
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَيـنَ الظُبـا وَالعَـوَالي تُرفَـعُ الرُّتَـبُ
ولا تُــرى رَاحــةٌ مَــالَمْ يَكُــنْ تَعَــبُ
وَمَـــن تَســـَامَى لأمــرٍ عَــزَّ مَطلَبُــهُ
وَلَــم يَقُـمْ غَازِيـاً لَـم يُـدْنِه الحَسـَبُ
شــَتَّانَ بَيــنَ ثَقِيــلِ الجَنْــبِ مُنبطِـحٍ
وضــَامِرٍ فــي لَظَــى الأخْطــارِ يَنتَصـِبُ
قَـد كابَـدَ السـَّيِّدُ البَاشـَا فَمَـا قَعَدتْ
بِــهِ الــدَّوَاعِي وَلاَ أزرَى بَــهَ النَّصـَبُ
وَاسْتَســهَلَ الصـَّعبَ فـي تَحصـِيلِ وَاجِبِـهِ
حَتَّــى قَضـَى فِـي المَعَـالي كلَّمَـا يَجِـبُ
يــأبَى المْكَــارِمَ إلاَّ خَيْــرَ أبْعَــدهَا
وَيَتَّقِـــي نَزْرَهَــا الــدانِي ويَجْتَنِــبُ
فـــأي مَنْزِلَـــةٍ فَـــاتَتهُ صـــَهوَتُهَا
أو رُتْبَــةٍ لــم يَكُـنْ فِيهَـا لَـهُ خَبَـبُ
ســَلْ طَـالِعَ الأُفُـقِ عـن مَرمـى مَـوَاطِئِهِ
تَـــدْرِي مَنَـــازِلَهُ الآفَــاقُ وَالشــُّهُبُ
هَزَّتــهُ هَمَّــام لَمَّــا طَــالَ قَاصــِرُها
حَتَّــى غَــدّا ظَــاهِرُ الْغَـبرَاء يَضـطَرِبُ
شــَقُّوا العَصـَا وَسـَاروا مُجمِعِيـنَ عَلـى
ما فِيهِ نَقض الهُدى يا بِئسَ ما ارتكبوا
واستَضـعَفوا الأمْرَ من أقصى الجَرِيدِ إلى
مـــا دونَ صـــَبرَةَ لاَ يَنْهَــاهُم رَهَــبُ
أعْـرَوا مـن الأمـن مَن جازَ الطَّريقَ بها
فَبَـــاتَ صـــِفْراً فَلاَ أهْـــلٌ ولاَ نَشــَبُ
كَــم مِـنْ بَرِيـءٍ أبَـاحوا رَحْلَـهُ فَغَـدا
وَهُــوَّ مــن بَعْــدِ إتْــرَابٍ لَــهُ تَـرِبُ
مَــا راَقَبُــوا فِــي وَلِــي إلَّ خَـالِقِهِ
وَلاَ اســْتَلانُوا لِمَــنْ لِلعِلــمِ يَنتَســبُ
وَاَودَعُــوا هَمَّهُــمْ فِــي كُــلّ مَاهِيــةٍ
وَذاكِ مَــا دَلَّ عَــن مَضــمونه اللَّقَــبُ
ظَنُّــوا الــدَّوَارَةَ تَحْميِهـم وَحُـقَّ لَهَـا
لَكِـــنَّ بَعْــضَ ظُنــونِ المُــدَّعِي كَــذِبُ
وَغَرَّهُــم قَــولُ مَــن لَـم يَـدْرِ عَاقِبَـةً
إنَّ الهِزَبْــرَ أبــا الأشــْبَالِ لاَ يَثِــبُ
وَكَـــذَّبوا مُنـــذِرِيهمْ حَـــرَّ صــَدْمَتِهِ
وَهـم علـى الَقطـعِ فـي تَكذْيِبهم كَذبُوا
فَحَيْــثُ لــم يُثْنِهِــم رَدْعُ الأمِيِـرِ وَلا
