
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لا عيـنَ يَبْقـى مـنَ الدنيا ولا أثرَا
فكيــفَ تسـمَعُ إن دُكَّـتْ وكيـف تَـرَى
حسـبُ الفـتى نظـرةً فـي كـلِّ عاقبةٍ
لــولا تمنُّعُــهُ عَنّــتْ لــه نَظَــرا
مـا أشبهَ الموتَ بالمحيا وأجدرَ مَن
لا يعـرفُ الـوِردَ أن لا يعرف الصَّدرا
أعــدَّ زادَيْـكَ مـن قـولٍ ومـنْ عَمَـلٍ
إنَّ المُقـامَ إذا طال اقتضى السَّفرا
وافـرُغْ لشـانيك مـن قـولٍ ومن عملٍ
كــلٌّ سـيجري مَـداهُ طـالَ أو قَصـُرا
وسـلْ عـن النـاسِ هل صاروا مَصيرَهُمُ
فمــا أظنُّــكَ ممـنْ يجهـلُ الخـبرا
قضــيتُ حاجــة نفسـي غيـرَ مشـكلة
في الموتِ لم أَقْضِ من علمٍ بها وطرا
أدنـو إليهـا فتنـأى لا تلـوحُ سوى
لبـسٍ مـن الظـنِّ لا عُرْفـاً ولا نُكُـرا
وقـد أصـيحُ بمثـل النفـسِ مـن شَفَقٍ
ودونهـا مـا يفـوتُ السـمَ والبصرا
هيهـات أعياكَ ما أعيا الزمانَ فلا
تَرْتَـبْ وإنْ تسـتطعْ فاقدرْ كما قدرا
يا منْ رأى البرقَ بات الليلُ يكلؤُهُ
كــأنه مــن ضــُلوعي مُشـبِهٌ سـَعَرا
نـازعتُهُ السـُّهدَ حـتى كـدتُ أَغلبُـهُ
والليـلُ عنـديَ قـد أَوْفَى بما نَذَرا
والنجـمُ حيـرانُ مـنْ أَيْـنٍ ومن ضَجَرٍ
فلـو هـوى أو عَـدا مجراه ما شَعَرا
والصـبحُ يطلـبُ في جُنْح الدجى خَلَلاً
يَلـوحُ منـه ولـو أَلفـاه مـا جسرا
مُزْجَـىً أحـمُّ النـواحي كلمـا عَرَضـَتْ
لـه الرُّبـى بـاتَ يُغْشِيهَا ربىً أُخَرا
مـن كـلِّ وطفـاءَ لـم تكذِبْ مخيلتُها
لـو أنهـا شـيمةٌ للـدهر مـا غدرا
ســَدَّتْ مهـبَّ الصـَّبا أعجـازُ ريقهـا
عـن سـُدْفَةٍ دونهـا مـن هـوله غررا
بحـــرٌ ولا شــكَّ إلا لمــعَ بارقــةٍ
يكــاد يَفْــرَقُ منهـا كلمـا خَطَـرا
قــد طبَّـقَ الأرضَ منهـا عـارضٌ غَـدِقٌ
مـا غـضَّ مـن طلـه أنْ لم يكنْ مَطرا
إذا انتحــى بلـداً أَبْصـَرْتَ سـاحتَه
كــأنَّه وجــهُ معــروفٍ إذا شــُكِرا
فــذاك أســْقِي بـه قـبراً بقرطبـةٍ
شــهدتُهُ فرأيـتُ الفضـلَ قـد قُـبرا
قــبرٌ تضـمَّنَ مـن آلِ الربيـع سـناً
شـمسٍ تـوارتْ تـروقُ الشمسَ والقمرا
قــبرٌ تركنـا بـه العليـا مغمَّسـَةً
مـا بيـن قَسـْوَةِ أحجـارٍ وليـن ثرَى
قـبرٌ تركنـا بـه روضَ المنـى خَضِلاً
والشــمسَ طالعـةً والـدمعَ منهمـرا
فقــلْ لطلاّبِهــا والســائلين لهـا
ولـو حَثَوْنـا عليهـا الأنجمَ الزُّهُرا
سـحُّوا عليـه سـجالَ الـدمع مُتْرَعَـةً
فربمـا انشـقَّ عمـا يفضـحُ الزَّهَـرا
وآبْكُـوا بـه كعبـةً أمسـَتْ مناسكُها
ســاكنةَ القـبر لا حِجْـراً ولا حَجَـرا
ولا تخــافُوا عليهـا أن تضـيعَ بـه
