
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أودى بي الحزنُ واغتال الجوى جلدي
وفـرقَ الشـجوُ بيـنَ الـروحِ والجَسَدِ
واسـتهدَفَتني صـُروفُ الـدهر راميـةً
تُصـوبُ النبـلَ نحـوَ القلـبِ والكبدِ
مــا لِلَّيــالي إذا سـلت صـوارِمَها
بيــن الخلائِق لا تبقــى علـى أحـدِ
أبيـتَ يـا دهـرُ سـيراً للرشادِ وأَن
تجـرى أمـوركَ فـي الدنيا على سَدَدِ
أليــسَ يُرضــِيكَ أن النـاسَ راضـيةٌ
بِمـا رضـيتَ لهـم مـن عيشـك النكِد
مُستَسـلِمونَ لمـا لـو حَـلَّ مـن أُحُـدٍ
فــي شــُعبتَيه لَهُـدَّت شـُعبتا أُحُـدِ
رُحمـاكَ يـا دَهـرُ بعضَ الإرتفاق بنا
أَسـرفت فـي ظُلمنـا رُحمَـاكَ فاقتصِد
يـا فاتِكـاتِ المنايـا هل لكم تِرةٌ
لــديَّ أم لا فهـل للفتـك مـن قـودِ
روعــتِ منـي جـريئاً غيـرَ ذي فَـرَقٍ
واقتـدتِ منـي عزيـزاً غيـرَ مُضـطهد
مـا كان عهدُكَ يا قلبي الضعيفَ إذا
نَبـا بـكَ الخطـبُ أن تبقى على كَمدِ
أكلَّمــا تبتغـي عزمـاً تـرى شـَططاً
وكيفمـا رُمـتَ صـَبراً لـم تكـد تَجِد
لطالمـا كنـت قِرنـاً للنـوائِبِ تـل
قاهـا اعتسـافاً كلقيا الأسدِ للنقدِ
مــا فــل غربــك إلا حــادِثٌ جَلـلٌ
ثَنــى جماحــك قَســراً غيـرَ مُـتئِدِ
هــل مـر نـاعٍ لإبراهيـمَ فاشـتعلَت
نيــرانُ حُــزنٍ علـى أحشـاك مُتقـدِ
فقــدتُ لُــبى لمـا أن نـأى ودنـا
فيـا لـكَ اللَـهُ مـن نـاءٍ ومُبتَعِـدِ
فــالحُزنُ مُضـطرِمٌ فـي قَلـبِ مضـطربٍ
والقلــبُ مُرتَعِـبٌ فـي جسـمِ مُرتَعِـدِ
جـاوزتَ يـا يـوم عاشـُوراءَ حدَّك في
خَطـبٍ تركـتَ بـه العليـاء فـي أَودِ
خطــبٌ تكـادُ لـه الأفلاك تَسـقُط مـن
جـوانب الجـوِّ فـوقَ الـتربِ والوَهَدِ
حُزنـاً علـى رجـلٍ كانت تدينُ له ال
آمــالُ تبغـى لـديه غايـةَ الرشـدِ
حُزنـاً علـى زينـة الـدنيا ورنقها
لمـا هـوى بـدرُهُ الوضـاءُ عـن صُعُدِ
طَلـقِ المحيـا محيـى النـازلين به
سـهلِ الخليقـةِ صافي القلبِ والخلَدِ
تقــوَّضَ المجـدُ يـومَ انقـضَّ كـوكبه
مصــدعَ الصــرحِ والأركـانِ والعُمُـدِ
فليأســفِ العِلـمُ ولتبكيـهِ أُسـرته
وليهنـأ الجهلُ وليشمت أولو الحَسَدِ
يـا راحلاً غيـرَ مظنـونِ الرحيلِ ولم
يَخطــر رَدَاهُ علـى فكـرٍ ولـم يَـردِ
مـن للمـروءة والمعـروفِ بعـدَك من
للحلـم مـن للتقـى والـبرِّ والرشَدِ
مـن للمنـابر يعلوهـا فيصـدُعُ بال
حــقِّ القَـويم فيهـدى كـل ذي مَيَـدِ
لأقضـــينَ حيـــاتي كلهــا كمــداً
مُشــَتَّتَ الشــملِ حتَّــى آخِـرِ الأَبَـدِ
وأَبــذُلَنَّ مَصــُونَ الــدمع مُطَّــرِداً
وَجـداً عليـكَ وحُزنـاً فيـكَ لـم يَبِدِ
أبكــى عليـك لِـدارٍ لا أَنيـسَ بهـا
تكُـونُ فيهـا غريـبَ الأَهـلِ والوَلـدِ
جــاوَرتَ رَبَّــكَ إبراهيــمُ مُطَّرِحــاً
أخــاك أحمَــدَ يَشـكُو قِلَّـة العَضـُدِ
يقــولُ والـدمع فـي خـديه منتظـمٌ
كالعقــد منتـثرٌ كـاللؤلؤ البَـدَد
أخـي قـد كنـت لـي عونـاً أشـد به
أزري وكنــت لنصــري خيـرَ مُعتَمـدِ
فـاليومَ أصـبحتَ بعـد الأُنسِ منفرداً
وكنـتَ لـي عُـدّةً مـن أحسـَنِ العُـدَدِ
أخــي قـد كنـت أرجـو أن تُغيبنـي
تحـت الـترابِ ولكـن خـابَ مُعتَقـدي
وأخلـف اللَـه ذاك الظـن إذ وثبـت
إليـكَ حُمـرُ المنايـا وثبـة الأسـدِ
أخــي قــدمت روحـي أفتـديك بهـا
مـن الممـات ولكـن ليـس ذا بيـدي
أخـــي هــذا قضــاءٌ لا مــر لــه
أخــي والمــوت للإنســان بالرصـَدِ
يـا ليـتَ شـعري إن ناديتُ قبركَ هَل
تُجيبنـي بعـد طـولِ النـأي والبَعَدِ
كلا فمــا أنــت إلا أعظــمٌ دَرَســت
أخنـى عليهـا الـذي أخنى على لُبَدِ
سـُقِيتَ يـا قَـبرَهُ غيـثَ السماءِ كما
تَسـقيك أعيُنُنـا مـن دَمعهـا البَدَدِ
يـا أرغـدَ اللَـه عيشاً حلَّ فيه كَما
كـانَت شـمائِلُه الحسـناءُ فـي رَغَـدِ
وحــلَّ مـن روضـةِ الجنَّـاتِ يانِعَهـا
مُخَلَّـداً فـي جـوارِ الواحـدِ الصـّمد
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي.نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، له شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولد في منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها، من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء أشراف، تعلم في الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً وسجن بسببه ستة أشهر، لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي، وقد عاد من سفر، وكان على خلاف مع محمد عبده مطلعها:قدوم ولكن لا أقول سعيد وعود ولكن لا أقول حميدوابتدأت شهرته تعلو منذ سنة 1907 بما كان ينشره في جريدة المؤيد من المقالات الأسبوعية تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف سنة 1909 ووزارة الحقانية 1910 وسكرتارية الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في سكرتارية مجالس النواب، واستمر إلى أن توفي.له من الكتب (النظرات - ط)، و(في سبيل التاج-ط)، و(العبرات-ط)، و(مختارات المنفلوطي-ط) الجزء الأول، وبين كتبه ما هو مترجم عن الفرنسية، ولم يكن يحسنها وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له القصة إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي، وينشرها باسمه.