
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إذا لــم يَخُــنْ صــَبُّ ففيــمَ عِتـابُ
وإن لــم يكــنْ ذَنْــبٌ فمِــمَ يُتـابُ
أجــلْ مالنــا إلاّ هــواكمْ جِنايــة
فهــل عنــدَكم غيـرَ الصـُّدودِ عقـاب
أيــا دُرَّةً مــن دونِ كَــفٍّ تَنالُهــا
لبحـــر المنايــا زَخْــرةٌ وعُبــاب
أمــا تَتّقيــنَ اللــهَ فــي مُتَجَـرِّعٍ
كُــؤوسَ عــذابٍ وهْــيَ فيــكِ عــذاب
تُريــدينَ أن اَشـْفي غليلـيَ بـالمُنى
ومــن أيــنَ أروَى والشــَرابُ سـَراب
وقفْـــتُ بــأطلالِ الــدِيارِ مُســَلِّماً
وعَهْــدِي ومْلــءُ الــواديَيْنِ قبــاب
فــأبرَق عُــذّالي مَلامــاً وأرعَــدوا
وأمطـــرَ أجفـــاني فتَـــمَّ ســَحاب
بــهِ غَنِيــتْ أرضُ الحِمـىَ عـن مُصـبَّحٍ
يقــول ســقَى دارَ الرّبــابِ ربَــاب
ولــم أنســَها لمّـا تَغنّـتْ حُـداتُهم
وللعيــسِ مــن تحـتِ الرحـالِ هِبـاب
وقــد حــان منّـي أنْ رَميـتُ بنظـرةٍ
وقــد حُـطَ عـن شـمسِ النهـارِ نِقـاب
وأذْرَيـت لمّـا خـانَني الصـَّبرُ عَبْـرةً
فســالتْ بــأعلَى الأبرقّيــنِ شــِعاب
فقـالتْ لـيَ الحَسـْناءُ غـالطْتَ ناظري
وبعــــضُ بُكـــاءِ العاشـــقينَ خِلاب
فـــوَجْهِيَ شــمسٌ والفــراقُ ظَهيــرةٌ
وخَــــدُّك أرضٌ والــــدُّموعُ ســـَراب
فقلــتُ معــاذَ اللــهِ أخــدَعُ خُلّـةً
علــى حيــنَ زُمّــتْ للرّحيــلِ رِكـاب
فمــا دونَ دُرِّ الــدّمعِ خِيفـةَ نَهْبـه
إذا بِــتُّ مــن جَفنَــيَّ يُغلَــقُ بـاب
ولكنّنـــي مـــا كنــتُ أوّلَ صــاحبٍ
تَجنّـــى عليـــه ظـــالمِينَ صــِحاب
فكُـذِّبَ فـي دَعْـوَى الهـوَى وهْـو صادقٌ
وصـــُدِّقَ للواشـــِينَ فيـــه كِــذاب
ومـا ارتـابَ بـي الأحبـابُ إلا بأنّهم
إذا نُظِـروا كـانوا الّـذينَ أَرابـوا
وهـا أنـا قـد أرضيَتُ جُهْدي وأسخَطوا
وأصـفَيْتُ مـا شـاؤوا الودادَ وشابوا
وقـد رابنـي دهـرٌ بَنـوهُ بهِ اقتَدوا
كمــا اطّــردتْ خلْـفَ السـِنانِ كِعـاب
ولـم يَـدْعهُم داعـي الزّمانِ ليُسرِعوا
إلــى الغَــدْرِ إلا دَعْــوةً فأجـابوا
وخَــطٍّ عَلاهُ الــوَخطُ فــاغبرَّ قَبلمـا
تَــترّبَ فــي كَــفِ العَجــولِ كتــاب
ومــا أدّعِـي أن الهمـومَ اقتَنَصـنَني
ببــازٍ بَــدا مـن حيـثُ طـارَ غُـراب
ولا أنّ تــاجَ الشــَّيبِ أَضـحَتْ لعَقْـدهِ
مَمالـــكُ أَطرابـــي وهُـــنّ خَــراب
فمِــن قبـلِ الشـَيبِ لـم يَصـْفُ مَشـْربٌ
لِعَيْشــي وأغصــانُ الشــبابِ رِطــاب
وقَـــلّ غنــاءً عــن فــؤادٍ مُعَــذّبٍ
بــأنْ يتَجّلــى كيــف شــاء إهــاب
إذا مَـرّ في الهمّ الشبابُ على الفتَى
فــإنّ ســوادَ الشــَّعْرِ منــه خِضـاب
وإنْ شــابَ فـي ظـلّ السـّرور فَفَرعُـه
نهــارٌ بيــاضُ اللْــونِ منـه شـَباب
ومـا عَجَـبي مـن غَـدْرةِ الفَـوْدِ وَحْدَه
فعِنـــدي أمـــورٌ كُلُّهُـــنَّ عُجـــاب
