
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إلــى قِمَّــةِ الزَّمــنِ الغــابرِ
ســَمَتْ رَبَّــةُ الشــعر بالشـاعرِ
يَشـــُقُّ الأثيــرَ صــدىً عــابراً
وروحــــاً مُجَنَّحَـــةَ الخـــاطرِ
مضــتْ حـرةً مـن وثـاق الزَّمـانِ
ومـــن قبضــةِ الجســدِ الآســرِ
وأوفــتْ علــى عـالَمٍ لـم يكـنْ
غريبــاً علــى أمسـِها الـدَّابرِ
نمَـتْ فيـه بيـن بنـاتِ السـديمِ
وشــبَّتْ مــع الفلــكِ الــدائرِ
تُلقَّــنُ ســيرَتَها فــي الحيـاة
وتنطُـــقُ بالمثـــلِ الســـائرِ
وترْســـُمُ أســماءَ مــا عُلِّمَــتْ
مــن القلــم المبـدع القـادرِ
مشــاهدُ شــتى وَعَتهـا العقـولُ
وغــابتْ صــُواها عــن النـاظرِ
وجـودٌ حـوى الـروح قبل الوجودِ
ومـــاضٍ تمثَّـــلَ فـــي حاضــرِ
تبــدَّى لهــا فــانجلى شــكُّها
وثــابت إلــى وَعْيِهـا الـذَّاكرِ
وأصــغت فمــرت علــى ســمعِها
روايـــةُ ميلادِهـــا الغـــابرِ
هـو البعـثُ فاسـتمعوا واقرأوا
حــديثَ الســَّماءِ عــن الشـاعرِ
عَجبــتُ مَــنِ الملَــكُ العــابرُ
ومــنْ ذلــك الشــَّبَحُ الطَّــائرُ
أهَلَّا علينــــا فمـــا ســـلَّما
ولا صـــافح النــاظرَ النــاظرُ
وللرِّيــــحِ حولهمــــا زَفَّـــةٌ
كمــا صــَدَحَ المِزْهَــرُ السـاحرُ
أفــي عــالمِ الأرضِ بعـثٌ جديـد
أم الـــوهْمُ مثّلـــه الخــاطرُ
نعــم هــو روحٌ جميــلُ الإهـاب
يُنِيــلُ الرِّيــاحَ جَنَــاحَيْ مَلَـكْ
وذلـــك هرميـــسُ يَســْري بــهِ
سـُرى النـورِ فـي سـُبُحاتِ الفلكْ
عرفنـــاهُ لا شــكَّ هــذا فــتىً
سَيَســْلُكُهُ الفــنُّ فيمــن ســَلَكْ
غـــــداً تملأُ الأرضَ ألحــــانهُ
ويَبْقــى صــداها إذا مـا هلَـكْ
إلـى الأرضِ فليمـضِ هـذا الشـقيُّ
ألا ولتَفِـــضْ كأســُهُ بالشــجونْ
جــزاءً لِمــا غــضّ مـن أمرنـا
ومــرَّ كــأنْ لــمْ تلاقَ العيـونْ
أراهُ ولمَّـــا يَـــزَلْ بيننـــا
أصــابَتْه لُوثَــةُ أهـلِ الفنـونْ
لئنْ صــحَّ مــا كـان مـن أمـرهِ
فيــا شــِقْوَةَ الأرضِ ممَّـا يكـونْ
حنانــكِ يــا أخــتِ لا تغضــَبي
فمـا اختـالَ زهـواً ولا استكبرا
لقـد كـفَّ عينيـهِ بَـرْقُ الحيـاةِ
فمـــرَّ بنـــا دون أن يُبْصــِرا
لنــا مِثْلُــهُ فــي غــدٍ غشـيةٌ
إذا مــا حللنـا رحـابَ الـثرى
إذا كـان فـي الأرضِ هذا الشقاءُ
فلا كــــانَ بَعْـــثٌ ولا قُـــدِّرا
أرى فــي حـديثكِ معنـى الرِّضـا
وأســمعُ فيــهِ هُتَــافَ الحنـانْ
فهلا ذكــــرتِ لــــهُ إخــــوةً
حــديثهمُ ملــءُ ســَمْعِ الزمـانْ
أصـاروا الفنـونَ رُمُـوزَ الأثـامِ
واسـتلهموا الشـرَّ سـِحْرَ البيانْ
وأغــرَوْا بحــواءَ مــا لُقِّنـوا
ومـا حـذَقُوا مـن طريـدِ الجنانْ
ألـــمْ تســمعِي بفــتى شــاعرٍ
يُحَمِّلُهــــــا عبـــــءَ أوزارِهِ
ترَشــــَّفها خمـــرةً فانتشـــَى
فألقمهــــا مــــرّ أثمـــارِهِ
أنـــالته أجمَـــل أزهارِهـــا
فأهـــدى لهــا شــَرَّ أزهــارِهِ
إذا كنـتِ يـا أخـت لـم تسـمعي
خُــذي فــاقرأي بعــضَ أشـعارِهِ
ولفَّـــتْ ذراعيـــن كــالحيّتينِ
علــيَّ وبــي نشــوةٌ لــم تطِـرْ
وقــد قرَّبــتْ فمَهــا مـن فمـي
كشـــِقَّينِ مـــن قبَــسٍ مُســْتَعِرْ
أشــــمُّ بأنفاســــها رغبـــةً
ويهتــفُ بــي جفنُهـا المنكسـرْ
تــبيَّنْتُ فــي صــدرها مصــرعي
وآخـــرة العاشـــقِ المنتحِــرْ
أفـــي حُلُــمٍ أنــا أم يقظــةٍ
ومــنْ أنــتِ أيتهــا الخـاطئهْ
هـو الحـبُّ لا بـل نـداءُ الحياة
تُلبِّيـــهِ أجســادُنا الظــامئهْ
يَخِــفُّ دمــي لصــداهُ الحــبيبِ
وتــدفعني القُــدرةُ الهــازئهْ
كــأني ببحــرٍ بعيــدِ القـرار
طـــوى أفقَـــه وزوَى شـــاطئهْ
أرى مـــا أرى جســَداً عاريــاً
تضــجُّ بــه الشــهوةُ الجـائعهْ
أرى مـــا أرَى حَـــدَقيْ ســاحر
تؤجّـــان بــالنظرة الرائعــهْ
أرى مـــا أرى شـــَفتيْ غــادةٍ
ترِفَّـــان بالقُبلَــةِ الخــادعهْ
تُســـاقطني ثمـــراً مـــا أرى
أرى حيَّـــةَ الجنَّــة الضــائعهْ
بعينــــكِ أنـــتِ فلا تُنكـــري
صـــفاتِ أنوثتـــكِ الشـــَّاهدهْ
تَمثَّلْـــتِ شـــتَّى جســومٍ وكــم
تجـــدَّدْت فـــي صــُوَرٍ بــائدهْ
نعــم أنــت هـنَّ نعـم مـا أرى
أرى الكــلَّ فـي امـرأةٍ واحـدهْ
لقــد فنيَــتْ فيــك أرواحهــن
