
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جَرَى الدمعُ حتى ليسَ في الجفنِ مَدمَعُ
وقاسـيتُ حتَّـى ليـس في الصبرِ مَطمَعُ
ومـا أنـا منيبكـي ولكنَّـه الهَـوى
يريــدُ سـن الأُسـدِ الخضـوعَ فتخضـعُ
فلِلَّــه قلــبي مـا أجـلَّ اصـطبارَهُ
وأثبتَــهُ والســيفُ بالسـيف يُقـرعُ
وللَّــه قلــبي مـا أقـلَّ احتمـاله
إذا مـا نـأى عنـه الحبيبُ المودِّعُ
إذا لاحَ لـي سـيفٌ مـن الخطـبِ رُعتُه
وإن لاح لـي سـيفٌ مـن اللحـظِ أجزَعُ
وأقتـادُ لَيـثَ الغـابِ واللَّيثُ مُخدِرٌ
ويقتـادني الظـبي الغريـرُ فـأتبَعُ
وليــلٍ أضــلَّ الفجـرُ فيـه طريقَـه
فلـم يـدرِ لمـا ضـلَّ مـن أين يَطلُع
سـهرتُ بـه أرعـى الكـواكبَ والكَرَى
عَصــِيٌّ علـى الأجفـانِ والـدمعُ طيّـعُ
أودُّ لــو ان الطيــفَ مــن بِـزَورَةٍ
وكيـفَ يـزورُ الطيـفُ مَـن ليس يَهجَعُ
لقـد عشـتُ دَهراً ناعمَ البالِ خالياً
مــن الهــمّ لا أَشــكُو ولا أتَوَجَــعُ
أروحُ ولـي فـي مَعهـدِ الغَـي مَربَـعٌ
وأغـدُو ولـي فـي مَسرحِ اللَّهو مرتَعُ
فمـا زلـتُ أبغـي الحـبَّ حتَّى وجدتُه
فلمــا أردتُ القُـربَ كـان التمنُّـعُ
فلـم يبـقَ لـي عـن ذلك الحبِّ مهرَبٌ
ولـم يَبـقَ لـي في ذلك القُربِ مَطمَعُ
كــأني فــي جــوِّ الصـبابةِ ريشـةٌ
بأيـدي السوافي مالها الدهرُ مَوقِعُ
كــأني فــي بحـر الهُيـام سـفينةٌ
أحـاطَ بهـا مَـوجُ الـردى المُتَـدَفِّع
كــأني فــي بيـداءَ دهمـاءَ مَجهَـلٌ
تضــلُّ رُخــاءٌ فــي دُجاهـا وزَعـزَعُ
فلا أنــا فيهـا واجـدٌ مـن يَـدُلُّني
ولا نجمهـا يبـدو ولا الـبرقُ يَلمُـع
فمهلاً رويــداً أيهــا اللائم الـذي
يُجرِّعنــي فــي لــومِه مــا يُجـرِّعُ
نَصـحتَ فلـم أسـمَع وقلـتَ فلـم أُطِع
فمــا نُصــحُ حِــبٍّ لا يُطيـعُ ويَسـمَعُ
فيـا حُـبَّ هذا القولُ لو كان مُجدِياً
ويـا نِعـم ذاك النُصحُ لو كان ينفَعُ
قضـى اللَه أن لا رأى في الحبِّ لامرئٍ
وذاك قضــاءٌ نافــذٌ ليــس يُــدفع
مـررتُ علـى الـدّار التي خَفَّ أَهلُها
وطــالَ بِلاهــا فهـي بَيـداءُ بَلقَـعُ
معاهــدُ كــانت آهلاتٍ وكــانَ لــي
مَصــِيفٌ تَقضــَّى فـي رُبَاهَـا ومَربـع
فيـا ليـتَ شـِعري هـل يعُودَنَّ عَيشُنَا
بمعهــدها والشـَّملُ بالشـَّملِ يُجمـع
فَتُقضــى لبانــاتٌ وتُطفَــى لواعـجٌ
وتَـــبرُدَ أكبــادٌ وتَنضــُبَ أدمُــع
فمـا أنـسَ م الأشـياءِ لا أنـسَ ليلةً
تجشـمتُ فيهـا الهـولَ والهولُ مُفزِع
ولا مــــــؤنسٌ إلا ظلامٌ ووحـــــدةٌ
ولا مســــعدٌ إلا فــــؤادٌ مُـــروع
ولا صـــاحبٌ إلا المطيـــةُ حولَهــا
ذئابٌ تبــارى فــي الفلاةِ وأضــبع
ولا عيــن إلا النجـمُ ينظـرُ باهتـاً
ويعجــب لــي مـاذا بنفسـي أصـنع
إذا مــا تشــكَّت مــن كلالٍ مطيـتي
وقـد كلمتهـا ألسـن السـوط تُسـرِع
أســيرُ بهـا سـيرَ الصـحاب كـأنني
بأذرعُهـــا عَـــرضَ الفِــدادِ أُذَرِّعُ
إلــى أن تنـورتُ الخيـامَ ولاح لـي
ضـياءٌ بـدا مـن جـانبِ الحـيّ يَسطَعُ
فأقـدَمتُ نحـو الحـيِّ والحـيُّ هـاجعٌ
وخُضـتُ سـوادَ القـومِ والقـومُ صـُرَّع
ومـا كنـتُ أدرى قبـلَ ذلـك خِـدرَها
ولكــن هَــدَاني نشــرُها المتضـوِّعُ
فبـتُّ وبـاتَت يعلـمُ اللَـه لـم يكن
ســـِوى أُذنٍ تُصــغِى وعيــنٍ تَمتَّــعُ
نخـالُ دَوىَّ الرِّيـح فـي الجوِّ واشياً
بِنَـا وضـياءَ الـبرقِ عينـاً فَنَفـزَعُ