زمــانٌ يَجُــرُّ الفضــْلُ فيـه مَهانـةً
كــأنّ مديــحَ النّــاس فيــه سـباب
وعيــنٌ رأتْ منهــم هَنــاتٍ فأَغمضـَتْ
وقـومٌ رَجَـوا منّـي السـِقاطَ فخـابوا
يُجــاذبُنِي فضــْلَ الوقــارِ مَعاشــرٌ
وهــل مــن مُزيــلٍ للجبــالِ جِـذاب
وحَســـْبُ امرىــءٍ ألا يُعــابَ بخَلَّــةٍ
ولكــنْ زمــانُ الســّوء فيـه يُعـاب
فكــم قــائلٍ لمّــا تـدَبّر والفـتى
لـــه خطَــأٌ فيمــا يُــرَى وصــواب
لقـد هَـرِم الـدُّنيا فلـو بُـدِّلَتْ لنا
بــأُخرى تَجيــءُ النّـاسَ وهْـي كَعـاب
ومــــا هـــذه الأفلاكُ إلا مُـــدارةٌ
علــى شــكلٍ الأحــرارُ فيــه غِضـاب
فلــو نقِضــَتْ يومـاً وأُحـدِثَ نَصـبْهُا
ومــا فــي صـنيع اللـهِ ذلـك عـاب
رَجونـا مـن الشـكلِ الجديـدِ لفاضـلٍ
أطـــالَ ســـلاماً أنْ يكــونَ جَــواب
كمــا نُقِـضَ الشـَطْرَنْجُ لليـأسِ نَقْضـةً
وعــاد رَجــاءٌ حيــن عــادَ لِعــاب
فقلــتُ لــه هَــوِّنْ عليــك فطالمـا
تـــذلَّلتِ الأحـــداثُ وهْـــي صــِعاب
ولا يــأْسَ مـن روْحٍ مـنَ اللـهِ عاجـلٍ
فكــم نــالَ شَمســاً ثُـمَّ زالَ ضـبَاب
وكـم قـد هَـوى مـن قُلّـةٍ الأُفْقِِ كوكبٌ
وكـم ثـارَ مـن تحـتِ النِّعـالِ تُـراب
ولكــنْ لكُــلٍّ غَيْبــةٌ عــن مكــانِه
وعمّـــا قليـــلٍ رَجْعَـــةٌ فإيـــاب
فلا تُكْثِــرَنْ شــكْوى الزّمـان فإنّمـا
لكُـــــلِّ مُلـــــمٍّ جَيْئةٌ وذَهــــاب
وقد كان ليل الفضلِ في الدهرِ داجياً
إلــى أنْ بَــدا للنــاظِرينَ شــِهاب
بِعَــوْدٍ كمــا عـاد الكَليـم بنُجْحِـه
إذا جَـــدَّ بالعاشـــي إليـــه طِلاب
هُمــامٌ تَجَلّـى فـي الزمـانِ فـأقبلَتْ
إلــى العِّــز منّــا تَشــرئبُّ رِقـاب
وكالشـّمس مـا إن تُضـرَبُ الحُجْبُ دونه
ولكــن بفَضــْلِ النّــورِ عنـه حِجـاب
غمــامُ نــدىً والمــادِحونَ جَنــوبُه
إذا ضـــَمّهم والزائريـــن جَنـــاب
فمــن فضــّةٍ طُــولَ الزّمـانِ فَضيضـةٍ
ومـــن ذَهَــبٍ يَنهَــلُّ منــه ذِهــاب
وبيــتُ عُلاً عنــه صــَوادِرَ لـم تَـزَلْ
حقـــائبُ وَفْـــدٍ مِلّـــؤهنّ ثَـــواب
تَقاســـمُ أيـــدي الوافــدينَ تِلادَه
كــــأنّ لُهــــاهُ للأكُـــف نِهـــاب
مـن القـوم أمّـا فـي النّدَى فأكفُّهم
ريــاحٌ وأمّــا فــي الحُبـا فهِضـاب
يُريــكَ الكــرامَ الـذّاهِبينَ لِقـاؤه
فلُقْيَتُــــه حشـــْرٌ لهـــم ومـــآب
طليـقُ المُحيّـا لـم يـزلْ مـن لسانِه
تَفِـــرُّ خطـــوبٌ إذ يُكـــرُّ خِطـــاب
لكشـْفِ نقابِ الغيبِ عن وجه ما انطوَى
عـنِ الخَلْـقِِ يغْـدو الـدهرُ وهْو نِقاب
لــه مَنْطِـقٌ مـاءُ النهـى منـه صـَيبٌ
وفِكْــرٌ ســهامُ الــرأي عنـه صـِياب
وأَعطيــــةٌ للفاضــــلينَ جزيلـــةٌ
وأفنيــــةٌ للزّائريــــنَ رِحــــاب
حـوَى مـن ثنـاء النّـاسِ أوفَى نصيبهِ
كريــمٌ لــه فــي الأكرميــنَ نِصـاب