وهــا أنــتِ أيتهــا الخالـدهْ
لقــد كنــتِ وحْـي رَخـامٍ يصـاغُ
فأصــبحتِ لحمـاً يـثير الـدماءْ
وكنـــتُ فـــتىً ســاذجاً لا أرى
ســوى دميــةٍ صـوِّرت مـن نقـاءْ
أُنيــلُ الــثرى قَــدَميْ عــابرٍ
يعيــش بــأحلامِه فــي السـماءْ
فأصــبحتُ شــيئاً ككـل الرجـال
وأصــبحتِ شــيئاً ككـل النسـاءْ
وكنــتِ أميــرة هــذي الــدُّمى
وصــورةَ حُســنٍ عزيــز المنـالْ
وكنــتِ نمــوذجَ فــنِّ الجمــالِ
أحبُّــــكِ للفـــنِّ لا للجمـــالْ
أرى فيــكِ مــا لا تحـدُّ النّهـى
كأنـــكِ معنــىً وراء الخيــالْ
فجرَّدْتِنــــــي رجلاً أشـــــتهي
وجــرَّدتُ أنــثى تشـهَّى الرجـالْ
دعينـــي حـــواءُ أو فابعــدي
دعينــي إلــى غــايتي أنطلِـقْ
أخمــرٌ ونــار لقــد ضـاق بـي
كِيـــاني وأوشـــِكُ أن أختنِــقْ
أرى مــا أرى لهبــاً بـل أشـمُّ
رائحـــةَ الجســـد المحـــترقْ
فيـــا لــكِ أفعــى تشــهَّيتُها
ويــا لــيَ مــن أُفعـوانٍ نـزقْ
كفانــا فقـد جُـنَّ هـذا الفـتى
وجـــاوز حــدَّ الكلام المبــاحْ
نكـــاد نُحِــسُّ اختلاجَ النجــوم
ونســمع مُضــْطرباً فـي الريـاحْ
مريـــضُ الغريـــزةِ فتَّاكُهـــا
حَبَتْــهُ الطبيعــةُ أمضــَى سـلاحْ
ســـَقَتْهُ الشــياطينُ يحمومَهــا
فمـــجَّ الرحيــقَ وذمَّ الصــباحْ
تـــأثَّم بـــالفنِّ حــتى غــوَى
ومـا الفـنُّ بـالمرأةِ الخـاطئهْ
هـو الـدمُ واللحـمُ مـا يشـتهي
هـو الخمـرُ والمتعـةُ الطـارئهْ
وكـم فـي الرجـالِ سُعَارُ الوحوش
إذا لمســوا الجُثَّــةَ الـدافئهْ
فلا تــذكري فــنَّ هــذا الفـتى
بـــل الحيوانيـــةَ الخاســئهْ
رأى جســـمَ حـــواءَ فاشــتاقَه
فهــاجتْ بـه النـزوة المُسـْكِرَهْ
ســَبى روحَهــا فاشـتهى جسـمَها
فثــــارتْ بعـــزّةِ مســـتكبرَهْ
ســَمَا جســمُها وتــأبَّى عليــه
فجـــرَّدَ فــي وجههــا خِنجــرَهْ
وهـــمَّ بهــا فــالتوى قصــدهُ
فأرســـل صـــيحتَه المُنكـــرَهْ
ألـمْ يَنسـِمِ الخُلـدَ مـن عطرهـا
ألـمْ يعْبـدِ الحسـنَ فـي زهرِهـا
ألـم يقبـسِ النـورَ مـن فجرهـا
ألــم يسـرقِ الفـنَّ مـن سـحرِها
شــفَتْ غُلّـةَ الفـنِّ حـتى ارتـوى
وإن دنَّــسَ الفــنُّ مــن طهرِهـا
وهـــامَتْ علــى ظمــأٍ روحُهــا
وكــم ملأوا الكـأسَ مـن خمرِهـا
علــى مَذْبَـحِ الحـب مـن قلبهـا
ســــِراجٌ يُســــبِّح مَــــنْ لألأه
منــارٌ يجــوبُ الــدجى لمحــهُ
فتلقــى الســفينُ بــه مرفـأه
يبــثُّ الحــرارةَ بَـرْدَ الشـتاءِ
ويُلهـــبُ شـــُعلته المطفـــأه
وتمشــي الحيــاةُ علــى نـورِهِ
ومــا نـورُهُ غيـرُ عيـنِ امـرأه
خطيئتُهـــا قِصـــَّةُ الملهميــن
وإغراؤهــا الفــرَحُ المفتقَــدْ
بــأرواحهم يَرتقــون الخلــودَ
علــى ســُلَّمٍ مـن متـاع الجسـدْ
ولــو لــم تكــن لهـوى فنّهـم
صـــريعَ الظلام قتيــلَ الجمَــدْ
ومــا الفـنُّ إلَّا سـعيرُ الحيـاةِ
وثورتُهــا فــي محيــط الأبــدْ
لهيــبٌ إذا الــرُّوحُ مــرَّتْ بـهِ
تضــاعفتِ الــرُّوحُ فــي نــارهِ
يُطيـــقُ القــويُّ لظــى جَمْــرِهِ
ويعشـــو الضـــعيفُ بــأنوارهِ
رَمَـــتْ فيــهِ حــواءُ آثامهــا
فـــذابتْ علــى صــُمِّ أحجــارهِ
لقـــد قرَّبَــتْ جَســداً عاريــاً
وقلبــــاً يَضــــِنُّ بأســـرارهِ
أمـن صـَنْعَةِ اللّـه هـذا الجمالْ
نعـم ومـن الفـنِّ هـذا المثـالْ
علــى مَعْــرِضٍ مرمــري الــدُّمى
ترامـــــى أشـــــعتُه والظلالْ
تماثيـــلُ مـــن جســدٍ فــاتنٍ
تــأبَّى علــى شــهواتِ الرجـالْ
حَبَتـــهُ الطبيعـــةُ أســرارَها
ولاقــى الحقيقـةَ فيـهِ الخيـالْ
لقــد أخــذَتْنا شـجونُ الحـديث
وكـم فـي حـديث الفتى من شجونْ
ســَمَرنا بــهِ وجهلنَــا اســمَهُ
ومــا حظُّـه مـن رفيـعِ الفنـونْ
أمِــنْ ربَّــةِ الشــعر إلهــامهُ
أم الــوترِ الأُرفُســيِّ الحنــونْ
أم المرمــرِ الغــضِّ يجلـو بـهِ
رفيــفَ الشـفاهِ ولمْـحَ العيـونْ
هــي وحيـهُ مـن سـماءِ الأُولمـبِ
وآلهـــةِ الحكمــة الغــابرينْ
فمــا هــو بالملَــكِ المسـتعزِّ
ولكنَّــــهُ الآدمـــيُّ المَهيـــنْ
ومــا الآدميــة بنــتُ السـَّماءِ
ولكنَّهـــا بنــتُ مــاءٍ وطيــنْ
يريـدُ لهـا الفـنُّ أفـقَ النُّجوم
فيُقْعِــدُها جســمُ عبــدٍ ســجينْ
ومـــا فنُّــهُ مــا أراهُ ســوى
