
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لِمَـنِ الـدِّيَارُ كَأَنَّهَـا لَـمْ تُحْلَـلِ
بَيْـنَ الْكِنَـاسِ وَبَيْـنَ طَلْـحِ الْأَعْزَلِ
وَلَقَـدْ أَرَى بِـكَ وَالْجَدِيدُ إِلَى بِلىً
مَـوْتَ الْهَـوَى وَشِفَاءَ عَيْنِ الْمُجْتَلِي
نَظَـرَتْ إِلَيْـكَ بِمِثْـلِ عَيْنَـيْ مُغْـزِلٍ
قَطَعَــتْ حِبَالَتَهَــا بِـأَعْلَى يَلْيَـلِ
وَإِذَا الْتَمَسـْتَ نَوَالَهَـا بَخِلَـتْ بِهِ
وَإِذَا عَرَضــْتَ بِوُدِّهَــا لَـمْ تَبْخَـلِ
وَلَقَــدْ ذَكَرْتُــكِ وَالْمَطِـيُّ خَوَاضـِعٌ
وَكَــــأَنَّهُنَّ قَطَـــا فَلَاةٍ مَجْهَـــلِ
يَســْقِينَ بِــالْأُدَمَى فِـرَاخَ تَنُوفَـةٍ
زُغْبــاً حَــوَاجِبُهُنَّ حُمْـرَ الْحَوصـَلِ
يَــا أُمَّ نَاجِيَــةَ السـَّلَامُ عَلَيْكُـمُ
قَبْـلَ الـرَّوَاحِ وَقَبْـلَ لَـوْمِ الْعُذَّلِ
وَإِذَا غَـــدَوْتِ فَبَاكَرَتْــكِ تَحِيَّــةٌ
ســَبَقَتْ سـُرُوحَ الشـَّاحِجَاتِ الْحُجَّـلِ
لَـوْ كُنْـتُ أَعْلَـمُ أَنَّ آخِـرَ عَهْـدِكُمْ
يَـوْمُ الرَّحِيـلِ فَعَلْـتُ مَا لَمْ أَفْعَلِ
أَوْ كُنْـتُ أَرْهَـبُ وَشـْكَ بَيْـنٍ عَاجِـلٍ
لَقَنَعْـتُ أَوْ لَسـَأَلْتُ مَـا لَـمْ يُسْأَلِ
أَعْــدَدْتُ لِلشــُّعَرَاءِ سـُمّاً نَاقِعـاً
فَســـَقَيْتُ آخِرَهُـــمْ بِكَــأْسِ الْأَوَّلِ
لَمَّـا وَضـَعْتُ عَلَـى الْفَرَزْدَقِ مَيسَمِي
وَضـَغَا الْبَعِيـثُ جَـدَعْتُ أَنْفَ الْأَخْطَلِ
أَخْـزَى الَّـذِي سَمَكَ السَّمَاءَ مُجَاشِعاً
وَبَنَـى بِنَـاءَكَ فِـي الْحَضِيضِ الْأَسْفَلِ
بَيْتــاً يُحَمِّــمُ قَيْنُكُــمْ بِفَنَـائِهِ
دَنِســاً مَقَاعِــدُهُ خَبِيـثَ الْمَـدْخَلِ
وَلَقَــدْ بَنَيْـتَ أَخَـسَّ بَيْـتٍ يُبْتَنَـى
فَهَــدَمْتُ بَيْتَكُــمُ بِمِثْلَــيْ يَـذْبُلِ
إِنِّـي بَنَـى لِـيَ فِي الْمَكَارِمِ أَوَّلِي
وَنَفَخْـتَ كِيـرَكَ فِـي الزَّمَـانِ الْأَوَّلِ
أَعْيَتْــكَ مَـأْثُرَةُ الْقُيُـونِ مُجَاشـِعٍ
فَــانْظُرْ لَعَلَّـكَ تَـدَّعِي مِـنْ نَهْشـَلِ
وَامْـدَحْ سـَرَاةَ بَنِـي فُقَيْـمٍ إِنَّهُـمْ
قَتَلُـوا أَبَـاكَ وَثَـأْرُهُ لَـمْ يُقْتَـلِ
وَدَعِ الْبَرَاجِــمَ إِنَّ شــِرْبَكَ فِيهِـمُ
مُــرٌّ مَــذَاقَتُهُ كَطَعْــمِ الْحَنْظَــلِ
إِنِّـي انْصـَبَبْتُ مِـنَ السَّمَاءِ عَلَيْكُمُ
حَتَّـى اخْتَطَفْتُـكَ يَـا فَرَزْدَقُ مِنْ عَلِ
مِــنْ بَعْـدِ صـَكَّتِيَ الْبَعِيـثَ كَـأَنَّهُ
خَــرَبٌ تَنَفَّــجَ مِـنْ حِـذَارِ الْأَجْـدَلِ
