
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَدأبُــكَ أن تُريــدَ المسـتحيلا
تأمّــلْ أيهــا المــولى قليلا
لبثـتَ تُعالـج الـداءَ الـدخيلا
وتُضــمِرُ فــي جوانحـك الغليلا
ومــا يُجــديك لاعجــهُ فــتيلا
أمــا تنفــكُّ تـذكر يـومَ بـدر
ومــا عــانيت مـن قتـلٍ وأسـرِ
وَراءَك إنّهــا الأقــدارُ تجــري
بنصـــرٍ للنـــبيّ وراءَ نصـــرِ
وكــان اللــه بالحسـنى كفيلا
أبــا سـُفيانَ دّعْ صـفوانَ يبكـي
وعكرمــةً يُطيــل مــن التشـكّي
وقــلْ للقــومِ فــي بِـرِّ ونُسـكِ
نَهيــتُ النفـسَ عـن كفـرٍ وشـركِ
وآثـــرتُ المحجّــةَ والســبيلا
أراك أطعتَهــــم وأبيـــتَ إلّا
ســبيلَ الســُّوءِ تســلكه مُـدِلّا
تريـــدُ مُحمــداً وأراه بَســْلا
رُويــدك يــا أبـا سـفيان هلّا
أردت لقومــك الحَســَن الجميلا
قُريــشٌ لـم تـزل صـَرْعَى هواهـا
وعِيـرُ الشـؤمِ لـم تَحلـل عُراها
أجِـلْ عينيـك وانظـر مـا عساها
تسـوقُ مـن الجنـودِ إلـى وغاها
فقـد حَملـتْ لكـم أسـفاً طـويلا
دعــا صــفوانُ شــاعِرَه فلبَّــى
وكــان يســومه شــَططاً فيـأبى
أحــلَّ لـه الهجـاءَ وكـان خِبَّـا
أحــبَّ مـن الخيانـةِ مـا أحبّـا
يُريــدُ العَيــشَ مُحتقَـراً ذليلا
يــذمُّ محمــداً ويقــول نُكْــرا
ولــولا لــؤمه لـم يَـألُ شـكرا
تغمَّـــد حقَـــه وجــزاه شــَرّا
وأمســى عهــدهُ كــذباً وغـدرا
وإنّ لــــه لمنقلبــــاً وبيلا
ألــم يَمنُـنْ عليـه إذ الأُسـارى
تكــاد نفوســُها تهـوِي حـذارا
تطـــوفُ بــه مُولَّهــةً حيــارى
تَــودُّ لـو اَنّهـا ملكـت فـرارا
وهــل يُعطَـى عـدوُّ اللـهِ سـُولا
جُبَيْــرُ أكــان عمُّـك حيـن أودى
كعـــمّ محمــدٍ شــرفاً ومجــدا
أحمــزةُ أم طعيمـةُ كـان أهـدى
رُويــدك يــا جـبير أتيـت إدّا
وإنّ قضــاءَ ربّــكِ لــن يحـولا
أراد فمـــا لِوَحْشـــِيٍّ مَحيـــدُ
ولا لـــك مصــرفٌ عمــا يُريــدُ
أليــس لِحمـزةَ البـأسُ الشـديدُ
فمــا يُغنـي فتـاك ومـا يُفيـدُ
تبـــاركَ ربُّنـــا ربــاً جليلا
تَولَّــوْا بالكتــائبِ والسـَّرايا
وســاروا بـالحرائرِ والبغايـا
منايــا قــومهم جَلبـتْ منايـا
فسـيري فـي سـبيلك يـا مطايـا
ولا تَـدَعِي الرسـيمَ ولا الـذّميلا
ويـا خَيـلُ اركضـي بالقوم ركضا
وجــوبي للــوغى أرضـاً فأرضـا
لعــلّ النـاقمَ الموتـورَ يرضـى