أداةِ مطـــــامعِه الواســــعهْ
غــداً يســتَغلُّ غــرامَ الحسـانِ
ســبيلاً إلـى الشـُّهرةِ الـذائعهْ
يصـــيبُ بهـــنَّ خُلــودَ اســمِهِ
وهـــنَّ قرابينُـــهُ الضـــائعهْ
تمنَّيْــتُ لـو أطلقَتنـا السـماءُ
ويــا حَبــذا لـو بُعِثنـا مَعَـه
ألا حبـــذا الأرضُ مغــدىً لنــا
وإن بشــَّرَتها المنايــا بنَــا
ومـا الأرضُ بـالمنزلِ المسـْتَطابِ
ولكنَّــــهُ ثــــأرُ أترابنَـــا
لنشــربَ مــنْ دمِ هــذا الفـتى
مُصـــفَّى الرحيـــقِ بأكوابنَــا
ونجعــلَ مــن حشـرجاتِ الرجـال
تحيَّــــةَ شــــادٍ لأنخابنَــــا
ونســلُبُ مــا رزِقُـوا مـن حجـىً
ونهــدمُ مـا رفعـوا مـن قِبـابْ
ونبنــي لهــم نُصــُباً خالــداً
يكـون علـى الـدَّهرِ رمزَ العقابْ
تطــوف بــه لَعَنــاتُ الســَّماءِ
وترصـــــُدُهُ مُثُلاتُ العـــــذابْ
ولكــن أرى غيــرَ مــا قلتُمـا
وما الغدر في الرأي كلُّ الصوابْ
إذا خَلَـــتِ الأرضُ مــن طيرهــم
فمـن ذا يُحيّـي الجمـالَ القسيمْ
ومــن يُطلِــقُ الحـبَّ مـن وكـرِهِ
علــى خطَـراتِ الغنـاءِ الرَّخيـمْ
وفيــمَ نُرَقِّــشُ هــذا الجنــاحَ
ونصـــقلُه ببنـــانِ النعيـــمْ
طيــورَ السـماء حَـذَارِ الوقـوعَ
علـى حَطـبٍ فـي الثَّـرى أو هشيمْ
أيغريــكِ بــالحبِّ سـُودُ اللِّحـى
غِلاظُ الشــِّفاهِ العـراضُ الطِّـوالْ
كــأنَّ الهــوى صــُنْعُ أيــديهمُ
فمــن غيرهــم كـلُّ عيـشٍ مُحَـالْ
إذا شــئتِ كــان لنــا عــالَمٌ
يحـــوط الأنوثــةَ فيــهِ الجلالْ
حَمـــتْ رِقَّــةَ الجنــسِ ربَّــاتُهُ
فليــس بهــا حاجــةٌ للرجــالْ
لكـــلِّ اثنــتينِ هَــوىً واحــدٌ
تلاقَـــى علــى ســرِّهِ مهجتــانْ
وعُــشّ يضــمهما فــي المســاءِ
وروضٌ بــه فـي الضـُّحَى يعبثـانْ
وفـــي ركــنِ خــدْرهما مِغْــزَلٌ
وفـــوقَ الأريكـــةِ قيثارتــانْ
وتحـــت الوســـادة أقصوصـــةٌ
لقلــبين لــم يَروِهـا عاشـقانْ
مــاذا تُــرى صــَنَعَ العاشـقان
ومـا ذكريـاتُ الليـالي الحسانْ
حــديثُكِ إنْ لــم يكــنْ بدْعــةً
فحُلـمٌ جَـرَى فـي قـديمِ الزمـانْ
وصــيحةُ مُخفقــةٍ فــي الهــوى
مُعَربـدةِ الـرُّوحِ سـكرَى اللسـانْ
الأنوثــــةَ هــــذا الهـــوانْ
وفيهـا الـدهاءُ القـويُّ الجنانْ
لنـا الكيـدُ إن خـذلَتنا القُوى
أحابيـــلُ شــتى وفــنٌّ عجــابْ
نُلقَّــاهُ عــن مَلكــاتِ الزَّمـانِ
أقاصـيصَ لـم يـروِ عنهـا كتـابْ
وقــد نســتعيرُ صـفاءَ النميـر
وقــد نســتمدُّ صــراعَ العبـابْ
وقـد نسـحبُ الليـلَ فوق القلوب
ونغـري العيـون بقـوسِ السـَّحابْ
نســـاقِطُهم مـــن غَواياتنـــا
أزاهــرَ تَنــدى بمـاء الشـبابْ
إذا لألأتْ فــوق مــوج الشــُّعور
أثــارتْ بهــم ظمــأً للســَّرابْ
بألوانِهـا الحمـر جَمْـرُ الغضـا
وفــي نفحِهــا لفَحَـاتُ العـذابْ
هــو الفــنُّ لا ترتــوي روحــهُ
بأشــهى مـن الأرجـوانِ المـذابْ
هــو الحسـنُ فتَّانُنـا العبقـريُّ
هــو الحــبُّ سـلطاننا القـاهرُ
ممثلهـــمْ لُعْبــةٌ فــي يــديهِ
ومثَّــــالهم إصــــبَعٌ فـــاجرُ
وألحــانهم مـن فحيـح العـروقِ
يُصـــَعِّدُها الـــوترُ الســـاخرُ
ورســــَّامهم صــــَنَمٌ مُبْصــــِرٌ
فــإنْ جُمِعــوا فَهُــمُ الشــَّاعرُ
قلــــوبٌ مُدلَّهـــةٌ بالجمـــالِ
تــرى فيـه معبودَهـا المُلْهَمـا
هــو الرجــلُ القلــبُ لا غيـرُهُ
فـــأودِعْنَهُ القبــسَ المضــرَما
أنِمْــنَ بــه الشــَّرسَ المسـتخفَّ
وأيقِظـنَ فيـهِ الفـتى المغرَمـا
اقتحمتـــــــنَّ الســـــــياجَ
فقــد خضــعَ الكـونُ واستسـلما
ولكـــنْ حَـــذارِ ففـــي طبــعٌ
لِيـــانٌ يســـمُّونَهُ بــالوداعهْ
وفيهــــم جـــراءةُ مستأســـدٍ
تحـدَّى المنيـةَ باسـمِ الشـجاعهْ
وهِمْــتِ فــذلك هَــزْلُ الرجــال
وفــنٌّ أجزنــا عليهــم خـداعهْ
نـــذيبُ بــهِ صــُلْبَ أعصــابهم
وفـي رِقَّـةِ العـود سـِرُّ المناعهْ
أطلْنــا الأحــاديثَ عــن عـالَمٍ
مُلَثَّمــــةٍ أرضـــُهُ بالخفـــاءْ
جعلنــــاهُ مَطمَـــحَ أحلامنـــا
كأنَّــا شـَقِينا بِسـُكنى السـَّماءْ
طَوانـــا علـــى حُبِّــهِ شــاعرٌ
كــثيرُ المجانـة نَـزْرُ الحيـاءْ
أثـــارَ الملائكَ فـــي قُدســِها
وأوقــعَ فــي ســحرهِ الأبريـاءْ
عَجِبْــتُ لـه كيـف جـاز السـماءَ
وغــــرَّر بــــالملإِ الطـــاهرِ
