
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ذَكَـرْتَ الصـِّبا فَـانْهَلَّتِ الْعَيْنُ تَذْرِفُ
وَراجَعَـكَ الشـَّوْقُ الَّـذِي كُنْـتَ تَعْـرِفُ
وَكـانَ فُـؤادِي قَـدْ صـَحا ثُـمَّ هاجَنِي
حَمـــائِمُ وُرْقٌ بِالْمَدِينَـــةِ هُتَّـــفُ
كَـأَنَّ الْهَـدِيلَ الظَّالِعَ الرِّجْلِ وَسْطَها
مِــنَ الْبَغْــي شــِرِّيبٌ يُغَـرِّدُ مُتَـرَفُ
يُــــذَكِّرْنَنا أَيَّامَنـــا بِعُوَيْقَـــةٍ
وَهَضـــْبِ قُســاسٍ وَالتَّــذَكُّرُ يَشــْعَفُ
وَبِيضــاً يُصَلْصــِلْنَ الْحُجُـولَ كَأَنَّهـا
رَبــائِبُ أَبْكــارِ الْمَهـا الْمُتَـأَلِّفُ
فَبِــتُّ كَــأَنَّ الْعَيْـنَ أَفْنـانُ سـِدْرَةٍ
عَلَيْهـا سـَقِيطٌ مِـنْ نَدى اللَّيْلِ يَنْطُفُ
أُراقِــبُ لَوْحــاً مِــنْ سـُهَيْلٍ كَـأَنَّهُ
إِذا مـا بَـدا مِـنْ آخِرِ اللَّيْلِ يَطْرِفُ
يُعـارِضُ عَـنْ مَجْـرَى النُّجُـومِ وَيَنْتَحِي
كَمـا عـارَضَ الشـَّوْكَ الْبَعِيرَ الْمُؤَلَّفُ
بَـدا لِجـرَانِ الْعَـودِ وَالْبَحْـرُ دُونَهُ
وَذُو حَــدَبٍ مِــنْ سـَرْوِ حِمْيَـرَ مُشـْرِفُ
فَلا وَجْــدَ إِلَّا مِثْــلَ يَــوْمِ تَلاحَقَــتْ
بِنـا الْعِيـسُ وَالْحـادِي يَشـُلُّ وَيَعْنُفُ
لَحِقْنــا وَقَـدْ كـانَ اللُّغـامُ كَـأَنَّهُ
بِـأَلْحَى الْمَهـارَى وَالْخَراطِيـمِ كُرْسُفُ
فَمـا لَحِقَتْنـا الْعِيـسُ حَتَّـى تَناضَلَتْ
بِنـــا وَقَلانــا الْآخِــرُ الْمُتَخَلِّــفُ
وَكــانَ الْهِجــانُ الْأَرْحَبِــيُّ كَــأَنَّهُ
بِراكِبِــهِ جَــوْنٌ مِـنَ اللَّيْـلِ أَكْلَـفُ
وَفِــي الْحَـيِّ مَيْلاءُ الْخِمـارِ كَأَنَّهـا
مَهــاةٌ بِهَجْــلٍ مِــنْ أَدِيــمٍ تَعَطَّـفُ
شـَمُوسُ الصـِّبا وَالْأَنْسِ مَخْطُوفَةُ الْحَشا
قَتُـولُ الْهَـوَى لَوْ كانَتِ الدَّارُ تُسْعِفُ
كَــأَنَّ ثَناياهــا الْعِـذابَ وَرِيقَهـا
وَنَشــْوَةَ فِيهــا خــالَطَتْهُنَّ قَرْقَــفُ
تُهِيــنُ جَلِيــدَ الْقَـوْمِ حَتَّـى كَـأَنَّهُ
دَوٍ يَئِســَتْ مِنْــهُ الْعَــوائِدُ مُـدْنَفُ
وَلَيْســَتْ بِـأَدْنَى مِـنْ صـَبِيرِ غَمامَـةٍ
بِنَجْـــدٍ عَلَيْهـــا لامِـــحٌ يَتَكَشــَّفُ
يُشــَبِّهُها الــرَّائِي الْمُشـَبِّهُ بَيْضـَةً
غَدا فِي النَّدَى عَنْها الظَّلِيمُ الْهَجَنَّفُ
