
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَعَــلَّ فِـرَاقَ الْحَـيِّ لِلْبَيْـنِ عَامِـدِي
عَشــِيَّةَ قَــارَاتِ الرُّحَيْـلِ الْفَـوَارِدِ
لَعَمْـرُ الْغَـوَانِي مَـا جَزَيْـنَ صَبَابَتِي
بِهِــنَّ وَلَا تَحْبِيــرَ نَســْجِ الْقَصـَائِدِ
وَكَـمْ مِـنْ صـَدِيقٍ وَاصـِلٍ قَـدْ قَطَعْنَـهُ
وَفَتَّــنَّ مِـنْ مُسـْتَحْكِمِ الـدَّينِ عَابِـدِ
فَـإِنَّ الَّتِـي يَـوْمَ الْحَمَامَـةِ قَدْ صَبَا
لَهَـا قَلْـبُ تَـوَّابٍ إِلَـى اللَّـهِ سَاجِدِ
رَأَيْـتُ الْغَـوَانِي مُولِعَاتٍ لِذِي الْهَوَى
بِحُسـْنِ الْمُنَـى وَالْبُخْلِ عِنْدَ الْمَوَاعِدِ
لَقَـدْ طَـالَ مَـا صـِدْنَ الْقُلُوبَ بِأَعْيُنٍ
إِلَـى قَصـَبٍ زَيْـنِ الْبُـرَى وَالْمَعَاضـِدِ
أَتُعْــذَرُ إِنْ أَبْــدَيْتَ بَعْــدَ تَجَلُّــدٍ
شــَوَاكِلَ مِــنْ حُــبٍّ طَرِيــفٍ وَتَالِـدِ
وَنَطْلُــبُ وُدّاً مِنْــكِ لَــوْ نَسـْتَفِيدُهُ
لَكَــانَ إِلَيْنَـا مِـنْ أَحَـبِّ الْفَـوَائِدِ
فَلَا تَجْمَعِــي ذِكْـرَ الـذُّنُوبِ لِتَبْخَلِـي
عَلَيْنَــا وَهِجْـرَانَ الْمُـدِلِّ الْمُبَاعِـدِ
إِذْا أَنْـتَ زُرْتَ الْغَانِيَاتِ عَلَى الْعَصَا
تَمَنَّيْــنَ أَنْ تُســْقَى دِمَـاءَ الْأَسـَاوِدِ
أَعِــفُّ عَـنِ الْجَـارِ الْقَرِيـبِ مَـزَارُهُ
وَأَطْلُــبُ أَشــْطَانَ الْهُمُـومِ الْأَبَاعِـدِ
لَقَـدْ كَـانَ دَاءٌ بِـالْعِرَاقِ فَمَا لَقُوا
طَبِيبـاً شـَفَى أَدْوَائَهُـمْ مِثْـلَ خَالِـدِ
شـَفَاهُمْ بِرِفْـقٍ خَـالَطَ الْحِلْمَ وَالتُّقَى
وَســِيرَةِ مَهْــدِيٍّ إِلَـى الْحَـقِّ قاسـِدِ
فَــإِنَّ أَمِيــرَ الْمُــؤُمِنِينَ حَبَــاكُمُ
بِمُسْتَبْصـِرٍ فِـي الـدِّينِ زَيْنِ الْمَسَاجِدِ
وَإِنَّــا لَنَرْجُــو أَنْ تُرَافِــقَ رُفْقَـةً
يَكُونُــــونَ لِلْفِــــرْدَوْسِ أَوَّلَ وَارِدِ
فَـإِنَّ ابْـنَ عَبْـدِ اللَّـهِ قَدْ عُرِفَتْ لَهُ
مَــوَاطِنُ لَا تُخْزِيــهِ عِنْـدَ الْمَشـَاهِدِ
فَــأَبْلَى أَمِيــرَ الْمُـؤْمِنِينَ أَمَانَـةً
وَأَبْلَاهُ صـِدْقاً فِـي الْأُمُـورِ الشـَّدَائِدِ
إِذَا مَــا أَرَادَ النَّـاسُ مِنْـهُ ظُلَامَـةً
أَبَـى الضـَّيْمَ فَاسْتَعْصَى عَلَى كُلِّ قَائِدِ
وَكَيْـفَ يَـرُومُ النَّـاسُ شـَيْئاً مَنَعْتَـهُ
هَـوَى بَيْـنَ أَنْيَـابِ اللُّيُوثِ الْحَوَارِدِ
إِذَا جَمَــعَ الْأَعْــدَاءُ أَمْــرَ مَكِيـدَةٍ
لِغَـدْرٍ كَفَـاكَ اللَّـهُ كَيْـدَ الْمُكَايِـدِ
تُعِـدُّ سـَرَابِيلَ الْحَدِيـدِ مَـعَ الْقَنَـا
وَشـُعْثَ النَّوَاصـِي كَالضـِّرَاءِ الطَّوَارِدِ
إِذَا مَا لَقِيتَ الْقِرْنَ فِي حَارَةِ الْوَغَى