أيمــرحُ فــي الكــونِ شـيطانُهُ
بلا وازعٍ وبلا زاجــــــــــــرِ
دَعــي الـوهمَ سـافو ولا تحقِـري
بليـــتيس معجـــزةَ الشـــاعرِ
فمــــا نتَّقِيــــهِ بحيَّاتنـــا
إذا هــو ألقــى عصـا السـاحرِ
بليــتيس هـل هـو ذاكَ الخيـال
المُجنَّــحُ بيـن حواشـي الغيـومْ
عشــــيةَ صــــاح بأترابنـــا
وقــد أخطــأتْه قِســِيُّ الرُّجـومْ
وقيـــلَ لنـــا مَلَـــكٌ عاشــِقٌ
يُســرّي الهمـومَ ببنـتِ الكـرومْ
يجـوبُ السـماءَ إذا مـا انتشـى
يُعربــدُ بيــن خــدورِ النجـومِ
أعــاجيبُ شــتَّى لهــذا الفـتى
وأعجــبُ منهــا الـذي تـذكرينْ
كــــأنَّ أحــــاديثَه بيننـــا
أســــاطيرُ آلهـــةٍ غـــابرينْ
إذا كــان للفـنِّ هـذا الصـِّيالُ
فوارحمتَــا للجمــال الغــبينْ
ودَدْتُ لـــو أنِّــي فــي إثــرِهِ
درجـتُ علـى الأرض فـي الدارجينْ
أتُغـــوين بالشـــعر شــيطانَه
خياليـــةٌ أنـــتِ أم شـــاعرهْ
بــل الشــعرُ آســرُهُ المسـتبدُّ
فيــا ليــتَ لـي روحَـه الآسـرهْ
ويـا ليـتَ لـي وثبـاتِ الخيـالِ
وقـــوةَ أربـــابِه القـــاهرهْ
لصــيَّرتُهُ مُثلَــةً فــي الحيـاةِ
وســُخريةَ البعــثِ فــي الآخـرهْ
صــفي لـي بِليـتيسُ هـذا الأمـلْ
ومــاذا ابتـدعتِ لـه مـن حِيَـلْ
أُدلِّــهُ هــذا الفـتى بالجمـالِ
وأُســمِعُه مــن رقيــق الغــزَلْ
وأورثــــه جُنَّـــةً بـــالرحيقِ
وأحرِمــــهُ رَشـــفَاتِ القُبَـــلْ
إلــــى أنْ تُحـــرَقَ أعصـــابهُ
ويصـــرَعه طـــائفٌ مــن خَبَــلْ
وأحفــرُ بعــد الــردى قــبرَه
هنــاك علــى قمَّــةِ الهــاويَهْ
وأغـــرس فـــي قلبــهِ زهــرةً
مـــن الشــرِّ راويــةً نــاميَهْ
ســــَقَتْها ســـمومُ شـــرايينه
ورفَّــتْ بهــا روحــهُ العـاتيَهْ
تخــفُّ إليهــا قلــوبُ الرجـال
وترجـــع بالشــوكةِ الــداميَهْ
إذا جنّهــا الليــلُ لاحــتْ بـه
كعيــنٍ مــن اللهــبِ المضـطرمْ
تثــور الشــياطينُ مـن عطرهـا
كمجمـــرة الســاحر الملتثــمْ
إذا اسـتافَها الرَّجـلُ العبقـريُّ
تحـــوَّل كـــالحيوان الـــوخِمْ
تضـــُجُّ البلاهـــة مــن حــولهِ
وينظـــر كالصـــنَّمِ المبتســمْ
هَــبي الشــعرَ أولاكِ مـن مُلكـه
ســماءَ الأُلوهــةِ ذات الــبروجْ
ونــصَّ المعــانيَ عــن جانبيـكِ
فمنهـا السـُّرَى وإليـكِ العـروجْ
فمــا تصــنعينَ إذا مـا بُعِثْـتِ
واحــدةً مــن بنــاتِ الزُّنــوجْ
ألــم تقــرأي قِصــَّةَ السـامريِّ
ومـا صـَنَعَ القـومُ بعـد الخروجْ
نَبـا منطـقُ الـوحيِ فـي سـمعهم
وخـــفَّ عليــهِ رنيــنُ الطــربْ
ومــدُّوا العيــونَ إلــى فتنـةٍ
تجســـَّد فـــي حيـــوانٍ عَجَــبْ
ترامــــى بأحضـــانِه غـــادةٌ
أفــادَ صــِباها شــبوبَ اللهـبْ
جنـــونُ الحيـــاةِ وأهواؤهــا
أنوثتُهـــا وبريـــقُ الـــذَّهبْ
فـأينَ مـن القـومِ سـحرُ البيانِ
وصــيْحةُ موســى قُبَيـل الـوداعْ
هُـمُ النـاسُ لا يعشـقون الخيـالَ
إذا لــم يكـنْ حـافزاً للطمـاعْ
هُـمُ النـاسُ لا يعبـدون الجمـالَ
إذا لــم يكــنْ نُهـزةً للمتـاعْ
هُـمُ النـاسُ لا يـألفون الحيـاةَ
إذا لــم تكـنْ مَعرِضـاً للخـداعْ
تمـــاثيلُهُ بعـــضُ أجســـامِنا
وقـد صـاغَها العبقـريُّ الصـّناعْ
ولوحـــاتُهُ صـــُوَرُ العاريــاتِ
إذا مَـزَّقَ الفـنُّ عنهـا القِنـاعْ
أبالشــِّعرِ تُغْـوينَ هـذا الفـتى
وهمْـــتِ إذن وجَهلــتِ الطِّبــاعْ
أليســـتْ لــهُ صــَبْوَةُ الآدمــيِّ
وشــهوةُ تلـك الـذئابِ الجِيـاعْ
رَجعْـــتُ لنفســـي فلا تغْضـــبا
وكُفَّـــا العتـــابَ ولا تُســْهِبا
لقــد رُعتمـانِي بهـذا المـزاح
وأبــــدَعْتما نبـــأً مُغرِبـــا
ســَرَتْ بــيَ مــن ذكــره رِعـدةٌ
كــأني لبِســتُ بــه الغَيْهبــا
أتــاييسُ لا كنـتُ بنـت الزنـوجِ
ولا شــِمْتُ أُمَّــا بهــم أو أبـا
وصــمْتِ الخليقــة فــي بعثهـم
كــــأنهم الحـــدَثُ المنكـــرُ
ومــا أخطــأ الطيــفُ ألـوانَه
ولكنــــهُ اللهَــــبُ الأحمـــرُ
أبـــوهم كمـــا زعمـــوا آدمٌ
وحــــواءُ أُمُّهــــمُ المُعْصـــِرُ
لهــم أعيــنٌ تتملَّــى الجمـالَ
وأفئدةٌ بـــــالهوى تشـــــعرُ
لهـم نـارُهم فـي أقاصـي الدُّجى
وأبيـاتُهم فـي أعـالي الكهـوفْ
وســحرُ الطبيعــةِ فــي عُرْيهـا
إذا هتَـكَ الفجـرُ عنهـا الشُّفوفْ
ونــايٌ يُقســِّمُ فيــهِ الربيــعُ