فإنمــا هـو جَفْـنٌ وهـي فيـه كـرى
بالنســك إذ كــلُّ أرْضٍ روضـةٌ أُنُـفٌ
حُســْناً وكــلُّ ســماء حُلّــةٌ سـِيَرا
بـالحِلْمِ حيـنَ نَطيـشُ الهُضْبُ من نَزَقٍ
وَتَسـْقُطُ الشـهبُ مـن آفاقِهـا ضـَجَرا
بـالجودِ إذ لا تُوَاسي العينُ ناظرَهَا
ولـو أتَـى يَجْتَديها السمعُ والبصرا
يـا حسـرةً ملأتْ صـدرَ الزمـانِ أسـىً
أَمْســَى وأصـْبَحَ عنهـا ضـيّقاً حَصـِرا
زالـتْ جبـالُ سـروري مِـنْ مَواضـِعِها
واستشـعرَ الخـوفَ منها كلُّ ليثِ شرى
وزالــتِ الأرض أو زَلَّــتْ بســاكنها
هَـبي فقد كاد يَمْضي الليلُ وابتدري
مــداكِ منـه فلـو يَسـْطيعُ لابتـدرا
وكـم أصـاخَ المُصـَلَّى لـو شـعرتِ به
إلــى تلاوتِــك الآيــاتِ والســُّوَرَا
وكـم أتـاهُ العَـذارَى يلتقطْـنَ بـه
مـن دَمْـعِ أجفانِكِ المرجانَ والدُّرَرَا
وَفينَــهُ كُنْهَــهُ وانظمنهــا سـُبَحاً
فربمــا ذُمَّ بعـضُ الحَلْـي أو حُظِـرَا
وإن أبيتـــنَّ إلا عِقْـــدَ غانيـــةٍ
فـامنحنهُ الحُـوْرَ لا نَمْنَحْنَهُ البَشَرا
مــن كــلِّ مكنونــة كالـدرّ آنسـةٍ
تَضـْحَى بَهَـاءً وإنْ لـم تَبْرَحِ الخُمُرا
لمــن تركـتِ اليتـامى إذ تَرَكْتِهِـمُ
شــُعْثَ المفــارقِ لا مـاء ولا شـجرا
حَــوْلي ذَرَاكِ وكـانوا يلبثـونَ بـه
لا تَبْعَــدِي أو فلا يَبْعَــدْ ذراكِ ذرا
يــا حـاملي نعشـها أنَّـى لخَطْـوِكُمُ
فقــد حملتــمْ بـه أُعجوبـةً خَطَـرا
ضــَعُوه يحْمِلُــهُ مــن ههنــا نَفَـسٌ
يُـورِي الحنيـنَ ودمـعٌ يُغْرِقُ الذكرا
قـد أُزْلِفَـتْ جنـةُ الفـردوسِ واطَّلَعَتْ
جاراتُـكِ الحـورُ يسـتهدينكِ الأثـرا
وبتــنَ منتظــراتٍ والمــدى أمَــمٌ
وقـلَّ مـا بـاتَ مسـروراً مَنِ انتظرا
هــلِ الحيـاةُ وإنْ راقـتْ بشاشـَتُها
إلا الغمــامُ تَسـَرّى والخيـالُ سـرى
أمــا الحيـاءُ فشـيءٌ أنـتَ غـايتُهُ
وإن تَغَاضــَى جهـولٌ أو إنِ ائْتَمَـرا
اسـتبقِ قلبـكَ إنْ قلـبُ الأريـبِ هفا
وكـفَّ دَمْعَـكَ إنْ دَمْـعُ اللـبيبِ جـرى
وعـاودِ الصـبرَ يومـاً منـك تحظَ به
فكــم وَسـَمْتَ بـه الآصـالَ وَالبُكَـرا
وكــن كَعَهْــديَ والألبــابُ طائشــةٌ
والـبيضُ تَلْتهـمُ الهامـاتِ والقِصرا
وللــرَّدى مــأربٌ فــي كــلِّ رابئةٍ
وقـد دعـا الجَفَلـى داعبه والنَّقرى
لا تنـسَ حظّـكَ مـنْ حُسـْنِ العزاء فما
أبـديتَ فـي مثلهـا جُبْنـاً ولا خَورَا
لـم آتِ قاصـي مـا أوْسـعْتُها هممـي
مــن الســُّمودِ ولكـن جئتُ معتـذرا
عبـدٌ أتـى تاليـاً إذ لم يجدْ فَرَطاً
لعلـه حيـنَ لـم يحجـجْ قـد اعتمرا
ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.