن ضـَجيجِ القَـومِ فـي ذاكَ اللَجَب
وَعَـــن مَــدى النِبــالِ وَالنَجيــعِ
وَعَــــن تَلاحُــــمٍ بِهِـــم فَظيـــعِ
وَظَـــلَّ أَتريـــذُ عَلــى أَعقــابِهِم
مُشـــَدٍِّداً يَضـــرِبُ فـــي رِقــابِهِم
فَــدُفِعوا لِلــتينِ ثُــمَّ اِجتــازوا
فــي وَسـَطِ السـَهلِ وَفيـهِ اِنحـازوا
لِقَـــبرِ إيلــو ذَلِــكَ الدَردَنُســي
يَبغـــونَ إِليـــونَ بِحَــرِّ النَفــسِ
وَإِثرَهُـــم أَتريــذُ دَومــاً جــاري
مُلَطَّخــــاً بِالــــدَمِ وَالغُبــــارِ
يَصـــيحُ حَتّــى أَبلَــغَ الفُرســانا
أَبـــوابَ إِســـكِيَّةَ ثُــمَّ الزانــا
فَوَقَفـــوا يَبغــونَ جَمــعَ الشــَملِ
وَصــَحبُهُم تَبَعثَــروا فــي الســَهلِ
مِثـــلَ العُجـــولِ ذُعِــرَت فِــرارا
وَاللَيــثُ فـي اللَيـلِ لَقَـد أَغـارا
فَأَيَّهـــــا أَصـــــابَهُ ســـــَحَقَهُ
مُحَطِّمـــــاً بِنـــــابِهِ عُنُقَـــــهُ
يَمتَــــصُّ لا مُكتَفِيــــاً دِمــــاءَهُ
يَــــزرَدُ لا مُشــــتَفِياً أَحشـــاءَهُ
كَـــذا أَغــامَمنونُ أَصــمى وَســَفَك
بِســاقَةِ العِــدى بِمَــن لاقـى فَتـك
وَلَّـــوا وَمُشـــتَدّاً عَلَيهِـــم حَمَلا
بِالرُمـــــحِ يُـــــردي بَطَلاً فَبطلا
مــا بَيــنَ مَصــروعٍ مِــنَ العِجـالِ
أَهـــوى وَمُســلَنقٍ علــى الرِمــالِ
وَعِنــدَ مــا قــارَبَ إِدراكَ البَلَـد
وَســورِهِ الشــاهِقِ فـي ذاكَ اللَـدَد
مِـن قُبَّـةِ السـَماءِ كَالبَرقِ انحَدَرشش
زَفــسُ وَفـي إيـذا بِعَليـاهُ اِسـتَقَر
صـــاحَ بِـــذاتِ أَجنُـــحِ النُضــارِ
بِيَـــــدِهِ عَمـــــودُ بَــــرقٍ وارِ
قـــالَ فَطيــري إيــرِسُ الرَشــيقَه
وَأبلِغــــي هَكطـــوراً الحقيقَـــه
فَطالَمــا أَتريـذُ فـي صـَدرِ السـُرى
يَبطُـــشُ فيهِـــم فاتِكــاً مُــدَمِّرا
فَليَعتَـــزِل وَليُلــقِ عِبــءَ الصــَدِّ
عَلــى ســِواهُ مِــن ســَراةِ الجُنـدِ
لَكِــــن إِذا بِطَعنَــــةٍ فاهِقَــــةِ
أُصــــيبَ أَو بِرَميــــة خارِقــــةِ
وَراحَ يَعلــــو ســــُدَّةَ العِجـــالِ
هَكطـــورَ أُولــي نُصــرَةَ القِتــالِ
لَأُولِيَنَّــــهُ اِشــــتِدادَ البَــــأسِ
يَكســـَحُهُم حَتّـــى غُــروبِ الشــَمسِ
لِمَوقِــفِ الأُســطولِ يَســفِكُ الــدِما
حَتّـى يَـرى قُـدسَ الـدُجى قَـد خَيَّمـا
أَلفَتـــهُ فـــي مَركَبَــةٍ مُنتَصــِبا
قـالت أَيـا هكطـورُ خُـذ مِنّي النَبا
يــا عِــدَّ زَفــسَ زَفــسُ بِالرِسـالَه
أَنفَــــذَني فَاِســـتَمِعِ المَقـــالَه
فَطالَمــا أَتريـذُ فـي صـَدرِ السـُرى
يَبطُـــشُ فيهِـــم فاتِكــاً مُــدَمِّرا
فَـــاِعتِزِلَن وَأَلـــقِ عِبــءَ الصــَدِّ
عَلــى ســِواكَ مِــن ســَراةِ الجُنـدِ
لَكِــــن إِذا بِطَعنَــــةٍ فاهِقَــــةِ
أُصــــيبَ أَو بِرَميــــة خارِقــــةِ
وَراحَ يَعلــــو ســــُدَّةَ العِجـــالِ
هَكطـــورَ أُولــي نُصــرَةَ القِتــالِ
لَيُؤتِيَنَّــــكَ اِشــــتِدادَ البَـــأسِ
تَكســـَحُهُم حَتّــى غُنــروبِ الشــَمسِ
لِمَوقِــفِ الأُســطولِ يَســفِكُ الــدِما
حَتّـى تَـرى قُـدسَ الـدُجى قَـد خَيَّمـا
غــابَت وَهكطــورُ إِلــى الأَرضِ وَثَـب
يَهِـزُّ أَطـرافَ القَنـا بـادي الغَضـَب
يَرمَــحُ فــي كُـلِّ السـُرى مُستَنهِضـا
مُـــــدَجَّجاً مُشـــــَدِّداً مُحَرِّضــــا
فَـــاِنقَلَبوا لِســـاحَةِ الهَيجـــاءِ
مُقـــــابِلينَ زُمَــــرَ الأَعــــداءِ
وَاِعتَصــَبَ الإِغريــقُ وَاِصـطَفّوا فِـرَق
وَاِشــتَدَّتِ الحَــربُ وَأَتريـذ اِنطَلَـق
مُبَـــرِّزاً عَـــن ســائِرِ الشــُجعانِ
مُرَوِّعـــاً فـــي ذلِـــكَ المَيــدانِ
وَلــي فَقُلــنَ يــا بَنــاتِ الشـِعرِ
مَــن جــاءَ يَلقــاهُ بِبَــدءِ الأَمـرِ
ذاكَ اِبـــنُ أَنطينـــورٍ الطَويـــلُ
أَفيــــدَماسُ الباســـِلُ النَبيـــلُ
ســـِبطُ لِكيســـيسَ أَبــي ثِيــانوا
مَــن شــاعَ ذِكـراً حُسـنُها الفَتّـانُ
لَـــدَيهِ فـــي إِثراقَـــةِ الغَيــمِ
وَالخِصــبِ طِفلاً شــَبَّ فــي النَعيــمِ
وَعِنــــدَما تَرَعرَعـــض اِســـتَبقاهُ
فـــي حِجـــرِهِ وَبِنتَـــهُ أَعطـــاهُ
لَكِنَّـــهُ غادَرَهـــا فـــي الأَثـــر
مُـذ شـاعَ عَـن حَـربِ الأَراغِـسِ الخَبَر
أَتـــى لِفَرقـــوتَ بِثِنتَــي عَشــَرَه
ســـَفينَةً يُنـــزِلُ فيهــا عَســكرَه
مِــن ثَــمَّ إِليــونَ أَتاهــا بَــرّا
فَــذا الــذي أَتىريــذَ رامَ كِـبرا
تَقـــابَلا حتّـــى دَنـــا التَلاقــي
فَزَجَّــــهُ أَتريــــذُ بِــــالمزراقِ
فَصــَرَّحَ الـزُجُّ وَفـي الحـالِ اِنثَنـى
أَفيـــــدَماسُ وَبِعُنــــفٍ طَعَنــــا
أَصـــابَ تَحــتَ الــدِرعِ بِــالحِزامِ
فَــــدَفَعَ العامِــــلَ بِاِحتِــــدامِ
وَظَــــلَّ لا يُفلِتُـــهُ مِـــن يَـــدِهِ
مُعتَمِـــداً علـــى قُـــوى عَضـــُدِهِ
فـي عُـروَةِ اللُجيـنِ بالوَسـطِ اِستَوى
وكالرَصـاصِ اللَـدنِ في الحالِ التَوى
فَعِنــدَ ذا أَتريــذُ كــاللَيثِ وَثَـب
وَذلِــكَ الرامِــحَ بالرُمــحِ اجتَـذَب
وَاِجتَـــرَّهُ مِنــهُ وَبالســَيفِ قَطَــع
عُنُقَـــهُ فَغـــائِرَ الطَـــرفِ وَقَــع
يَهجَـــعُ مَصـــوعاً هُجـــوعَ الأَبَــدِ
بِـــذَبِّهِ عَـــن قَـــومِهِ والبَلَـــدِ
وا وَيحَـــهُ عَــن عِرســِهِ الفَتِيَّــةِ
فــي البُعـدِ قَـد أُميـتَ شـَرَّ ميتَـةِ
نَــأى وَمــا إِن كــادَ وَهـوَ نـاءي
مُبتَــــدِئاً بِمئَةٍ مِــــنَ البَقَـــر
وَبِحِمــاهُ العَنــزُ وَالغَنيــمُ لَــم
يُحصـــــِها عَـــــدٌّ وَلا تَقــــويمُ
خَيَّرَهــــا مِنهــــا بِــــأَلفِ رَأسِ
وَالآنَ أَتريـــذُ الشـــَديدُ البَــأسِ
جَنـــدَلَهُ مُجَـــرِّداً مِـــن شـــِكَّتِه