نَشـدتُكِ فانفضـي البيـداءَ نفضا
وَوالـي فـي جوانبهـا الصـّهيلا
ويـا هنـدُ اندبي القتلى ونوحي
وزيــدي مـا بقومِـكِ مـن جُـروحِ
وراءَكِ كـــلُّ مُنصـــلِتٍ طَمـــوحِ
تُهيِّــجُّ بأســَهُ رِيــحُ الفتــوحِ
وراءك فتيــةٌ تــأبى النّكـولا
وراءك نِســـوةٌ للحــرب تُزجَــى
تَــرُجُّ دفوفُهــا الأبطــالَ رجّـا
وتلــك خمــورُ عسـكركِ المرجَّـى
وكــان الغــيُّ بـالجهلاءِ أحجـى
كــذلك يطمـسُ الجهـلُ العقـولا
رأيــتِ الــرأي شـُؤماً أيَّ شـؤمِ
ومـا تـدري يمينُـك أيـن ترمـي
لعمـــركِ إنـــه لَرســيسُ هــمِّ
تغلغــل منــك بيــن دَمٍ ولحـمِ
فيا ابنةَ عُتبة اجتنبي الفُضولا
أعــنْ جَسـدِ الرضـيّةِ بنـتِ وهـبِ
تُشـَقُّ القـبرُ يا امرأةَ ابن حرب
ويُقطَـعُ بالمُـدى فـي غيـر ذنـب
ليُفـــدَى كــلُّ مأســورٍ بــإربِ
فيــا عجبــاً لقـولٍ منـكِ قيلا
هــي الهيجـاءُ ليـس لهـا مـردُّ
فمــن يَــكُ هــازلاً فـالأمرُ جِـدُّ
لَبــأسُ اللــهِ يــا هنـدٌ أشـدُّ
لـــه جنـــدٌ وللكفّــارِ جنــد
وإنّ لجنــدهِ البطــشَ المهـولا
ســيوفُ محمــدٍ أمضــى السـيوفِ
وأجلـــبُ للمعــاطبِ والحتــوفِ
إذا هـوتِ الصـفوفُ علـى الصفوفِ
وأعـــرضَ كـــلُّ جبــارٍ مخــوفِ
مَضـتْ مِلـءَ الـوغَى عَرضـاً وطولا
أرى السـَّعدَيْنِ قـد دلفـا وهـذا
علـــيٌّ بالحُســامِ العَضــْبِ لاذا
وحمــزةُ جَــدَّ مُعتزِمــاً فمـاذا
وَمـن للقـومِ إن أمسـوا جُـذاذا
وطــار حُمـاتُهم فمضـوا فلـولا
وفــي الأبطــالِ فِتيــانٌ رِقـاقُ
بأنفسـهم إلـى الهيجـا اشتياقُ
لهـم فـي الناهضـين لها انطلاقُ
دعـا داعـي الجهادِ فما أطاقوا
بــدارِ السـّلمِ مَثـوىً أو مقيلا
أعــادهُم النـبيُّ إلـى العريـنِ
شــُبولاً ســوف تَصـْلُبُ بعـد ليـنِ
يضــنُّ بهــا إلــى أجـلٍ وحيـنِ
رَعــاكَ اللــهُ مـن سـَمْحٍ ضـنين
يَســوسُ الأمـرَ يكـرهُ أن يَعـولا
وَقيـــلَ لرافـــعٍ نعــم الغلامُ
إذا انطلقـتْ لغايتِهـا السـّهامُ
تقــدم أيّهـا الرامـي الهمـامُ
إذا الهيجــاءُ شـبّ لهـا ضـرامُ
فأَمطِرْهــا ســِهامَكَ والنُّصــولا
ونــادى ســمرةٌ أيــرُدُّ مثلــي
ويُقبــلُ صـاحبي وأنـا المجلِّـي
أُصــارِعُه فــإن أغلــبْ فَسـؤْلي
وكيــف أُذادُ عــن حــقٍّ وعــدلِ
وأُمْنَــعُ أن أصــولَ وأن أجـولا
