
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يَفْــديكَ كــلُّ جبـانٍ فـي ثيـابِ جَـرِي
نــازَعْتَهُ الـوِرْدَ واسـتأثرتَ بالصـَّدَرِ
لمـا رأى الخُبْـرَ شـيئاً ليـسَ يَنْكِـرُهُ
أحـالَ بالـدينِ والـدنيا علـى الأثـر
ولِّ الســُّهى مــا تــولَّى مـن تكـذُّبه
إن المزيَّــة عنــد النــاس للقمــر
وهــيَ الشــِّفارُ إذا الإقـدامُ جرَّدَهـا
ألــوتْ بمــا تَـدَّعِيهِ العيـنُ للسـَّهَر
والنـــاسُ كالنــاسِ إلا أن تجرِّبَهُــمْ
وللبصـــيرةِ حكـــمٌ ليـــس للبصــر
كالأيْـــكِ مُشــْتَبِهاتٌ فــي منابتهــا
وإنمـــا يقــعُ التفضــيلُ بــالثَّمر
ولَّــى رجــالٌ غضــاباً حيــن سـُدْتُهُمُ
لا ذنــبَ للخيــل إذ لا عُــذْرَ لِلْحُمُـر
واستشــرفوا كلمــا أحــرزتُ طائلـةً
وللســـنان مجـــالٌ ليـــسَ للإبـــر
طُوْلُــوا وإلا فَكُفُّــو مــن تطــاولكمْ
إن المـــآثرَ أعــوانٌ علــى الأثــر
مَلِلْــتُ حمــصَ وَمَلَّتنــي فلــو نَطَقَـتْ
كمــا نطقــتُ تَلاَحَيْنَــا علــى قَــدَر
وَســـَوَّلَتْ لــيَ نَفْســي أنْ أُفارِقَهــا
والماءُ في المزن أصْفَى منه في الغُدُر
هيهـاتِ بـل ربّمـا كـان الرحيـلُ غداً
كالمـالِ أُحْيِـي بـه فَقْـراً مـن العمر
كـم سـاهرٍ يسـتطيلُ الليـلَ مـن دَنَـفٍ
لــم يـدرِ أن الـرَّدَى آتٍ مـع السـحر
أمَـا اشـْتَفَتْ منِّـيَ الأيـامُ فـي وطنـي
حــتى تُضــَايِقَ فيمــا عَـنَّ مـن وطـر
ولا قَضــَتْ مـن سـوادِ العيـن حاجَتَهـا
حـتى تَكُـرَّ علـى مـا كـانَ فـي الشَّعَر
كـم ليلـةٍ جُبْـتُ ثِنْيـيْ طُولهـا بفـتىً
شـتَّى المسـالكِ بيـن النفـع والضـرر
حــتى بـدا ذنـبُ السـرحانِ لـي ولـه
كأنمــا هــو زَنْــدٌ بالصــَّبَاحِ يَـرِي
فــي فتيـةٍ يُنْهِبُـونَ الليـل عَزْمَتَهـم
فليـــس يَطْرُقُهُـــمْ إلاَّ علـــى حــذر
لا يَرْحَضــون دُجَــاه كلمــا اعتكَــرَتْ
إلا بمــــالٍ ضــــياعٍ أو دمٍ هَـــدَر
لهــم همــومٌ تكـادُ العيـسُ تعرفهـا
وربَّمــا اشــتملتْ بالحــادث النكـر
بـاتت تَخَطَّـى النجـومَ الزُّهْـرَ صـاعدةً
كأنَّمــا تَفْتَليهــا عــن بنــي زُهُـر
القــائلي اقْــدُمي والأرضُ قـد رَجَفَـتْ
إلاَّ رُبـىً مـن بقايـا الـبيضِ والسـُّمُر
والهـامُ تحـتَ الظُّبا والبيضُ قد حَمِيَتْ
فمـــا تَطَـــايَرُ إلاَّ وهــي كالشــَّرر
أثنــاءَ كــلِّ ســنان عُــلَّ فــي زَرَدٍ
كـــأنه جــدولٌ أفْضــَى إلــى نَهَــر