يَرجِـــعُ فيهــا لِســَرايا حَملَتِــه
فَــــالخَطبُ لاحَ لأَخيــــنَ الأَكبَـــرِ
قــاونٍ الفَتّــاكِ وَالهشــَمِ السـَري
فَــــذابَ بَثّـــاً وَأَســـاً عَلَيـــهِ
وَاِســوَدَّ نُــورُ الشـَمسِ فـي عَينَيـهِ
فَاِنســابَ لا يَــراهُ أَتريــذُ حِــذا
صـــَفحَتِهِ وَالرُمــحَ فيــهِ أَنفَــذا
فخَـــرَقَ الـــزُجُّ الحَديــدُ الحَــدِّ
مُـــؤَخَّرَ الســـاعِدِ تَحــتَ الزَنــدِ
وَصـــاحَ يَـــدعو صـــَحبَهُ إِلَيـــهِ
مُجتَـــذِباً أَخـــاهُ مِـــن رِجلَيــهِ
وَفَـــوقَهُ قَـــد أَســـبَلَ المِجَنّــا
يَـــدفَعث ضـــَرباً وَيَقيــهِ طَعنــا
فَاِرتـاعَ أَتريـذُ وَلَكِـن مـا اِرتَـدَع
ثُــمَّ عَلــى قـاونَ بـالعَزمِ اِنـدَفَع
طَعَنَــــهُ بِالعامِــــلِ الــــرَواعِ
طَعنَـــةَ مِقـــدامٍ طَويــلِ البــاعِ
عَلــى أَخيــهِ خَــرَّ مِيِّتــاً فَضــَرَب
عُنُقَــهُ بِالســَيفِ وَالــرَأسِ اِقتَضـَب
وَهكَــــذا فَــــالأَخوانِ اِنحَـــدَرا
لِـــدارِ آذِيـــسَ بِحُكـــمٍ قُـــدِّرا
وَظَـــلَّ أَتريـــذُ الــوَغى يُبــاري
بِاللاســـَيفِ وَالعامِـــلِ وَالحِجــارِ
يَخــوضُ مــا بَيـنَ الأَعـادي صـائِلا
وَدَمُـــهُ الســَخينُ يَجــري ســائِلا
حَتّـى إِذا مـا ذلِـكَ السـَيلُ اِنقَطَـع
وَيَبِـــسَ الجُـــرحُ تَــوَلّاهُ الوَجَــع
وَاِختَرَقَــــــت قُـــــواهُ آلامٌ وَلا
آلامُ ســـَهمٍ خـــارِقٍ قَــد أُرســِلا
تَرمــي بِــهِ بَنــاتُ هيـرا الظُلَّـمُ
أَلأَلِثِيّــــاتُ الَّــــتي لا تَرحَــــمُ
يَنفَـــــذُ بِــــالأَعرضِ وَالإِمــــاضِ
وَيَصــــدَعُ المَــــرأَةَ بِالمَخـــاضِ
بِشـــِدَّةِ البَــثِّ اِعتَلــى مُلتاعــا
وَقــالَ لِلتَبــعِ اِبتَــغِ الأِشــراعا
وصــاحَ بِالصــَوتِ الجَهـورِ العـالي
يــا صــَحبُ يــا قُيــولُ أَبطــالي
عَلَيكُـــمُ الآنَ بِإِبعـــادِ العِـــدى
عَــن مَوقِـفِ الأُسـطولِ وَالفَـوزُ بَـدا
فَــإِنَّ زَفــسَ قَــد أَبــى إِصــداري
بِصـــــَدرِكُم لآخِـــــرِ النَهــــارِ
فَطــارَت الخَيــلُ بِســَوطِ الســائِقِ
تَجـــري وَأَتريـــذُ بِقَلــبٍ خــافِقِ
صـــَدورُهُنَّ قَـــد كُســـينَ زَبَـــدا
وَنَقـــعُ وَقعِهِـــنَّ لِلجَــوِّ اِغتَــدى
وَمُــذ رأى هَكطــورُ أَتريـذَ التَـوى
فَصـــَوتُهُ كَالرَعـــدِ بِــالقَومِ دَوي
يـــا آلَ دَردانـــوسَ وَالطُــروادا
وَيـــا بَنـــي ليقيــة الأَمجــادا
إيـــهِ فَــأَنتُم قــادَةُ الهَيجــاءِ
وَســــــادَةُ الإيقــــــاعِ وَالإِبلاءِ
أَبسـَلُ مَـن فـي القَـومِ طُـرّاً غَرَبـا
وَزَفــسُ لــي نَصــراً مُبينـاً وَهَبـا
شــُدّوا عَلــى الإِغريــقِ بِالعِجــالِ
وَاِدَّخِــــــروا مَجـــــداً بِلا زَوالِ
فَهــــاجَتِ النُفـــوسُ بِالجَحافِـــلِ
هِياجَهـــا فــي أَنفُــسِ الخَياطِــلِ
يُثيرُهــــا صــــاحِبها هِياجــــاً
فــي إِثــرِ خِرنَــوصٍ وَلَيــثٍ فاجـا
وَهَكَـــــذا هُكطــــورُ عِــــدُّ آرِسِ
أَثـــارَ طُــرواداً عَلــى الأَراغِــسِ
وَهــــوَ بِصـــَدرِ جَيشـــِهِ يَثـــورُ
بِشـــِدَّةِ البَـــأسِ بِهِـــم يَســـيرُ
كَــأَنَّهُ الإِعصــارُ مِـن فَـوقُ اِنـدَفَق
وَفـي عُبـابِ البَحـرِ قَلـبَ اليَـمِّ شَق
فَيــــاتُرى مَــــن أَوَّرلاً وَآخِـــرا
أَبــادَ مُــذ زَفــسُ تَــوَلّى ناصـِرا
أَوَّلُهُـــم كـــانَ الفَـــتى آســيُّسُ
فَعَفطَنــــوسٌ وَكَــــذا أُوفيتَــــسُ
فَــــاِبنُ قِليطيـــسَ زُلُفـــسُ أُورُسُ
وَآغِلاوسٌ وَأُوفِلطِيُّــــــــــــــــسُ
وَهيفُنُــــوِّيسُ وإِيســـِمنُ الســـَري
وَكُلُّهُـــم مِـــن زُعمــاءِ العَســكَرِ
لَكِنَّمــــا قَتلاهُ بَيــــنَ الجُنـــدِ
فَتِلـــكَ لا تُحصـــى بِحَصــرِ العَــدِّ
هَـــبَّ بِهِــم وَلا هُبــوبَ العاصــِفَه
تُثيرُهـــا أَنــواءُ ريــحٍ قاصــِفَه
فَتَـــدفَعُ الــدَبورُ غَيمــاً رَكَمــا
نوطــوسُ فــي السـَحابِ لَمّـا هَجَمـا
فَتَفلِـــقُ اليَــمَّ وَتَنشــُرُ الزَبَــد
كَمــا رُؤوسَ القَــومِ هَكطــورُ حَصـَد
فَاِتَـدَّ وَقـعُ الخَطـبِ وَالأضـمرُ اِنجَلى
وَكـــادَتِ الإِغريــقُ تُضــوى فَشــَلا
فَصــــاحَ أوذيـــسُ ذيوميـــذُ عَلا
مَ بَأســــُنا وَلّـــى بِـــرُزءٍ ثَقُلا
لَئِن يَفُـــز أَعـــدائُنا بِالســـُفُنِ
وا خَزيَــةَ العــارِ وَثِقــلَ المِحَـنِ
هِـــيِّ فَكُــرَّنَّ مَعــي قــالَ وكَمــا
يَهــولُني العَــدُوُّ مَهــا اِزدَحَمــا
لَكِنَّنــا هَيهــاتَ أَن نُـؤتى الظَفَـر
فَإِنَّمــا الطُــروادَ زَفـسُ قَـد نَصـَر
كَــرَّ وَثَمــبريسَ فــي الثَـديِ رَمـى
فَخَــــــرَّ لِلأَرضِ وَأوذِس هَجَمــــــا
وَتَبِعَــــهُ مُليـــونَ أَيضـــاً قَتَلا
وَغادَراهُمـــا عَلـــى تِلــكَ الفَلا
لا يَشـــهدانِ الكَـــرَّ وَالنِـــزالا
وَاِنثَنَيــــا عَلـــى تِلـــكَ الفَلا
لا يَشـــهَدانِ الكَـــرَّ وَالنِـــزالا
وَاِنثَنَيــا مِــن بَعــدِ ذا وِصــالا
نَظيــــرَ خِرنَوصــــَينِ كاســــِرَينِ
عَلــــى كِلابِ الصــــَيدِ مُرتَـــدَّينِ
فَـــأَعملا بَيــنَ الأَعــادي الأَســَلا
وَاِهتَـــزَّتِ الإِغريــقُ طُــرّاً جَــذَلا
ثُمَّـــةَ عُنـــقَ فارِســـَينِ ضـــَربا
وَاِســـتَلَبا مَركَبَـــةً قَــد رَكِبــا
مِــن وُلــدِ ميروفــوسَ مِـن فَرقـوتِ
أَبســَلِ مَـن فـي القَـومِ مِـن رُتـوتِ
قَـــد عَصــَيا أَباهُمــا العَرّافــا
وَاِتَّبَعــا إِلــى الــوَغى الأَحلافــا
ســاقَهُما داعــي الــردى فَـأَقبَلا
عَلــى ذيوميــذَ الفَــتى فَجُنــدِلا
أَخمَــــدَ أَنفاســــَهُما وَراحــــا
مِـــن بَعــدِ ذا يَســتَلِبُ الســِلاحا
