
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حيَّــاك أرضـاً وازدهـاكِ سـماءَ
بحــرٌ شـدا صـخراً وصـفَّقَ مـاءَ
يحبـو شـعابَكِ في الضحى قبلاته
ويــرفُّ أنفاســاً بهــن مسـاءَ
متجــدِّدَ الصــبواتِ أودعَ حبَّـهُ
شــتى الأشــعةِ فيـكِ والأنـداءَ
وَلِــعٌ بتخطيـطِ الرمـال كـأنه
عرَّافـــةٌ تســـتطلع الأنبــاءَ
ومصـوّرٌ لبـقُ الخيـال يصوغُ من
فـنِّ الجمـالِ السـِّحرَ والإغـراءَ
نسـق الشـواطئ زينـةً وأدقهـا
صــوراً بريَّـا صـفحتيهِ تـراءى
يجلـو بريشـته السـماءَ وإنما
زادت بريشـــته الســماءُ جلاءَ
لا الصـبحُ أوضحُ من مطالعِهِ بِها
شمســاً ولا أزهـى سـنىً وضـياءَ
كلا ولا الليـل المكـوكبُ أفقُـهُ
بــأغرَّ بــدراً أو أرقّ ســماءَ
يـا رُبَّ زاهيـةِ الأصـيلِ أحالها
أُفقــاً أحــمّ ولجَّــةً حمــراءَ
وكأنمـا طـوتِ السـماءَ ونشـَّرَتْ
لهبــاً وفجَّـرتِ الصـخورَ دِمـاءَ
ولـربَّ عـاطرةِ النسـيمِ عليلـةٍ
طـالعتُ فيهـا الليلةَ القمراءَ
رقصـت بها الأمواجُ تحتَ شُعاعِها
وســرَتْ تجــاذبُ للنسـيم رداءَ
حـتى إذا رانَ الكـرى بجفونها
ألقــت إليـكِ بسـمعها إصـغاءَ
تتســمَّعُ النـوتيَّ تحـت شـراعهِ
يشـدو فيبـدعُ في النشيدِ غِناءَ
هـزَّت ليـالي الصيفِ ساحرَ صوتهِ
فشـجى الشـواطئَ واستخفَّ الماءَ
وأثـارَ أجنحـةَ الطيـورِ فحوَّمتْ
فـي الأفـقِ حيـرى تتبعُ الأصداءَ
صـُورٌ فـواتنُ يـا شواطئُ صاغها
لـكِ ذلـكَ البحـرُ الصناعُ رواءَ
فتنظّريـهِ علـى شـعابكِ مثلمـا
رجـعَ الغريـب إلـى حماهُ وفاءَ
كـم ظـلّ يضـربُ في صخورِكِ موجُهُ
ممـــا أجَــنَّ محبَّــةً ووفــاءَ
عـذراً إذا عَيَّـتْ بمنطقه اللُّغى
فهـوَ العَيِـيُّ المفحِـم الفُصحاءَ
فخُذي الحديثَ عليه واستمعي لهُ
كــم مـن جمـادٍ حـدَّثَ الأحيـاءَ
وسليهِ كيف طوى الليالي ساهداً
وبَلا الأحبَّــةَ فيــكِ والأعــداءَ
كـم ليلـةٍ لك يا شواطئُ خاضَها
والهــولُ يملأ حولــكِ الأرجـاءَ
والسـفنُ مرهفـةُ القلاعِ كأنمـا
تطـأ السـحابَ وتهبـطُ الدأماءَ
حملـتْ لمصـرَ الفـاتحينَ وطوّحتْ
بالنيــل منهــمْ جَحْفلاً ولـواءَ
ولـو اسـتطاع لـردَّ عنكِ بلاءَهم
وأطــارَ كــلَّ ســفينةٍ أشــلاءَ
أو كـان يملك قدرةً حشَدَ الدُّجى
ونضـا الرجـومَ وجنَّـد الأنـواءَ
ودعـا غـواربَه الثقالَ فأقبلتَ
فرمــى بهـا قـدراً وردَّ قضـاءَ
فاستعرضـي سـِيرَ الحياة وردِّدي
مــا سـرَّ مـن أنبـائهنَّ وسـاءَ
وخُـذي ليومـكِ مـن قديمكِ أُهبةً
ومــن الجديــد تعِلَّـةً ورجـاءَ
إيـهِ شـواطئَ مصرَ والدنيا مُنىً
تهفـو إليـكِ بنـا صـباحَ مساءَ
نـاجيتِ أحلامَ الربيـعِ فـأقبلتْ
وأشـرتِ للصـيف الوسـيمِ فجـاءَ
يحبـوكِ مـن صفوِ الزمانِ وأنسه
مـا شـئتِ من مَرحِ الحياةِ وشاءَ
وغـداً تضـيءُ علـى جبينكِ لمحةٌ
طبـعَ الخلـودُ سـماتها الغرّاءَ
وتـرفُّ منـه علـى ثغـورِك قبلةٌ
أصـغى النسـيم لهـا وغضَّ حياءَ
فاستقبلي الصيفَ الجميلَ وهيِّئي
للشــعرِ فيــكِ خميلــةً غنّـاءَ
وتسـمّعي لحـنَ الخيـالِ وأفردي
لـي فـوق مـائكِ صـخرةً بيضـاءَ
واستعرضـي حورَ الجنانِ وأطلقي
لغـة السـماء وألهمي الشعراءَ
علي محمود طه المهندس.شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة.له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه)، (وليالي الملاح التائه) و(أرواح شاردة) و(أرواح وأشباه) و(زهر وخمر) و(شرق وغرب) و(الشوق المائد) و(أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.