وصــَارعَهُ فكــان أشــدَّ أســرا
وأكـثرَ فـي المجالِ الضّنكِ صبرا
وقيــل لـه صـدقتَ فـأنت أحـرى
بـأن تـردَ الـوغى فتنـالَ نصرا
ألا أقبــل فقـد نِلـتَ القبـولا
أعبــدَ اللــهِ مالــكَ مـن خَلاقِ
فَعُــدْ بالنّـاكِثينَ ذوي النّفـاقِ
كفـاكَ مـن المخافـةِ مـا تُلاقـي
ومالّــك مــن قضـاءِ اللـهِ واقِ
وإن أمســيتَ للشــّعرى نــزيلا
أبيـتَ علـى ابن عمرٍو ما أرادا
وشـرُّ القـومِ مـن يأبى الرشادا
نهــاكَ فلــم تَــزِدْ إلا عنـادا
ألـم يَسـمعْ فريقُـكَ حيـن نـادى
أطيعـوا الله واتّبعوا الرسولا
يقـــولُ نشـــدتُكم لا تخــذلوهُ
ومَوْثِـــقَ قـــومِكم لا تَنقضــوهُ
رســـولُ اللـــه إلّا تنصـــروهُ
فـــإنّ الحـــقَّ ينصـــرُهُ ذَووهُ
ألا بُعـداً لمـن يَبغِـي الغُلـولا
تجلَّـــى نــورُ ربّــكَ ذي الجلالِ
وهــزّ الشــِّعبَ صــوتٌ مــن بِلالِ
بلالُ الخيــرِ أذَّنَ فــي الرجـالِ
فهبُّــوا للصــلاةِ مــن الرِحـالِ
وقــاموا خلَــف سـيّدهم مُثـولا
عَلاَ صــَوتُ الأذيــنِ فــأيُّ مَعنـى
لِمَــنْ هـو مُـؤمنٌ أسـمَى وأسـنى
إلــهُ النّــاسِ فــردٌ لا يُثنَّــى
تأمّـــلْ خلقــه إنســاً وجنّــا
فلـن تجـدَ الشـريكَ ولا المثيلا
أَجــلْ اللّــهُ أكــبرُ لا مِــراءَ
فهـل سـَمِعَ الألـى كفروا النّداءَ
أظــنُّ قلــوبَهم طــارت هَبــاءَ
فلا أرضـــاً تُطيـــقُ ولا ســَماءَ
جَلالُ الحـــقِّ أورثهــم ذهُــولا
سـرى الصـّوتُ المردَّدُ في الصباحِ
فضــجَّ الكــونُ حـيَّ علـى الفلاحِ
تلقَّــى صــيحةَ الحــقِّ الصـّراحِ
فقـام يَصـيحُ مـن كـلِّ النـواحي
يُســـبِّحُ ربَّـــهُ غِــبَّ ارتيــاحِ
ويحمَــــدُه بألســـنةٍ فِصـــاحِ
تَعطّفــتِ الجبـالُ علـى البطـاحِ
وكبّــرتِ المــدائنُ والضــواحي
وأوَّبــتِ البحــارُ مـع الريـاحِ
وصـــفَّقَ كــلُّ طيــرٍ بالجنــاحِ
كتــابُ الحــقِّ مـا للحـقِّ مـاحِ
يُرتَّـلُ فـي الغُـدوِّ وفـي الرواحِ
فَقُــلْ للنّــاسِ مـن ثَمِـلٍ وصـاحِ
شــريعةُ ربّكــم مـا مـن بـراحِ
فَمـنْ منكـم يُريـدُ بهـا بـديلا
ألا طـــابتْ صـــلاتُكَ إذ تُقــامُ
وطــابَ القـومُ إذ أنـتَ الإمـامُ
أقمهــا يــا محمــدُ فَهْــيَ لامُ
تَسـاقَطُ حولهـا الجُنَـنُ العِظـامُ
بهــا يُتخطَّــفُ الجيـشُ اللهّـامُ
وليــس كمثلِهــا جَيــشٌ يُــرامُ
قضــاها اللّـهُ فَهْـيَ لـه ذِمـامُ