وَأوذِسٌ جَنــــــدَلَ هُوفيــــــداما
وَهيفَريخـــاً يَصـــطَلي اِحتِـــداما
وَزَفـــسُ فـــي إيــذَةَ بِالمِرصــادِ
فَـــوازَنَ القُــوّاتِ فــي الأَعــادي
فَاِصــطَدَمَ الأَبطـالُ مِـن كُـلِّ الفِـرَق
وَزُمَــرَ العِــدى ذيوميــذُ اِختَــرَق
وَغَســـطَروفَ بـــنَ فيـــونٍ جَرَحــا
بِرُمحِـــهِ فـــي حُقِّـــهِ فَاِنطَرَحــا
قَــد خــاضَ مُغتَــرّاً ســُرى الطلائِعِ
بِرِجلِـــهِ بَخـــوضُ فــي المعــامِعِ
وَالخَيـلُ وَالسـائِقُ فـي السـاقَةِ قَد
ظَلَّــت وَعَنـهُ اِنقَطَعَـت عُـرى المَـدد
هُنـــاكَ هَكطـــورُ رَأى وَاِنصـــَدَعا
وَصــاحَ فــي الأَبطـالِ ثُـمَّ اِنـدَفَعا
وَاِنــدَفَعَت مِــن خَلفِـهِ كُـلُّ السـُرى
حَتّـــى ذيوميــذُ الهُمــامُ ذُعِــرا
قــــالَ أَرى هَكطـــورَ رَوّاعَ المَلا
يـــا أودِسٌ فَــوراً عَلَينــا أَقبَلا
قِـــف نَـــدفَعَنَّهُ وَبــالعَزمِ وَقَــف
مُســـَدِّداً وَنَحـــوَ راســـِهِ قَـــذَف
فَفَــوقَ رَأسِ البَيضــَةِ الرُمـحُ وَقَـح
لَكِنَّمـــا الفُــولاذُ فــولاذاً دَفَــع
وَالقَــــونَسُ المُثَلَّـــثُ الأَطـــرافِ
عَــن رَأســِهِ رَدَّ الســِنانَ الجـافي
ذَلِــكَ مِــن فيبــوسَ فَضــلٌ أَعظَــمُ
فَهــوَ بِــذا المِغفَـرِ قِـدماً مُنعِـمُ
وَاِرتَــدَّ هَكطــورُ وَبـالجَمعِ اِختَلَـط
وَفَــــوقَ رُكبَتَيــــهِ للأَرضِ ســـَقَط
لِيَـــدِهِ مُســـتَنِداً حَيــثُ التَــوى
وَأَظلَمَــت عَينــاهُ مُنهَــدَّ القُــوى
وَرَيثَمـــا هَـــبَّ ذيوميـــذُ وَشــَب
يَطلُـــبُ رُمحَــهُ وَفــي الأَرضِ نَشــَب
أَفــاقَ هَكطــورُ بِــالفَورِ اِعتَلــى
وَســاقَ بَيــنَ الجَمـعِ يَـأبى الأَجَلا
فَصــــاحَ ذوميــــذُ وَبِالقَنــــاةِ
جَـــرى أَأَيضـــاً فُــزتَ بِالنَجــاةِ
يــا كَلــبُ كــادَ عـامِلي يُصـميكا
لَــو لَــم يُبــادِر فيبُــسٌ يقيكـا
لَســتَ تضــؤُمُّ الحَـربَ عَفـواً أَبَـدا
إِلّا بِــــهِ مُســـتَرفِداً مُســـتَنجِدا
لَكِنَّنـــي ســـَوفَ أُلَقّيــكَ الــرَدى
إِن تُــؤتِني الأَربــابُ يَومـاً مَـدَدا
قَــد فاتَــكَ الفَــوتُ فَـرُح والآنـا
ســـَأَبتَغي ســـِواكَ أَيّـــاً كانــا
وَلِاِســـتِلابِ اِبـــنِ فِيـــونٍ عَكَفــا
فَجَـــرَّدَ اللأَمَـــةَ ثُـــمَّ اِنعَطَفــا
مُقتَلِعـــاً مِغفَـــرَهُ ثُــمَّ المِجَــن
إِذا بِإِســــكَندَرَ خُلســــَةً كَمَـــن
فَأَتكَـــأَ القَــوسَ عَلــى العَمــودِ
فـي قَـبرِءِ يَلـو الشـَيخِ فَخرِ الصيدِ
وَأَرســـَلَ الســَهمَ فَشــَقَّ القَــدَما
وَغــاصَ فــي الأَرضِ بِســَيّالِ الـدِما
وَزََوجُ هيلانَـــةً مِـــن حَيــثُ وَلَــج
فـي ذَلِـكَ الكَميـنِ فـي الحـالِ خَرَج
مُقَهقِهــــاً مُبتَهِجــــاً مُفتَخِـــرا
لَــم أُخطِـئِ المَرمـى وَسـَهمي صـَدَرا
يــا حَبَّـذا لـو غـاصَ فـي أَحشـاكا
لِيَــأمَنَ الطُــروادُ مِـن مَلقـا كـا
أَنــتَ الــذي كُلُّهُــمُ مِنـكَ اِرتَعَـد
كَرِعــدَةِ المــاعِزِ مِـن بَطـشِ الأَسـَد
أَمّـــا ذِيُوِميــذُ فَجــاشَ وَاِنثَنــى
قــالَ وَمـا غَـرَّكَ يـا وَجـهَ الخَنـا
ســَدَّدتَ مُغتَــرّاً بِــذي القَـوسِ أَلا
مــا جِئتَنــي وَجهــاً لِـوَجهٍ مُقبِلا
حَتّــى تَــرى يــا أَخســأَ النُبّـالِ
أَنَّـــكَ لا تُعَـــدُّ فـــي الرِجـــالِ
وَأَنَّهــا لَــن تَــدفَعَن عَنـكَ الأَسـا
وَإِنَّمــــا حامِلُهــــا زيرُنِســــا
أَنالَــكَ الســُرُّ بِــإِدراكِ القَــدَم
مِنّــي وَهَـل يَـذعَرُ ذا أَهـلَ الهِمَـم
مـــا ضــَرَّ ســَهمُ خاســِئٍ رِعديــدِ
يَهلَـــعُ كَالأَوغـــادِ أَو كَالغيـــدِ
وَأَيــنَ أَنــتَ مِــن مَرامــي أَسـَلي
يُنفِــذنَ مُــذ يَصــدُرنَ سـَهمَ الأَجَـلِ
أَزواجُ مَــــن خَرَّمنَهُـــم أَيـــامى
وَوُلـــدُهُم فـــي بُؤســِهِم يَتــامى
وَدَمُهُـــــم يَســــرَبُ وَالأَجســــادُ
يُبيـــدُها فــي أَرضــِها الفَســادُ
وَحــــولَهُم طَيــــرُ الفَلا تَحـــومُ
مِـــن بَعـــدِ أَزواجٍ بِهِــم تَهيــمُ
وَاِنقَـــضَّ أوذيـــسُ يَقيــهِ فَجلَــس
يُخـرِجُ ذاكَ السـَهمَ مِـن حَيـثُ أِحَبَـس
فَاِشــــتَدَّتِ الآِمُ فيـــهِ فَـــاِعتَلا
وَقـــالَ لِلســائِقِ عُــد بــي عَجَلا
فَبـــاتَ أوذيـــسُ كَــذا مُنفَــرِدا
لَيــسَ لَــهُ مَــن يَبتَغيــهِ عَضــُدا
مُــذ شــَمَلَ الرُعــبُ قُلـوبَ الأَرغُـسِ
فَنَفســـَهُ نـــاجى بِحَـــرِّ النَفَــسِ
وَيلاهُ مـــا الحيلَـــةُ إِن أَنهَــزِمِ
فَالعــارُ كُــلُّ العـارِ بَيـنَ الأُمَـمِ
وَإِن تَرَرَصــــتُ وَزَفــــسُ الأَعظَـــمُ
بَـــدَّدَ قَـــومي فَمَصـــيري أَشــأَمُ
لا كُنـتَ يـا هـاجِسُ دَعنـي هَـل تُـرى
غَيـرُ الجَبـانِ النِكـسِ وَلّـى مُـدبِرا
وَلَيــــسَ لِلباســــِلِ أَن يُبـــالي
أَصـــابَ أَم أُصــيبَ فــي النِــزالِ
وَبَينَمــــا يَجــــولُ ذا بِفِكـــرِهِ
مُكتَئِبـــــاً مُفَكِّــــراً بِــــأَمرِهِ
إِذا بِـــدُرّاعِ العِـــدى تَجمهَــروا
وَبَيهَهُــــم أُسَّ بَلاهُــــم حَصـــَروا
كَفِتيَـــــــةٍ بِزُمـــــــرَةِ الكِلابِ
تَقنِـــصُ خِرنَوصــاً بِبَطــنِ الغــابِ
فَيَـــبرُزُ الــوَحشُ وَيَصــلى غَضــَبا
وَيَشــحَذُ النــابَ وَيَبــدو مُرعِبــا
يَصـــِرُّ بِالأَســنانِ وَالقُنّــاصُ قَــد
داروا عَلَيــهِ وَهـوَ بِـالغَيظِ اِتَّقَـد
فَمـــاهُمُ يَخشــَونَ مِنــهُ الــدَركا
وَهــوَ بِمَــن أَصــابض مِنهُـم فَتَكـا
وَهَكَـــذا أوذيــسُ بِالرُمــحِ وَثَــب
وَذِيُّفيـــتَ بَيـــنَ كِنفَيـــهِ ضــَرَب
ثُـــــمَّ ثـــــوونَ وَأَنــــوَ قَتَلا
فَجــــاءَهُ خَرســــيدَمٌ مُشــــتَعِلا