ومــا عيـنَ إلا خوفُنـا وارتياعُنـا
ولا نـــاظرٌ يرنــو ولا أذنَ تســمع
وأعــذبُ وِردٍ راقَ مــا كـان نَيلُـه
عزيـزاً وأحلـى القُـربِ قـربٌ مُمَنَّـع
فكـانت برغـم الـدهر أحسـنَ ليلـةٍ
رأَيـتُ لعمـري بـل هـي العُمر أجمعُ
ومــا راعنــا إلا هــديرُ حمامــةٍ
علــى فَنَــنٍ عنــد الصـباح تُرجِّـع
فقمــتُ ولــم تعلـق بـذيلي ريبـةٌ
ولا كــان إلا مــا يشــاءُ الـترفُّعُ
وودّعتُهــا والحــزنُ يَغلِـبُ صـبرَنا
وأحشـــاؤُنا مــن حَســرةِ تَتَقطَّــعُ
فَقـالَت أهـذا آخـرُ العهـد بَينَنـا
وهـــل لِتلاقِينــا مَعــادٌ ومَرجــعُ
فقلـتُ ثِقـي بـالله يـا فـوزُ إِنَّها
ســحابةُ صــَيفٍ عــن قَليــل تَقشـَّع
وســرتُ وقلـبي فـي الخِيـامِ مُخلَّـفٌ
وَلِــي نحـو قلـبي والخيـامِ تطلُّـع
حَنانيـكَ رفقـاً أيهـا الدهر واتئد
فحســبِي مــا ألقــى ومـا أتجـرّعُ
ورُحمـاكَ بـي فالسيلُ قد بلغَ الزُّبى
ولـم يبـقَ فـي قـوسِ التصـبرِ منزعُ
علــى أننــي أصــبحتُ لا مُتخوفــاً
مُلِمـاً ولا إِن نـالني الـرزءُ أجـزعُ
قـد اعتصـمت بالصـبر نفسـي وفوضت
إلـى اللـه ما يُعطى الزمانُ ويمنَعُ
وأمسـيتُ لا أخشـى الخطـوبَ ووقعَهـا
ولــو أنهــا ســُمُّ الأسـاودِ مَنقَـعُ
فقــد بِــتَّ جــاراً للإمــام وأنـه
أعـز بَنـى الـدنيا جِـواراً وأمنَـعُ
ســمعتُ بــهِ دهــراً فلمـا أَتيتُـه
رأَيـتُ بعينـي فـوق مـا كنـت أسمع
وشــاهدتُ وضــاح الأسـاريرِ أروعـاً
علـى وجهـه نـورٌ مـن اللَـه يَسـطع
تَزاحــمُ أقــدامُ العُفــاةِ ببـابه
فلا هُــوَ محجــوبٌ ولا الفضـل يمنـعُ
إذا ســرتَ فالأبصــارُ نحــوكَ حُـوَّم
وإن قُلــتَ فالأعنــاقُ حَولَـكَ تَخضـَعُ
وأضــحى بِـكَ الإِفتـاءُ يختـالُ عِـزَّةً
فمــا أنـت إلا التـاجُ منـه مُرصـَّع
أمـولاي هـذا الـدهرُ وَالـى صـُرُوفَه
علــى فأنجـد أو أشـر كيـفَ أصـنعُ
فمــا أنـا إلا غَـرسُ نعمتـكَ الـذي
يُغــاديهِ غَيــثٌ مـن نَـداكَ فيُمـرعُ
فـإن شـِئتَ فالفضـلُ الذي أنت أهله
وإلا فـــإني فــي الأنــام مُضــَيّع
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي.نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، له شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولد في منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها، من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء أشراف، تعلم في الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً وسجن بسببه ستة أشهر، لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي، وقد عاد من سفر، وكان على خلاف مع محمد عبده مطلعها:قدوم ولكن لا أقول سعيد وعود ولكن لا أقول حميدوابتدأت شهرته تعلو منذ سنة 1907 بما كان ينشره في جريدة المؤيد من المقالات الأسبوعية تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف سنة 1909 ووزارة الحقانية 1910 وسكرتارية الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في سكرتارية مجالس النواب، واستمر إلى أن توفي.له من الكتب (النظرات - ط)، و(في سبيل التاج-ط)، و(العبرات-ط)، و(مختارات المنفلوطي-ط) الجزء الأول، وبين كتبه ما هو مترجم عن الفرنسية، ولم يكن يحسنها وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له القصة إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي، وينشرها باسمه.