
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فــي الشــتاءِ العويــلُ والأشــجانُ
للألــى هــان حظهــم منــذ هـانوا
بــل فصــولُ الحيــاةِ مــوتٌ معـادٌ
تتســـــاوى فكلُّهـــــا حِرمــــانُ
رُوِّيـــت مـــن دمـــوعهم زهـــراتٌ
ثـــم مـــاتت وضـــِّرج البســـتان
والعطـــورُ الــتي حباهــا ربيــعٌ
أنكرتهــــا الحيـــاةُ والأكفـــان
بــدِّدت فــي المحيـطِ لغـو أوضـاعت
وأباهَــــا زمانهــــا والمكـــان
كــل مــا حــولهم وإن لــجَّ بـالمع
نــــىَ هــــراءٌ وكلـــه بُهتـــان
لا مقــاييسَ غيــرُ مـا يفـرضُ الـذل
ومـــــا يســــتبيحه الطغيــــانُ
عقهــــم كــــل مــــا رأوهُ ملاذاً
وانتهـــى فـــي عقــوقه الانســانُ
عَجبـــوا مـــن وجــودهم ومنــاهُم
بينمـــا البــؤسُ حَــولهم طُوفــانُ
خَجلــت فــي النَّــدى طيــورٌ تغنَّـت
فتغنــــت بحزنهــــا الغــــدران
لــم يُميَّــز ربيعهــم مــن شــتاءٍ
فـــي قلـــوبٍ إجـــدابُها ألــوان
لـم يخـافوا موتـاً وقـد وَهَموا المو
تَ حيـــاةً لمثلهـــم قـــد تُصــانُ
وتناســـوا لهـــم مقــالاً وأذهــا
نـــاً بعهـــد تُعـــاقَبُ الأذهـــانُ
واســتراحوا إلــى التـدهور واليـأ
سِ كـــأنَّ الرجـــاءَ لـــصُّ يـــدَانُ
وأتــى الفــارسُ البشــيرُ فلـم يَـح
فـــل بأنبـــائِهِ فــتىً أو مكــانَ
غَيـر فـردٍ منهـم هـو الشـاعرُ الثـا
ئرُ فـــي ســـجنه هـــو الفَّنـــان
هــو مـن يعـرف انطـواءَ علـى النـف
سِ إذا شــاع فــي الهـواء الـدُّخانُ
وهــو مـن يعـرف الزئيـرَ مـن القـب
رِ إذا هَـــدَّمَ القبـــورَ الجبـــانُ
وهــو فــي سـجنه الأبُّـى علـى السـج
نِ فمنــــه الســــَّجينُ والســــجان
وهـو منهـم فـي البؤسِ إن لم يكن من
هـم اذا مـا اسـتعبدَ النُّهىَ الإذعانُ
قيـــل أبشــر سيحضــر المهراجــا
عـــن قريـــبٍ ويضــحك المهرَجَــان
إنَّ تشــــريفهَ لنعمــــىَ عزيــــزٌ
أن تَرَاهَــــا وُكلُّهــــا إحســــانُ
وأَعـــدَّ الحَّكـــامُ للســـيدِ القــا
دم مــا يفــرضُ الريــاءُ المــزَان
مـن ضـروبِ اللهَّـوِ الغريـبِ ولـو أنَّ
الُمجِّلـــى مــن بينهــم بهلــوانث
كـــلُّ إتقــانهم نفــاقٌ وبتهــانق
ومنهـــــم ليخجــــل البهتــــان
لـم يبـالوا كـم مُرِّغَ الشعبُ في الضي
مِ اذا داسَ رأَســـــه الســـــلطان
هيــأوا الخمــرَ والقيــانَ وَشــَتَّى
مـــن مخـــازٍ وُخـــوِدعَ الإيـــوان
يشــمئُّز الجمــادُ ســراً مــن الـرج
س إذا ســـــــَرَّ غيــــــرهَ الإعلان
حينما الناسُ لم يبالوا من الزينات
شــــــيئاً كـــــأنهم عُميـــــان
فـــإذا الشــاعرُ المرَّجــبُ فيهــم
يتلظـــــى كـــــأنه البركــــان
قــال يــاقوم مــا القنـوطِ بمجـدٍ
للعزيـــزِ النهُّـــىَ ولا النســـيانُ
اصــفعوا الغاشـمَ الأنَـاني واقضـوا
فـــي دَعَــاوى يُقيمهــا الشــيطانُ
وأتــى المــوكب المفَّخـمُ والرَّاجـا
فخــــــورٌ كـــــأنه الـــــديانُ
وانتفــاخُ الأوداجِ والصــدر والبــط
نِ جبــــالق خلالهــــا القيعـــانُ
وائتلاقُ الحلِّــــى غَطَّيـــنَ قَزمـــاً
شــــررق للنفــــوسِ لا طَيلســـانث
وإذا النـــاسُ بالمصـــابيح مُوفُــو