والخيـلُ شـُعثُ النَّواصـي فوقهـا بُهَـمٌ
حُمْـــسُ العـــزائمِ والأخلاقِ وَالمِــرَر
شـابت مـن النقع فارتاب الشباب بها
فَغُيِّــرَتْ مــن دمِ الأبطــالِ بالشــَّقَر
والشــَّيبُ ممــا أظــنُّ الـدهرَ صـحَّفَهُ
معنـىً مـن النّقـصِ عمّـاهُ عـن البشـر
لــو يعلـمُ الأفْـقُ أن الشـيبَ مَنْقَصـةٌ
لــم تَســْرِ أنجمــه فيـه ولـم تَسـِر
وليــس للمــرء بعـد الشـيبِ مُقْتَبَـلٌ
نهايــةُ الــروضِ أن يعتــمَّ بـالزّهرِ
أمـا تـرى العِرْمِـسَ الوجناء كيف شَكَتْ
طـولَ السـّفار فلـم تَعْجِـزْ ولـم تَخُـرِ
تســري ولـو أنَّ جَـوْنَ الليـلِ معركـةٌ
مـن الـرّدى كاشـراً فيهـا عـن الظُّفر
بــاتتْ تَــوَجَّى وقــد لانـت مواطئهـا
كأنَّهــا إنّمــا تخطــو علــى الإبـر
مــن كــلِّ ناجيـةِ الآمـال قـد فَصـَلَتْ
مــن الــرّدَى فحسـبناها مـن البُكُـر
تَخشـى الزمـام فتثنـي جِيـدَها فَرَقـاً
كـــأنَهُ مـــن تثنّـــي حَيَّــةٍ ذكــر
تجــري فللمــاءِ سـاقاً عـائمٍ دَرشـبِ
وللريـــاحِ جَنَاحـــا طـــائرٍ ذكــر
قــد قَسـّمتْهَا يـدُ التـدبيرِ بينهمـا
علـى السـَّواءِ فلـم تَسـْبَحْ ولـم تطـر
أمْلَلْتُهـــا فاســتبانتْ نصــفَ دائرةٍ
لــو كُلِّفَــتْ شـَأوَهَا الأَفلاك لـم تَـدُرِ
بهيمــةٌ لــو تُــوَفَّى كنــه شــِرَّتها
لفــاتتِ الخيــلَ بالأَحْجَــالِ والغُـرَرِ
أمــا إيــادٌ فحــازتْ كــلَّ مَكْرُمَــةٍ
لــولا مكــانُ رسـولِ اللـهِ مـنْ مُضـَر
وأوقــدوا ونجـومُ الليـل قـد خَمَـدَتْ
فــي لــجِّ طـامٍ مـن الصـنَّبْرِ مُعْتَكـر
ألقــى المراســيَ واشــتدتْ غَيَـاطِلُهُ
علــى ذُكَــاء فلـم تَطْلُـعْ ولـم تَغُـرِ
وَأتْــرَعَ الوَهْــدَ مــن إزبـادِ لجتـه
كـالترس يَثْبُـتُ بيـن القَـوْسِ والـوتر
فـــالأرض مَلســاءُ لا أمْــتٌ ولا عِــوَجٌ
كنقطــةٍ مـنْ سـَرَابِ القـاعِ لـم تَمُـر
أفَـــادني حُبُّـــكَ الإبـــداعَ مكتهلاً
وربمــا نَفَــعَ التعليـمُ فـي الكـبر
أيـن ابـنُ بابَـكَ أو مهيـارُ مـن مِدَحٍ
نَســَقْتُها فيــك نَسـْقَ الأنجـم الزهـر
إذا رَمَيْــتُ القــوافي فـي فرائصـها
لــم أرْمهــا مُتْلِجـاً كفَّـيَّ فـي قُتَـر
أبــا العلاءِ وحَســْبي أن تُصـيخَ لهـا
إقـرارَ جـانٍ وإن شـئتَ اعتـذار بـري
أنـا الـذي أجتنـي الحرمانَ من أدبي
إنّ النــواظرَ قـد تُـؤتَى مـن النظـر
ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.