
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تكـالِيفُ ذَا الـدَّهر عُسـْرٌ ويُسْرُ
وأحـــوالُه هــي حُلْــوٌ ومُــرُّ
فـإن جـاء طَـوْراً بحـال تسـوء
فيأتيــك طــورا بـأخْرَى تَسـرُ
فكــم منـه كَسـْرٌ تَلَقَّـاهُ جَبْـرُ
وكــم منـه غَـدْرٌ تَلَقَّـاهُ عُـذْرُ
وكــم رمَّ منــه فَســَاداً صـَلاحٌ
وكـم منـه شـكوى وكم منه شكر
يُـــداوي بَنِيـــه ويَـــذويهم
وذلـــك ســـِحْرٌ لــه مســتمر
وإنــي فــي ظلمــه مــن ظلام
تَكَنَفَّنِــي ليــس يحــدوه فجـر
فمــا دائر منــه لــي دائرا
بمـا فيـه نَفْـعٌ سـوى مـا يضرُ
ومــا طـالع منـه لـي طالعـا
بِعُــرْفِ ولكنــه الــدهر نُكْـرَ
نصـيبي منـه العنـاء الطويـل
وَمثْـوَاي مـن بحـر جَـدْواه بَـرُّ
قرينــي عـذابٌ وجـدِّي اكـتئاب
وبُـرْدَى مـن رَغـدِ العيـش صـفر
خَليـع عـذاري أجُـوبُ الـبراري
بهـا الـوَحْشُ جَـاري فلا أَسـْتَقر
أمـا قيـل إن مـع العسر يُسْرا
فَلِـمْ خـانني لي مع العسر يسر
اسـرّ الجَـوَى والدموع الجواري
تنــم بســرِّي فَلَــمْ يبـق سـِرُّ
وإنـــي أســر وســرى الــذي
أكــاتمه النـاسَ للنـاس جهـر
لأنــي غريــبٌ فــؤادي حَريــبٌ
عليــه الليــالي بليـل تَكُـرُّ
طريــدٌ شــريد فريــد وحيــد
فقيـــدٌ لإلْـــفٍ وديــدٍ يــبر
وإنــي فــي محفـل مـن عـداة
عتــاه فكــم منهـم فـيّ غِمـر
طـواغيتُ قـد لهجـوا بالعنـاد
فكـم منهـم يتبـع المكـرَ مكرُ
فمـن ذا أرجـى ومن لي المنَجِّى
وكيــف السـبيل وأيـن المفـر
كفــاك شـِفَاك لئن كـان يشـفي
كلام قصــــاراه حَــــوْبٌ وَوِزْرُ
وحَــدِّث بنعمــي ولـي الزمـان
فَســَتْرُك أَنْعــم مــولاك كفــر
أمــا أنْ حَبَـاك بأقصـى مُنَـاك
فطـاب لـذكرك فـي النـاس نَشْرُ
أَلَـم يُعْـل قـدرك في العالمين
فمـا مثـل قـدرك للنـاس قـدر
ألــم يحــم آبــاءك الأوليـن
فهـل فـوق ذلكـم الفخـر فخـر
ســلام علــى شـمس آل الرسـول
إمــامٌ بــه قـام خَلْـقٌ وأَمْـرُ
بنفســـي مستنصـــراً بــالإله
رعايــاه ســَعْدٌ وفَتْــحٌ ونَصـْرُ
لــه بالســجود تَخَـرُّ السـماء
كمــا الأرض مـن خـوفه تَقْشـَعِرُّ
إمــام الهـدى ومبيـدُ العـدى
سـماءُ النـدى مـن يـديه تَـدُرُّ
تـرى المصـطفى منـه والمرتضى
إذا مــا تَصـَدَّرَ قَـدْ ضـَمَّ صـَدْرُ
ســلام عليــك ولــي الزمــان
كقطـر السـحائب مـا دام قطـرُ
إذا قال فيك ابن موسى المديح
غـدا الشـعرُ عبـدا له وهو حُرُّ
هبة الله أبو نصر ابن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي. المعروف بالمؤيد في الدين داعي الدعاة الفاطمي، من كبار رجالات عصره، وهو صاحب الرسائل المتبادلة مع ابي العلاء المعري، وقد نشرها ابن العديم في ترجمة أبي العلاء، وفعل مثل ذلك ياقوت الحموي. وأثر عن أبي العلاء قوله فيه (والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه) ولد في شيراز سنة 390 واتصل في فاتحة شبابه بالملك البويهي أبي كاليجار وشارك في مناظرات العلماء في مجالسه ثم خرج إلى مصر سنة 439 .ويقال كان المدبر الخفي للإطاحة بعرش بني العباس في بغداد سنة 450 ورفع راية الدولة الفاطمية فيهاوفي جواب ابي العلاء على رسالته قوله:قال العبد الضعيف العاجر، أحمد بن عبد الله، بن سليمان: أول ما أبدأ به، أني أعد سيدنا الرئيس الأجل، المؤيد في الدين - أطال الله بقاءه - ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعد نفسي الخاطئة من الأغبياء، وهو بكتابه إلي متواضع، ومن أنا؟ حتى يكتب مثله إلى مثلي، مثله في ذلك، مثل الثريا كتب إلى الثرى) وهو صاحب القصة التي اخترعها ابن الهبارية في ذم أبي العلاء في كتابه "فلك المعاني" المشحون كما قال ابن العديم بقول الزور فيما ينقله ويعاني. وفيه قوله: (فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل:غدوت مريض العقل والرأي فأتني لتخـبر أنبـاء الأمـور الصحائححتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات.قال ابن العديم: (وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخة، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيدفي الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه.قال المقريزي في اتعاظ الحنفا:وكان في الدولة داعي الدعاة، ورتبته تلي رتبة قاضي القضاة، ويتزيا بزيه، ولا بد أن يكون عالماً بمذاهب أهل البيت، عليهم السلام، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيباً؛ وله نواب في سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ في كل يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعي الدعاة ويتصفحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن امكن، ويأخذ خطه عليه في ظاهره.