ويســكبُ شـَجْوَ المسـاءِ الهتـوفْ
ورقــصٌ يُمثِّــلُ قلــبَ الحيــاةِ
إذا مـا اسـتُخِفَّ بنقـرِ الـدفوفْ
تفــــرَّدَ فنُّهُــــمُ بالخفـــاء
وصــــِيغَ بفطرتهـــم واتَّســـمْ
يعيـــشُ جديـــداً بـــأرواحهم
وإن عــاش فيهـم بـروح القِـدَمْ
لـــه بــأسُ مانــا وإيحــاؤه
إذا اضـــطربتْ رُوحــهُ بــالألمْ
ورِقَّـــة هــاوايَ فــي شــدْوها
إذا جـــاشَ خاطرُهــا بــالنَّغمْ
ألا فلْيَكُـــنْ لــكِ مــن فنهــم
ســموُّ اللظــى وعتــوُّ الجبـالْ
ألا فلْيكُــنْ لــكِ مــن ســحرهم
فنــونٌ تُعطِّــلُ ســحرَ الخيــالْ
ألا فليكــنْ لــكِ مــن نــارهم
وشــــاحُ مؤلَّهـــةٍ بالجمـــالْ
إلــى الأرضِ فــانتقمي للنسـاءِ
وكــوني بهــا محنــةً للرجـالْ
ســلامٌ لكُــنَّ عــذارى الســماء
ســـلامٌ لهرميـــس روحِ الإلـــهْ
أرى ومْضــَةَ الشــرِّ فــي جـوِّكنَّ
وأســـمعُ صـــوتاً كــأنِّي أراهْ
يلاحقنــي فــي رحــابِ السـماءِ
ويرتـــجُّ فــي مِســمعيَّ صــداهْ
لقـد فـارقَ البشـرُ غُـرَّ الوجوهِ
وشــاعَ الـذبولُ بـوردِ الشـفاهْ
أجــل أيهــا الملَـك المجتـبى
صـدقناكَ فـاغفر عـذابَ الضـميرْ
لقــد مـرَّ كـالطيرِ مـن قربنـا
فــتىً فــي رعايــة ربٍّ خطيــرْ
رآنـــا فـــأعرض عنَّــا ولــمْ
يُحَيــيِّ الســماءَ بــروحٍ قريـرْ
تخايــــلَ عُجبـــاً بأوهـــامه
وأمعــن فــي شــرِّه المسـتطيرْ
ظلمتــنَّ هــذا الغلامَ الــبريء
وقــد غـضَّ مـن نـاظريهِ الحـذَرْ
أهَـــلَّ بقلــبٍ كفــرخِ القَطــا
يرفــرفُ تحــتَ جنــاحِ القــدَرْ
رَآكـــنَّ فيـــهِ وحيَّـــا بـــهِ
فلـــم أدْرِ حـــاجتَه للنظـــرْ
وكيـــف تكلَّــم قلــبُ الفــتى
ومــا هــو إلا ســليلُ البشــرْ
هُـــوَ ابــنُ الســماءِ ولكنَّــهُ
مــن النقـصِ تركيبُـه والتمـامْ
صــَنَاعُ الطبيعــةِ بــل صـُنْعُها
فمنهـــا دَمـــامتُه والوَســامْ
يُســـِفُّ إلــى حيــث لا ينتهــي
ويســمو إلــى قمــةٍ لا تُــرَامْ
ويُســــْقَى بكــــأسٍ إلهيــــةٍ
مُرَنقـــةٍ بـــالهوى والأثـــامْ
نقيضــانِ شــتَّى فمــا يســتقرُّ
علــى غَضــَبٍ منهمــا أو رضـاء
تحــــدَّى الحيـــاةَ وآلامَهـــا
ببـــأسِ الجبــابرة الأعليــاء
يزيـــدُ عُتُــوّاً علــى نارهــا
ويلمـــعُ جــوهرهُ مِــنْ صــَفاء
وينشـــقُّ عـــن نَضــرةٍ قلبُــه
وإنْ طَمَرَتـــهُ ثلــوجُ الشــتاء
هـو المـرِحُ الشـاردُ المسـتهامُ
شــُرودَ الفراشـةِ عنـد المسـاء
حَبَتــهُ الألوهــةُ روحــاً يَــرَى
وينطِــقُ عنهــا بـوحي السـماء
يحُــسُّ الخيــالَ إذا مــا سـَرَى
ويلمـسُ مـا فـي ضـميرِ الخفـاء
ويبتــدرُ النجــمَ فــي أفقــه
فيرشـــُفُهُ قطــرةً مــن ضــِياء
أرتـــهُ الســـماءُ أعاجيبَهــا
ورَوَّتــهُ مــن كــلِّ فــنٍّ بـديعْ
فضـــنَّ بلألاءِ هـــذا الجمـــالِ
وخــافَ علــى كنــزِهِ أن يضـيعْ
أبـــى أن يُبـــدّدَهُ نـــاظراهُ
فــأطبقَ جفنيــهِ مــا يسـتطيعْ
فــإن شــارفَ الأرضَ نــادتْ بـهِ
ففَتَّــحَ عينــاً كعيــنِ الرَّبيـعْ
هنالــكَ حيــث تَشــبّ الحيــاةُ
وحيــث الوجــودُ جنيـنُ العَـدَمْ
وحيــــثُ الطبيعـــةُ جبَّـــارةٌ
تشــقُّ الوهــادَ وتبنـي القِمَـمْ
وحيــثُ السـعادة بنـتُ الخيـالِ
ولــذَّتها مــن معــاني الألــمْ
وحيـث الطريـدانِ شـجَّا الكـؤوسَ
ومَجَّـــا صــُبَابتَها مــن قِــدَمْ
رَنَــا والطبيعــةُ فــي حَلِيهـا
وحــــواءُ عاريـــةٌ كالصـــَّنمْ
فمــن أيــن ســارَ وأنَّـى سـرَى
تصـــَدَّتهُ مقبلَـــةٌ مــن أمَــمْ
هنالــــكَ أولُ قلــــبٍ هفـــا
وأولُ صـــوتٍ شـــدا بـــالنَّغَمْ
وأولُ أنمُلـــــــةٍ صــــــوَّرَتْ
وخَطَّـتْ علـى اللـوحِ قبـل القَلمْ
فمـــا لـــكِ حــواءُ أغــويتِهِ
وأعقبتِـــهِ حَســـَراتِ النَّـــدَمْ
لقــد كــان راعيَــكِ المجتَـبى
فأصــــبحَ راميَـــكِ المتَّهـــمْ
ولـــولاكِ مـــا ذرفــتْ عينُــهُ
ولا شـــامَ بارقـــةً فابتســـَمْ
وعـــاشَ كمـــا كــانَ آبــاؤه
يُغنِّــي النجـومَ ويرعَـى الغنـمْ
لأجلــكِ يَشــقى بلمــحِ العيـونِ
ويُصـــرعُ بــالنظرةِ العــابرهْ
لَــوَدَّ إلـى الأرضِ لـو لـم يُصـِخْ
أو ارتــدَّ بالمقلــةِ الحاسـرهْ
وكــم مــن فــتىً عزَّهـا سـمعُهُ
وغـــضَّ علـــى حَـــذَرٍ نــاظرهْ