فَهَــــبَّ مِـــن مَركَبَـــةٍ يَبغيـــهِ
وَأُوذِسٌ فــــي الحـــالِ يَلتَقيـــهِ
رَمــاهُ تَحــتَ التُــرسِ فــي سـُرَّتِهِ
فَخَـــرَّ مَصـــروعاً عَلـــى راحَتِــهِ
ثُــمَّ اِنثَنــى وَاِبــنَ هِفـاسٍ طَعَنـا
خَرُبـــسَ يُلقيــهِ صــَريعاً مُثخَنــا
فَـــاِنقَضَّ صــوقوسُ أَخــوهُ الأَيهَــمُ
وَصــاحَ يضــدوي يـا أُذيـسُ القَيِّـمُ
يـــا زُبــدَةَ الإِقــدامِ وَالــدَهاءِ
فَــــاليَومَ تُبلـــي أَيَّمـــا إِبلاءِ
إِمّــــا حِمـــامُ وَلَـــدَي هِفـــاسِ
وَالســَلبُ وَالفَخــارُ بَيــنَ النـاسِ
هــذا وَإِمّــا مِــن قَنـاتِيَ الـرَدى
ثُـــمَّ أَتـــاهُ طاعِنـــاً مُســـَدِّدا
فَنافِذُ السِنانِ في التُرسِ مَرَق واللَح
مَ تَحــتَ الــدِرعِ بِالخَصــرِ اِختَـرَق
لَكِـــن أَبَـــت فَـــالاسُ بِالخَفــاءِ
نُفـــــوذَهُ لِــــداخِلِ الأَحشــــاءِ
وَلَــم يَفُــت أوذيــسَ أَنَّ الجُرحــا
مـــا كــانَ قَتّــالاً لِــذا تَنَحّــى
وَصـاحَ فـي صـوقوسَ يـا هَـذا الشَقي
شـــَرَّ بِلــىً مِنِّــيَ ســَوفَ تَلتَقــي
أَلجـأتَني حينـاً إِلـى تَـركِ اللِقـا
لَكِــن بِـكَ الحَتـفُ البَهيـمُ أَحـدَقا
وَبِصــــِقَيلِ عــــامِلي إِن تُقتَـــلِ
لآذِسَ النَفــسُ تَــدُم وَالفَخــرُ لــي
فَاِرتــاعَ صـوقوسُ وَقَـد رامَ الهَـرَب
مُوَلِّيـــاً لَكِـــنَّ أوذيـــسَ وَثَـــب
وَرُمحُــهُ مــا بَيــنَ كِتفَيــهِ وَلَـج
وَمِـن شـِعابِ الصـَدرِ فـي الحالِ خَرَج
فَخَـــرَّ فـــي صَلصـــَلَةِ الحَديـــدِ
وَأوذِسٌ مُرتَفِـــــــعُ الهَديــــــدِ
صــوقوسُ مـا أَنجَتـكَ هَبّـاتُ المَفَـر
فَــالمَوتُ أَعـدى مِنـكَ جَريـاً وَأَشـَر
وَيَحَـــكَ لَـــم يُتَـــح لِوالِــدَيكا
أَن يُغمِضــا يَــومَ الــرَدي عَينَكـا
خَلَـــوتَ لِلطَيـــرِ فَظُفـــرٌ يَنشــَبٌ
وَالأَجنُـــحُ الغَضــَّةُ ضــَرباً تَضــرِبُ
لَكِنَّنــــي إِن مُــــتُّ فَــــالإِغريقُ
غَــصَّ بِهِــم فــي مَــأتَمي الطَريـقُ
وَاِجتَـــرَّ مِــن مِجَنِّــهِ وَالشــاكِلَه
ســِنانَ صــوقوسَ بِتِلــكَ الغــائِلَه
فَجَـــرتِ الــدِماءُ وَاِشــتَدَّ الأَلَــم
وَحَــولَهُ جَيــشُ العِــدى طُـرّاً هَجَـم
فَلِاِشــتِدادِ الخَطــبِ عـادَ القَهقَـري
وصــاحَ يَــدوي صـَوتُهُ حَتّـى السـُرى
دَعـــا ثَلاثـــاً يَطلُــبُ الغِياثــا
وَعـــــى مَنيلا صــــَوتَهُ ثَلاثــــاً
مــالَ إِلــى رَفيقِــهِ أَيــاسِ قـالَ
أَيـــــا أَيـــــاسُ رَبَّ البــــاسِ
صــَوتُ اُذيــسَ أُذُنــي حــالاً طَــرَق
كَأَنَّمــا أُحــرِجَ مــا بَيـنَ الفِـرَق
وَشـــــَدَّدَت أَزمَتَهـــــا عَلَيــــهِ
هَـــــيِّ نُبـــــادِر عَجَلاً إِلَيــــهِ
أَخــافُ مَهمــا صـالَ يُضـوى مُفـرَدا
فَنَـــرِثُ الأَحـــزانَ عَنــهُ ســَرمَدا
وَســـــــــــــارَ أَوَّلاً مَنيلا وَتَلا
أَيــاسُ كَالأَربــابِ أَبنــاءِ العُلـى
فَأَلفَيــا أوذيــسَ وَالطُـروادُ قضـد
تَكَأكَـــأوا عَلَيـــهِ عَــدّاً وَعُــدَد
كَـــأَنَّهُم مِـــن حَـــولِهِ ثَعـــالِبُ
عَلــــى الجِبــــالِ إِيَّلاً تُراقِـــبُ
فــي الإِيَّـلِ القَنّـاصُ سـَهماً أَنشـَبا
لَكِنَّــهُ مــا نــالَ مِنــهُ الأَرَبــا
فَغـــابَ عَـــن مَــرآهُ وَالثَعــالي
مِــن حَــولِهِ تَجـري عَلـى التَـوالي
تَـــرومُ فَتكـــاً وَهـــوَ لا يُــرامُ
يَجــــري وَلا يَلـــويهِ الاِزدِحـــامُ
فَطالَمـــا تَجـــري بِــهِ قَــوائِمُهُ
لا تَلتَــــوي لِجُرحِــــهِ عَزائِمُـــه
لَكِـن إِذا مـا الدَمُ في الجُروحِ بَرَد
وَعَــن خَفيــفِ لَجَــريِ بِـالعَيِّ قَعَـد
فـازَت بِـهِ فـي الطَـودِ فَـوقَ الغابِ
إِذا بِلَيـــــثٍ فاتِــــكٍ قَضــــّابِ
يَـــذعَرُها ذُعــراً فَتَلــوي هَرَبــا
وَهــوَ بِــهِ يَخلــو مَنــالاً طيبــا
كَـذا أُذيـسُ وَهـوَ مـا بَيـنَ العِـدى
عَــن نَفسـِهِ يَـدفَعُ بِالرُمـحِ الـرَدى
بـــادَرَ آيـــاسُ بِــذَيّاكَ المِجَــن
كَــالبُرجِ يَحميــهِ وَقَـد كـانَ وَهَـن
فَفَــرَّتِ الطَــروادُ فــي كُــلِّ مَفَـر
ثُــــمَّ مَنيلا لِــــذِراعِهِ اِبتَـــدَر
وَاِجتَــرَّهُ مِــن بَيـنِ تِلـكَ القَتَلَـه
وَتِبعُـــهُ أَدنــى إِلَيــهِ العَجَلَــه
وَصـــالَ آيـــاسُ وَدورِقـــلِ قَتَــل
نَغـــلُ لِفريــامَ وَفَنــدوقوسَ فَــل
ثُـــمَّ لِســـَندَراً وَفيـــراسَ رَمــى
كَـــذاكَ فيلَـــرتَ يُفَجِّــر الــدِما
كَالسـَيلِ مِـن شـُمِّ الجِبـالِ اِنـدَفَقا
تَمطُـــرُهُ أَنـــواءُ زَفـــسٍ غَــدَقا
يَفيـــضُ للســَهلِ زُعابــاً يَنــدَفِع
وَالأَرزَ وَالمَلـــولَ عُنفــاً يَقتَلِــع
وَلِعُبــابِ البَحــرِ يَــدفَعُ الزَبَــد
كَمــا أَيــاسُ اِشـتَدَّ فيهـم وَاِتَّقَـد
طَغـــا بِــذاكَ الســَهلِ كَالزُعــابِ
يَبتَـــتُّ ظَهــرَ الرَكــبِ وَالرُكّــابِ
وَهَكطُـــرٌ فـــي ثَغــرِ إِســكامَندَرِ
يَصــولُ فــي صـَدرِ الجَنـاحِ الأَيسـَرِ
وَقَـــد عَلا لَــدَيهِ وَســطَ الفَيلَــقِ
وَلا يَـــرى نَكـــالَ هَــذي الفِــرَقِ
وَقَـــد عَلا لضــدَيهِ صــَوتُ اللَغَــبِ
حَـــولَ إِذومِـــنٍ وَنَســطورَ الأَبــي
وَهـــــوَ بِمَركَبَتِـــــهِ مُحتَــــدِمُ
كَتــائِبَ الفِتيــانِ حَطمــاً يَحطِــمُ
لَكِنَّمـــا جَيشـــُهُما مـــا بَرِحــا
يَــدفَعُ حَتّــى مــا خَــوونُ جُرِحــا
قَــد كــانَ كَــاللَيثِ يَصــولُ وَإِذا
فــي كِتفِــهِ اليَميـنِ سـَهمٌ أُنفِـذا
مُثَلَّــــثُ الأَطــــرافِ لِلإِســــكَندَرِ
زَوجِ هِلانَــــةَ الجَميـــلِ الشـــَعرِ
َقفَــومُ أَرغــوسَ أولــوا الإِقــدامِ
خـــافوا اِنقِلابَ مَوقِـــفِ الصــِدامِ