بِوَعْســاءَ مِـنْ ذاتِ السَّلاسـِلِ يَلْتَقِـي
عَلَيْهــا مِـنَ الْعَلْقَـى نَبـاتٌ مُؤَنَّـفُ
وَقـالَتْ لَنـا وَالْعِيسُ صُعْرٌ مِنَ الْبُرَى
وَأَخْفافُهــا بِالْجَنْـدَلِ الصـُّمِّ تَقْـذِفُ
وَهُـــنَّ جُنُـــوحٌ مُصــْغِياتٌ كَأَنَّمــا
بُراهُــنَّ مِــنْ جَــذْبِ الْأَزِمَّــةِ عُلَّـفُ
حُمِــدْتَ لَنــا حَتَّـى تَمَنَّـاكَ بَعْضـُنا
وَأَنْــتَ امْـرُؤٌ يَعْـرُوكَ حَمْـدٌ فَتُعْـرَفُ
رَفِيــعُ الْعُلا فِـي كُـلِّ شـَرْقٍ وَمَغْـرِبٍ
وَقَوْلُـــكَ ذاكَ الْآبِـــدُ الْمُتَلَقَّـــفُ
وَفِيـــكَ إِذا لاقَيْتَنـــا عَجْرَفِيَّـــةٌ
مِــراراً وَمـا نَسـْتِيعُ مَـنْ يَتَعَجْـرَفُ
تَمِيـلُ بِـكَ الـدُّنْيا وَيَغْلِبُـكَ الْهَوَى
كَمـا مـالَ خَـوَّارُ النَّقـا الْمُتَقَصـِّفُ
وَنُلْقَــى كَأَنَّــا مَغْنَـمٌ قَـدْ حَـوَيْتَهُ
وَتَرْغَــبُ عَـنْ جَـزْلِ الْعَطـاءِ وَتُسـْرِفُ
فَمَوْعِـدُكَ الشـَّطُّ الَّـذِي بَيْـنَ أَهْلِنـا
وَأَهْلِــكَ حَتَّـى تَسـْمَعَ الـدِّيكَ يَهْتِـفُ
وَتَكْفِيـكَ آثـاراً لَنـا حَيْـثُ نَلْتَقِـي
ذُيُـــولٌ نُعَفِّيهـــا بِهِــنَّ وَمُطْــرَفُ
وَمَســْحَبُ رَيْــطٍ فَــوْقَ ذاكَ وَيَمْنَــةٍ
يَسـُوقُ الْحَصـَى مِنْهـا حَـواشٍ وَرَفْـرَفُ
فَنُصـْبِحُ لَـمْ يُشـْعَرْ بِنـا غَيْـرَ أَنَّهُمْ
عَلَــى كُــلِّ ظَــنٍّ يَحْلِفُــونَ وَنَحْلِـفُ
وَقـالَتْ لَهُـمْ أُمُّ الَّتِـي أَدْلَجَـتْ بِنا
لَهُــنَّ عَلَــى الْإِدْلاجِ آنَــى وَأَضــْعَفُ
فَقَــدْ جَعَلَــتْ آمـالُ بَعْـضِ بَناتِنـا
مِـنَ الظُّلْـمِ إِلَّا مـا وَقَى اللهُ تُكْشَفُ
وَمـا لِجِـرانِ الْعَـوْدِ ذَنْـبٌ وَما لَنا
وَلَكِــنْ جِــرانُ الْعَـوْدِ مِمَّـا نُكَلَّـفُ
وَلَـوْ شـَهِدَتْنا أُمُّهـا لَيْلَـةَ النَّقـا
وَلَيْلَــةَ رُمْــحٍ أَزْحَفَـتْ حِيـنَ نُزْحِـفُ
ذَهَبْــنَ بِمِسـْواكِي وَقَـدْ قُلْـتُ قَوْلَـةً
ســـَيُوجَدُ هَـــذا عِنْــدَكُنَّ وَيُعْــرَفُ
فَلَمَّـا عَلانـا اللَّيْـلُ أَقْبَلْـتُ خُفْيَـةً
لِمَوْعِــدِها أَعْلُــو الْإِكــامَ وَأَظْلِـفُ
إِذا الْجانِبُ الْوَحْشِيُّ خِفْنا مِنَ الرَّدَى
وَجـانِبِيَ الْأَدْنَـى مِـنَ الْخَـوْفِ أَجْنَـفُ