عصــاها فنــادت فلــم يسـتمعْ
فحلَّــت بــه لعنــةُ الفــاجرهْ
لــه مقلتــانِ علــى مـا وعَـى
مــن الألَــق الطُّهْـر مختومتـانْ
ففــي عقلــهِ حركــاتُ الزَّمـان
مصــــورةً وحـــدود المكـــانْ
وفـــي قلبـــهِ أعيـــنٌ ثَــرَّةٌ
بهـا النـارُ طاغيـة العنفـوانْ
وفـــي كـــلِّ خـــاطرة نَيْــزَكٌ
يشــقُّ ســناهُ حجــابَ الزمــانْ
إذا مــا هـوتْ ورقـاتُ الخريـفِ
أحــسَّ لهــا وَخَــزَاتِ الســَّنانْ
وإن ســــَكَبَتْ زهـــرةٌ دمعـــةً
فمــن قلبــه انحـدرتْ دمعتـانْ
ومـــن عَجَــبٍ شــَدْوُهُ للربيــع
وقـد يخطىـءُ الطيـرُ شدوَ الأوانْ
وقيثــارةُ الرِّيــح مـا لحنُهـا
سـوى الريـح فـي جفوةٍ أو حنانْ
عــــوالمُ جَيّاشـــةٌ بـــالمنى
ودنيـــا بأهوائهـــا تضــطربْ
مـــن اللاَّنهايـــة ألوانُهـــا
مشعشـــعةٌ بالنــدى المنســكبْ
ففيهـا الصـباحُ وفيهـا المساءُ
وبينهمـــا الشــَّفَق الملتهــبْ
تطــوف بهــا صــَدَحاتُ الطـروب
وتســهو بهــا أنَّــةُ المكـتئبْ
لــكَ الحـبُّ فيمـا أتـاحتْ لنـا
ســـريرتُكَ الســَّمحَةُ الطــاهره
ومــن مَلَـكٍ مثـلُ هـذا الحـديث
طُمأنينـــةُ المهــجِ الحــائره
عَطفْــتَ علـى قلـبِ هـذا الفـتى
قلوبـــاً علــى فَنِّــهِ ثــائره
وصــــوَّرتهُ مَلَكــــاً ناقمـــاً
علــــى آدميتـــهِ الجـــائره
أجــل هــو ذاكَ ولــو زدتكــنَّ
لزدتُـــنَّ عطفـــاً علــى فنِّــهِ
ومــا ذنـبُ روحٍ نَمَتْـهُ السـماءُ
إذا ضــجَّ فــي الأرضِ مـن سـِجنهِ
تَعلَّــقَ مهــواهُ فــوق النجـوم
وحَـــوَّمَ وَهْنـــاً علـــى كِنِّــهِ
لينعـــمَ فـــي ظِلِّـــهِ لحظــةً
ويملأَ عينيــــهِ مـــن حســـنهِ
لـــهُ ولَــعٌ بخــدورِ النجــومِ
إذا مـــا تخلَّــصَ مــن طيفــهِ
ويــا رُبَّ ليـلٍ كـوادي الخيـال
دَعَتْــهُ الحقيقــةُ مــن جــوفهِ
فســار يَضــمُّ صــدورَ الرّبــاب
ويستضــحكُ النُّــورَ فــي سـُدْفهِ
وغــاب كأعجوبــةٍ فــي الـدُّجى
تحــارُ الأســاطيرُ فــي وصــفهِ
علــى الأرضِ شــيطانُهُ الحــائمُ
وفــي الكـون وجـدانه السـاهمُ
مضـى سـابحاً فـي عبـابِ الأثيـر
كمــا يســبحُ النظــرُ الحـالمُ
يــــدورُ فلا أفــــقٌ ينتهـــي
إليــــه ولا كــــوكبٌ هـــائمُ
وحيـــثُ هـــو الآن فيمــن أرى
هنـــاكَ علـــى ســـِرّهِ جــاثمُ
هنـــاك هنـــاك كـــأنّي أراه
نعـم خلـف هـذا الغمام الرقيق
إذا مـــا عطفتـــنَّ نـــاديتهُ
عســى الآن مـن روْعِـه أن يُفيـقْ
ألا أيُّهــا الـروحُ منـي السـلامُ
وأنــتَ بحــبِّ العــذارى خليـقْ
عـــرائسُ أحلامِـــكَ المـــائلاتُ
ومـــا أنـــا إلَّا مَلاكٌ صـــديقْ
لقــد طَلـعَ الفجـرُ يـا شـاعري
وكــادتْ تــزولُ نجـومُ الصـباحْ
وحــان الــرواحُ فـودِّعْ خبـاءَكَ
وادنُ أحـــدِّثكَ قبــل الــرواحْ
أتهتــف بــي أنــتَ أم هُـنَّ أمْ
نـذيرُ الـردى والقضـاءُ المتاحْ
تــــراك ســـمعتَ أحاديثنـــا
لقــد نقَلَتهــا إلــيّ الريـاح
عجبــتُ لحوريَّــةٍ فــي السـماء
ويأخــذ أهــلَ السـماء العجـبْ
أتحلــــمُ بـــالأرضِ مخمـــورةً
مــن الـدمِ راقصـةً فـي اللهـبْ
وتُغــري بــيَ المـوتَ لا جانيـاً
ولكنهـــا ثـــورةٌ مــن غضــبْ
بـــرئتُ مــن الإثــمِ حوريَّــتي
فــرُدِّي الظنــونَ وخلِّـي الريـبْ
أأبغـــض حــواءَ وهــي الــتي
عرفــتُ الحنــانَ لهـا والرِّضـى
وبــــاعَ بهــــا آدمٌ خُلـــدَهُ
ولــو لـم يَكُـنْ لتمنَّـى القضـا
ورِثــتُ هواهــا فرُمـت الحيـاةَ
وحبَّــب لــي العـالم المبْغَضـا
أراهـا علـى الأرض طيـفَ النعيم
وحُلــمَ الفراديــسِ فيمـا مضـى
وكــانت حيــاتي محْــضَ اتِّبـاع
فصـــارتْ طــرائفَ مــن فَنِّهــا
وكــان شــبابيَ صــَمْتَ القفـارِ
ورَجْــعَ الهواتــفِ مــن جِنِّهــا
فعـادتْ ليـالي الصـِّبا والهـوى
أرقَّ المقـــاطعِ فـــي لحنهــا
وأفرغــتُ بؤســيَ فــي حِضــنها
وأترعـــتُ كأســيَ مــن دَنِّهــا
وكـــم ذكريــاتٍ لهــا عَذْبَــةٍ
أعيــش عليهــا وأحيــا بهــا
لهـا فـي دَمـي خَلجـاتُ الحيـاةِ
كــــأني خلِقـــتُ بأعصـــابها
مُســامرتي حيــن يمضـي الصـِّبا
وتهتـــفُ رُوحـــي بأحبابهـــا
وتخلـو بـيَ الـدارُ عِندَ الغروبِ
وأجلــسُ وحــدي علــى بابهــا
بَــدَتْ شــِبْهَ عابســةٍ فـانثنيتُ