فَيَفتُــكُ العِــدى بِــذَيّاكَ البَطَــل
فَصــاحَ إيــذومينُ بــادِيَ الوَجَــل
نَســـطورُ يــا ذا المَجــدِ وَالجَلالِ
هَــــيِّ فَهُبَّـــنَّ عَلـــى العِجـــالِ
وَســـِر وَســـوقَنَّ إِلـــى الأُســطولِ
بِمـــا خَــوونَ الماجِــدِ النَبيــلِ
هَــذا النِطاســِيُّ الــذي يَســتَخرِجُ
ســـَهماً بِكَــرّاتِ الصــِدامِ يولَــجُ
وَفَـــوقَهُ يَـــذُرُّ بَلســـَمُ الشــِفا
بِجَحفَــــلٍ يُقــــاسُ إِن تَأَلَّفــــا
فَهَـــبَّ نَســـطورُ وَمــا إِن كَــذَّبا
وَبِـــاِبنِ أَســـقَليبَ حــالاً ذَهَبــا
وَســاطَ وَالجِيــادُ كَــالطَيرِ ســَعَت
تَتــوقُ لِلرُجــوعِ مِــن حَيــثُ أَتَـت
وَقِـــبرِيونُ تِبـــعُ هُكطــورَ عَــرَف
مُنقَلَــبَ الطُـروادِ فـي ذاكَ الطَـرَف
أَبصــَرَهُم مِــن فَـوقِ عَـرشِ العَجَلَـه
إِزاءَ هَكطــــورَ لِـــذا أَوعَزَلَـــه
نَحــنُ هُنــا فــي طَــرَفِ المُعَسـكَرِ
نَفتُـــكُ فَتــكَ الباســِلِ المُــدَمِّرِ
وَثَـــمَّ آيـــاسُ المَنايــا نَشــَرا
وَالخَيــلَ وَالفُرســانَ ذُعـراً ذَعَـرا
نَعَـــم فَـــذا مِجَنُّـــهُ الكَـــبيرُ
مِـــن حَـــولِ كِنفَيــهِ أَرى يَــدورُ
فَقُـــم نَســـُق لِمــأذِقِ الهَيجــاءِ
حَيـــثُ عَلَـــت عَجاجَـــةُ الأَعــداءِ
هُنـــاكَ حَيــثُ اِصــطَدَمَ الشــُجعانُ
تَلاحَــــمَ المُشــــاةُ وَالقُرســـانُ
وَشـــَدَّدَ الســـَوطَ عَلــى الجِيــادِ
فَاِنــــــدَفَعَت لِســــــاحَةِ الجِلادِ
تَخَبِــــطُ بِـــالقَتلى وَبِـــاليَلامِقِ
عَلــى نَجيــعٍ مِــن خُطاهــا دافِـقِ
حَتّـــى جَناحــاص ســُدَّةٍ المَركَبَــةٍ
وَقَوســُها مِــن تَحــتِ تِلـكَ السـُدَّةِ
تَخَضـــَّبَت دَمـــاً بِنَقـــعٍ فـــائِرِ
مِــــن دَورِ دولابٍ وَوَقـــعِ حـــافِرِ
وَهَكطُـــرُ لِلفَتـــكِ يَصــلى نــارا
فغــارَ مــا بَيــنَ العِـدى وَثـارا
يَطعَـــنُ فيهِـــم قــاتِلاً مُجَنــدِلا
حَتّـــى ســـَراياهُم جَميعــاً بَلبَلا
وَظَـــلَّ كَـــرّاتِ الـــوَغى يُجــاري
بِالســـَيفِ وَالعامِـــلِ وَالحِجـــارِ
وَهــوَ عَلــى ذَيّالِــكَ البَـأسِ أَبـى
لِقـــاءَ آيـــاسَ لِـــذا تَنكَّبـــا
خَشــيَةَ أَن يُغــاظَ زَفــسُ إِن بَــرَز
لِفـــارِسٍ أَبســـَلَ مِنـــهُ وَأَعَـــز
لَكِــنَّ زَفــسَ فــي المَقـامِ الأَرفَـعِ
رَوَّعَ آيــــاسَ بِهَــــولِ المَصـــرَعِ
فَدَهشـــاً أَطـــرَقَ وَالجَــوبَ عَلــى
كــــاهِلِهِ أَلقــــى وَعـــاد وَجِلا
بِطَرفِـــهِ جَيـــشَ العِــدى يُبــاري
يَخطـــو ةوَيَنثَنــي كَــوحشٍ ضــاري
وَخُطـــوَةً فَخُطــوَةً يَلــوي القَــدَم
كَــأَنَّهُ الضــَيغَمُ فـي اللَيـلِ هَجَـم
وَالنـــاسُ وَالكِلابُ فـــي الأَســحارِ
تَحـــرُسُ حَـــولَ عُنَّـــةِ الأَبقـــارِ
تَســهَرُ كُــلَّ اللَيـلِ كَـي لا يَرتَعـا
بِشــــَحمِها وَلَحمِهــــا وَيَرجِعـــا
يَنقَـــضُّ مَــدفوعاً بِفَــرطِ الســَغَبِ
لَكِــــن يَفــــوتُهُ نَــــوالُ الأَرَبِ
يَصــــُدُّهُ وَبـــلٌ مِـــنَ النِبـــالِ
وَلَهِــــبِ المَقــــابِسِ المُنهـــالِ
حَتّــى إِذا مــا الفَجـرُ لاحَ أَحجَمـا
مُكتَئِبــــاً مُرتَعِــــداً مُحتَـــدِما
وَهَكَـــذا أَيـــاسُ مُلتاعــاً نَــأى
عَـن سـاحَةِ القِتـالِ وَالعَـودَ اِرتَأى
وَهـــوَ يَصـــُدُّهُم بِجَـــوبٍ أَكبَـــرِ
أَلبِــــسَ ســـَبعَةً جُلـــودَ بَقَـــرِ
يُحجــــدِمُ حينـــاً ثُـــمَّ يَهجُـــمُ
بِبَأســـِهِ المُعتـــادِ ثُــمَّ يُهــزَمُ
وَصـــَدَّهُم فـــي كُــلِّ ذاكَ الزَمَــنِ
صــَدّاً ذَريعــاً عَــن بُلـوغِ السـُفُنِ
يَحجِـــزُ مُشـــتَدّاً عَلــى الأَعــادي
بَيــــنَ الأَخـــائِيَينَ وَالطُـــروادِ
وَصــــَيِّبُ النَيــــازِكِ القَتّـــالَه
عَلَيــهِ مِـن أَيـدي العِـدى مُنهـالَه
فَبَعضــُها عَــن شــِدَّةِ العَـزمِ حُـذِف
يَغُـــلُّ غَلّاً وَعَلـــى التُــرسِ يَقِــف
وَبَعضـــُها عَنـــهُ مَنـــالاً قَصــَّرا
مُرتَكِــزاً يَغــوصُ فـي قَلـبِ الثَـرى
وَلَـــم يَكَـــد يَـــراهُ أوريفيــلُ
حَتّـــى اِنبَـــرى لِرَفـــدِهِ يَصــولُ
أَتــــاهُ لا يَعبَــــأُ بِالســــِهامِ
تَنهـــالُ فَـــوقَهُ كَوَبـــلٍ هـــامِ
وَأَرسـَلَ المِـزراقِ مِـن حَيـثُ اِنطَلَـق
وَآفِمـونَ القَـرمَ فـي العُنـفِ اِختَرَق
كَبِــــدَهُ مَــــزَّقَ ثُــــمَّ راحـــا
يَســــلُبُهُ الشــــِكَّةَ وَالســــِلاحا
فَــاِنتَهَزَ الفُرصــَةَ فــاريسُ وَقَــد
أُشــغِلَ أوريفيـلُ فـي تِلـكَ العُـدَد
فــي حُقِّــهِ أَنفَـذَ سـَهماً فضاِنكَسـَر
نَضــيُّهُ وَالــدَمُ بِــالجُروحِ اِنفَجَـر
لِصـــَحبِهِ التَــوى بِبَــرّاحِ الأَلَــم
يَـأبى الـرَدى وَصـاحَ يُنهِـضُ الهِمَـم
يــا نُخبَــةَ الأَبطـالِ جُنـدَ البـاسِ
قِفـوا اِدفَعـوا الحِمـامَ عَـن أَيـاسِ
وَحَــــولَهُ تَــــأَلَّبوا فَخَشــــيَتي
يُصــميهِ وَبــلٌ مِــن ســِهامٍ صــُبَّتِ
وَمُــذ لِــذلِكَ النِــداءِ اِنصــَدَعوا
حَــولَ أُريفيــلَ الجريـحَ اِجتَمَعـوا
وَدونَ أَيــــدٍ جُلـــنَ بِالعَوامِـــلِ
يَلامِــــقٌ أَلصــــِقنَ بِالكَواهِــــلِ
وَاِنضــَمَّ آيــاسُ إِلَيهِــم وَاِنقَلَــب
وَاِشـتَدَّ وَقـعُ الحَـربِ وَالطَعنُ اِنتَشَب
وَكــانَ آخيــلُ عَلــى البُعـدِ رَقَـب
وَفـــي مُــؤَخَّرِ الســَفينَةِ اِنتَصــَب
يَشــهَدُ مــا قَــد حَــلَّ بِالأَبطــالِ
مشــن قَــومِهِ مِــن مِحَــن القِتـالِ
أَبصــَرَ نَســطورَ الحَكيــمَ اِنطَلَقـا
عَلــى الجِيــادِ الســابِحاتِ عَرَقـا
مَــع مــا خَــوونَ يَنهَـبُ الطَريقـا
فَعَــــرَفَ الســــائِقَ وَالرَفيقـــا
