
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـن كـان فـي عقـل وفي انتباه
فلا يــدين غيــر ديــن اللــه
الـدين فـاعلم رأس مال المسلم
والربـح معـدوم إذا لـم يسـلم
فـــالقول بــالحلول واتحــاد
مقــال أهــل الزيـغ والإلحـاد
كــالقول بالعلــة والطبيعــة
فهــو مــن العقـائد الشـنيعة
وقـد أقـام اللـه فينـا علمَـا
أئمـــة يبنــون مــا تهــدما
مثـل الامـام الشـيخ بدرالـدين
ذي العـزم والرسـوخ والتمكيـن
أدامــه اللـه لشـرع المصـطفى
ودينــه القـويم سـيفاً مرهفـا
وفــي كتـاب الصـادح والبـاغم
تحـــاور الطيــور والبهــائم
نظـم أبـي يعلـى نظـام الـدين
بيّــن فيــه غايــة النــبيين
رداً علــــى أولئك الطغــــام
المنكريـــن البعــث للأجســام
جنيـــت منــه والتقطــت دررا
وزدت فيــه بعــض مــا تيسـرا
ونصـــه فـــي ذلــك الكتــاب
حـــدثني شــيخ مــن الأعــراب
قـــال خرجـــت رائداً لأهلـــي
وكــان ذاك العــام عـام محـل
فســرت مــن بيريـن نصـف ميـل
وقـــد ضــللت لقــم الســبيل
وكنـــت إذ ذاك غلامــاً يفعــه
لكــن قــواي كلهــا مجتمعــه
جســمي جميــع وجنــاني حاضـر
مـاض علـى الهـول جسـور شـاطر
فعنــدما أيقنــت أنــي جـائر
عــن مقصـدي قمـت كـأني حـائر
استرشـــد الريــاح والنجــوم
قــد ســترتها دونــي الغيـوم
فلاح لـــي شــخص قريــب منــي
فــارتعت مــن ذاك وسـاء ظنـي
فخلتــه الغــول فجاشـت نفسـي
لأنهـــا لــم تــك أرض أنســي
حـتى إذا مـا اشـتد منـه خوفي
عقلــت نضــوي وجــذبت ســيفي
فبــان لــي إذ لمــع الحسـام
وانجــــاب عــــن لألائه الظلام
نخــل وأثــل فقصــدت قصــده
وقلــت أمســي وأبيــت عنــده
حـــتى إذا مـــاجئته وجــدته
يهفــو علــى روض كمـا أردتـه
عيـــون مــاء وريــاض أشــبه
تســمع فيهــا للطيــور جلبـه
فقلـــت هـــذا منــزل أنيــق
وأنــــه بنجعــــتي خليــــق
ثــم عقلــت نـاقتي فـي شـجره
ونلـت مـن بعـض النخيـل ثمـره
ثـــم صـــعدت نخلــة لأهجعــا
فــي رأسـها مـن الأذى ممتنعـا
وانقشـع السـحاب عن وجه القمر
فبـان لـي مـا كـان يخفى وظهر
وجـــاء بــبر وهزبــر ونمــر
والـوحش والطيـر جميعـاً تبتدر
والحشـــرات رجلهــا ودقهــا
مفتنــة فــي خَلقهــا وخُلقهـا
وارتفــع العنقـاء فـوق دلبـه
وهـو أميـر الطير يبغي الخطبه
فقــال حمــدالله خيــر نطــق
وشـــكره فــرض مــبين الحــق
الحمــد للــه علـى مـا خصـني
بـه مـن الخلـق البـديع الحسن
أفردنــي مــن لطفــه وحكمتـه
بصــــورة شـــاهدة بقـــدرته
حــتى لقــد كـذب بـي الطغـام
وشـــك فـــي وجــودي الانــام
لأنهـــم خصــوا بضــعف وصــغر
فحســبوا مثلهــم كــل الصـور
فــانكروا مــا خـرق العـادات
وكـــذبوا روايـــة الـــرواة
فـان يكـن دينهـم التكـذيب بي
فليـــس ذاك منهـــم بــالعجب
لأنهــم قــد كــذبوا بالصـانع
وانكــروا البعـث ليـوم جـامع
لجــوعهم والجهــل شــر شـيمة
جـاءت مـع النـاس مـن المشيمة
فهــم عبيــد الحــس والعيـان
وخصـــماء العقــل والبرهــان
