
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســقاها وحيّـا تربهـا وابـلُ القطـرِ
وإن أصــبحت قفـراءَ فـي مهمـةٍ قفـرِ
طواهــا البلــى طـيَّ الشـحيحِ رداءَه
وليـس لمـا يطـوى الجديـدانِ من نشرِ
مَرابـــضُ آســـادٍ ومـــأوى أراقِــمٍ
تجـاوَرُ فـي قيعانِهـا الغيـلُ بالجُحر
يكــادُ يَضــلُّ النجــمُ فـي عَرَصـاتِها
ويـزوَرّ عـن ظلمائِهـا البَـدرُ من ذُعرِ
لقـد فَعَلـت أيـدي السـوافي بنؤيهـا
وأحجارهـا مـا يفعـل الـدهر بـالحر
وَقَفـتُ بهـا فـي وَحشـةِ الليـل وَقفـةً
أثـارَ شـجاها كـامِنُ الوجـد في صَدرى
ذكـرتُ بهـا العَهـدَ القدِيمَ الذي مضى
ولـم يَبـقَ منـهُ غيـرُ بـالٍ من الذكر
وعيشــاً حَســِبناهُ مـن الحُسـنِ رَوضـَةً
كسـاها الحيـا منـهُ أفـانينَ من زَهر
فأنشــَأتُ أبكـي والأَسـى يتبـع الأَسـَى
إلـى اَن رأَيتُ الصخرَ يَبكي إلى الصخر
ومــا حيلــةُ المَحــزُونِ إلا لواعــجٌ
تفيـضُ بهـا الأحشـاءُ أو عـبرَةٌ تَجـري
ومــا أنـسَ مِ الأَشـياءِ لا أنـسَ ليلـةً
جَلاهـا الـدُجى قَمـراءَ في ساحةِ القَصرِ
كــأنَّ النجــومَ فــي أديـمِ سـمائِها
ســَفائِنُ فَوضـَى سـابحاتٌ علـى النهـر
كــأنَّ الثريــا فــي الدُجنــةِ طـرةٌ
مرصــعةُ الأطــرافِ بــاللؤلؤِ النَـثرِ
كـــأن الســُّهَا حــقٌّ تعــرضَ باطــلٌ
إليــه فــألقى دونَـه مُسـبَلَ السـِّترِ
كــأن الـدجى فحـمٌ سـَرى فـي سـَوادِه
مـن الفَجـر نـارٌ فاسـتحالَ إلـى جَمرِ
كـأنَّ نَسـيمَ الفَجـرِ فـي الجـوِّ خـاطرٌ
مـن الشـعر يَجـري في فضاءِ من الفكرِ
وفـي القَصـرِ بيـن الظلِّ والماءِ غادَةٌ
تَميـــسُ بلا ســُكرٍ وتَنــأى بِلا كِــبرِ
تُريـــكَ عيونــاً ناطقــاتٍ صــَوامِتاً
فمـا شـئتَ مـن خَمـرٍ وما شِئتَ من سِحر
لهـوتُ بهـا حتَّـى قَضـَى الليـلُ نَحبَـهُ
وأدرجَــهُ المِقـدارُ فـي كَفَـنِ الفَجـرِ
لعمــركَ مــا راحــت بِلُبّــى صـَبَابةٌ
ولا نــازعتني مُهجَتِــي سـورةُ الخَمـرِ
ولا هـــاجَني وجــدٌ ولا رســمُ مَنــزلٍ
عَفــاءٍ ولكــن هكــذا ســنَّةُ الشـِّعرِ
ومَــن كــان ذَا نفـسٍ كنفسـي قريحـةٍ
مــن الهــمّ لا يُعنـى بوصـلٍ ولا هجَـرِ
كــأني ولــم أســلخ ثلاثيــن حِجّــةً
ولـم يَجـرِ يوماً خاطرُ الشيّبِ في شَعري
أخــو مــائةٍ تَمشـي الهُوَينـا كـأنَّه
إذا مـا مشـى فـي السّهلِ في جَبَلٍ وَعر
إذا شــابَ قلـبُ المـرءِ شـابَ رجـاؤُه
وشـابَ هـواهُ وهـوَ فـي ضـَحوةِ العُمـرِ
حَييـــتُ بآمـــالي فلمّــا كَــذَبنَنِي
قنعــتُ فلــم أحفِــل بِقُــلٍّ ولا كُـثرِ
وأصـبحت لا أرجـو سـِوَى الجَرعـةِ التي
أذوقُ إذا مــا ذقتهـا راحـةَ القـبر
وليســَت حيــاةُ المــرءِ إلا أمانيـاً
إذا هـي ضـاعت فالحيـاة علـى الإِثـر
جـزى اللَـه عنـي اليـأسَ خيـراً فإنه
كفــاني مـا ألقـى مـن الأمـلِ المـر
وراضَ جمــــاحي للزمـــان وحُكمِـــه
بمـا شـاءَ مـن عـدلٍ وما شاءَ من جُور