صـــاحَ بِفَطرُقـــلَ فَمِـــن خَيمَتِــهِ
لَبّـــى وَهَـــذا مُبتَـــدا مِحنَتِــهِ
كَـــآرِسٍ مِــن بــابِهِ صــاحَ وَمــا
رُمــتَ اِبـنَ فيلامِـنِ نِـداءي لِلحِمـا
قــالَ أَخيــلُ يـا أَوَدَّ الخَلـقِ لـي
قَــد بَلَــغَ الإِغريـقُ أَقصـى الفَشـَلِ
عَلــــى دَنِـــيِّ رُكبَتَـــيَّ صـــُغرا
ســــَيَنحَنونَ ســــائِللاينَ عُـــذرا
والآنَ نَســـطورَ اِقصـــُدَنَّ مُســـرِعا
وَاِســـأَلهُ مَــع أَيِّ جريــحٍ رَجَعــا
مـــا إِن نَظَـــرتُ وَجهَـــهُ لَكِنَّــهُ
أَشــبَهَ مــا خَــوونَ طِبقــاً مَتنَـهُ
قَــد مَــرَّتِ الجِيــادُ مِــن أَمـامي
طـــــائِرَةً لِمَضــــرِبِ الخِيــــامِ
وَلَـــم يَكَـــد يُتِــمُّ حَتّــى كَــرّا
فَطرُقــلُ يَعــدوا وَيُلَبّــي الأَمــرا
وَنَســـطُرٌ وَمـــا خَـــوونُ وَصـــَلا
خَيمَـــةَ نَســـطُرٍ بِهـــا تَـــرَجَّلا
وَتــابِعُ الشــَيخِ أُريميــدونُ حَــل
جِيـــــادَهُ وَذَهَبــــا بِلا مَهَــــل
يُنَشــــِّفانِ العَــــرَقَ الســـَيّالا
عَلــى نَســيمِ البَحــرِ ثُــمَّ مـالا
لِخَيمَـــةِ الشــَيخِ وَفيمــا جَلَســا
وَهيكَميــــذا بِنـــتُ أُرسينُوِّســـا
تِلــكَ الرِبحَلــةُ البَديعَـةُ الشـَعَر
لِنَســـطُرِ كـــانَت نَصــيباً مُــدَّخَر
أُهــــدِيَها جَـــزاءَ رَأيٍ أَصـــوَبا
لَمّـــا أَخيـــلُ تينـــدوسَ خَرَّبــا
قــامَت لِإِعــدادِ الشــَرابِ عامِــدَه
لَـــدَيهِما تَنصــِبُ أَبهــى مــائِدَه
جَميلَــــةَ مَصــــقولَةَ القَـــوائِمِ
زَرقاءَهـــا تَنبِـــذُ لَـــومَ اللائِمِ
مِــن ثَــمَّ أَلقَــت فَوقَهــا دَسـيعَه
مُؤَلَّـــــقٌ نُحاســـــُها بَــــديعَه
وَمَزَجَـت فيهـا عَلـى الفَـورِ البَصـَل
وَخـالِصَ الـدَقيقِ مَـع صـافي العَسـَل
وَوَضـــَعَت إِزاءَهــا كَوكبــاً أَغَــر
كـانَ لَـدى نَسـطورَ مِـن قَبـلِ السَفَر
وَهـــوَ عَلــى قــائِمَتَيهِ اِنتَصــَبا
وَبِمَســـاميرِ النُضـــارِ التَهَبـــا
وَفَــوقَ كُــلِّ مِــن عُــراهُ الأَربــعِ
طَيــرُ حَمــامٍ مِــن نُضــارٍ أَلمَــعِ
وَذَلِـــكَ الكَــوبُ إِذا مــا يَطفَــحُ
هَيهـــاتَ غَيـــرُ نَســـطُرٍ يُزَحــزِحُ
لَكِنَّمــا ذَيّالــكَ الشــَيخُ الصــَفِي
يَحمِلُـــــــهُ حَملاً بِلا تَكَلُّـــــــفِ
وَراحَــــتِ الصــــَبِيَّةُ الســــَبِيَّه
بِحُســــنِها كالرَبَّــــةِ الســـَنِيَّه
تَصــُبُّ فيــهِ خَمــرَ إِفرَمنــا عَلـى
مـــــاءٍ وَفَــــوقَهُ تَفُــــتُّ عَجَلا
بِمِـــبرَدِ النُحــاسِ جُبــنَ الســَخلِ
وَتَقتُـــلُ المَزيـــجَ خَيـــرَ قَتــلِ
وَفَــــوقَهُ ذَرَّت دَقيقــــاً صـــافي
ثُـــــمَّ دَعَتهُمـــــا لِلإِرتِشــــافِ
إِذا بِفَطرُقــــلَ كَــــرَبٍّ ظَهَــــرا
فـي البـابِ فَالشـَيخُ رأى وَاِبتَـدَرا
وَقـــامَ عَـــن ســـُدَّتِهِ الوَقّــادَه
بِيَـــدِهِ يَأخُـــذُ حُكـــمَ العــادَه
ثُـــمَّ دَعـــاهُ لِلجلـــوسِ فَـــأبى
وَقــالَ يــا مُريــدَ زَفـسَ الأَنجَبـا
عَفـــوا فَلَســـتُ بِمُلَبّـــي الأَمــرِ
فَشـــَأنَ آخيـــلَ نَظيـــري تَــدري
قَــد يَصـطَلي عَفـواً بسـورَةِ الغَضـَب
وَيُتهِــمُ البَريــءَ عَــن غَيـرِ سـَبَب
ســـَيَّرَني أَســـأَلُ مِنــكَ الخَبَــرا
بِـــأَيِّ مَجـــرحٍ أَتَيـــتَ مُـــدبِرا
ســـَأَقفِلبَنَّ راجِعـــاً ذا الحينــا
مُـذ قَـد عَرَفـتُ الشـَهمَ مـا خَؤونـا
فقـــالَ نَســـطورُ وَأَيـــنَ يَلقــى
أَخيــلُ بِــالإِغريقِ هَــذا الرِفقــا
أَمــــا رَأ أَنَّ فَنــــاهُم بــــادِ
وَاِشــــتَمَلوا بِحُلَّــــةِ الحِـــدادِ
وَخَيــرُ مَــن فيهِــم فَفـي الأَشـراعِ
بَيـــنَ جريـــحٍ وَطَريـــحٍ نـــاعي
فَـذا أَبـو البَـأسِ ذِيوميـذُ البِطَـل
أَلَّمَـــهُ الســَهمُ وَبِــالرَغمِ قَفَــل
وَذاكَ أوذيــــسُ وَأَتريـــذُ خَـــرَق
جِســمَهُما العامِــلُ وَالـدَمُ اِنـدَفَق
وَهــاكَ وريفيــلَ بِــالعُنفِ اِنكَسـَر
بِفَخــذِهِ نَبــلٌ بِـهِ الجُـرحُ اِنفَجَـر
وَهــا هُنـا تَـرى الكَمِـيَّ الباسـِلا
بِــهِ جَريحــاً جشــتُ تَــوّاً قـافِلا
لَكِــــنَّ آخيــــلَ عَلـــى شـــِدَّتِهِ
لَيـــسَ يُبـــالي بِبَنـــي لُحمَتِــهِ
أَمُتَقاعِســـــاً يَظَـــــلُّ حَتّـــــى
يَبتَتَّنـــا ســـَيفُ الأَعــادي بَتّــا
وَتَلهَــــبُ النيـــرانُ بِالأُســـطولِ
تُبيــــدُها بِالجُنـــدِ وَالقُيـــولِ
وا أَســَفا الشــَبابُ وَلّــى وَمَضــى
وَالبَــأسُ وَالإِقــدامُ عَنّــي أَعرَضـا
وفــــــاتَني الإِبلاءُ والإيقـــــاعُ
كمــا اِسـتَطالَت قَبـلُ مِنّـي البـاعُ
يَـــومَ الإِلِيّـــونَ علــى صــُوارِنا
ســـَطَوا فَأَجَّجنــا لَظــى أُوارِنــا
صــُلنا عَلَيهـم وَاِغتَنَمنـا البَقَـرا
فجاءَنــــا إيتــــومِنٌ مُســـتَعِرا
إِبــنُ هِفيــروخَ الــذي قـد كانـا
يَحكُـــمُ فـــي أَليــذَةَ الســُكّانا
فَنــالَ مِنّــي طَعنَــةً نـالَ الـرَدى
بِهــا وَوَلّــى القَــومُ طُـرّاً شـُرَّدا
وَخَلَــتِ الأَنعــامُ فـي السـَهلِ لَنـا
خَمســـونَ ســِرباً مــاعِزاً مُســَمَّنا
وَمِثلُهـــا مِـــن أَحســَنِ الأُبقــورِ
وَمِثلُهـــا مِــن أَســمَةِ الخِنزيــرِ
وَمِثـلَ ذا الغَنيـمَ سـُقنا في الغَلَس
وَمِئَةً أَيضــــاً وَخَمســــينَ فَـــرَس
شـــَقراءُ طُــرّاً تُرضــِعُ الأَمهــارا
ســـُقنا لِفيلــوسَ نَــؤُمُّ الــدارا
كُنـــتُ فَــتىً وَاِهتَــزَّ نيلاً طَرَبــا
أَبـــي لَعَــودي غانِمــاً مُكتَســِبا
وَصــاحَتِ الــدُعاةُ فــي مَـن طَلَبـا
مِــن ذِمَّــةِ الأَعــداءِ مــالاً سـُلِبا
فَاِحتَشـــَدوا وَاِقتَســـَموا القَليلا
وَذاكَ نَــــذرٌ مِـــن كَـــثيرٍ نيلا