وذاك نِظامُهــا نِعــمَ النّظــامُ
يوطِّــد مـن بَنَـى وهـي الـدّعامُ
ويصــعدُ بالـذّرى وهـي السـّنامُ
نَهضــتَ لهـا ومـا هـبَّ النيـامُ
وبادرهــا الميــامينُ الكـرامُ
مَقـــامٌ مــا يُطــاوله مَقــامُ
وديــنٌ مــن شــعائِره الســّلامُ
يصــــونُ لــــواءَهُ جيلاً فجيلا
هُـدَى الأجيـالِ يخطـبُ في الهُداةِ
ويـــأمُر بالجهــادِ وبالصــّلاةِ
وبــــالأخلاقِ غُــــرّاً طيّبـــاتِ
مُلَقَّــى الــوحيِ والإلهـامِ هـاتِ
وَصـــفْ للنّــاسِ آدابَ الحيــاةِ
وكيــف تكـونُ دُنيـا الصـّالحاتِ
وَخُــذهم بالنّصــائحِ والعظــاتِ
مُضـــيئاتِ المعــالمِ مُشــرِقاتِ
شـــُعوبُ الأرضِ مـــن مــاضٍ وآتِ
عيالُــكَ فاهْـدِهم سـُبُلَ النَّجـاةِ
إذا ضـــلَّت دَهــاقينُ الثّقــاتِ
وأمسـى النـاسُ أسـرى التُّرَّهـاتِ
وخــفّ ذَوُو الحلــومِ الراسـياتِ
فأصـــبحتِ الممالــكُ راجفــاتِ
أقمـــتَ الأرضَ تكــره أن تميلا
ألا بَــرَزَ الزُبَيْــرُ فــأيُّ وصـفِ
حَــواريُّ الرســول يفـي ويكفـي
بــرزتَ لخالــدٍ حتفــاً لحتــفِ
تصــدُّ قــواه عــن كــرٍّ وزحـفِ
وتَــدفعهُ إذا ابتعـثَ الـرعيلا
ألــم تَــرَهُ وعكرمَــة اسـتعدَّا
فأمَّــا جــدَّتِ الهيجــاءُ جَــدّا
بنــى لهمـا رسـولُ اللـه سـَدَّا
ومثلــك يُعجــزُ الأبطــالَ هـدّا
ويـــتركُ كـــلَّ مُمتنــعٍ مَهيلا
لِمَــنْ يَــرِثُ الممالـكَ لا سـِواهُ
أعــدَّ القــائدُ الأعلــى قُـواهُ
وبَــثَّ الجيـشَ أحسـنَ مـا تـراهُ
تعــالى اللّـهُ ليـس لنـا إلـهُ
ســِواهُ فــوالِهِ ودَعِ الجهــولا
رُمـاةُ النَّبْـلِ مـا أمَـرَ النـبيُّ
فَـــذلِك لا يكــنْ منكــم عَصــِيُّ
إذا مــا زالــتِ الشـُّمُّ الجِـثيُّ
وكـــان لهــا انطلاقٌ أو مُضــِيُّ
فكونــوا فـي أمـاكنكم حُلـولا
رُمـاةَ النَّبـلِ رُدُّوا الخيـلَ عنَّا
وإن نَهلــتْ سـيوفُ القـومِ منَّـا
فلا تـــتزحزحوا فــإذا أذنَّــا
فـــذلك إنّ للهيجـــاءِ فنَّـــا
تُلقّنــه الجهابــذةَ الفُحــولا
تَلــقَّ أبــا دُجانــةَ بـاليمينِ
حُسـامَكَ مـن يَـدِ الهـادِي الأمينِ
وَخُــذْهُ بحقِّــه فــي غيـرِ ليـنِ
لِتنصـُرَ فـي الكريهـةِ خيـرَ دينِ
يَــرِفُّ علــى الــدُّنَى ظِلاًّ ظليلا
نَصــيبك نِلتَــهُ مــن فضــلِ ربِّ
قضــاهُ لصــادقِ النَّجـدَاتِ ضـَرْبِ