وقــد زايــلَ الشــمسَ لألاؤهــا
وخِلـــتُ الحيـــاةَ وضوضــاءها
تمـــوتُ علــى الأرض أصــداؤها
وكـفَّ عـن الهمْـسِ حـتى النسـيمُ
وأمســـكَ عـــن لَعِــبٍ ماؤهــا
ونـــاديتُ فــالتفتتْ لا تجيــبُ
ولكــــنْ دعـــاني إغراؤهـــا
ومـــــرَّتْ إزائي فتابعتُهــــا
بقلــبي وعينــي إلــى أمِّهــا
رأيــتُ مفاتنهــا غيــرَ تلــك
وإن لــم يُخلَّــدْنَ فــي جسـمِها
وأبصـرتُ مـن حولهـا الكائنـاتِ
جوانـــحَ تهفــو إلــى ضــَمِّها
ويحنــو الصــباحُ علـى ثغرِهـا
وقــد جُــنَّ شـوقاً إلـى لثمِهـا
يســائلني القلــب عـن أمرهـا
وأســـأله أنـــا عــن ســرها
ويعطفنــي فــي الهـوى ضـعفُها
وأنســـَى بــأنِّي فــي أســرها
وتُبــدي لـيَ الأنجـمُ الوامقـاتُ
رفيــفَ الأمــاني علــى ثغرهـا
فأحســبُ أن اهــتزازَ الحيــاة
صـــدَى حبِّهـــا ورؤى ســـحرها
لكـــذبتها تُســـتحبُّ الحيــاةُ
ويَصـــْفو الزمــانُ بتغريرهــا
ويأخــذُني الشــكُّ فــي قَوْلهـا
فتُقنعنــــــي بأســـــاريرها
وتعصــفُ بــي شــهْوَةٌ للجــدال
فَتســــــكِتُني بمعَاذيرهـــــا
غفـــرتُ لهــا كــلَّ أخطائهــا
ســـِوَى دَمعـــتينِ لتبريرهـــا
أحــــاول أفهمهــــا مــــرَّةً
فأعيـــا بهـــا وبتفكيرهـــا
أمخلوقــــةٌ هــــيَ أم ربَّـــةٌ
تســـيرُ الخلائقُ فـــي نِيرهــا
ومـــا ســـِحْرُها ألتكوينهـــا
ومـــا حســـنُها ألتصـــويرها
تقــولُ الطبيعــةُ بِنْــتي ومـا
أُحِـــسُّ لهــا بعــضَ تأثيرهــا
أعنــد الطبيعــةِ هـذا الـدلالُ
وفـي دِفئِهـا مثـلُ هـذا الحنانْ
إذا قيـلَ لـي هـاكَ مُلـك الثّرى
ودنيـا الشـَّبابِ وعمْـرَ الزمـانْ
فمـــا لــذَّتي بالــذي نِلتُــه
ومــا نشــوتي برحيـق الجنـانْ
كرعشــــةِ رُوحِـــي وهزَّاتِهـــا
وصــدري علـى صـدرها واليـدانْ
وغَنَّــــتْ فأســـمعني صـــوتها
صـَدى الـروحِ فـي خلَجـات البدنْ
عميقـاً كأنفـذ مـا فـي الحياةِ
وأبعــدِ مـا فـي قـرارِ الزّمـنْ
فأحسســتُ كيــف تطيـش العقـولُ
وتسـهو القلـوبُ وتصـحو الفتـنْ
وقــال لهـا الحسـنُ يـا ربـتي
فقــالت لــه كــلّ شــيءٍ حسـنْ
رآهـا علـى النبـع بعضُ الرُّعاةِ
مصــوَّرةً فــي إطــار الغصــونْ
فقــالوا أحُلْـمٌ تـراه العيـونْ
أفـي الغـابِ حوريَّـةٌ مـن تكـونْ
ومــــسَّ مزاهرهــــم روحُهـــا
فرفَّــتْ بهــا خالـداتُ اللحـونْ
وبــــاتتْ تعـــانقُ أحلامَهـــم
وقـد كـاد يرقـصُ حـتى السـكونْ
ولاحــت بمــرأىً لعينــيْ فــتىً
طـوى البحـرَ ليـس لـهُ من قرارْ
تفتَّــحُ عــن صــدرها موجتــان
وينشـقُّ فـي الفجر عنها المحارْ
رآهـــا فجـــنَّ غرامــاً بهــا
وغنَّـى بهـا الليـلَ بعد النهارْ
وقــــالوا تعشــــَّقَ جِنِّيــــةً
فـتىً شـاعرٌ تـائهٌ فـي البحـارْ
قضـى اللّـهُ أن تُغـويَ الخالدين
وتُغـــريَ بالمجـــدِ عُشـــَّاقَها
لَقِيــتُ علـى بابهـا الفـاتحينَ
وغـــارَ الفتـــوحِ وأبواقَهــا
وكـــلَّ مُـــدِلٍّ عَصــِيِّ القيــاد
دَعَتْـــهُ الصــبابةُ فاشــتاقها
ســَلا مَجــدَهُ الضـَّخْمَ فـي قُبْلـةٍ
تُـــذِلُّ وتُســـْعِد مــن ذاقهــا
أمـــانيُّ شـــَتَّى تمثَّلــنَ لــي
بكـــلِّ وضــيءِ الصــِّبا نــاعمِ
مُبَعْثَــرةً حولهــا فـي الـترابِ
بقايـا الـدُّمى فـي يـدِ الحاطمِ
تَمُــرُّ بهــا وهــي فـي ضـِحْكها
ومــا ذَرَفَــتْ دمعــةَ النَّــادمِ
فيــا لــكِ مــن طفلــةٍ فَــذَّةٍ
ورُحمــــاكِ ســـَيِّدَةَ العـــالَمِ
يحـــاولُ بالشـــعرِ إغراءنــا
لنــــؤمنَ واحــــدةً واحـــده
هـو الموقـف الضـنكُ مـا يتقيهِ
كمــــايتقي باشـــقٌ صـــائده
مـتى كـان صـَبّاً عطـوفَ الفـؤاد
وهـــذي قصـــائدُه الجاحـــدهْ
ألا ذكِّريـــــــهِ بمثَّــــــاله
ونـــادي بحيَّتِـــهِ الخالـــدهْ
ظَلَمْـــتِ الفنـــونَ وأربابهــا
ومــا كنــتِ حوريَّــتي ظــالمه
قلــــوبٌ تلــــذُّ بتعـــذيبها
غــــرائزُ عاتيــــةٌ عـــارمه
تُرنِّحهــــا ســـَكراتُ الهـــوى
وتُوقظهـــا الفِتــنُ النــائمه
صـــَحَتْ مــن خُمــار مَلــذَّاتها
تُعنِّــــفُ أهواءَهـــا الآثمـــه
ألا مــا لأختيــكِ مــا تبغيـان
أقلـــبيَ والخنجــرَ المُنتَضــَى
خــــذاهُ اقتلاهُ ولا ترحمــــاهُ
فليــسَ لــه بَعْــدُ أن يَنبِضــا
أذيقــاهُ مــا شـئتما واغرسـا