حَيـــثُ الإِفِيّـــونَ عَلـــى قِلَّتِنــا
صــالوا بِفيلــوسَ عَلــى جُملَتِنــا
وَقَبـــلَ ذا بِـــأَحؤُلِ قَــد صــالا
هِرَقــلُ فينــا يَذبضــحُ الأَبطــالا
وَمِـن بَنـي نيلا وَكـانوا اِثنَـي عَشَر
ســِوايَ لَـم يَبـقَ لَـدَيهِ اِبـنُ ذَكَـر
فَزادَنــا العَــدُوُّ غَــدراً وَاِعتَسـَف
وَبِأَســــاليبِ اللـــداداتِ قَـــذَف
وَفــي اِقتِسـامِ الكَسـبِ نيلا أَفـرَزا
قَطيـــعِ أَبقـــارٍ لَـــهُ وَأَحــرَزا
ســـِربَ شـــِياهٍ بِرُعاتِهــا الَّــتي
أَبقــــى لَــــه تَرعــــى ثَلاثمِئَةِ
قَذِمَّــةُ الأضــعداءِ كــانَت مُثقَلَــه
لَــــهُ بَــــدينٍ رامَ أَن يُحَصـــِّلَه
إِذا كـــانَ قَــد أَرســَلَ لِلســِباقِ
أَربَعَـــةً مِـــن أَكـــرَمِ العِتــاقِ
يـــا مُـــلُ أَن يَفــوزَ بِالرِهــانِ
بِقِــــدرِهِم وَنَــــدَبِ الفُرســــانِ
لَكِـــنَّ مَــولى النــاسِ أَفغِياســا
مُعتَســـِفاً قضــد حَبَــسَ الأَفراســا
كَــــذَلِكَ المَركَبَــــةَ الغَــــرّاءَ
وَاللاســائِقُ المُســتاءُ فَــذّاً جـاءَ
لِــذاكَ نيلا اِغتَــمَّ وَالـوَفرَ اِدَّخَـر
وَوَزَّعَ البــــاقي بِعَـــدلٍ وَأَمَـــر
بِـــأَن نُضـــَحّي لِبَنـــي الأَربــابِ
شـــُكراً عَلـــى اَطـــايِبِ الأَســلابِ
وَثــالِثَ الأَيّــامِ فاجأَنــا العِـدى
بِخَيلِهِــــم لا يُحصــــَرونَ عَـــددا
وَالمُليُنـــانِ قـــائِدا الفُرســانِ
غِـــــرّان للطِعـــــانِ جــــاهِلانِ
وَفـــي ثُغــرِ أَلفِيــا فــي طَــرَفِ
فيلــوسَ قــامَت فَــوقَ تَــلٍّ مُشـرِفِ
بَلــــدَةُ إِثريــــونَ حاصــــَروها
يَبغـــونَ بِـــالعَنوَةِ أَن يُفنوهــا
وَفــي الــدَياجي اِنحَــدَرَت أَثينـا
وَهُـــم بِــذاكَ الســَهلِ يَضــرِبونا
وَنَبَّهَتنــــا لِلوَبـــالِ المُحـــدِقِ
فَهَـــمَّ بِالهِمَّـــةِ كُـــلُّ الفَيلَــقِ
وَخــــالَني نيلاً صــــَبِيّاً غِــــرّاً
وَخـــافَ أَن أَكُـــرَّ فيمَـــن كَــرّا
فَخَيلِـــيَ الجِيــادَ أَخفــى وَحَظَــر
عُلــيَّ اَن أَجــري عَلــى ذاكَ الأَثَـر
فَـــراجِلاً بِعَونِهـــا ســـِرتُ وَلــي
كــانَ لَـدى الفُرسـانِ أَسـمى مَنـزِلِ
ســِرنا إِلــى حَيــثُ لَـدى آرينِسـا
يَصــُبُّ نَهــرٌ قَــد دَعَــوا مينيسـاً
لِلفَجـــرِ ظَلّــض تَرقُــبُ الخَيّــاله
تَعقُبهــــا كَتــــائِبُ الرَجّـــالَه
ثُـــمَّ تَكَتَّبنـــا وَعِنـــدَ الظُهــرِ
طُــرّاً نَزَلنــا فَــوقَ قُـدسِ الثَغـرِ
مِـن ثَـمَّ أَعـدَدنا الضـَحياي الغُـرّا
لِزَفـــسَ نَســـتَمِدُّ مِنــهُ النَصــرا
وأَلثِـــسُ النَهـــرُ لَــهُ أَذكَينــا
عِجلاً كَـــــذا بِــــآخَرٍ ضــــَحَّينا
لِفوســـــِذٍ وَعَجلَـــــةٌ تَــــبيعَه
لِرَبَّــــةِ الحِكمَــــةِ وَالشـــَفيعَه
ثُـــمَّ تَناوَلنــا الطَعــامَ وَرَقَــد
كُـــلٌّ مُــدَجَّجاً عَلــى ذاكَ الجَــدَد
وَحالَمـــا بَـــراحِ مِــن خِبائِهــا
لِلأَرضِ أَرســــَلَت ســـَنا ضـــيائِها
بِزَفـــسَ لُـــذنا وَأَثينــا وَمَضــى
لِلحَــربِ جَيشــُنا عَلـى ذاكَ الفَضـا
أَمّـــا الإِفِيّـــونَ فَحــولَ البَلَــدِ
تَـــــأَلَّبوا بِعَـــــدَدٍ وَعُـــــدَدِ
فَتحـــاً يَرومــونَ وَلَكِــن نَظَــروا
شـــِدَّةَ آريـــسَ بِنـــا وَذُعِـــروا
فَــأَوَّلُ الفُرســانِ مَطعونــاً وَقَــع
بِنَصـلِ رُمحـي عِنـدَما نَحـوي اِنـدَفَع
مُليـــوسُ وَهـــوَ صـــُهرُ أَفغِيــاسِ
وَبَعــــلُ آغاميــــذَةِ الإينــــاسِ
مَــن كُنــةَ نَبـتِ الأَرضِ طُـرّاً سـَبَرَت
وَلِلعَقــــاقيرِ جَميعــــاً خَبَـــرَت
جَنـــدَلتُهُ فَخَـــرَّ مِـــن مَركَبَتِــه
وَواثِبـــاً عَلَـــوتُ فـــي مَنَصــَّتِه
وَصـــُلتُ صــَدرَ الجَيــشِ وَالأَعــداءُ
وَلّـــوا وَفيهِــم عَلَــتِ الضَوضــاءُ
راعَهُــــمُ أَنَّ زَعيــــمَ العَجَــــلِ
وَأَبســَلَ الأَبطــالِ بِــالحَتفِ بُلــي
وَفيهِـــــم هَبَبــــتُ كَالإِعصــــارِ
أَذبَــــحُ كُــــلَّ ســـارحٍ وَســـارٍ
وَفَـــوقَ خَمســـينَ مِـــنَ العِجــالِ
بِمِئَةٍ مِــــن أَمنَــــعِ الأَبطــــالِ
فتَكــتُ طاعِنــاً وَأَولَيــتُ الــرَدى
وَمِنهُــمُ اِغتَنَمــتُ تِلــكَ العُــدَدا
وَكُـــدتُ أولـــي وَلَــدي أَكتــورا
وَمُلينــــاً بِعـــامِلي الثُبـــورا
لَكِنَّمـــا جَـــدُّهُما فوســـيذُ فــي
مُكَثَّـــفِ الضـــَبابِ فيهمــا خَفــي
وَلَــم نَــزَل نَكســَأُهُم فـي السـَهلِ
وَنَصـــرُ زَفـــسٍ فَوقَنــا يَســتَعلي
نَــــذبَحُهُم وَنَســــلُبُ الســــِلاحا
وَالخَيــلُ فينــا تَنهَــبُ البِطاحـا
حَتّــى وَطِئنـا أَرضَ بفُراسـا النَعَـم
وَصـــَخر أولينيـــسَ ذلــك الأَشــَم
وعنــــدَ تَــــلِّ آلِـــسٍ أَثينـــا
بَـــدَت لِعَـــودٍ عاجِـــلٍ تَــدعونا
عُـــدنا وَلَكِــن بعــدَما بِمَخفَقــي
حَتفــاً لَقــي آخِــرث جُنــدِيٍّ بَقـي
وَفــــي مآبِنــــا الأَخائِيّونــــا
شـــُكراً وَحَمــداً كُلُّهُــم يُســدونا
لِزَفـسَ فـي الأَربـابِ أبنـاءِ العُلـى
وَلِلفَــتى نَســطورَ مـا بَيـنَ المَلا
فــذاكَ شــَأني كــانَ يَـومَ المِحَـنِ
إِن لَـم يَكُـن كـالحِلمِ ماضـي الزمَنِ
لكِـــن أَخيـــلُ لَيـــسَ بِالشــَقيقِ
وَســـَوفَ يَبكـــي نَكبَــةُ الإِغريــقِ
فَــاِذكُر مِنِــتيوسَ وَمـا قـالَ لَكـا
فـي إِفثِيـا الفَيحـاءِ مُـذ أَرسـَلَكا
أَلَـــم أَكُــن وَأوذِسٌ فــي القَصــرِ
نَســـمَعُ مــا تَســمَعُهُ مِــن أَمــرِ
يَـــومَ ذَهَبنــا نَحشــِدُ العُمّــالا
بَيــــنَ الأَخـــائيينَ وَالأَبطـــالا
ودارُ فيلا كُنــــتَ مَـــع أبيكـــا
فيهـــا وَآخيــلُ الفَــتى يَليكــا
