
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أيـا دهْـرُ كَـمْ هـذا الأذَى والتحِامـلُ
أبَيْنَــك يــا هــذا وبينــي طَـوائِلُ
تُردِّدُنـــي مــا بَيْــنَ حِــلٍّ ورحْلــةٍ
فلا أنــت مُحْيــي لـي ولا أنـت قـائلُ
لقــد بَســطَتْ فــيَّ الرزايـا أكفَّهـا
وقــد فغـرَتْ أفواهُهـا لـي الغَـوائلُ
وقــد أيْقَنَــتْ نفسـي بـأن أقـل مـا
أقاســيه منــه الطــود لا شـك زائلُ
فلا حُـــزنَ إلا نجمـــه لـــي طــالع
ولا أنْـــسَ إلا هــابط النجــم آفــل
ولا نـــار إلا مِــنْ حشــاي أجيجُهــا
ولا مـــاء إلا مـــن جفــوني ســائل
فَقدْتُ الأولى كانوا المعاقل في الصبا
وإذ أنــا فـي قيـد الطفولـة حاجـل
وأصــبحت مــن بــؤس وأســر وذلــة
غريـــق بحــار مــا لهــن ســواحل
وسـايرت قومـا لـم تـزل لـي صدورهم
مـن الغيـظ والبغضـاء تغلي المراجل
ومــا زلــت أسـْعى بيـن حـل ورحلـة
إلـى أن أبـي مَسـْرَاي لـي والمرَاحـلُ
أهــاجر فــي الآفـاق والأُنـسُ هـاجري
أواصــل ســَيْراً والجَـوَي لـي مُواصـل
علــى ذا مَضـَى طِيـبُ الشـباب ويـومه
وقــد نـزل الشـيب الـذي هـو نـازل
ومــا كـان لـي فـي الأرض إلا مـؤانس
يصـاحِبني فـي العُسـر واليسـر كافِـل
فبتــت صــروف الــدهر عنـي حبـاله
فقـــد نصـــبت للحادثــات حبــائل
وبــتُّ مــا فــي الأرض مثلــي واجِـمُ
وليــس كمثلــي فــي التحـرق ثاكـل
ألا قـل لمـن واراه فـي قـبره الثرى
وأدمعنـــا حَـــرَّي عليـــه هوامــل
لَئِنْ أقفــرت يـا صـاح منـك ديارنـا
فقلــبيَ مــن ذكــراك واللــه آهـل
وإن كُنْــتَ عنــي قــد شـغلت فإنمـا
بفقــدك لـي شـغل عـن الخلـق شـاغل
وإن كُنْــتَ قــد أغفلــتَ ودي هكــذا
فقلــــبي إلا عــــن ودادك غافـــل
أيـوجب حسـن العهـد مـا أنـت صـانِعٌ
ويَفعَــلُ أَهـلُ الـود مـا أنـت فاعـل
معــاذا إلهــي مــا عليــك ملامــة
ومــا أنــت عـن عهـد الأحبـة حـائل
ولا مشـــتكى إلا مــن الــدهر إنــه
لتصــدر حقــا عنــه هـذى الـرذائل
هـــو الــدهر مــر حلــوه ومــآتم
مــداعيه طــرا والمُحَــامي مقاتــل
خســـاس عطايـــاه حقـــار هِبَــاتُه
وأيــــامه إمَّــــا اعْتَبَـــرْت قلائل
فــإن يــك منــه الشـر عـم فإنمـا
بـــأعظمه خُـــصَّ الرجــالُ الأفاضــل
لـه الحكـم فـي جسـمي الـذي هو ربه
ألا فلينــل منــه الــذي هـو نـائل
ونفسـي لهـا أعلى الذرى فمتى ابْتَغَى
تناولَهــا بالخســف أَعْيَـى التنـاول
فـإن لهـا مـن عـالم القـدس مركـزا
ومنزلـــةً تَنْحَــطُّ عنهــا المَنَــازِل
وإن لهـــا مـــن آل طـــه وســيلةً
إلـى اللـه يـا للـه تلـك الوسـائل
فَظِـــل الإمــام الفــاطمي يَحُوطُهــا
وَتكْنُفُهـــا منـــه أَيَـــادٍ جَــزَائِلُ
إمــام نفــوس الخلــق طُـرّاً تَهَـابُه
ومـا إن لـه صـِدْقا سـوى اللـه كافِلُ
إمـــام كبــار العــالمين صــغاره
وكـــل الأعـــالي مــن عُلاه أَســَافِلُ
إِمـامٌ هـو البحـر المحيـط وكـل مـن
ســـواه إليـــه بالقيــاس جــداول
إمـــامٌ بـــه لاذ البريـــةُ كلُّهــم
إذا نَــابَهُم هَـوْلٌ مـن الـدهر هَـائِل
تخــــر لــــذكراه الملائك ســـُجَّدا
كمـا لاسـْمِه فـي الأرض تَعنُـو القبائل
رضـــاه مــن الرحمــن رَوْحٌ ورحمــة
كمــا الخَســْف حقـا سـُخْطُه والـزلازل
هـو السـيد المستنصـر الماجـد الذي
يُحَـــق بـــه حَـــقٌ ويبطــل باطــل
هـــو الــبيت بيــت للآلــه مقــدس
وســيف لهـام الكفـر والشـرك فاصـل
هـو الـوجه وجـه اللـه والجنب جنبه