لا يقبلـون شـاهداً غيـر النظـر
ولا يطيعــون العقــول والفكـر
ومنهــم مــن يجحــد الملائكـة
والجـن أيضـا والأمـور الشائكة
كـذاك لـو لـم ينظـروا السماء
لأنكـــروا النجــوم والأنــواء
ســقف رفيــع فــوقهم بلا عمـد
مــا فيــه أمـت شـائن ولا أود
وخيمـــة ليــس لهــا أطنــاب
يعجــز عــن أوصـافها الأطنـاب
وكــوكب ينظــر فــي كـل بلـد
كـــانه مســـامت كـــل أحــد
لـو فكـروا في جرم هذا المشرق
حـــتى يــرى بمغــرب ومشــرق
فـــي حالـــة واحــدة كــأنه
فوقــك أو عليــك منــه جنــه
والأرض فيهــا عــبرة للمعتـبر
تخــبر عـن صـنع مليـك مقتـدر
تســقى بمــاء واحـد أشـجارها
ونبعَــــةٌ واحـــدة قرارهـــا
والشـمس والهـواء ليسـت تختلف
وأكلهـــا مختلـــف لا يــأتلف
كـــذاك كـــل حيــوان أصــله
مــن نطفـة وقـد تفـاوت نسـله
فإننــا فـي شـاهد الحـس نـرى
هــذا أتـى أنـثى وهـذا ذكـرا
وواحــد تــراه مثــل العــاج
لونــــاً وأخـــر كليـــل داج
لــو أن ذا مـن عمـل الطبـائع
أو أنــه صــنعة غيــر صــانع
لـم يختلـف وكـان شـيئاً واحدا
هــل يشـبه الأولاد الا الوالـدا
تقـــول لــو أردت الاســتدلالا
لفعـــل غيــر ربنــا تعــالى
لــو طبــخ الطبـاخ ألـف قـدر
بالمــاء واللحــم وحـب الـبر
ماجــاءه مــن بعضــها سـكباج
ولا قليــــــات وســــــورباج
بــل كلهــا هريسـة إذ أصـلها
متفــق لــم يتفــاوت أكلهــا
والشــمس والهـواء يـا معانـد
والمــاء والـتراب شـيء واحـد
فمـا الـذي أوجـب ذا التفاضلا
إلا حكيــم لــم يــرده بـاطلا
وزعمــوا أن النجــوم صــانعة
وأنهــــا ضـــائرة ونافعـــة
قـد كـذبوا واللـه فيما زعموا
وعـن سـبيل الرشـد ضلوا وعموا
ثــم الـدليل الواضـح المـبين
لفعــــل رب مــــاله معيـــن
مــا صــاغه إمــام أهـل الأدب
بقــوله المسـبوك سـبك الـذهب
فــي ســاعة يولــد ألـف ألـف
وحــالهم نهايــة فــي الخلـف
فواحـــد يمــوت فــي مكــانه
وواحــد يعيــش فــي أقرانــه
وواحـــد ذو ثـــروة تطغيـــه
وواحــــد شــــبعته تكفيـــه
وواحـــد حـــبر تقــي ناســك
وواحـــد غـــر جهــول فانــك
وواحــد عبــد ذليــل مضــطهد
وواحـــد حــر مليــك معتمــد
وواحـــد فــي خَلقــه وخُلقــه
ريـح الصـبا أو قمـر فـي أفقه
وواحـــد ينـــوب عــن جهنــم
بــــوجهه ورأســـه المســـنم
وواحـــد لكـــل ظطــرف ظــرف
وواحـــد فـــظ غليـــظ جلــف
ألفـــاظه غليظـــة معجرفـــة
لا يعمـل الفـأس بهـا والمجرفة
وواحـــد يفجـــاك بالعيـــاط
كــــأنه يضــــرب بالســـياط
وواحــــد كلامــــه مُخـــافته
تــأمن فــي خطــابه مخــافته
وواحـــد إذا ســـمعت صـــوته
تتمنـــى عـــن قريــب مــوته
وواحـــد إذا ســـمعته صــوته
تخشـى علـى طـول الزمـان فوقه
وواحــد فــي صــوته اللحّــان
كــأنه القمــري علـى الأغصـان
وواحـــد تســـدُّ منــه أذنــك
مـن غيـر أن يعلمـك أو يؤذنـك
وواحـــد يمشــي وفيــه ثِقَــل
كـــأنه علــى القلــوب جبــل
لــو أنـه بالنيـل يومـاً مـرا