نَ كــــأنَّ النهــــارَ لا يُســـتبان
وإذا الشــــاعر المقَّـــدمُ حُكـــمٌ
ســاخرٌ فــوق مــا عَنـاهُ العِيـانث
قـال ذاك الطـاغوتُ مـن أنتـض ما مع
نـــى مصـــابيحكم أهـــذا جَنــانُ
أم جُننتــم أيــنَ الحفــاوهُ منكـم
أيلاقــــى التَّفضــــُّل النُّكــــرانُ
فأجــابَ الفنــانُ إنــيّ أنـا الشـا
عـــرُ فيهـــم وإننــي التَّرجمــان
كيفمــا كــانت الخطــوب الـدَّواهي
أنــــا قلـــبٌ ومســـمعٌ ولســـان
هــم دَمــىِ مــن بهـم أعُّـز ومنهـم
يُســــتُّمد الإلهــــام والإيمــــان
إن يكــن ذلــك القنــوط احتـواهم
فهـــو بــي حُرقــةٌ وبــي نيــرانُ
وهــو مــن بَــدَّل البكامَــة إفصــا
حــــاً فعـــافت قيودَهـــا الأوزان
لــم نجــئ أيهــا المــؤمَّرُ فينـا
كالضــــحايا تنالهـــا الأوثـــانُ
إنمــــا هــــذه المصـــابيحُ أدَّت
غايــةَ الســُّخرِ إن يُغــلَّ اللســانُ
للــذى لا يــرى رعايــاه فـي البـؤ
سِ فمــاتوا بــه مِــراراً وعــانوا
ثـم دوَّى المكـانُ مـن غضـبهِ الرَّاجا
وكـــــادت تُهـــــدَّمُ الاركـــــان
وقضـــى الشــاعرُ الــوفُّى غريبــاً
يصـــحب النفــىَ مــا لــه شــُطآنُ
ثُـــمَّ وَلِّــى جيــلٌ وجيــلٌ فســادت
ثــورةُ الشــعبِ وانقضـى الصـولجانُ
أحمد زكي بن محمد بن مصطفى أبي شادي.طبيب جراثيمي، أديب، نحال، له نظم كثير. ولد بالقاهرة وتعلم بها وبجامعة لندن. وعمل في وزارة الصحة بمصر متنقلاً بين معاملها البكترويولوجية الجراثيمية، إلى أن كان وكيلاً لكلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هواه موزعاً بين أغراض مختلفة لا تلاؤم بينها، أراد أن يكون شاعراً، فأخرج فيضاً من دواوين مزخرفة مزوقة أنفق على طبعها ما خلفه له أبوه من ثروة وما جناه هو من كسب. ومن أسماء المطبوع منها: (الشفق الباكي)، و(أطياف الربيع)، و(أنين ورنين)، و(أنداء الفجر)، و(أغاني أبي شادي)، و(مصريات)، و(شعر الوجدان)، و(أشعة وظلال)، و(فوق العباب)، و(الينبوع)، و(الشعلة)، و(الكائن الثاني)، و(عودة الراعي)، وآخرها (من السماء) طبعه في أميركا.ونظم قصصاً تمثيلية، منها (الآلهة) و(أردشير) و(إحسان) و(عبده بك) و(الزباء) وكلها مطبوعة. وأنشأ لنشر منظوماته مجلتين سمى إحداهما (أدبي) والثانية (أبولو) (1932) بالقاهرة ثلاث سنوات. وأراد أن يكون نحالاً ومربياً للدجاج. فألف جماعة علمية سماها (جماعة النحالة) وأصدر لها مجلة (مملكة النحل) وصنف (مملكة العذارى، في النحل وتربيته - ط)، و(أوليات النحالة - ط) كما أنشأ مجلة (الدجاج) وصنف (مملكة الدجاج - ط) وأصدر مجلة (الصناعات الزراعية) وانصرف إلى ناحية أخرى، فترجم بعض الكتب عن الإنكليزية. وصنف كتاب (الطبيب والمعمل - ط) في مجلد ضخم، وهو اختصاصه الأول، و(قطرة من يراع في الأدب والاجتماع - ط) جزآن، وهو باكورة مصنفاته. و(شعراء العرب المعاصرون - ط) نشر بعد وفاته. وضاقت به مصر، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة من (صوت أميركا)، وألف في نيويورك جماعة أدبية سماها (رابطة منيرفا) وقام بتدريس العربية في معهد آسيا (بنيويورك). وتوفي فجأة في (واشنطن) وما من حاجة إلى القول بأنه لو اتجه بذكائه وعلمه ونشاطه العجيب اتجاهاً واحداً لنبغ.