فَـأَقْبَلْنَ يَمْشـِينَ الْهُوَيْنـا تَهادِيـاً
قِصــارَ الْخُطــا مِنْهُـنَّ رابٍ وَمُزْحِـفُ
كَــأَنَّ النُّمَيْــرِيَّ الَّــذِي يَتَّبِعْنَــهُ
بِــ"دارَةِ رُمْحِ" ظـالِعُ الرِّجْـلِ أَحْنَفُ
فَلَمَّـا هَبَطْـنَ السـَّهْلَ وَاحْتَلْـنَ حِيلَةً
وَمِــنْ حِيلَــةِ الْإِنْسـانِ مـا يَتَخَـوَّفُ
حَمَلْــنَ جِـرانَ الْعَـوْدِ حَتَّـى وَضـَعْنَهُ
بِعَلْيـاءَ فِـي أَرْجائِهـا الْجِـنُّ تَعْزِفُ
فَلا كِفْــلَ إِلَّا مِثْــلُ كِفْــلٍ رَأَيْتُــهُ
لِخَوْلَــةَ لَــوْ كـانَتْ مِـراراً تَخَلَّـفُ
فَلَــمْ أُرِ كِفلاً مِثــلَ كِفــلٍ رَأَيْتُـهُ
لَخَوْلَــةَ لَــوْلا وَعْــدُها ثُـمَّ تُخْلِـفُ
فَلَمَّـا الْتَقَيْنـا قُلْـنَ أَمْسـَى مُسَلَّطاً
فَلا يُســـْرِفَنَّ الـــزِّائِرُ الْمُتَلَطِّــفُ
وَقُلْــنَ تَمَتَّــعْ لَيْلَـةَ الْيَـأْسِ هَـذِهِ
فَإِنَّـــكَ مَرْجُــومٌ غَــداً أَوْ مُســَيَّفُ
وَأَحْــرَزْنَ مِنِّــي كُــلَّ حُجْــزَةِ مِئْزَرٍ
لَهُــنَّ وَطــاحَ النَّــوْفَلِيُّ الْمُزَخْـرَفُ
فَبِتْنــا قُعُــوداً وَالْقُلُـوبُ كَأَنَّهـا
قَطــاً شــُرَّعُ الْأَشــْراكِ مِمَّـا تَخَـوَّفُ
عَلَيْنـا النَّـدَى طَـوْراً وَطَوْراً يَرُشُّنا
رَذاذٌ سـَرَى مِـنْ آخِـرِ اللَّيْـلِ أَوْطَـفُ
وَبِتْنــا كَأَنّــا بَيَّتَتْنــا لَطِيمَــةٌ
مِـنَ الْمِسـْكِ أَوْ خَـوَّارَةُ الرِّيحِ قَرْقَفُ
يُنازِعنَنــا لَــذّاً رَخِيمــاً كَــأَنَّهُ
عَــوائِرُ مِــنْ قَطْــرٍ حَــداهُنَّ صـَيِّفُ
رَقِيــقُ الْحَواشـِي لَـوْ تَسـَمَّعَ راهِـبٌ
بِبُطْنــانَ قَــوْلاً مِثْلَــهُ ظَـلَّ يَرْجُـفُ
حَـدِيثٌ لَـوَ انَّ الْبَقْـلَ يُـولِي بِنَفْضِهِ
نَمـا الْبَقْـلُ وَاخْضَرَّ الْعِضاهُ الْمُصَنِّفُ
هُـوَ الْخُلْدُ فِي الدُّنْيا لِمَنْ يَسْتَطِيعُهُ
وَقَتْــلٌ لِأَصــْحابِ الصــَّبابَةِ مُــذْعِفُ
وَلَمَّــا رَأَيْـنَ الصـُّبْحَ بـادَرَ ضـَوْءَهُ
دَبِيـبُ قَطـا الْبَطْحـاءِ أَوْ هُـنَّ أَقْطَفُ
وَأَدْرَكْـنَ أَعْجـازاً مِـنَ اللَّيْلِ بَعْدَما
أَقــامَ الصــَّلاةَ الْعابِـدُ الْمُتَحَنِّـفُ
وَمـا أُبْـنَ حَتَّـى قُلْـنَ يا لَيْتَ أَنَّنا
تُــرابٌ وَلَيْـتَ الْأَرْضَ بِالنَّـاسِ تُخْسـَفُ