لَـــوتْ رُؤُوســـَهُمُ الأرْســـلُ وَالكُتُــبُ
طَـارَتْ بِـهِ الْخَيـلُ مِـنْ سـَيجومَ فَـاغِرةً
أفوَاهَهَــا وَعَلَــى أشــدَاقِهَا الْحبَــبُ
تَمُــرُّ مَــرّ ســَحَابِ الْجَــوّ فــي دَعَـةٍ
وَالنَّقْـعُ مِـن فَوقِهَـا مـن خَفْقِهـا سـُحُبُ
أعَــدَّهَا الْملَــكُ قَبْـلَ اليَـومِ مُسـرَجَةً
لِيَـــومِ مُعْضـــِلَةٍ تَبْكِـــي وتَنَتْحِـــبُ
تُقِـــلُّ كُــلَّ خَمِيــصِ البَطــنِ مُنجَــرِدٍ
يَحنُـو علـى الْجُـردِ فـي تأدْيِبِهـا درب
أوْلـى بهـا الظَّفْـرُ وَالصـَّفْرَاءُ تَقْدُمُهَا
وَالصــَّفرُ ســِرٌّ بِــهِ الأفْــرَاحُ تَنْجَـذْبُ
صــَاغَتْ مِـن الَّليـلِ أطرَافـاً لِهَيكَلِهَـا
وَمِـن حُلـى الشـَّمْسِ حَليـاً حيـن تحتَجـبُ
تَكَــادُ تَنْقَـدُّ مِـن فِعـلِ النَّشـاطِ بِهـا
لَــولا العِنــانُ يُعانِيهَــا أوِ اللَّبَـبُ
لِلَّـــهِ فارِســُهَا المِقــدَامُ مُســتَهِلاً
إذا بَنُـو الحَـرْبِ مِـن راوُوقِهَـا شَرِبُوا
يَســتْنَنبِلُ الســَّرجُ مِنْهَـا مَـسَّ جَـانِبِهِ
وَيَحْســِدُ اللَّيــنَ مِـن أعْطَـافِهِ القُضـُبُ
يُــدبِرُ قَـومُ الْعِـدا فِـي دَفْـعِ صـَوْلَتِهِ
رأيـاً وَيَفْجـاَهُمُ مِـن غَيـرِ مـا حَسـِبُوا
إذا ســـَقَى الطَّعنَــة النَّجلا مُبــارِزَهُ
تَــوَجَّسُ الْعَطــبَ مِنهَــا جَـارُهُ الجُنُـبُ
أنَّــى يُحَــاكِيِهِ شــَخصٌ فــي شــَمائِلِهِ
وَالســَّعدُ يَخــدْمُهُ والخَيــلُ والنُّجُــبُ
غَشــَتْ سـِمِنجَةَ مِـن بَعـدِ الغَـدِيرِ وَفـي
نَفــسِ الخُرَيرِيــبِ مِـن أنفَاسـِهَا لَهَـبُ
وَبالجُبيَبيِنَـــةِ اســـتَنَّتْ ولَاَحَ لَهَـــا
شـــَاشٌ فَهِـــيَّ إلــى مَــرآهُ تَنســَرِبُ
وَعِنــدَمَا انبَســَطَتْ بِالبَـاطِنِ انْقبَضـَتْ
تَنــوِي الشَّرَيشــرِةَ الســَّودَا وتَقْتَـرِبُ
فَجَاوَزَتهَــا لِبيَضــَاءِ الْعُيُــونِ وَلَــمْ
تصــدها عــن ميــاه الحـاجب الحجـب
فـي الفكـة انفـك عنهـا الليد سالمة
مَـن بَعـدِ مَـا قَـد قضـَى مـن جِلمةَ أرَبُ
مــنَ الحَفِــيَّ لِـوِردِ الماجـل انـدفعتْ
تَـــؤُمُّ قَفصــَةَ يَحْــدوُهَا لَهَــا طَــرَبُ
وَفِــي العَقيِلــةِ بَثَّــتْ مِــن طَلائِعِهَـا
مــن يُحســِنُ الخُبْــرَ لِلأخبَـارِ يَجتَلِـبُ