وَالشــَيخُ فيلا فــي فَنــاءِ الـدارِ
مُؤَجَّـــجٌ فيهـــا لَهيـــبَ النــارِ
يَحـــرِقُ أَفخــاذاً مِــنَ الــثيرانِ
لِزَفــــسِ يَستَرضـــيهِ بِالقُربـــانِ
وَفَوقَهــا يُريــقُ مِـن كَـأسِ الـذَهَب
مُدامَــةً سـَوداءَ مِـن صـافي العِنَـب
وَأَنتُــــمُ اللُحــــومَ تَقطَعونـــا
مِـــن مَــدخَلِ البــابِ نَظَرتمونــا
فَقـــامَ آخيـــلُ وَفـــي أَيــدينا
أَمســـَكَ راحِبـــاً بِنــا يَــدعونا
وَإِذ قَضــَينا مشــن شــرابٍ ضــافي
وَخَيـــــرِ زادٍ حَــــقَّ لِلأَضــــيافِ
إِلَيكُمـــا وَجَّهـــتُ قَــولي عَلَنــا
فَرُمتُمـا اللَحـاقَ فـي الحـالِ بِنـا
فَقـــالَ فيلا لِأَخيـــلَ يــا اِبنــي
بَــرِّز عَلــى الأَقـرانِ يَـومَ الطَعـنِ
ثُـــــمَّ مِنـــــتيوسُ تَلا يَقــــولُ
رَفيقُــــكَ الباســــِلُ ذا أَخيـــلُ
فاقَـــكَ بَأســـاً نَســـباً وَقَــدرا
وَزِدتَــــهُ عُمــــراً وَزِدتَ خُـــبرا
فَاِنصــَحهُ خَيــراً وَلَـهُ كُـن مُرشـِدا
يُطِــعِ لِمــاتُريهِ مِـن سـُبلِ الهُـدى
فَــذاكَ أَمــرُ الشــَيخِ لَكِنّــي أَرى
أَنَّــكَ قَــد نَســيتَ أَمــراً أَمَــرا
بَلِّــغ أَخيــلَ قَبــلَ إِدراكِ الـدَرَك
قَــولي عَســاهُ مُصــغِياً يَـذعَنُ لَـكَ
فَـــــرُبَّ رَبٍّ مـــــالَ لِلتَرَفُّــــقِ
وَالخَيـرُ فـي نُصـحِ الرَفيـقِ المُشفِقِ
وَإِن يَكُــن يَخشــى حُلــولَ البُــؤسِ
بِـــوَحيِ ثيــتيسَ لَــهُ عَــن زَفــسِ
فَبِـــكَ فَليَبعَــث مَــع المَرامِــدَه
عَســى بِكُــم لَنــا تَتِـمُّ الفـائِدَه
وَأَلبَـــس ســِلاحَهُ عَســى الطُــروادُ
يَروعُهُـــــــم لِـــــــذَلِكَ الجِلادُ
إِن نَظَــــروهُ فيــــكَ وَالإِغريـــقُ
يَبـــدو لَهُــم لِلراحَــةِ الطَريــقُ
جَيشـــُكَ إِذ مَـــلَّ مِـــنَ القُعــودِ
يَبطُــشُ فـي جَيـشِ العِـدى المَجهـودِ
بِــذا تَقـي السـَفينَ وَالخَيـمَ وَعَـن
عاتِقِنــا تَــدرَأُ أَثقــالَ المِحَــنِ
لِـــذاكَ فَطرُقـــلُ أَســـاً تَقَطَّــرا
وَكَـــرَّ يَبتَغـــي أَخيـــلَ مُخبِــرا
وَإِذ لِأَشــــراعِ أُذيــــسَ عَرَضــــا
حَيـثُ أَقـامَ القَـومُ ديـوانَ القَضـا
حَيـــثُ أَحَلّـــوا مَجلِــسَ الأَعيــانِ
وَنَصــــَبوا مَذابِــــحَ القُربـــانِ
بَـــدا أُريفيـــلُ لَــدَيهِ عارِجــا
مِــن سـاحَةِ الحَـربِ جَريحـاً عارِجـا
يَرشــَحُ مِــن جَــبينِهِ ســَيلُ عَــرَق
وَالســَهمُ بـادٍ عَضـَلَ الحُـقِّ اختَـرَق
وَالـــدَمُ أَســوَداً ســَخيناً يَجــري
لَكِنَّـــــهُ مُعتَصـــــِمٌ بِالصــــَبرِ
فَـــرَقَّ فَطرُقـــلُ لِــذاكَ المَنظَــرِ
وَقــالَ مُلتاعــاً لِهَــولِ المَخبَــرِ
وا أَســـَفا يــا زُبــدَةَ الأَغــارِقِ
أَتُهلِكَنَّكُــــم ظُــــبى المَخـــافِقِ
عَـــن دارِكُــم نــائينَ وَالأَصــحابِ
لِتَــــــذهَبوا مَطــــــاعِمَ الكِلابِ
قُــل لــي أُريفيــلُ أَفـي الإِغريـقِ
بِقَيَّــــةٌ لِعِــــبرِ ذا المَضــــيقِ
أَم ثَقُلَـــت وَطـــأَةُ هَكطـــورَ فَلا
مَـــرَدَّ لِلخَـــزي الوَبيــلِ فَشــَلا
قــالَ فَبَــل قَــد قُضـِيَ الأَمـرُ وَلا
مَنــاصَ وَاِنظُــر تَلـقَ خَيـرَ النُبَلا
بَيـــنَ جَريـــحٍ وَطَريـــحٍ غـــادي
وَقُـــوَّةُ الطُــروادِ فــي اِزدِيــادِ
هَـــيِّ أَغِثنــي وَاِصــحَبَنّي لِلخِيَــم
وَأَخــرِجِ الســَهمَ يَـزُل عَنّـي الأَلَـم
وَالجُــرحَ فَاِغســِلهُ بِمــاءٍ فــاتِرِ
وَاِســكُب عَلَيــهِ بَلســَمَ القَنــاطِرِ
ســِرٌّ حَفِظــتَ عَــن أَخيـلَ وَهـوَ عَـن
أُسـتاذِهِ خَيـرونَ فـي ماضـي الزَمَـن
أَمّــــا طَبيبانــــا فَفـــوذاليرُ
مــا بَيــنَ دُرّاعِ العِــدى مَحصــورُ
وَمــا خَــوونُ ذاكَ بــادي العَطَــبِ
فــي حاجَــةٍ أَضــحى إِلـى التَطَبُّـبِ
فَقـــالَ فَطرُقـــلُ ســَرى الوَبــالُ
وَيلاهُ مــــا الحيلَـــةُ وَالمـــآلُ
فهــا أَنــا أَمضــي إِلــى أَخيــلِ
أُبلِـــغُ قَـــولَ نَســـطُرَ النَبيــلِ
لكِــن أَرانــي عَنــكَ غَيــرَ نــاءِ
وَأَنــــتَ تَحـــتَ الأَزمَـــةِ اللأواءِ
وَمِـــن ذِراعَيـــهِ بِلُطـــفٍ حَمَلَــه
وَلِخيــــامِهِ ســــَليماً أَوصــــَلَه
وَمُـذ لَـدى الأَتبـاع فـي القُربِ ظَهَر
مَـدّوا لَـهُ الفِـراشَ مِـن جَلدِ البَقَر
أَلقـــاهُ فَطرُقـــلُ عَلَيــهِ وَقَطَــع
بِالسـَيفِ نَصـلَ السـَهمِ مِـن حَيثُ وَقَع
وَغَســـَلَ الجُـــرحَ وَعِرقـــاً مُــرّاً
بِيضـــــدِهِ فَـــــتَّ وَحــــالاً ذَرّا
فالتَــأَمَ الجُــرحُ وَأوقِــفَ الــدَمُ
وَأورفيــــلُ زالَ عَنــــهُ الأَلَـــمُ
سليمان بن خطار بن سلوم البستاني.كاتب ووزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت، وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى مصر والأستانة ثم عاد إلى بيروت فانتخب نائباً عنها في مجلس النواب العثماني وأوفدته الدولة إلى أوربة مرات ببعض المهام، فزار العواصم الكبرى.ونصب (عضواً) في مجلس الأعيان العثماني، ثم أسندت إليه وزارة التجارة والزراعة، ولما نشبت الحرب العامة (1914- 1918م) استقال من الوزارة وقصد أوربة فأقام في سويسرة مدة الحرب، وقدم مصر بعد سكونها.ثم سافر إلى أميركة فتوفي في نيويورك، وحمل إلى بيروت.وكان يجيد عدة لغات.أشهر آثاره (إلياذة هوميروس - ط) ترجمها شعراً عن اليونانية، وصدّرها بمقدمة نفيسة أجمل بها تاريخ الأدب عند العرب وغيرهم، وله (عبرة وذكرى - ط)، و(تاريخ العرب -خ)، و(الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده -ط)، و(الاختزال العربي -ط) رسالة، وساعد في إصدار ثلاثة أجزاء من (دائرة المعارف) البستانية، ونشر بحوثاً كثيرة في المجلات والصحف.