
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا صـاحبَ القصرِ الذي شادَهُ
فاسـتنفد المـذخورَ من وُجدِه
أقمتــه كـالطودِ فـي هَضـبةٍ
تَـردُّ عـادي الـدهرِ عن قَصدِه
أزرتَــهُ الأَبـراجَ فـي جَوِّهـا
فــانتظمَ الأنجـمَ فـي عِقـدِهِ
أطلعـتَ فيـه كَوكبـاً دانِيـاً
أغنـى عـن الشاسـِع في بُعده
قَلَّصـتَ ظـلَّ اللَّيـلِ عنـه وَمَا
رعيــتَ حـقَّ اللَـهِ فـي مَـدّه
أنشـأتَ روضـاً زاهـراً حَـولَهُ
يُعطِّــرُ الكــونَ شـَذا رَنـدِه
ورُحــتَ بالرتبـةِ فـي صـَدرِهِ
تُــدِلُّ دَلَّ المَلـكِ فـي جُنـدِه
كأَنَّمــا الرُتبـةُ كـلُّ الـذي
يُنِيلــهُ الكـوكبُ مِـن سـَعدِهِ
هَـب أنَّـه اللـوفَر فـي حسنه
أو قصـر يوكنهـامَ فـي جـده
وهبـكَ روكفيلـر تحـوى الذي
يُضــلِّلُ الحاســبَ فــي عَـدِّه
فالمــالُ إن أجهــده ربــه
فـالفقرُ والعُـدمُ مـدى جَهدِه
والمـالُ كالطـائِر إن هـومت
حُراســه طــار إلــى فنـده
والمجـدُ للمـالِ وكـلُّ الـذي
تـراهُ مـن مَجـدٍ فَمِـن مَجـدِه
هــذا شــِهابٌ ســاطِعٌ مُشـرِقٌ
والليلـةُ الليلاءُ مـن بَعـدِه
بنيـــتَ للبنــك فــأغنيته
بجــدك المبــذول عـن جَـده
بنيـت مـا لـو قـدروا قدره
لقيـل هـذا الميـتُ في لَحدهِ
وأدتَ فيــه الأمـل المرتجـى
حيــا ولـم تـأس علـى وأدِه
أغمـدت فيـه صـارماً طالمـا
تثلــم الــدهرُ علــى حـده
واريــت فيــه ولـداً ليتـه
قضـى قريـر العيـنِ في مهدِه
وليتــه مـا شـبَّ فـي زُخـرِفٍ
يبكـي يـد الـدهرِ على رَغده
فليـسَ مـن يأسـى علـى مطلبٍ
نـاءٍ كمـن يأسـى علـى فقدِه
غـدرت بـالبيت الذي بثك ال
وُدَّ فلـــم تُبــقِ علــى وُدِّه
هــدمته والمجــد ظــلٌ لَـهُ
فمـا بَقـاءُ الظـلِ مـن بَعدِه
قـد كنـتَ مِـن كُوخِكَ في نِعمةٍ
تُـذيبُ قَلـب الـدهرِ من حِقدِه
وكــانَ يَنتابُــكَ مُســتَرفِداً
مِـن بِـتَّ مُحتاجـاً إلـى رِفده
فـاليوم لا القصرُ كما تَرتجى
منـه ولا الكـوخُ علـى عَهـدِه
واليـومَ رَبُّ القصرِ يُذرِي دَماً
مِـن جَفنِـهِ آنـاً ومِـن كِبـدِه
يَدعو إليه الموتَ مِن بَعدِ مَا
نَـالت يَـدُ الأيـامِ مِـن أَيدِه
واسـوَدَّ ذاكَ الجـونُ من جِلده
وابيـضَ ذاك الجَـونُ من فَودِه
هـل يعلـمُ الشرقيّ أَنَّ الردَى
سـِرٌّ بصـدر الـدهرِ لـم يُبده
وأنـــه يفجؤنـــا بالأَســى
يومـاً خـروجَ السيف مِن غمدِه
وأَنَّ هـذا الـدهرَ فـي هَزلـه
يَغُــرُّ بالكــاذِبِ مـن وَعـدِه
فهزلُــه أَنفــذُ مِــن جَــدِّه
ورَهــوُه أَســرَعُ مِــن وَخـده
ويـــحٌ لمصـــرٍ ولأَبنائِهــا
ممـا يَريـغُ الـدهرُ مِن كيدِه
نعيــشُ بــالهمِّ ونرضـى بـه
عيشـاً ونقضى العمرَ في نقده
كشـَارِب الكَـأسِ يُـرَى عابِسـاً
مِنــه ولا يَقــوى علــى رَدِّه
فـإِن لَمحنـا بارقـاً خاطفـا
لا نسـمعُ القاصـفَ مـن رَعـدِه
نُسـرِعُ خـوضَ البحـر في جَزرِه
وجــزرُهُ يُنــبئ عَــن مَــدِّه
والكــلُّ ظمـآنُ يُـرَى صـادِراً
ومـا قضـى الإِربـةَ مـن وِردهِ
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي.نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، له شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولد في منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها، من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء أشراف، تعلم في الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً وسجن بسببه ستة أشهر، لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي، وقد عاد من سفر، وكان على خلاف مع محمد عبده مطلعها:قدوم ولكن لا أقول سعيد وعود ولكن لا أقول حميدوابتدأت شهرته تعلو منذ سنة 1907 بما كان ينشره في جريدة المؤيد من المقالات الأسبوعية تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف سنة 1909 ووزارة الحقانية 1910 وسكرتارية الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في سكرتارية مجالس النواب، واستمر إلى أن توفي.له من الكتب (النظرات - ط)، و(في سبيل التاج-ط)، و(العبرات-ط)، و(مختارات المنفلوطي-ط) الجزء الأول، وبين كتبه ما هو مترجم عن الفرنسية، ولم يكن يحسنها وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له القصة إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي، وينشرها باسمه.