فَبَشـــَّرتهَا عَلــى شــَوقٍ بِــأنَّ عَلــى
ظَهــرِ الـدَّوَارةِ خَلقـاً لِلـرَّدَى قَربُـوا
وَعَــالَجَتْ فِــي فُجُــوجِ الشـَّطحِ صـَاعِدَةً
إلَــى التَّلاقِــي عِقَابــاً مَالَهَـا عُقُـبُ
وَصــَادَفَتْ بَعْــدَ أيــنٍ صــَعبَ َضــَاحيةَ
سـَهْلُ الطَّـرائقِ فِيهَـا الـدَّاهِسُ الحَـزِبُ
بَــاتَتْ تُسـدَي عَلَـى رَأسِ العُيُـونِ وَمِـنْ
هُنــاكِ زَالَ الحَفــا واحْتَكَّــتِ الرُكُـبُ
ولجهــا الجــانب الشــرقي ســابقها
وســدد الجــوف منـه الثـاقب الـذرب
ظَلَّـــت بَتِيتَـــةُ بِالأجنَـــادِ شــَاحِنَةً
فَــأُمُّ الاقْصــَاب فَالحِرشــَانُ فــالنَّقَبُ
فَالقَلعَـةُ الصَّعبَةُ المَرقَى التي اقتَصَمَتْ
فِيهَـا القَواضـِبُ جَيشـاً قَبـلُ قَد ذَهَبُوا
هِــــيَ العَوَاصــــِمُ إلاَّ أنَّ ســـَالكَهَا
أقَــلُّ مَـا يَلتَقـي مِـن عُصـمِهَا العَطَـبُ
فَدُســـتَهُم أيُّهَــا المَــولَى بِحَامِيــةٍ
تَشــوِي الصــَّلَّى وَعَلـى الأصـلابِ تَنصـَلبُ
تَــرى الفَــوَارِسَ كَالعِقبَــان إثرَهُــمُ
علىالشــــَّنَاخيِبِ والآكَـــامِ تَعتَقِـــبُ
وَحَـــاوَلُوا نَفَقــاً يَغشــَاهُ هَــارِبُهُم
لَــو كَـانَ يَمنَعُهُـم مِـن بَطشـِكَ الهَـرَبُ
فَحَـــلَّ فِيهِـــم ســـُليمَانُ وأيُّ فَــتىً
حُلُــولَ نَــارِ الغَضـَا شـَبّثْ وَهُـم حَطَـبُ
نَجــمُ الخِلافَــةِ صـَافي العِـرضِ شـِيَمتُه
إذا جَلا أو بَــدا فــي الحَضــرَةِ الأدَبِ
وفــي الرُّصــَيفي قَــد خاضـَتْ فَوَارِسـُهُ
بَحــراً تَمُــوجُ بِــهِ الأصــلاَبُ والحُصـُبُ
وَحَــازَ حَــوزَتُهُم ذاتَ اليَميــنِ وَقَــد
نَضــَا ســُيُوفاً بِهَـا كُـلُّ الـدِّمَا كَلَـبُ
وَبَــاتَ يَكبِســُهُم فـي الثَّالِجـاتِ وفـي
أنحَــاءِ زَمــرةَ حَيــثُ القَلـبُ ينشـعِبُ
وَعَـايَنُوا مِنـهُ صـُبحا فـوق لَيـلِ دُجـى
وَالــدُّهمُ لِلنَّصــرِ مِفتَـاحٌ إذا رُكِبُـوا
وَتِلـــكَ عَـــادَتُهُ إذَا تَـــوَجَّهَ فـــي
أمــرٍ تَســَنَّى لَــهُ مِـن يُمنِـهِ الطَّلَـبُ
وَأيقنُـــوا عِنــدمَا أبــدَى بِرايَتِــهِ
إنَّ التَّخَلُّـــصَ مِـــن أظفـــارِهِ عَجَــبُ
فَلاطَفـــوهُ بِـــأنْ يُحيـــي ســـَليبَهُمُ
إنْ كَــانَ يُرضـِيهِ فِـي مَطلُـوبِهِ السـَّلَبُ