وَلَقَـدْ وَسـَمْتُكَ يَـا بَعِيـثُ بِمَيْسَمِي
وَضـَغَا الْفَـرَزْدَقُ تَحْـتَ حَدِّ الْكَلْكَلِ
حَســْبُ الْفَـرَزْدَقِ أَنْ تُسـَبَّ مُجَاشـِعٌ
وَيَعُـــدَّ شــِعْرَ مُرَقِّــشٍ وَمُهَلْهِــلِ
طَلَبَـتْ قُيُـونُ بَنِـي قُفَيْـرَةَ سَابِقاً
غَمْـرَ الْبَدِيهَـةِ جَامِحاً فِي الْمِسْحَلِ
قُتِـلَ الزُّبَيْـرُ وَأَنْـتَ عَاقِـدُ حُبْوَةٍ
قُبْحـاً لِحُبْوَتِـكَ الَّتِـي لَـمْ تُحْلَـلِ
وَافَـاكَ غَـدْرُكَ بِـالزُّبَيْرِ عَلَى مِنىً
وَمُجِــرِّ جِعْثِنِكُــمْ بِـذَاتِ الْحَرْمَـلِ
بَــاتَ الْفَـرَزْدِقُ يَسـْتَجِيرُ لِنَفْسـِهِ
وَعِجَـانُ جِعْثِـنَ كَـالطَّرِيقِ الْمُعْمَـلِ
أَيْـنَ الَّـذِينَ عَـدَدْتَ أَنْ لَا يُدْرِكُوا
بِمُجِــرِّ جِعْثِـنَ يَـابْنَ ذَاتِ الـدُّمَّلِ
أَســْلَمْتَ جِعْثِـنَ إِذْ يُجَـرُّ بِرْجْلِهَـا
وَالْمَنْقَــرِيُّ يَدُوســُهَا بِالْمِنْشــَلِ
تَهْـوِي اسـْتِهَا وَتَقُـولُ يَالِ مُجَاشِعِ
وَمُشــِقِّ نُقْبَتِهَــا كَعَيْــنِ الْأَقْبَـلِ
لَا تَـذْكُرُوا حُلَـلَ الْمُلُـوكِ فَـإِنَّكُمْ
بَعْـدَ الزُّبَيْـرِ كَحَـائِضٍ لَـمْ تُغْسـَلِ
أَبُنَــيَّ شـِعْرَةَ لِـمْ تَسـُدُّ طَرِيقَنَـا
بِــالْأَعْمَيَيْنِ وَلَا قُفَيْــرَةَ فَارْحَــلِ
مَـا كَـانَ يُنْكِـرُ فِـي نَـدِيِّ مُجَاشِعٍ
أَكْـلُ الْخَزِيـرِ وَلَا ارْتِضَاعُ الْفَيْشَلِ
وَلَقَــدْ تَبَيَّـنَ فِـي وُجُـوهِ مُجَاشـِعٍ
لُــؤْمٌ يَثُــورُ ضــَبَابُهُ لَا يَنْجَلِـي
وَلَقَــدْ تَرَكْــتُ مُجَاشـِعاً وَكَـأَنَّهُمْ
فَقْــعٌ بِمَدَرَجَـةِ الْخَمِيـسِ الْجَحْفَـلِ
إِنِّــي إِلَـى جَبَلَـيْ تَمِيـمٍ مَعْقِلِـي
وَمَحَـلُّ بَيْتِـي فِـي الْيَفَـاعِ الْأَطْوَلِ
أَحْلَامُنَــا تَــزِنُ الْجِبَـالَ رَزَانَـةً
وَيَفُــوقُ جَاهِلُنَــا فَعَـالَ الْجُهَّـلِ
فَـارْجِعْ إِلَـى حَكَمَـيْ قُرَيْـشٍ إِنَّهُـمْ
أَهْـلُ النُّبُـوَّةِ وَالْكِتَـابِ الْمُنْـزَلِ
فَاسـْأَلْ إِذَا خَـرَجَ الْخِدَامُ وَأُحْمِشَتْ
حَــرْبٌ تَضــَرَّمُ كَـالْحَرِيقِ الْمُشـْعَلِ
وَالْخَيْـلُ تَنْحِطُ بِالْكُمَاةِ وَقَدْ رَأَوْا
لَمْـعَ الرَّبِيئَةِ فِي النِّيَافِ الْعَيْطَلِ
أَبَنُــو طُهَيَّــةَ يَعْـدِلُونَ فَوَارِسـِي
وَبَنُـو خَضـَافِ وَذَاكَ مَـا لَـمْ يُعْدَلِ
وَإِذَا غَضـِبْتُ رَمَـى وَرَائِيَ بِالْحَصـَى
أَبْنَــاءُ جَنْـدَلَتِي كَخَيْـرِ الْجَنْـدَلِ