تخطَّــى القــومَ مــن آلٍ وصـحبِ
فكــان عليـك عضـْباً فـوق عَضـْبِ
تبخــترْ وامـضِ مسـنوناً صـَقيلا
أبــا ســُفيانَ لا يقتلْــكَ همَّـا
ولا يـــذهبْ بحلمــكَ أن تُــذَمّا
أحِيــنَ بَعثَتهــا شــَرّاً وشـُؤما
أردتَ هَـــوادةً وطلبــتَ ســلما
مَكانــك لا تكــن مَــذِلاً ملـولا
مَـنِ الـدّاعي يَصـيِحُ على البعيرِ
أمـالي فـي الفـوارسِ مـن نظيرِ
أرونــي همّــةَ البطـلِ المُغيـرِ
إلــيَّ فمــا بِمثلـي مـن نكيـرِ
أنـا الأسـدُ الذي يحمي الشُّبولا
تَحــدّاهُ الزُّبَيْــرُ وفــي يَـديْهِ
قَضـــاءٌ خـــفَّ عــاجِلُه إليْــهِ
رَمــى ظهــرَ البعيـرِ بمنكـبيهِ
وجرَّعــــهُ منيَّتــــه عليْــــهِ
فأســلمَ نفســَهُ وهــوَى قـتيلا
ألا بُعــداً لِطلحــةَ حيـن يهـذي
فيأخـــذُه علـــيٌّ شـــَرَّ أخــذِ
أُصــِيبَ بِقســْوَرِيِّ البــأسِ فــذِّ
يُعَــدُّ لكـلِّ طـاغِي النّفـسِ مُـؤذِ
يُعالِـــجُ دَاءَهُ حـــتى يــزولا
أمِــنْ فَقــدٍ إلــى فقـدٍ جَديـدِ
لقــد أضـحى اللّـواءُ بلا عميـدِ
بِصــارمِ حمـزة البطـلِ النّجيـدِ
هَــوى عثمــانُ إثــرَ أخٍ فقيـدِ
وأُمُّ الكُفــرِ مـا برحـت ثَكـولا
أبَــى شــرُّ الثلاثـةِ أن يَريعـا
فخــرَّ علــى يَـدَيْ سـعدٍ صـريعا
ثلاثــةُ إخــوةٍ هلكــوا جميعـا
وَراحَ مُســـافِعٌ لهـــمُ تبيعــا
رَمــتْ يَــدُ عاصـمٍ سـُمّاً نقيعـا
تَــورَّدَ جــوْفَهُ فجَــرى نجيعــا
وجــاء أخـوهُ يلتمـسُ القَريعـا
فـــأورَدَ نفســَه وِرداً فظيعــا
أعاصــِمُ أنـت أحسـنتَ الصـّنيعا
فَعِنـدَ اللّـهِ أجـرُكَ لـن يَضـيعا
وإنّ لربّــكَ الفضــلَ الجــزيلا
رَمَيْتَهُمـــــا فظلّا يزحفـــــانِ
يَجُـــرَّانِ الجِـــراحَ ويَنْزِفــانِ
وخَلفهمــا مــن الــدّمِ آيتـانِ
همــا للكفــرِ عنـوانُ الهـوانِ
تَـــرى الرأســيْنِ ممــا يحملانِ
علــى الحجـرِ المـذمَّمِ يُوضـَعانِ
أمــن ثَــدْيَيْ ســُلافة يرضــعان
تَقــولُ وقلبُهــا حــرّانُ عــانِ
علــيَّ الجـودُ بـالمئةِ الهجـانِ
لمـن يـأتي بهامـةِ مَـن رمـاني
فــوا ظَمَئي إلـى بنـتِ الـدّنانِ
تُــدارُ بهــا علــيَّ فودِّعــاني
وَمُوتـــا إنّ للقتلــى ذُحــولا
دُعَــاةَ اللاتِ والعُــزَّى أنيبـوا
فليــس لصــائحٍ منكــم مُجيــبُ
وليـس لكـم مـن الحسـنى نصـيبُ
لِـــربِّ النّـــاسِ داعٍ لا يخيــبُ