وَقاَســَمُوهُ عَلَــى وَجــهِ الرّضـَى قِسـمَاً
يَـدْرِي المُوفَّـقُ فِيهـا مَـنْ لـه الغَلَـبُ
فَكَـــانَتِ الخَيـــلُ وَالآبَـــالُ حِصــَّتَهُ
وَكَــانَ فيمَــا حَـوَوْهُ السـَّرْجُ والقَتَـبُ
فَأصـــبَحَ الحِـــبرُ والأقلاَمُ تَرقُمُهَـــا
وَالوَسـْمُ يُعْجِـمُ منهـا كُـلَّ مـا كَسـَبوا
أعرَيْتَهـمْ مـن ثِيـابِ البَغـيِ ما سَتَروا
حِيــنَ اســتَظَلُّوا بِبَيـتٍ مَـا لَـهُ طُنُـبُ
وَأحْمَــدوُكَ علــى مـا قَـد وَهَبْـتَ لَهـمْ
وَكَــانَ إحْيَــاؤهُمْ أعَــزَّ مَــا وُهِبُـوا
وأجفَلَـــتْ زُمَـــرُ الأعْـــرَابِ قَاطِبَــةً
تَهــوِي أمَامَــكَ تَحــتَ اللَّيـلِ تَنسـَحِبُ
وَمَزقّتْهَـــا يَــدُ الإرهَــابِ فــافتَرَقَتْ
لايَلحَــقُ الَّـرأسَ مـن أحيَائِهَـا الـذنَبُ
فَلْيحــذَرَنْ بَعـدَها أهـلُ الجِبـالِ وَمَـن
أبــدَى التَّجَنِّـي ومـن فـي رأسـهِ شـَغَبُ
وإن جَلَــوا الجِهــادَ الأمــنُ منبســِطٌ
أو يُــدْبِروا فَبِســَاطُ العَفــوِ منقَلِـبُ
والرَّمـــحٌ مُرتَجِــزٌ والطَّــرفُ مُنْحَفِــزٌ
وَالســـَّيفُ منتَصــِبٌ وَالبَطْــلُ منْتَــدِبُ
هــمُ رأوْا كَيْـفَ دسـْتَ الغَـورَ منْتَقِمـاً
وَكَيــفَ تَنْصــَبُ مِــن أنيَابِــكَ النُّـوبُ
عِنايَــةٌ حزتَهَــا دُونَ المْلــوكِ وَقَــد
أثْنَـوا عَلَيْـكَ وَمَـا يَـدرُونَ مَـا السَّبَبُ
وَذاكَ صـــَادِقُ رؤيْــاكَ الــتي ســَلَفَتْ
فَـــإنَّ مَـــولاكَ لاَ يُكـــدِي إذا يَهَــبُ
لاَزِلــتَ حَيَّــاً لِهَــذا الملــكِ تَنصـُرُهُ
لِلـــهِ تَفعَــلُ مَــا يُرضــِي وَتَجْتنِــبُ
ولابِرحْتُـــم بِهَـــذا المُلــكِ أنديِــةً
تَحلـــو بِمــدْحِكُم الأشــعَارُ وَالخُطَــبُ
محمد بن أحمد الورغي أبو عبد الله.شاعر من أئمة البلاغة، والمعلق على كاهله سيف الفصاحة والبراعة وهو من تونس.وقد عاش في القرن الثاني عشر، حيث امتاز هذا القرن بظهور الفتن، وتعرضت تونس لأعنف الهزات، وانقسمت البلاد أشياعاً.ولقد تعلم الورغي على أيدي أعلام كبار ودرس عليهم التاريخ والسير والشعر والعلوم الأدبية وخصوصاً على مفتي الجماعة الشيخ محمد سعادة، وللورغي آثار كثيرة من نثر وشعر لم يصلنا منها إلا القليل. له ( ديوان شعر - ط ).