
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الخافقـــانِ عليــكَ فــي خفقــانِ
والمجلســانِ عليــكَ فــي أَشــجانِ
يتــــذاكرانِ بدهشــــةٍ وكآبـــةٍ
بعظيــمِ خطبـكَ يـا فَـتى الفتيـان
يتســـاءلانِ وكـــلُّ دمـــعٍ ســائلٌ
هــل للمحمّـدِ فـي المجـالسِ ثـاني
تــاللهِ مــا بعــثَ الإلــهُ لأُمــةٍ
إلا رســـولاً ســـادً فــي الأكــوان
البعــثُ قــد شـمِل الرعيَّـةَ إنمـا
مــا كــل مــن بُعِثـوا بمبعوثـان
أَنــتَ الشــهيدُ وكــلُّ عضـوٍ شـاهدٌ
فــي المجلسـينِ بصـدقِكَ العُثمـانِي
للــهِ فــي الأوطـانِ مصـرعُكَ الـذي
صــرعَ النفــوسَ وفـتَّ فـي الأَبـدان
فـي ذمَّـةِ الدسـتورِ عـانقتَ الـرَّدى
والحــرُّ يعتنــقُ الــرَّدى بأَمــان
وبـــذلتَ للأوطــانِ نفســَكَ فِديــةً
ورميتَهــا شــرفاً علــى النِّيـران
وســمحتَ فــي دمِـكَ الزكـيِّ شـهامةً
وأَبـــى إبـــاؤُكَ حقنَــه بهــوان
فتلــوّنتْ منــه النفــوسُ بصــبغةٍ
تحــدو النفـوسَ علـى علـوِّ الشـان
فــي كــل قلـبٍ مـن دمـائِكَ قطـرةٌ
تَســقي غِــراسَ الصــِدقِ والوِجْـدان
النـاسُ تحنـثُ بـاليمينِ وأنـتَ فـي
دمِـــكَ الزكـــيّ تــبرُّ بالإيمــانِ
قتلـوا صـِباكَ ليُخمـدوا نار الصِّبا
فحـــوتهمُ نـــارٌ بكـــلِّ مكـــان
قطعـوا مـن الأَوطـان عِرقـاً نابضـاً
بـــالحزمِ والإقـــدامِ والعرفــان
فـــاهتزَّ جســمُ التحــادِ وَرُوِّعــتْ
أعضــــــاؤهُ وتحفَّــــــزَ البطلان
ومشـــت بشـــوكت نخــوةٌ عربيــةٌ
تســمو إلــى عمــرٍ إلــى عـدنان
فتحــاجزَ الجيشــانِ ثــمّ تنـاجزا
وتخـــاطبَ الســـيفانِ باللمعــان
حــتى إذا امتنـعَ البُغـاةُ بيلـدزٍ
وتحـــالفوا بالأَصـــفرِ الرَّنـــان
ولــيَ الحسـامُ رقـابَهم فتضعضـعوا
نَـدَماً وقـد غُلبـوا علـى العصـيان
والعــدلُ يكتــبُ آيــةً بنجيعهِــمْ
ســـيفُ الجريـــءِ بحقــهِ ســيفان
غسـلَ الحسامُ دمَ البريءِ على الثَّرى
بـــدمِ الخـــؤونِ فـــرُوِّع الثقلان
غَسـلوا الطهـارةَ بالنجاسةِ فاغتدى
ثــــوبُ الســـلامِ ملـــوّنَ الأَردان
يـا زهـرةَ الأَحـرارِ فـي روضِ العُلى
وشـــهيدَهُمْ فــي خدمــةِ الأَوطــان
لا بــدعَ إن نسـجوا غِشـاءَ قلـوبهِمْ
كفنـــاً فلاْســمك أَشــرفُ الأكفــان
فقـدتْ بـك العـربُ الفـتى العربـيَّ
والأتراكُ قد فقدُوا الفتى العُثماني
وبكتــكَ أَهــلُ اللاذقيــةِ نائبــاً
يـــا زهــرةَ النــوابِ والأعيــان
وبنـو الـدروزِ وأَنـتَ غُـرَّةُ وجههِـمْ
لبســوا عليــكَ مطــارف الأحــزان
أَخلصـــتَ للدســتورِ جُــلَّ شــهادةٍ
طبعـــتْ صــداقتهمْ بلــونٍ قَــاني
ورفعــتَ نفســَكَ فـوقَ أَشـرفِ مذبـحٍ
بمذابـــحِ الأَوطـــانِ كالقُربـــان
للــهِ فــي بيــروتَ نعشـُكَ عائمـاً
يُزجــى ببحــرِ المــدمع الهتَّــان
أَعــوادُهُ تعلــو الــرؤوس وحقُّــهُ
أَنْ يَعتلــي شــرفاً علـى التِّيجـان