فمــا أنـا إن سـاءَ الزمـانُ بسـاخطٍ
ولا أنــا إن ســر الزمــانُ بِمُغتَــر
إذا مــا ســفيهٌ نـالني منـه قـادِحٌ
مـن الـذمّ لـم يُحـرِج بمـوقِفه صـَدري
أعـودُ إلـى نفسـي فـإن كـان صـادِقاً
عَتَبـتُ علـى نفسـي واصـلحت مـن أمري
وإلا فمـا ذنـبي إلـى النـاس إن طغى
هواهــا فمــا ترضــى بخيـرٍ ولا شـر
أمـــولاي عـــذراً إن للهــم صــرعةً
تطيـر بسـر المـرءِ مـن حيـث لا يدري
وإنـــي لأتحيـــي لقـــاءَكَ شــاكياً
وأنــت الـذي ألهمتنـي خلـق الصـبرِ
وأوردتنــي مــن بحـرِ علمِـكَ مَـورِداً
أمنـتُ بـه الكفـرانَ فـي موضعِ الشُّكر
لـك القلـمُ العضـبُ الـذي فـل غربـه
من الشرك ما أعيى على البيض والسمر
إذا جــن ليــل الشــك طلــى ظلامـه
بفجــرٍ مــن الآيــات والحجـجِ الغُـرِّ
لـك العـزةُ القعسـاءُ والسـؤدد الذي
تخــرّ لــديهِ هامــةُ الأنجـمِ الزُّهـرِ
ومــا صــاحبُ العـرشِ المُـدِلِّ بتـاجِه
بـأعرقَ مَجـداً مِنـكَ فـي مَوقِـف الفَخر
وكَــم بَيــنَ عَـرشٍ مـن لجيـنٍ وعَسـجدٍ
يُصــاغُ وعــرشٍ مـن سـناءٍ ومِـن ذِكـر
وكـم بَيـنَ مَجدِ الدين والعلم والتقى
ومجـدِ القصـُورِ الشـم والعَسكَر المَجرِ
لــكَ النــائِلُ المعـروفُ غيـرَ مكـدِّرٍ
تُشـــَيِّعُهُ بَيـــن الطَلاقَــةِ والبِشــرِ
إذا ابتـدرَ النـاسُ المكـارَمَ نِلتَهـا
بســابقِ عَــزمٍ لا يَمــلُّ مِــنَ الحصـرِ
فلا زلــتَ مَهــدِياً ولا زلــتَ هادِيــاً
تــروحُ إلــى خَيـرٍ وتغـدُو إلـى بِـرّ
ولا زَالَــتِ الأَعيــادُ تَــترَى وفودُهـا
بمـا شـِئتَ مِـن عـزٍ ومـا شئتَ مِن عُمرِ
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي.نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، له شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولد في منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها، من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء أشراف، تعلم في الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً وسجن بسببه ستة أشهر، لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي، وقد عاد من سفر، وكان على خلاف مع محمد عبده مطلعها:قدوم ولكن لا أقول سعيد وعود ولكن لا أقول حميدوابتدأت شهرته تعلو منذ سنة 1907 بما كان ينشره في جريدة المؤيد من المقالات الأسبوعية تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف سنة 1909 ووزارة الحقانية 1910 وسكرتارية الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في سكرتارية مجالس النواب، واستمر إلى أن توفي.له من الكتب (النظرات - ط)، و(في سبيل التاج-ط)، و(العبرات-ط)، و(مختارات المنفلوطي-ط) الجزء الأول، وبين كتبه ما هو مترجم عن الفرنسية، ولم يكن يحسنها وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له القصة إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي، وينشرها باسمه.