لصـار فـي الحـال أجاجـاً مـرا
فــاقرأ عليـه سـورة الزلـزال
ينحـــط عنــك ثقــل الجبــال
فــاقرأ عليـه سـورة الزلـزال
لعلــــه يــــؤذن بـــالزوال
وواحــد فـي أكلـه يرعـى الأدب
وواحــد يأكــل مــا هــب ودب
وواحـــد فــي ســمته ســلطان
وواحـــد فــي طيشــه شــيطان
وواحــــد أحموقــــة شـــموس
وواحـــــد مــــدبر ســــؤوس
دواء كـــل أحمــق أن يُتركــا
إن رضــاه غايــة لــن تـدركا
وواحـــد أســـعد مــن عــروس
وواحـــد أســـأم مــن بســوس
وواحــد مثــل غــراب الــبين
يخـــبر بالشـــر وكــل شــين
وواحــد إن جــاء مــن يناصـح
يظنـــه قرنـــاً بــه يناطــح
وواحـــــد بصــــره حديــــد
مرمــامه إذ يرمــي بـه بعيـد
وواحــــد بصــــيرة وبصـــرا
أعمــى يــراه غيــره ولا يَـرى
وواحــد أعشــى عشــى الخفـاش
يناطــح الحيطــان وهــو مـاش
وواحــد يجــول مثــل قســورة
يــوم الــوغى ميمنـة وميسـرة
وواحــد كــالألف فـي الشـدائد
والألــف فيهــا لا يفـي بواحـد
وواحـــد كـــف لـــه مبســوط
وواحــــد كــــأنه مربــــوط
وواحــــد يجــــود بـــالالوف
وواحــد يــؤذيه خيــط الصـوف
وواحـــد إذا تمطـــى وســـطا
اهدى إلى القبيح من طير القطا
وإنـــه عنـــد ذوي الألبـــاب
أضــل فـي الخيـر مـن الغـراب
وواحــــد كلامــــه كالســـحر
وواحــــد كلامــــه كالصـــخر
وواحـــد فـــي نطقـــه يســرُ
تـــود لـــو أنـــه يســـتمر
وواحــد لا تشــتهي أن تســمعه
يبغــي حزامـاً دائمـاً وبردعـة
ســبحان مــن يختــص بالأسـرار
مـن شـا مـن العبيـد والأحـرار
ســبحان مــن يختــص بالأسـرار
مـا شـا مـن الأخشـاب والأحجـار
ســبحان مــن يختــص بالأسـرار
ماشــا مــن الـزروع والأشـجار
ســبحان مــن يختــص بالأسـرار
مـا شـا مـن الحبـوب والثمـار
لــو أن ذا مـن عمـل الطبـائع
ما اختلفوا في الوصف والصنائع
بـل هـو مـن فعـل حكيـم قـادر
وخـــالق للعـــالمين فـــاطر
تخـــالف ليـــس لــه نهايــة
فــي بعضــه عــن كلـه كفايـة
والحمــد للــه علــى التمـام
والشـكر فـي بـدء وفـي الختام
ثــم الصــلاة والســلام أبــداً
علــى ختـام المرسـلين أحمـدا
ثــــم علـــى أصـــحابه والآل
أهـل التقـى والعلـم والكمـال
عبد القادر بن محمد بن حسين القصاب، أبو المعالي الدير عطاني.أديب شاعر، وعالم أزهري ورع، ولد في ديرعطية من ريف دمشق، رحل إلى دمشق وتتلمذ على يد شيخها الشيخ عبد القادر بن صالح الخطيب في مدرسة الخياطين لمدة سنتين، ثم رحل إلى مصر لطلب العلم في الأزهر الشريف عام 1288هـ، مكث في الأزهر سبعة وعشرين عاماً متعلماً ومعلماً وأستاذاً، عاد إلى بلدته عام 1315هـ وأقام معهداً شرعياً في بلدته على غرار الأزهر درس فيه كل مواده وانتفع به خلق كثير، وأقام الجمعية الخيرية الدينية. انتقل إلى رحمته تعالى في ديرعطية ودفن به عام 1360هـ.من آثاره: (رسالة في التوحيد والحض على على طلب العلم) و(رسالة في الحكم والأمثال)، و(رسالة في النحو، و(نظم متن الدليل في فروع الفقه الحنبلي).