بــه الشــرَّ ملتهبــاً مُرْمِضــا
فلــن تُنبِتَــا فيـه إلَّا السـلامَ
والحُـــبَّ والزهَـــرَ الأبيضـــا
إنــاءٌ مــن النُّـور طـافتْ بـهِ
يَــدُ الحــبِّ غارســةُ الزَّنبــقِ
تُغــاديهِ شــاديةٌ فــي الـدُّجى
وراقصــةٌ فــي الضـُّحى المشـرقِ
بأجنحـــةٍ كـــرؤى الخالــدين
لغيــر الصــبابةِ لــم تخفِــقِ
وقلــبيَ مـن قـدَحٍ فـي السـماء
ومـــن نبْـــعِ آلهــةٍ يســتقي
أتخشــى لِقانـا سـليلَ السـماء
أتحــذرُنا أم تخــافُ الضــِّياء
مُحــدِّثتي مــا أحــبَّ اللقــاءَ
لقــد حـال جسـمي دونَ اللقـاء
وكنـــتُ تخلَّصـــتُ مــن طيفــهِ
فلفَّتـهُ حـولي يـدٌ فـي الخفـاء
كــأنِّيَ أهــذي بأضــغاثِ حُلــمٍ
أو أنــي ضـللتُ طريـقَ السـماء
بليـتيس سـافو الفـرارَ الفرار
فقـد لبـسَ الـروحُ طيـفَ البشـرْ
أتبْصــــِرُهُ جســــداً عاريـــاً
وتقربــهُ تلــك إحــدى الكُـبرْ
علــى رِســْلكنَّ فقــد عــاقبته
بـــأقوالكنَّ بنـــاتُ القـــدرْ
لقــــد عـــاقبتهُ بأشـــعاره
فيــا ليتَـه مـا هـذَى أو شـَعَرْ
أتصـــرخ ويحْـــكَ إنَّ الســماء
لتأخــــذُها صـــرخاتُ الألَـــمْ
مـن الغيـمِ يـا شـاعري فالتمسْ
دِثــاركَ واخصــِفْ بـه مـن أمـمْ
وخُــذْ مــن جنــاحيَّ مـا تتَّقـي
بـه فـي السـماء عثـارَ القـدمْ
وأقسـمُ مـا رُمْـتُ غيـرَ الحنـان
وإنِّــي زعيــمٌ بهــذا القســمْ
بليــتيس تـاييس مـاذا انظـرا
فثمَّــــتَ أُعجوبــــةٌ تظهــــرُ
تعـالَ فـتى الشـعرِ يـا للسماءِ
أبِالشــعرِ أم بــالفَتى تَســخَرُ
أهــذا هــو الآدمــيّ العظيــمُ
ألا شــدّ مــا يخــدعُ المنظــر
تَصــــوَّرتُهُ مــــن أحـــاديثهِ
فــــتىْ لوَســــامته يــــؤثرُ
تريـــدينه صـــورةً أم فـــتىً
تهلّــلَ فيــه الحِجــى وابتسـمْ
رأيــتُ الرجولــةَ كـلَّ الجمـالِ
هـو الرَّجـلُ الفـردُ في المزْدحَمْ
تـراهُ علـى النبع يُعلي الغطاءَ
ويُــدْلي الـدلاءَ ويَسـقي الغنـمْ
ويحــدو العـذارى إلـى دارهـنَّ
حَيِــيَّ الخطــى موســويَّ القـدمْ
لشــدَّ الـذي قُلتِـهِ يـا ابنـتي
كلامــاً توهَّــجَ منــه الحنيــنْ
تعــاليْ هنــا والثمــي جبهـةً
هـزأت بهـا وهـي حُلْـمُ السـنينْ
أمـن خَمَـلِ السـُّحْبِ هـذا الدثار
ومــن حمـإ الأرض هـذا الجـبينْ
دعــي طيفــه وانظــري روحَــه
ففيهـا الصـِّبا والجمالُ المبينْ
هــل الرجــل الــروح لا إنــه
محيّــا ترقــرق فيــه الوسـام
وعينــانِ بالســحر تســتأثرانِ
خيـــالٌ لعمـــركِ هــذا الكلام
مُحيَّـا وعينـانِ مـا فـي الرجالِ
ســوى كـلِّ أصـيدَ سـبْطِ القـوام
ذراعــاهُ تســتدرجانِ الخصــورَ
وفــي شــفتيهِ حــديثُ الغـرامْ
تنزَّهْـــتَ عــن شــُبْهةٍ عــالمي
ولا رابنــي فيــكَ مــا أســمعُ
عهــدتُ الــبراءَة فيمــن تُظِـلُّ
فمـــاليَ مـــن ريبــة أفــزعُ
وأبــــدعتَ خلقـــاً ولكننـــي
أراهُ إلــــى عَبَــــثٍ ينـــزِعُ
ســبَى الســحرُ أجمــلَ أرواحِـهِ
فــــأنطقهن بمــــا يخــــدعُ
أفـي عـالم الرُّوح تفشو الظنونُ
وينطـــق روحٌ بهـــذا الكلِــمْ
أســــائلُ نفســـي أشـــيطانةٌ
توســـوسُ لـــي أم مَلاكٌ أثِـــمْ
أم الشـــكُّ آذننــي بالصــراع
أم حــلَّ بــي غضــبُ المنتقــمْ
بــل البعــثُ آذنهــنَّ الغـداةَ
فلا تَلْحَهُــــــنَّ ولا تتَّهِــــــمْ
هـــي الآدميـــةُ طــافتْ بهــنَّ
وتلـــك غرائزُهـــا والطبــاعْ
غـداً تـدرجُ الـرُّوحُ فـي طيفهـا
ومــا الطيـفُ للـرَّوحِ إلَّا قِنـاعْ
ســترقدُ فـي غورهـا الـذِّكريات
وتـــوقظهنَّ الســنون الســِّراعْ
وتمشــي لحاضـرها فـي الحيـاة
بمصــباحِ مــاضٍ خَفــيِّ الشـعاعْ
وكــم نبـأةٍ كالحـديث الجديـد
ومــا هـو إلَّا القـديم السـماعْ
مــن الخيــرِ والشـرِّ إلهامهـا
مقــادِرُ تجــري بهــنَّ اليـراعْ
فـــدع للســـماءِ تصـــاريفها
فقـد أذِنَ البعـثُ بعـد انقطـاعْ
وداعـاً صـديقي إلـى أيـن تمضي
إلـى الملتقـى فالوداع الوداع
علي محمود طه المهندس.شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة.له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه)، (وليالي الملاح التائه) و(أرواح شاردة) و(أرواح وأشباه) و(زهر وخمر) و(شرق وغرب) و(الشوق المائد) و(أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.