تَنَفَّـــسَ مِــنْ جَيَّاشــَةٍ ذَاتِ عَانِــدِ
وَإِنْ فَتَــنَ الشــَّيْطَانُ أَهْــلَ ضـَلَالَةٍ
لَقُـوا مِنْـكَ حَرْبـاً حَمْيُهَا غَيْرُ بَارِدِ
إِذَا كَـانَ أَمْـنٌ كَـانَ قَلْبُـكَ مُؤْمِنـاً
وَإِنْ كَــانَ خَــوْفٌ كُنْـتَ أَحْكَـمَ ذَائِدِ
وَمَـا زِلْـتَ تَسـْمُو لِلْمَكَـارِمِ وَالْعُلَى
وَتَعْمُــرُ عِــزّاً مُســْتَنِيرَ الْمَـوَارِدِ
إِذَا عُــدَّ أَيَّـامُ الْمَكَـارِمِ فَـافْتَخِرْ
بِآبَــائِكَ الشـُّمِّ الطِّـوَالِ السـَّوَاعِدِ
فَكَــمْ لَـكَ مِـنْ بَـانٍ طَوِيـلٍ بِنَـاؤُهُ
وَفِــي آلِ صــَعْبٍ مِـنْ خَطِيـبٍ وَوَافِـدِ
يَســـُرُّكَ أَيَّــامَ الْمُحَصــَّبِ ذِكْرُهُــمْ
وَعِنْــدَ مَقَــامِ الْهَـدِيِ ذَاتِ الْقَلَائِدِ
تَمَكَّنْـتَ فِـي حَيِّـيْ مَعَـدٍّ مِـنَ الـذُّرَى
وَفِــي يَمَـنٍ أَعْلَـى كَرِيـمِ الْمَوَالِـدِ
فُـرُوعٍ وَأَصـْلٍ مِـنْ بَجِيلَـةَ فِي الذُّرَى
إِلَـى ابْـنِ نِـزَارٍ كَـانَ عَمّـاً وَوَالِدِ
حَمَيْـتَ ثُغُـورَ الْمُسـْلِمِينَ فَلَـمْ تُضـِعْ
وَمَـا زِلْـتَ رَأْسـاً قَائِداً وَابْنَ قَائِدِ
فَإِنَّـكَ قَـدْ أُعْطَيْـتَ نَصْراً عَلَى الْعِدَى
فَأَصــْبَحْتَ نُـوراً ضـَوْءُهُ غَيْـرُ خَامِـدِ
بَنَيْـتَ بِنَـاءً مَـا بَنَـى النَّاسُ مِثْلَهُ
يَكَــادُ يُســَاوَى ســُورُهُ بِالْفَرَاقِـدِ
وَأُعْطِيـتَ مَا أَعْيَا الْقُرُونَ الَّتِي مَضَتْ
فَنَحْمَــدُ مِفْضــَالاً وَلِــيَّ الْمَحَامِــدِ
إِنَّ الَّـــذِي أَنْفَقْــتَ حَــزْمٌ وَقُــوَّةٌ
فَأَبْشــِرْ بِأَضـْعَافٍ مِـنَ الرِّبْـحِ زَائِدِ
لَقَـدْ كَـانَ فِـي أَنْهَـارِ دِجْلَـةَ نِعْمَةٌ
وَحُظْـــوَةُ جَـــدٍّ لِلْخَلِيفَــةِ صــَاعِدِ
عَطَـاءَ الَّـذِي أَعْطَـى الْخَلِيفَـةَ مُلْكَهُ
وَيَكْفِيـهِ تَزْفَـارُ النُّفُـوسِ الْحَوَاسـِدِ
جَــرَتْ لَــكَ أَنْهَــارٌ بِيُمْـنٍ وَأَسـْعُدٍ
إِلَــى جَنَّــةٍ فِـي صَحْصـَحَانِ الْأَجَالِـدِ
يُنَبِّتْـــنَ أَعْنَابــاً وَنَخْلاً مُبَارَكــاً
وَأَنْقَــاءَ بُـرٍّ فِـي جُـرُونِ الْحَصـَائِدِ
إِذَا مَـا بَعَثْنَا رَائِداً يَبْتَغِي النَّدَى
أَتَانَــا بِحَمْــدِ اللَّـهِ أَحْمَـدَ رَائِدِ
فَهَــلْ لَـكَ فِـي عَـانٍ وَلَيْـسَ بِشـَاكِرٍ
فَتُطْلِقَــهُ مِــنْ طُـولِ عَـضِّ الْحَـدَائِدِ
يَعُــودُ وَكَــانَ الْخُبْـثُ مِنْـهُ سـَجِيَّةً
وَإِنْ قَــالَ إِنِّـي مُعْتِـبٌ غَيْـرُ عَـائِدِ
نَـدِمْتَ وَمَـا تُغْنِـي النَّدَامَـةُ بَعْدَمَا
تَطَـوَّحْتَ مِـنْ صـَكِّ الْبُـزَاةِ الصـَّوَائِدِ
وَكَيْــفَ نَجَــاةٌ لِلْفَــرَزْدَقِ بَعْــدَمَا