وغَيْــثٌ علــى حيــن البلادُ جديبــةٌ
وليــثٌ علــى حيــن الأســنّةُ غــاب
مــن الغُلْـبِ فَـرّاسُ الفـوارسِ ضـَيغمٌ
لــه الرُّمــح ظُفْــرٌ والمُهنّـدُ نـاب
قليــلُ احتفــالٍ بـالحروبِ وهَوْلِهـا
إذا بَرقَــتْ تحــت العَجــاج حِــراب
إذا اهــتزّ رمْــحٌ قـال راوغَ ثعلـبٌ
وإن صــَلّ ســَيْفٌ قــال طَــنّ ذبــاب
أَمِنْــتُ علــى عَليــاه عيـنَ زمـانِه
وأضــحَى لِســيفِ اللــهِ عنـه ضـِراب
فَمــرْآهُ مِــرآةٌ مــن البِشـْرِ كُلّمـا
رنَــتْ حَــدقُ الأقــوامِ وهــي صــِلاب
مــتى مارَموْهــا بــالعيونِ فإنّمـا
لأنفُســـهم لــو يَعلمَــونَ أصــابوا
فِــدّىً لــك قـومٌ فـي العلاء أُشـابةٌ
فــأنت مــن الغُــرّ الكـرام لُبـاب
وهـل يَبلُـغُ الحُسـّادُ شأوَك في العُلا
ويــأْتي علــى فَضــْلٍ حَــوْيتَ حسـاب
وللمُلْــكِ أســرارٌ حَفِظْــتَ وضــيَّعوا
وللنّصـــرِ أيــامٌ شــَهِدْتَ وغــابوا
فلـو كـان ضـوءُ الشـَّمس مُمسي كمُصَبحٍ
لقُلْنــا لهـا فـي الأرض عنـكِ مَنـاب
ولـو كـان لُـجُّ البحـرِ عـذْباً مُجاجُه
لقيــلَ لكــأسٍ مــن نــدّاكَ حَبــاب
ألا يـا مُجيـرَ الـدّولتَيْنِ دُعـاءَ مَـنْ
يَجـــوبُ بعيـــداً ذِكُـــره فَيُجــاب
إليـك غَلْبنـا الـدّهْرَ قِرْنـاً مُكاوِحاً
إلـــــى أن بلَغْنــــا والعلاءُ غِلاب
وقـد جبْـت أرضـاً كالجبـال سـُهولُها
فقُــلْ فــي جبــالٍ ثُـمّ كيـف تُجـاب
أطيــرُ إلــى ناديــكَ فَـرْطَ صـَبابةٍ
كــأنّيَ فــي تلــك العِقــابِ عُقـاب
فحتّــى متَــى دَلْــوِى يُقَعْقَــعُ شـَنُّه
وقــــد مُلِئتْ للآخريــــنَ ذِنــــاب
ومــالي بفَضــْلٍ فَضــْلُ مـالٍ تَحـوزُه
يَــدايَ فــذاك الشــُّهْدُ عنـديَ صـاب
ولكــنْ حُقــوقٌ مـا أُقيمَـتْ فُروضـُها
ففــاتَت وقاضــي الفائتــاتِ مُثـاب
وصـــُحْبةُ أســـلافٍ قـــديمٌ تَحَرُّمِــي
بهــا نَســَبٌ لــي لَـو رَعَيـتَ قُـراب
وعنــــدي دِلاصٌ للكريـــمِ مُضـــاعَفٌ
لهـا الـدَّهرَ أفـواهُ الـرُّواةِ عِيـاب
بـه فـي صـُدورِ النّـاسِ يُفرَش لي هوىً
ويُحــرَشُ مــن بيــنِ الضـُّلوع ضـِباب
فَــدُونك بالعِقْــدِ الثّميــن تَحَلّيـاً
إذا نيــطَ بالجيــدِ الـذَّليلِ سـِخاب
وعـــشْ للعُلا مــاكَرَّ فــارسُ أَدْهَــم
لــه الصــُّبْحُ ســيفٌ والظلامُ قِــراب
جَمعْــتَ لأهـلِ الـدَّهرِ بأْسـاً ونـائلاً
فلا زِلْـــتَ فيهــم تُرتَجَــى وتُهــاب
ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني القاضي.شاعر ولد في أرجان وطلب العلم بأصبهان، ويكرمان، وقد تولى منصب نائب قاضي قضاة خوزستان، ثم ولي القضاء بأرجان مولده.وكان يدرس في المدرسة النظامية في بغداد.وقد عاصر الأرجاني خمسة من الخلفاء، وتوفي في عهد الخليفة المقتضي لأمر الله. عن أربع وثمانين سنة.وجل شعره حول المديح والوصف والشكوى والحكم والأمثال الفخر.له ديوان مطبوع.