وديــنُ الحــقِّ يعرفـهُ اللّـبيبُ
ومــا يخفَـى الصـّوابُ ولا يَغيـبُ
رُويـــداً إنّ موعـــدكم قريــبٌ
وكيــف بمــن يُصــابُ ولا يُصـيبُ
ســَليبُ النّفــسِ يتبعــه سـليبُ
أمـا يفنـى الطّعيـنُ ولا الضَّرِيبُ
لِـــواءٌ ليــس يحملــهُ عَســِيبُ
عليــهِ مِــن منايــاكم رقيــبُ
كفـــاكم يــا لــه حِملاً ثقيلا
رَمَــى بالنّبـلِ كـلُّ فـتىً عليـمِ
فــردَّ الخيــلَ داميـةَ الشـَّكيمِ
بِنَضــْحٍ مِثــلِ شــُؤْبوبِ الحميـمِ
يَصــبُّ علــى فراعنــةِ الجحيـمِ
وصـاحتْ هنـدُ فـي الجمـعِ الأثيمِ
تُحـــرِّضُ كـــلَّ شــيطانٍ رجيــمِ
ألا بطــلٌ يَــذُبُّ عــنِ الحريــم
ويَضــرِبُ بالمهنَّـدِ فـي الصـّميم
فهــاجت كــلَّ ذاتِ حشــىً كليـمِ
تبـثُّ الشـجوَ فـي الهذَرِ الذميم
وتــذكرُ طارقــاً دَأْبَ المُلِيــمِ
يُســــيءُ ويُـــدَّعَى لأبٍ كريـــمِ
وأيــن مَكــانهنَّ مــن النّعيـمِ
ومــن جُرثومـةِ الحسـبِ القـديمِ
زعمـنَ الشـّركَ كالـدّينِ القـويمِ
لهــنَّ الويــلُ مـن خطـبٍ عميـمِ
رمـى الأبنـاءَ وانتظـمَ البُعولا
مَــنِ البطـلُ المُعصـَّبُ يختليهـا
رِقابـاً مـا يَمـلُّ الضـرب فيهـا
بِـــأبيضَ تتقيـــهِ ويعتريهــا
وتكــرهُ أن تــراه وَيشــتهيها
لهــا مــن حَــدّهِ والٍ يليهــا
ويَنــتزعُ الحكومـةَ مـن ذويهـا
بَــررتَ أبـا دُجانـة إذ تُريهـا
وحِــيَّ المــوتِ تطعمــه كريهـا
صــَددتَ عـن السـفيهةِ تزدريهـا
وتُكــرِمُ سـيفَكَ العـفَّ النزيهـا
تُولـــوِلُ للمنيّـــةِ تتّقيهـــا
فإيهـاً يـا ابنةَ الهيجاءِ إيها
نَجــوتِ ولــو رآكِ لــه شـبيها
مَضـى العَضـْبُ المشـطَّبُ ينتضـيها
حيــاةَ مُنــاجزٍ مــا يبتغيهـا
إذا شــَهِدَ الكريهــةَ يصـطليها
فأرســلها دمــاً وهــوى تليلا
أحمد محرم بن حسن بن عبد الله.شاعر مصري، حسن الوصف، نقيّ الديباجة، تركي الأصل أو شركسيّ.ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر ، في شهر محرّم فسمي أحمد محرّم. وتلقى مبادئ العلوم، وتثقف على يد أحد الأزهريين، وسكن دمنهور بعد وفاة والده، فعاش يتكسب بالنشر والكتابة ومثالاً لحظ الأديب النكد كما يقول أحد عارفيه.وحفلت أيامه بأحداث السياسة والأحزاب ، فانفرد برأيه مستقلاً من كل حزب إلا أن هواه كان مع الحزب الوطني ولم يكن من أعضائه.توفي ودفن في دمنهور.