ضـَغَا وَهْـوَ فِـي أَشـْدَاقِ أَغْلَـبَ حَارِدِ
أَلَـمْ تَـرَ كَفَّـيْ خَالِـدٍ قَـدْ أَفَادَتَـا
عَلَـى النَّاسِ رِفْداً مِنْ كَثِيرِ الرَّوَافِدِ
بَنِـي مَالِـكٍ إِنَّ الْفَـرَزْدَقَ لَـمْ يَـزَلْ
كَسـُوباً لِعَـارِ الْمُخْزِيَـاتِ الْخَوَالِـدِ
فَلَا تَقْبَلُــوا ضــَرْبَ الْفَـرَزْدَقِ إِنَّـهُ
هُـوَ الزَّيْـفُ يَنْفِـي ضـَرْبَهُ كُـلُّ نَاقِدِ
وَإِنَّــا وَجَــدْنَا إِذْ وَفَـدْنَا عَلَيْكُـمُ
صـُدُورَ الْقَنَـا وَالْخَيْـلَ أَنْجَـحَ وَافِدِ
أَلَـمْ تَـرَ يَرْبُوعـاً إِذَا مَـا ذَكَرْتُهُمْ
وَأَيَّــامَهُمْ شــَدُّوا مُتُـونَ الْقَصـَائِدِ
فَمَــنْ لَـكَ إِنْ عَـدَّدْتَ مِثْـلَ فَوَارِسـِي
حَـوَوْا حَكَمـاً وَالْحَضـْرَمِيَّ بْـنَ خَالِـدِ
أَسـَالَ لَـهُ النَّهْـرَ الْمُبَارَكَ فَارْتَمَى
بِمِثْـلِ الرَّوَابِـي الْمُزْبِدَاتِ الْحَوَاشِدِ
فَـزِدْ خَالِـداً مِثْـلَ الَّـذِي فِي يَمِينِهِ
تَجِــدْهُ عَــنِ الْإِســْلَامِ أَكْــرَمَ ذَائِدِ
كَــأَنِّي وَلَا ظُلْمــاً أَخَــافُ لِخَالِــدٍ
مِـنَ الْخَـوْفِ أُسـْقَى مِن سِمَامِ الْأَسَاوِدِ
وَإِنِّــي لَأَرْجُــو خاَلِــداً أَنْ يَفُكَّنِـي
وَيُطْلِـــقَ عَنِّـــي مُقْفَلَاتِ الْحَــدَائِدِ
تَكَشــَّفَتِ الظَّلْمَـاءُ عَـنْ نُـورِ وَجْهِـهِ
لِضــَوْءِ شــِهَابٍ ضــَوْءُهُ غَيْـرُ خَامِـدِ
أَلَا تَــذْكُرُونَ الرِّحْـمَ أَوْ تُقْرِضـُونَنِي
لَكُـمْ خُلُقـاً مِـنْ وَاسـِعِ الْخُلْقِ مَاجِدِ
لَكُـمْ مِثْـلُ كَفَّـيْ خَالِـدٍ حِيـنَ يَشْتَرِي
بِكُــلِّ طَرِيــفٍ كُــلَّ حَمْــدٍ وَتَالِــدِ
فَــإِنْ يَــكُ قَيْـدِي رَدَّ هَمِّـي فَرُبَّمَـا
تَنَــاوَلْتُ أَطْـرَافَ الْهُمُـومِ الْأَبَاعِـدِ
مِـنَ الْحَـامِلَاتِ الْحَمْـدِ لَمَّـا تَكَشـَّفَتْ
ذَلَاذِلُهَـــا وَاســـْتَوْأَرَتْ لِلْمُنَاشــِدِ
فَهَـلْ لِابْـنِ عَبْـدِ اللَّـهِ فِي شَاكِرٍ لَهُ
بِمَعْــرُوفٍ أَنْ أَطْلَقْـتَ قَيْـدَيْهِ حَامِـدِ
وَمَــا مِــنْ بَلَاءٍ غَيْــرَ كُــلِّ عَشـِيَّةٍ
وَكُـــلِّ صــَبَاحٍ زَائِدٍ غَيْــرِ عَــائِدِ
يَقُـولُ لِـيَ الْحَـدَّادُ هَـلْ أَنْـتَ قَائِمٌ
وَمَــا أَنَــا إِلَّا مِثْــلُ آخَـرَ قَاعِـدِ
كَــأَنِّي حَــرُورِي ضــَلَّهُ فَـوْقَ كَعْبَـةٍ
ثَلَاثُــونَ قَيْنــاً مِـنْ صـَرِيمٍ وَكَايِـدِ
وَمَـا إِنْ بِـدِينٍ ظَـاهَرُوا فَـوْقَ سَاقِهِ
وَقَـدْ عَلِمُـوا أَنْ لَيْـسَ دِينِـي بِنَافِدِ
وَيَـرْوِي عَلَـيَّ الشـِّعْرَ مَـا أَنَا قُلْتُهُ
كَمُعْتَــرِضٍ لِلرَّيــحِ بَيْــنَ الطَّـرَائِدِ
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.