
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أهلِّــي بالبكــاءِ وبـالنحيب
فقـد نَـزَحَ المحـبُّ عن الحبيب
وقـد وَسـِعَ الحـوادثَ يومُ رزء
تضـيقُ لـه الصدورُ عن القلوب
وآذَنَــتِ المكـارمُ والمعـالي
بِخَطْـبٍ عـاثَ حـتى فـي الخطوب
أيـا لهـفَ العَلاءِ علـى حَصـَانٍ
مُبَـرَّأَةِ العيـونِ مـن العيـوب
ربيبــةُ عــزةٍ قعسـاءَ نـابَتْ
منـابَ الشـمسِ إلا فـي الغُروب
ونشــأةُ نِعْمَــةٍ خضـراءَ رَفّـتْ
رَفيـفَ الغُصـْنِ مالَ مع الجَنُوب
ولـم أرَ مثـلَ مَنْعَاهـا مُصَاباً
هَفَــا بقلــوبِ شــُبَّانٍ وشـيب
لئنْ نَفَضـُوا الأناملَ مِنْ ثَرَاهَا
لقـد مَلَـؤوهُ مـنْ حُسـْنٍ وطيـب
وقـد تركوا به إحدى الغَوَادي
فحــدِّثْ عــن ضـريحٍ أو قليـب
إذا هَبَّــتْ بــه ريـحٌ شـَجَاها
بــه ألاَّ سـبيلَ إلـى العبـوب
ومـا خَلَصـَتْ إليـه الريحُ إلا
مغالطــةً علــى أمَــلٍ كـذوب
أقـولُ وقـد نعاهـا ناعياهـا
وأشـــْبُلُها بمنهـــلٍ ســكوب
ألـم يـرِبِ الـرَّدى تضـييعُ سرٍّ
تَبَلــدُ فيـه أوهـامُ الغيـوب
وكيـف سـَمَا الزمـانُ إلى مَحَلٍّ
يَضـِلُّ الطيـفُ فيـه عن الدَّبيب
تخطــى نحـوه حُمْـرَ المنايـا
ينـدبُّ إليـه فـي سُوْدِ الحروب
وكـــلَّ مُجَـــرَّبٍ ذَرِبٍ تَحلَّـــى
بِوَســْمٍ لا يُضــافُ إلـى ضـريب
تـرى الموتَ الزؤام يَجُولُ فيه
مجالَ السّحْرِ في اللحظ المُريب
تَحُــشُّ بـه المنيـةُ كـلَّ قَـرْمٍ
نجيــبٍ فــوق مُنْجَــرِدٍ نجيـب
وكــلَّ أصــمَّ أخــرسَ عَلَّمَتْــهُ
صـروفُ الـدهر تشـتيتَ الشُّعوب
إذا مـا اهـتزَّ فـي يُمْنى كميٍّ
رأيـت المـوتَ يخطـرُ في قضيب
لتبـكِ المكرمـاتُ وإن عَـدَتْها
عــوادٍ مــن عَـذولٍ أو رقيـب
علــى أُمِّ اليتـامَى والأيـامَى
إذا نَبَـتِ المواضـع بـالجُنُوب
تَخَلَّصـها الـرَّدى مِـن خِدْرِ ليثٍ
تُـدَاريه الأسـودُ عـنِ الوثـوب
غــدا منهــا بِوِجْـدانٍ بعيـدٍ
علــى عهــدٍ بلُقْيَاهـا قريـب
يُحَــدِّثُ نَفْسـَهُ بـالغيبِ عنهـا
بِظَــنٍّ مخطىــءٍ وضــَنىً مصـيب
تَهَّـدى الخيـرُ مـن كَثَبٍ إليها
فكيــف أضـلها حَـوْلُ الطـبيب
أبـا عَبْـدِ الألـهِ وقـد تسامَتْ
لـك الأيـامُ بـالعَجَبِ العجيـب
أتَجْــزَعُ للزمـانِ وأنـت منـه
مكـانَ الحَـزْم من صدر اللبيب
عــزاءَك إنمـا الإنسـانُ نَهْـبٌ
علـى أَيـدي الحوادث والخطوب
وأنـت نصـيبُنَا مـنْ كـلِّ شـيءٍ
فَــدُمْتَ وَحَسـْبُنَا أوْفَـى نصـيب
ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.