مـن الـوحي قـد قـامت عليـه الدلائل
أيـا ابـن رسـول اللـه وابـن وصـيه
ومَـنْ لـم تَضـَعْ فـي الأرض مثلـك حامل
ويــا مـن بـه بـأس الهدايـة صـائل
ويــا مــن بـه ذكـر الضـلالة خامـل
ويــا عصــمة للحــق تُفْضــي أواخـر
إليهــا كمــا تفضــي إليهـا أوائل
لمــــولاك ريحــــان وَروْحٌ وجنَّــــة
كمـــا للعــدى أغْلالُهــا والسلاســل
فـداك ابـن موسـى غـرس إنعامك الذي
لــه كــل يــوم منــه طَــلُّ ووابـل
أعِنِّـــي أميـــر المــؤمنين بقــوةٍ
أدَافــع عــن نفســي بهــا وأنَاضـِل
أنَاضــِل دهــرا هَــدَّ عزمــي صــَرْفُه
فكــم ذا لقلــبي مِــنْ أذَاه بَلابــل
ألا ليــت شــعري هــل أبِيتَـنَّ ليلـة
خَليــاً وقــد بلغــت مـا أنـا آمـل
فأشــــْفِي غليلا أم أرَانــــي راحلا
بُغصــَّةِ صــدري لـم أنـل مـا أحـاول
عجبــتُ لمــوحٍ لــي بحســن تماســك
وبيــن ضــلوعي عِلْمُهــا وهـو جاهـل
ولــو كــان لـي قلـب يصـيخُ لقـوله
لكــان لــيَ البُشــْرى لأنــي عاقــل
فيـا صـاحبي مـا أنـت واللـه ناصـح
ويـا عـاذلي مـا أنـت واللـه عـاذل
ومــا والـج فـي مسـمعي نُصـحُ ناصـح
ولا قابــل قلــبي لمــا هــو قـائل
عسـى أن يَمُـدَّ اللـه لـي منـه رحمـة
فيحمــد منهــا عاجــل لــي وآجــل
هبة الله أبو نصر ابن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي. المعروف بالمؤيد في الدين داعي الدعاة الفاطمي، من كبار رجالات عصره، وهو صاحب الرسائل المتبادلة مع ابي العلاء المعري، وقد نشرها ابن العديم في ترجمة أبي العلاء، وفعل مثل ذلك ياقوت الحموي. وأثر عن أبي العلاء قوله فيه (والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه) ولد في شيراز سنة 390 واتصل في فاتحة شبابه بالملك البويهي أبي كاليجار وشارك في مناظرات العلماء في مجالسه ثم خرج إلى مصر سنة 439 .ويقال كان المدبر الخفي للإطاحة بعرش بني العباس في بغداد سنة 450 ورفع راية الدولة الفاطمية فيهاوفي جواب ابي العلاء على رسالته قوله:قال العبد الضعيف العاجر، أحمد بن عبد الله، بن سليمان: أول ما أبدأ به، أني أعد سيدنا الرئيس الأجل، المؤيد في الدين - أطال الله بقاءه - ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعد نفسي الخاطئة من الأغبياء، وهو بكتابه إلي متواضع، ومن أنا؟ حتى يكتب مثله إلى مثلي، مثله في ذلك، مثل الثريا كتب إلى الثرى) وهو صاحب القصة التي اخترعها ابن الهبارية في ذم أبي العلاء في كتابه "فلك المعاني" المشحون كما قال ابن العديم بقول الزور فيما ينقله ويعاني. وفيه قوله: (فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل:غدوت مريض العقل والرأي فأتني لتخـبر أنبـاء الأمـور الصحائححتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات.قال ابن العديم: (وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخة، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيدفي الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه.قال المقريزي في اتعاظ الحنفا:وكان في الدولة داعي الدعاة، ورتبته تلي رتبة قاضي القضاة، ويتزيا بزيه، ولا بد أن يكون عالماً بمذاهب أهل البيت، عليهم السلام، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيباً؛ وله نواب في سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ في كل يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعي الدعاة ويتصفحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن امكن، ويأخذ خطه عليه في ظاهره.