عَمْــروٌ وَسـَعْدٌ يَـا فَـرَزْدَقُ فيهِـمُ
زُهْــرُ النُّجُـومِ وَبَاذِخَـاتُ الْأَجْبُـلِ
كَـانَ الْفَـرَزْدَقُ إِذْ يَعُـوذُ بِخَـالِهِ
مِثْـلَ الـذَّلِيلِ يَعُـوذُ تَحْتَ الْقَرْمَلِ
وَافْخَــرْ بِضــَبَّةَ إِنَّ أُمَّــكَ مِنْهُـمُ
لَيْـسَ ابْـنُ ضـَبَّةَ بِـالْمُعَمِّ الْمُخْوَلِ
وَقَضـَتْ لَنَـا مُضـَرٌ عَلَيْـكَ بِفَضـْلِنَا
وَقَضـَتْ رَبِيعَـةُ بِالقَضـاءِ الفَيصـَلِ
إِنَّ الَّـذِي سـَمَكَ السـَّمَاءَ بَنَى لَنَا
بَيْتــاً عَلَاكَ فَمَـا لَـهُ مِـنْ مَنْقَـلِ
أَبْلِــغْ بَنِـي وَقْبَـانَ أَنَّ حُلُـومَهُمْ
خَفَّــتْ فَمَــا يَزِنُـونَ حَبَّـةَ خَـرْدَلِ
أَزْرَى بِحِلْمِكُــمُ الْفِيَــاشُ فَـأَنْتُمُ
مِثْـلُ الْفَـرَاشِ غَشِينَ نَارَ الْمُصْطَلِي
لَـوْ نِكْـتَ أُمِّـكَ بَعْـدَ أَكْلِ خَزِيرَهَا
لِتَعُــدَّ مِثْـلَ فَوَارِسـِي لَـمْ تَفْعَـلِ
فِــي مُزْبِــدٍ غَمِــقٍ كَــأَنَّ مَشـَقَّهُ
خَـلُّ الْمَجَـازَةِ أَوْ طَرِيـقِ الْعُنْصـِلِ
تَصـِفُ السـُّيُوفَ وَغَيْرُكُـمْ يَعْصَى بِهَا
يَا ابْنَ الْقُيُونِ وَذَاكَ فِعْلُ الصَّيْقَلِ
وَبِرَحْرَحَـــانَ تَخَضْخَضــَتْ أَصــْلَاؤُكُمْ
وَفَزِعْتُــمُ فَــزَعَ الْبِطَـانِ الْعُـزَّلِ
خُصــِيَ الْفَـرَزْدَقُ وَالْخِصـَاءُ مَذَلَّـةٌ
يَرْجُــو مُخَـاطَرَةَ الْقُـرُومِ الْبُـزَّلِ
هَـابَ الْخَـوَاتِنُ مِـنْ بَنَـاتِ مُجَاشِعٍ
مَِثَــلَ الْمَحَـاجِنِ أَوْ قُـرُونَ الْأَيِّـلِ
وَكَـأَنَّ تَحْـتَ ثِيَـابِ خُـورِ نِسـَائِهِمْ
بَطّــاً يُصـَوِّتُ فِـي صـَرَاةِ الْجَـدْوَلِ
قَعَـدَتْ قُفَيْـرَةُ بِـالْفَرَزْدَقِ بَعْـدَمَا
جَهَــدَ الْفَـرَزْدَقُ جُهْـدَهُ لَا يَـأْتَلِي
أَلْهَـى أَبَـاكَ عَنِ الْمَكَارِمِ وَالْعُلَى
لَـيُّ الكَتـائِفِ وَاِرتِفـاعُ المِرجَـلِ
وَلَـدَتْ قُفَيْـرَةُ قَـدْ عَلِمْتُـمْ خِبْثَـةً
بَعْـدَ الْمَشـِيبِ وَبَظْرُهَـا كَالْمِنْجَـلِ
بِـزَرُودَ أَرْقَصـَتِ الْقُعُـودُ فِرَاشـَهَا
رَعْثَـاتُ عُنْبِلِهَـا الْغِـدَفْلِ الْأَرْعَـلِ
أَشـْرَكْتِ إِذْ حُمِـلَ الْفَـرَزْدَقُ خِبْثَـةُ
حَـوْضَ الْحِمَـارِ بِلَيْلَـةٍ مِـنْ نَبْتَـلِ
أَبْلِــغْ هَــدِيَّتِيَ الْفَـرَزْدَقَ إِنَّهَـا
ثِقَــلٌ يُــزْادُ عَلَـى حَسـِيرٍ مُثْقَـلِ
إِنَّـا نُقِيـمُ صـَغَا الرُّؤُوسِ وَنَخْتَلِي
رَأْسَ الْمُتَــوَّجِ بِالْحُسـَامِ الْمِقْصـَلِ
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.