فَـإِنْ نَنْـجُ مِنْ هَذِي وَلَمْ يَشْعُرُوا بِنا
فَقَـدْ كـانَ بَعْـضُ الْخَيْرِ يَدْنُو فَيُصْرَفُ
فَأَصـْبَحْنَ صـَرْعَى فِـي الْحِجالِ وَبَيْنَنا
رِمــاحُ الْعِـدا وَالْجـانِبُ الْمُتَخَـوِّفُ
يُبَلِّغُهُـــنَّ الْحـــاجَ كُــلُّ مُكــاتَبٍ
طَوِيــلِ الْعَصــا أَوْ مُقْعَــدٌ مُتَزَحِّـفُ
وَمَكْمُونَـــةٌ رَمْــداءُ لا يَجْــذَرُونَها
مُكاتَبَـــةٌ تَرْمِـــي الْكِلابَ وَتَحْــذِفُ
رَأَتْ وَرَقــاً بِيضــاً فَشـَدَّتْ حَزِيمَهـا
لَهـا فَهْـيَ أَمْضـَى مِـنْ سـُلَيْكٍ وَأَلْطَفُ
وَلَـنْ يَسـْتَهِيمَ الْخُرَّدَ الْبِيضَ كَالدُّمى
هِــدانٌ وَلا هِلْباجَــةُ اللَّيْـلِ مُقْـرِفُ
وَلا جَبِــلٌ تِرْعِيَّــةٌ أَحْبَــنُ النَّســا
أَغَـمُّ الْقَفـا ضـَخْمُ الْهِـراوَةِ أَغْضـَفُ
حَلِيـــفٌ لِـــوَطْبَى عُلْبَــةٍ بَقَرِيَّــةٍ
عَظِيـمُ سـَوادِ الشـَّخْصِ وَالْعُـودُ أَجْوَفُ
وَلَكِــنْ رَفِيــقٌ بِالصــِّبا مُتَبَطْــرِقٌ
خَفِيــفٌ ذَفِيـفٌ سـابِغُ الـذَّيْلِ أَهْيَـفُ
قَرِيـــبٌ بَعِيـــدٌ ســاقِطٌ مُتَهــافِتٌ
فَكُـــلُّ غَيُـــورٍ ذِي فَتــاةٍ مُكَلَّــفُ
فَتَـى الْحَـيِّ وَالْأَضـْيافِ إِنْ نَزَلُوا بِهِ
حَــذُورُ الضــُّحَى تِلْعابَــةٌ مُتَغَطْـرِفُ
يَـرى اللَيـلَ فـي حاجـاتِهِنَّ غَنيمَـةً
إِذا قــامَ عَنهُـنَّ الهِـدانُ المُزَيَّـفُ
يُلِــمُّ كَإِلْمــامِ الْقُطـامِيِّ بِالْقَطـا
وَأَســْرَعُ مِنْــهُ لَمَّــةً حِيــنَ يَخْطَـفُ
وَأَصــْبَحَ فِـي حَيْـثُ الْتَقَيْنـا غُدَيَّـةً
ســـِوارٌ وَخَلْخـــالٌ وَبُــرْدٌ مُفَــوَّفُ
وَمُنْقَطِعــاتٌ مِــنْ عُقُــودٍ تَرَكْنَهــا
كَجَمْـرِ الْغَضـا فِـي بَعْـضِ ما يُتَخَطْرَفُ
وَأَصـْبَحْتُ غِرِّيـدَ الضـُّحَى قَـدْ وَمِقْنَنِي
بِشــَوْقٍ وَلَمَّــاتُ الْمُحِبِّيــنَ تَشــْعَفُ
جِرانُ العَوْدِ النُّمَيْرِيّ، هوَ عامرُ بن الحارثِ بنُ كُلْفة، وقيلَ المُسْتَوْرَد، أبُو غبّاب، شاعرٌ وصّافٌ أدركَ الإسلامَ، وسمعَ القرآنَ وأوردَ منهُ كلماتٍ في شعرِهِ. لمْ تتعدَّدْ أغراضُهُ وموضوعاتُهُ بل تركَّزَتْ في الوصْفِ والتّشبيه، والغزلِ. ولمْ تَذْكُرْ عنهُ المصادرُ إلّا النزرَ اليسيرَ، يدورُ حولَ مقتطفاتٍ من شِعْرِهِ وسببِ تلقيبِهِ بجِرانِ العَوْد.