يَمشــُونَ حولــكَ والمهابـةُ حـولَهُمْ
والمِســكُ يَصــحبُهمْ مــع الرَّيحـان
حَســِبوهُ تحنيطــاً يضــوعُ وإنمــا
هـــو مِســـكُ أَخلاقٍ وطيــبُ جنَــان
جــاءوا بجثتــكَ الضــريحَ كأَنمـا
جـــاءُوا بآمــالٍ لنــا وأَمــانِي
هـالُوا علـى التبرِ التُّرابَ وقلَّدوا
جيـــدَ الثَّـــرَى يقلائدِ المَرجــانِ
أَبــا الأَميــن وأنـتَ أكـبرُ مخلـصٍ
للدولــةِ العُليَــا وأَشــرفُ بـاني
تفــديكَ مــن أَســَدٍ جريــحٍ أُمَّــةٌ
فــــدّيتَها بـــذخيرةِ الوِلـــدان
فـــــدّيتَها بمحّمــــدٍ ومحّمــــدٌ
هــو خيــرُ مبعـوثٍ إلـى العُمـران
رزأوك بالعَضــُدِ اليميــنِ وإنمــا
لــك فــي انتصـار الاتحـاد يـدان
فجعــوكَ بــالقمرِ المُنيـرِ وإنمـا
لــكَ فــي الأَميــنِ وعـارفٍ قَمـران
كـانُوا وأَنـتَ البـدرُ حولَـكَ هالـةً
صــارَ التَّمــامُ بهـا إلـى نُقصـان
إنَّ الصـــواعقَ لا يحـــلُّ بلاؤُهـــا
إلاَّ علــــى الأطـــوادِ والأركـــان
الخطــبُ سـهمٌ فـي الجـوارحِ جـارحٌ
قـــد يُتقَّــى بمــدارعِ الســِّلوان
فالصــبرُ للإنســانِ أفضــلُ حِليــةٍ
والحـــزنُ للإنســـانِ رُزءٌ ثـــاني
فــإذا رضـيتَ العيـشَ فـي ذُلٍّ تعـشْ
جَـــذِلاً وكـــم مــن مَيــتٍ جَــذْلان
وإذا طلبــتَ علــىً فإنَّــكَ مــوردٌ
للنفـــسِ مَـــوْرِدَ حلبــةٍ وطِعــان
إِنَّ العلاءَ دقـــــائقٌ منثـــــورةٌ
ذَرَّاتهـــا فــي أَنْفُــسِ الشــّجْعان
فالمجــدُ ضــدٌّ للجبانــةِ والـونى
هيهــــاتِ أَنْ يتـــآلفَ الضـــِّدان
والمجــدُ مِيــراثٌ تقاسـمهُ الـوَرى
وذوو الفـــروضِ نوابــغُ الأَزْمــان
يــا دولــةً هَرِمـتْ وعـاد شـَبابُهَا
بلاتِّحــــاد ونهضــــةِ الفتيـــانِ
لا تُرجعـــي عهـــدَ الظَّلامِ فعهــدُهُ
عَـــودٌ إلــى هــرمٍ إلــى خِــذلان
إنَّ الرعيـــةَ أقســمتْ أَنْ تَفتــدي
بنفوســــِها حريــــةَ الأوطــــان
فحياتُنــا بمماتِنــا شــرفٌ لنــا
ومماتُنــــا بحياتِنـــا موتـــان
لا فــرقَ مـا بيـنَ الحيـاةِ وضـدِّها
إِن عُومِـــلَ الإنســـانُ كــالحيوان
فـاْبني علـى الصـخرِ اتحادَكِ لا على
رمــل اليميــن وذمّــة الســلطان
وتـــدبري رأبَ الصـــُدوعِ بحكمــةٍ
وتحصــــَّني بالعـــدلِ والأعـــوان
فالعــدلُ يبنــي للملـوكِ قصـورَهُمْ
والظلــمُ يهــدمُ شــامخَ البُنيـان
واللّــه أَنــزل آيــةً للعـدلِ فـي
التـــوراةِ والإنجيـــلِ والقُــرآن
أحمد تقي الدين.شاعر، ولد في بعقلين، ودرس في المدرسة الداوودية ثم مدرسة الحكمة.ثم درس الشريعة على كبار العلماء ثم أصبح من محجاته في لبنان. زاول المحاماة، ثم عين قاضياً وشغل مناصب القضاء في عدة محاكم منها، بعبدا وعاليه، وبعقلين وكسروان وبيروت والمتن. وقد كان مرجعاً لطائفته الدرزية في قضاياها المذهبية وقد كان شاعراً عبقرياً حكيماً، يعالج علل الأمة، بفكر ثابت ورأي سديد ومدارك واسعة. له ( ديوان شعر - ط ).